رغم الأزمة التي مر بها لبنان أبّان الاعلان عن استقالة الرئيس سعد الحريري بشكل غير واضح وغير مفهوم من السعودية، عادت الاجواء الى التحسن مع اعلان الحريري نفسه يوم عيد الاستقلال من القصر الجمهوري التريث بالسير بالاستقالة، ومن ثم تأكيده الرغبة بالبقاء في رئاسة الحكومة ما يدفع للبحث عن سبل لعودة عمل الحكومة بأسلوب لا يشكل إحراجا للبعض في لبنان.
وقد عادت محركات القوى السياسية في لبنان لاعادة تفعيل وانتظام عمل المؤسسات الدستورية لا سيما مجلس الوزراء ومجلس النواب، ما دفع برئيس الجمهورية إجراء سلسلة من المشاورات مع رؤساء الاحزاب السياسية للوقوف على مختلف الآراء والافكار للبحث في كيفية الوصول لتفعيل عمل مؤسسات الدولة وإخراج لبنان من الجمود الذي أصابه جراء الازمة الاخيرة.
وبالسياق، برزت الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى لجان: المال والموازنة، الادارة والعدل، الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه، الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط، البيئة والشؤون الخارجية والمغتربين، لعقد جلسة الى جلسة مشتركة يوم الثلاثاء في 5 كانون الاول/ديسمبر المقبل، وذلك لدرس مشاريع اقتراحات القوانين تتمحور حول الثروة النفطية وكيفية والقيام بخطوات تسرع من عملية الاستفادة من هذه الثروة الوطنية.
تفعيل ملف النفط..
وستبحث اللجان المشتركة في جلستها: -مشروع القانون الوارد في المرسوم رقم 2292 طلب الموافقة على ابرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل استثمارات القطاع الخاص في مجال توفير الطاقة والطاقة المتجددة.
-اقتراح قانون الموارد البترولية في الاراضي اللبنانية.
-اقتراح قانون الصندوق السيادي اللبناني.
-اقتراح قانون شركة البترول الوطنية اللبنانية.
-اقتراح القانون الرامي الى انشاء مديرية عامة للاصول البترولية في وزارة المالية.
وهنا تطرح تساؤلات لماذا إصرار الرئيس بري على الإسراع في دعوة اللجان للبحث في هذه الاقتراحات؟ هل هو تفعيل سريع لمؤسسات الدولة أم انه محاولة لاخراج البلد من الجمود الذي أصابه خلال فترة ازمة استقالة الحريري؟ وهل الهدف العمل لانجاز ملف الثروة النفطية لابعادها عن كل انواع التجاذبات السياسية؟
بالتزامن، تحدثت العديد من المصادر ان “أحد أسباب أزمة استقالة الحريري هو عرقلة عمل الحكومة اللبنانية وباقي مؤسسات الدولة لمنع لبنان من الاستفادة من ثرورته النفطية، حيث ان السعودية وكذلك العدو الاسرائيلي يتضرران بشكل مباشر من استثمار لبنان لهذه الثروة الوطنية الموجودة في مياهه الاقليمية”.
من جهة ثانية، برزت مؤخرا تسريبات تتحدث عن “إمكانية عقد جلسة للحكومة الاسبوع المقبل على ان تكون الجلسة الأولى بعد الأزمة برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بما يحمله ذلك من مخرج مريح لرئيس الحكومة سعد الحريري، بالاضافة الى أهمية انعقاد الحكومة برئاسة عون بصفته رئيسا للدولة وحاميا للدستور وضامنا لعمل المؤسسات بعد الأداء الممتاز الذي قام به خلال ازمة استقالة الحريري”.
كل ما سبق ذكره يتلاقى مع مواقف الرئيس الحريري غير التصعيدية بما يساهم بمزيد من التهدئة والحفاظ على الاسقرار في لبنان، الامر الذي يصب في خانة الارادة اللبنانية الجامعة الرافضة للتدخل الخارجي بشؤونه والمتمثل بالمواقف السعودية.
