لمناسبة الذكرى السنوية الثانية والأربعين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، وبحضور كريمته السيدة حوراء الصدر، وفي أجواء ذكرى عاشوراء الإمام الحسين (ع)، نظمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان والمركز الدولي للثقافة والفنون التابع لبلدية طهران ومكتب حركة أمل في طهران ندوة في الفضاء الإفتراضي تحت عنوان “ذكريات عن إمام الوطن والإنسان ” ,
بمشاركة لفيف من الشخصيات الفكرية والسياسية في لبنان وايران.
بعد آي من الذكر الحكيم , والنشيدين اللبناني والايراني , قدمت الإعلامية سوزان خليل المتحدثين واشارت الى مزايا الامام المغيّب , بعدها عُرض فيلم تسجيلي عن الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه, ثم تحدث المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار مفتتحا الندوة فاعتبر ان الإمام موسى الصدرلم يغب يوماً عن ذهن محبيه، بل عن ذهن العالم أجمع! فهذا الذي أحبّه الناسُ جميعاً على اختلاف قومياتهم وانتماءاتهم المذهبية والدينية وحتى السياسية، هو خارج حكم الزمان والمكان، هو من القِلة النادرة التي يليقُ بها أن تكونَ نموذجاً كونياً لا يطوي سيرتَه النسيان
اضاف المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان “غُيّبَ الإمام منذ اثنين وأربعين عاماً، هو ورفيقاه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، غير أنّ سيرةَ هذا الرجل أخذت تنمو وراح اسمه يتلألأُ يوماً بعد يومٍ أكثر، وراح نهجُه يزدادُ تأثيراً على نفوس الشعب اللبناني وشعوب المنطقة الذين رأى المسيحيون منهم في تسامحِه وخلُقه شمائلَ السيد المسيح، ورآه المسلمون خيرَ حاملٍ لرسالةِ جدّه رسول الله ص في حرصه على العمل الخيريّ وبناء المدارس والجمعيات الخيرية ودعم حركة الإصلاح في العالم والمنطقة، إضافةً إلى بث روح التقارب بين جميع الأديان، والطوائف، وترسيخ ثقافة مقاومة الإحتلال الصهيوني. إنّ الغاية هي عنده الإنسان، حماية الإنسان بكرامته وعنفوانه وفكره وحياته التي يعيشها. فكان ملاكَ الرحمةِ للمساكين والمستضعفين حيثما وطأت قدماه. وهو الذي أشرف على تأسيس وازدهار المنابر الحسينية في جبل عامل، وتأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وإطلاق حركة المقاومة ضد الاحتلال في الجنوب والمنطقة، فكان بذلك شبيهَ أبي ذر الغفاري وعيسى بن مريم”.
واكد الدكتور عباس خامه يار على ان الامام الصدر اكتسبَ شعبيةً واسعة بفضلِ أخلاقياته العالية وذاك ما تُجمعُ عليه القيادات الروحية المسيحية والإسلامية وعوام الناس ممن عرفوه عن قرب. وهو بذلك قدم صورةً جليةً جميلة عن الإسلام الأصيل الذي يفتحُ أبوابه للحوار مع الآخر بتسامحٍ ومرونةٍ واعتدال. هذه الصفة جعلته من رواد الدعاة إلى الوحدة الوطنية في لبنان بالفعل وليس القول فقط. فلبنان التعددي الجميل وجدَ مع الإمام الصدر قائدَ العيش المشترك والمحبة والألفة بين الأهالي من مختلف المناطق والأديان والنِحَل.
وشدد الدكتور عباس خامه يار على انه “يُضافُ إلى القوة الكامنة في شخصيته الموحّدة لأبناء الوطن وضوحُ رؤيتِه وتشخيصه للصديق والعدوّ، فكانت القضية عنده دائماً محاربة الكيان الصهيوني الغاشم دون أيّ مساومة في ذلك، وهو مُطلقُ شعار “إسرائيل شر مطلق” الذي أسس لمقاومة الاحتلال وثبت معادلات قوة الردع في مواجهة الاحتلال.
حطّمَ الإمام الصدر أوثانَ التعصّب الديني والطائفي وبلكنتِه الفارسية العذبة واللطيفة حطّم النعرات القومية فكان قريباً من القلوب. سمّاهُ رجال الدين المسيحيون بالعبد الصالح الذي لم يتوقف يوماً عند حدود طائفته ومذهبه”.
وفي الختام وبعد ان توجه الدكتور عباس خامه يار الى الامام المغيّب بالقول “أيها الإمام المغيّب.. أعادَكَ اللهُ إلى قلوب محبيكَ الذين يرونَ فيكَ مخلّصاً، وفيصلاً حاسماً في زمن التحولات والتحديات”, اشار الدكتور عباس خامه يار الى ما قاله الإمام الخميني (قده) عن الامام الصدر حيث يقول : عرفتُه منذ سنين طويلةٍ بل يجبُ أن أقولَ إنني ربّيتُه وهو بمنزلةِ ولدٍ من أولادي الأعزاء، أنا أعلم فضائلَه وخدماتِه عندما ذهب إلى لبنان. فاجعة الإمام الصدر هي القضية واللغز الذي تأثرنا لأجله نحن علماء إيران وسائر الأقطار.
