رأى السيد علي فضل الله في خطبة الجمعة ان “اللبنانيين لا يزالون ينتظرون ولادة الحكومة العتيدة، التي يأملون أن لا تطول مدة تشكيلها، أسوة بالتجارب السابقة، ومع الأسف أصبح الانتظار الطويل هو ما يحكم اللبنانيين في التعامل مع تشكيل الحكومات، حتى لو كانت مثل هذه الحكومة التي لن تدوم لأكثر من 7 أشهر، وتأتي في ظرف استثنائي بالغ التعقيد داخليا وخارجيا، لقلة الوزارات السيادية وكثرة المستوزرين. ولكن المشكلة هنا، تكمن في عدم استعداد أحد لأن يتنازل لحساب الآخر، لتسيير الأمور وإزالة التعقيدات”.
وتابع “وفي ظل كل هذا الجدل الدائر حاليا، فإننا نضم صوتنا إلى صوت كل الداعين إلى الإسراع في تأليف حكومة، لكننا لا نريدها أية حكومة، بل نريدها حكومة وحدة وطنية، تأخذ بعين الاعتبار التوازن الطائفي والمذهبي والسياسي، لضمان استقرار البلد الذي لا يقوم ولا يحكم إلا بالتوازن، وأن يتم الاختيار على أساس الكفاءة ونظافة الكف والمصداقية، وقدرة الوزير على النهوض بالموقع الذي سيستلمه. إن من حق كل طائفة أو مذهب أو موقع سياسي، أن يختار من يمثله، لكنه عليه أن يختار من يخدم الجميع، وأن يفكر في حسابات الوطن، لا أن يبقى متلبسا بثوبه الطائفي والمذهبي، وهذا لا يعني أن يتنكر لطائفته أو مذهبه أو موقعه السياسي، لكن أن يختار الشخص الذي يخدم الجميع ويتحمل مسؤوليته عنهم جميعا”.
واعتبر السيد فضل الله ان “التمسك بهذا المنطق هو ما ينتظره اللبنانيون من العهد الجديد، فهم يريدون أن يروا منه نمطا جديدا في اختيار من يتصدون لمواقع المسؤولية، والتعاون في إدارة شؤون البلد، فبذلك نبني وطنا ودولة، إننا لا نريد أن نحمل العهد الجديد أكثر مما يتحمل، فنحن نعرف حجم التركة الثقيلة والتعقيدات في الساحة الداخلية، وندرك أن التغيير في التركيبة ليس سهلا، لكن هذا لا يعني الانكفاء أو التبرير للاستمرار في الأخطاء السابقة”، مشيراً الى ان “مشهد الحكومة القادمة نريده أن يكون تعبيرا عما يطمح إليه اللبنانيون، لا أن يكون صورة متكررة في الأسلوب والإدارة، إن التغيير في هذا البلد لن يتم إلا من خلال أولئك الذين يستعدون للتضحية من أجل بلوغه، ونبقى في هذا البلد، لنثمن أجواء التلاقي التي بتنا نشهدها، وندعو مجددا إلى طي كل الصفحات السوداء من تاريخ هذا البلد حول القضايا التي شكلت موضع خلاف بين أبنائه، وسببت لهم جراحا. ونريد لهذه الصفحات السوداء ألا تكون أساسا لهذا العهد”.
واوضح ان “اللبنانيين أحوج ما يكونون في هذه المرحلة إلى أن يتوحدوا على استقلالهم وعلى مقاومتهم والعالم اليوم يغبط أبناء هذا البلد على قدرتهم على التآلف، في الوقت الذي يضج المحيط حولهم بالخلافات والصراعات والدمار”، لافتاً الى ان “ما وصل إليه اللبنانيون هو نعمة، ومن مسؤولية الجميع أن يحافظوا عليها، وأن يتنازلوا لحساب الوطن، لا أن يعتمدوا على توافق دولي وإقليمي على تبريد الساحة اللبنانية، حتى يبقى حفظ البلد نتاج إرادة اللبنانيين وخيارهم، وبناء على قناعة راسخة، بأن البلاد لا تحفظ إلا بإرادة أبنائها ووحدتهم”.