التمهيد لتفعيل عمل الحكومة..
كما ان مواقف الرئيس الحريري فتحت الباب امام المزيد من التشاور مع فريقه السياسي وباقي الأفرقاء لا سيما الرئيس نبيه بري والرئيس عون، وقد اكد الحريري في اكثر من حديث له خلال الفترة الاخيرة حرصه على تحقيق مصلحة لبنان، وصحيح ان الحريري يطلق مصطلحات عامة وفضفاضة وغير حاسمة حتى الساعة، الا انها في ظل الاجواء الايجابية السائدة لا تدعو الى القلق او التخوف من العودة لافتعال ازمة او مشكلة سياسية جديدة في البلد.
من جهته، قال وزير الشباب الرياضة في الحكومة اللبنانية محمد فنيش في حديث مقتضب لموقع قناة المنار إن “المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تصب في تفعيل عمل مجلس الوزراء وتمهد لذلك”، واضاف ان “رئيس الحكومة سعد الحريري أطلق اكثر من تصريح حيث اكد على الاجواء الايجابية وهو يعد بالعودة عن استقالته”، ورأى ان “لا رابط بين دعوة الرئيس بري اللجان النيابية لجلسة مشتركة لبحث ملف النفط وبين السعي لتفعيل عمل الحكومة”.
بدورها، قالت الاعلامية اللبنانية سكارليت حداد إن “السيناريو المطروح اليوم هو ان يترأس الرئيس عون جلسة لمجلس الوزراء في قصر بعبدا وبعد ذلك يتم تفعيل عمل الحكومة برئاسة الرئيس الحريري”، ولفتت الى انه “يمكن اعتبار ان صفحة الازمة قد انطوت وان كان بالامكان الحديث في بعض العناوين التي تناولها الرئيس الحريري في المرحلة الماضية من دون ان يؤدي ذلك الى عرقة عمل الحكومة وكافة مؤسسات الدولة”.
ولفتت حداد في حديث لموقع قناة المنار الى ان “الرئيس عون رفض الذهاب الى طاولة الحوار وانما اكتفى بالمشاورات كي يقف على مختلف الآراء وهو لديه القدرة على اعادة بحثها مع كافة الاطراف اذا وجد ضرورة لذلك”، وتابعت ان “الرئيس عون يرى ان في لبنان مؤسسات دستورية قادرة على حل اي مشكلة من هذا النوع ومناقشة بعض القضايا القابلة للبحث تحت سقف الدستور”.
وأشارت حداد الى ان “الرئيس الحريري ذاهب باتجاه استكمال دوره في رئاسة الحكومة ولا مجال لفتح أزمة سياسية جديدة في البلد طالما كان هناك إخراج مناسب للوضع”، ولفتت الى ان “الحريري يطلق مواقف سياسية ايجابية ومتقدمة وهي تختلف تماما عن السقوف السياسية المرتفعة التي أطلقها في بيان الاستقالة من السعودية”.
في إطار متصل، رأت حداد ان “دعوة الرئيس بري اللجان المشتركة للاجتماع الاسبوعي القادم لا تنفصل عن حراك الرئيسين عون والحريري لاعادة تفعليل عمل الدولة والمؤسسات”، وأضافت “ان كل هذا النشاط يجري بالتعاون بين الرؤساء الثلاثة والقوى السياسية الاخرى بالاضافة الى الدعم الدولي بضرورة عدم إحداث أي أزمة او خضة داخلية جديدة بل ترك الامور تجري بانسيابية حتى موعد الانتخابات التي تعتبر مفصلية وقد تفرز اعادة رسم للخارطة السياسية في لبنان خاصة بالنسبة لبعض القوى التي قد تجد نفسها وحيدة في خوض غمار هذه الانتخابات”.
المصدر: موقع المنار