خلال الساعات القادمة يفترض ان يخرج آخر مسلح وقف ضد الدولة والجيش بل الشعب من حلب، بعد تراجعات دراماتيكية مؤخرا للمسلحين جعلتهم في دائرة ضيقة كخلاصة لكسب معركة ارادها داعمو المسلحين معركة كسر عظم، لذا فنتائجها ستكون استراتيجية..
تكبد الإرهابيون خسائر كبرى فكانت خسائرهم بالعدد والعتاد وبالمعنى الاستراتيجي بمثابة خسارة معركة مصيرية. هي جولة كبرى من النزال ضد اعداء سوريا ادارها الجيش والحلفاء بدقة وحنكة واكبر حرص على مدنيين اتخذهم المسلحون دروعا تخفي عجزهم في المواجهة ، وكسب معركة كسر العظم لا بد ان يعتبر انجازا تاريخيا في مسار الحرب على سوريا.
الميدان.. والثبات
هو انجاز تاريخي ايضا لأن الميدان كان صعباً امام اي خطط عسكرية ويزيده صعوبة وجود اعداد كبيرة من المدنيين، لكن التَّصميم كان اكبر، ورغم الهجمات المتكررة بآلاف المسلحين واسماء عديدة اطلقوها على معاركهم و”غزواتهم” والمدد الضخم بالعدد والعتاد استطاع الجيش والحلفاء تحقيق الانجاز وابدوا صبرا وتضحية واقداما عظيما ونجاعة في الخطط كان ابرزها التقدم السريع في فترة الاسابيع الثلاثة الاخيرة واستعادة سريعة للاحياء الشرقية كان لها وقعٌ صاعق على الارهابيين ومن يقف خلفهم، فبدأت تتقلص مساحة السيطرة وتوالت الخرائط التي تظهر التضييق التدريجي لتعلن اقتراب لحظة الحقيقة، وذهاب كل التحشيد والتحفيز من قادة الفصائل سدى.
انجاز يسجله التاريخ بعد صمود كبير ابداه الشعب في حلب رغم المعاناة الكبرى والحصار وسياسة التجويع من المسلحين وداعميهم والكيل بمكيالين من ما يسمى المجتمع الدولي، وعند تسارع تحرر الاحياء شهدنا كيف استطاعوا الخروج وهذا دليل على من كان يقوم بحجزهم وحصارهم .
الاصرار الرسمي والتضحيات الكبيرة للجيش السوري وحلفائه فضلا عن الطبيعة الحلبية التي تنبذ الارهاب كلها عوامل شكلت النصر الحاسم.والفرحة التي عبر عنها الاهالي عكست سنوات القهر والظلم التي كان يرزح تحتها اهل حلب منذ 2011 على اعين العالم كل العالم ” المتحضر ” ومنظماته الدولية، وحتى اللحظات الاخيرة لم يصدق داعمو الارهاب ما يجري على الارض بعد ان عملوا طيلة السنوات الماضية على دعمه بالمال والسلاح.
حزن “دولي” وصهيوني
والمحزن في المشهد الدولي ان من يتشدق بالحريات وحقوق الانسان يقف اليوم مدافعا عن الارهاب متمسكا ببقائه مستنكرا محاربته ،هذه الوقاحة في التعبيرعن الحزن “الدولي” لتحرير حلب تعكس حجم الحرب والعدوان على سوريا والشعب السوري، لذا من البديهي القول ان ما جرى صفعة بكل ما للكلمة من معنى لكل مشاريع التقسيم التي كانت تتخذ حلب مدخلا لها وهذا ما يبكي الدول الداعمة للارهاب اذ انهارت مشاريعهم امام اعينهم .
وقد شهدنا على “الالم” في الاوساط الصهيونية ايضا من خسارة المسلحين لحلب، ومنذ ايام اعتبرت صحيفة “يديعوت احرونوت” الصهيونية أنَّ الانتصار في حلب سيمثل أحد أهم الانجازات المدوية لمحور المقاومة منذ بداية الحرب على سوريا ، وفي اخر التعليقات قالت القناة الاولى الاسرائيلية ان السعودية التي تعاني من انهيار دورها اكتفت بالدعوة للصلاة من اجل انقاذ مدينة حلب.
موقف ما بعد الانكسار
أما ما كان لافتا من تباكي المسلحين وقادتهم في الفترة الاخيرة بحجة عدم الامداد والدعم فما هو تغطية على الخسارة اذ ان الامداد كان على مستوى دعم “عالمي”، ولما لم يصمد المسلحون اتجه داعموهم الى موقفين:
-التباكي على المدنيين وهو امر فعلوه اكثر من مرة لاستجداء هدنة عند صعوبة الموقف، وهو ما كانت تتلقفه الحكومة ايجابيا حرصا على ايصال مساعدات للمدنيين او تأمين اخراجهم
-ثانيا العمل على تأمين خروج المسلحين المتبقين، وهو دليل دامغ اضافي على الدعم لجماعات يصنفها الغرب في العلن ارهابية ويقدم لها الدعم..
من رفع الحظر.. الى تدمر
بل ان الهجوم على تدمر بموازاة الخسارة في حلب وهذا الحشد بالالاف وبقدرات عسكرية ضخمة وما اثاره من تساؤلات حول دعم غربي ما لهذا الهجوم يظهر الحنق من مستوى الخسارة في حلب، ومحاولة عرقلة هذا الانجاز. وفي هذا الاطار نورد ما نشرته صحيفة “كمسومولسكايا برافدا” الروسية للمعلق العسكري فيكتور بارانيتس حول التقدم الاخير في تدمر اذ يقول “ان داعش نقل مسلحيه من مدينة الرقة إلى تدمر، بعد أن أوقف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة العمليات العسكرية في محافظة الرقة ضد الإرهابيين. وهذا يجعلنا نعتقد أن جنرالات الولايات المتحدة تعمدوا السماح للإرهابيين بتشكيل قوتهم الضاربة والتحرك نحو تدمر”.
كما نذكر هنا بالقرار الاميركي المتزامن مع خسائر الارهابيين في حلب منذ ايام والذي قضى برفع الحظر على تصدير الأسلحة إلى حلفاء الولايات المتحدة في سوريا وهو اعتبرته دمشق دليلاً جديداً على دور واشنطن المعروف بدعم الإرهاب في سوريا.
اذاً هذا الانجاز هو لكل الشعب السوري، وهو رسالة للمسلحين لعلهم يتلقفونها فيعود من اتوا من اقطار العالم من حيث اتوا وينخرط السوريون منهم بتسوية تعيد الوطن الى سابق عهده وتجنبه المزيد من الدمار الذي لا يخدم الا مشاريع صهيونية واميركية، ولعل هذا النصر في حلب يشكل دفعا نحو اعادة السلام والاستقرار الى سوريا. وهو رسالة للغرب والداعمين الاقليميين للجماعات المسلحة بانهم مهما صعّدوا من دعمهم سيحق الحق في النهاية. . هي ليست نهاية الحرب على سوريا ولكنها تعد منعطفا اساسيا سيغير الكثير، وسيترك اثره على التوازنات والمعادلات والخطط.
المصدر: موقع المنار