كما ذكر الدكتور عباس خامه يار ايضا قولا للإمام الخامنئي الذي يعتبر أن “تكريم الحكيم والمفكر السبّاق العلامة السيد موسى الصدر هو عملٌ محمودٌ وأنّ حرمان الساحة في لبنان من حضور شخصيته القيّمة الفذّة كانت ولاتزال خسارةً كبيرة”.
من جهته سماحة آية الله الشيخ محمد حاج أبوالقاسم دولابي , عضو مجلس خبراء القيادة في ايران, اعتبر إن” نسب الامام السيد موسى الصدر يمرّ الى سلسلة نورانية من العلماء و المراجع الكبار، جده الاعلى السيد صالح شرف الدين، و جده الاعلى کان من المراجع المهمین السيد اسماعيل صدر الدين، المعروف بإسماعيل الصدر وعمه هو السيد محمد مهدي الذي كان أحد مراجع الدين الكبار في الكاظمية قرب بغداد وشارك في الثورة العراقية، وابن عمه هو السيد محمد الصدر الذي تولى رئاسة الوزارة في العراق، وكان أحد قادة الثورة العراقية الكبار”.
اضاف الشيخ محمد حاج أبوالقاسم دولابي ان “والد الامام السيد موسى الصدر هو السيد صدر الدين، الذي قاد في شبابه حركة دينية تقدمية، وارتبط اسمه بالنهضة الأدبية العراقية، ثم هاجر إلى ايران، واستوطن خراسان، وتزوج من السيدة صفية الطباطبائي،”والدة الامام السيد موسى الصدر”، كريمة المرجع الديني المعروف السيد حسين القمي، زعيم انتفاضة أهالي مشهد ضد الشاه رضا بهلوي.
و للامام الصدر شقيقين هما السيد رضا و السيد علي، وشقيقته السيدة فاطمة هي حرم الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، وشقيقته السيدة رباب الصدر حرم السيد حسین شرف الدين.
فهو و عشیرته من اکابر الثورة و المقاومة. و البلد الطیب یخرج نباته باذن ربه”.
وقال الشيخ محمد حاج أبوالقاسم دولابي “لقد كان السيد موسى الصدر صاحب شخصيّةٍ نموذجيّة، ومتميّزة، استطاعت أن تكون حاضرةً ومتواجدةً بقوّة في مختلف الساحات، وعلى جميع الأصعدة.
فهو رجل الخدمة و الانفتاح و الوحدة، والمقاومة. فمنذ قدومه أراد إحداث تغيير و تجديد بُنيوي في المجتمع، فاهتم الامام الصدر بالرعاية الدينية، والخدمة العامة، موسعاً نطاق الدعوة، و العمل الديني بالمحاضرات، والندوات، والاجتماعات، والزيارات، ومتجاوزاً سلوك الاكتفاء بالوعظ الديني، إلى الاهتمام بشؤون المجتمع وساهم في العديد من الجمعيات الخيرية
کان الإمام الصدر یرفض العنف، و أراد للنظام السياسي في لبنان أن يراعي التنوع، وشمولية التمثيل، مع الحفاظ على الوحدة الوطنية و صيغة العيش المشترك. واعتبر أن كل عمل في غير هذا الاتجاه یصب في مصلحة العدو الصهيوني الذي أراد الخراب للمنطقة. فهو کان یری المصلحة الاهم فی وحدة الامة امام العدو المشترک. وقد كان داعياً دائماً الى نبذ الاقتتال والفتن الداخلية، والى التسامح والتلاقي وحل المشاكل بين اللبنانيين عن طريق الحوار”.
اضاف الشيخ محمد حاج أبوالقاسم دولابي , شدد الامام الصدرعلى الوحدة الوطنية، ونبذ التفرقة بين المسلمين، فعمل دائماً على التقريب بين الشيعة والسنة والتركيز على النقاط المشتركة بينهما، والعمل على إزالة الهواجس والتراکمات التاريخية. كما أكد على ضرورة التعایش بين المسلمين والمسيحيين، والاحترام المتبادل بين أبناء الشعب الواحد”.
وقال الشيخ محمد حاج أبوالقاسم دولابي “أطلق الإمام المغيب السيد موسى الصدر المقاومة ضدّ إسرائيل، وأعلن أنّ القدس لن يتحرّر إلا من خلال ضربات المؤمنين، وأنّ السّلاح زينة الرجال، ليكون سلاحاً مقاوماً مسؤولاً من أجل الحريّة والعزّة والكرامة.
حَمَل قضية فلسطين في قلبه، وكان أول الداعمين للشعب الفلسطيني، وثورته الفلسطينية المعاصرة في مواجهة أخطر مشروع تتعرّض له الأمة، وأكد على كلّ عناوين فلسطين، من تهجيرٍ وتشريدٍ وشهادةٍ وفداءٍ، وقد كان أول من دعا الى التفرغ لمقارعة العدو الصهيوني الذي يستبيح المقدسات، ويحرق المساجد، ويهجر المواطنين الفلسطينيين في أرضهم، ويعاود جرائمه المتمادية في حق الأطفال والنساء والشيوخ
وقد تنبّه دوماً لخطر هذه الغدة السرطانية على الأرض والإنسان، واصفاً الكيان الغاصب بالقول:” إسرائيلٌ شرٌّ مطلق”
وقال الشيخ محمد حاج أبوالقاسم دولابي: أنّ هذه القضيّة هي قضية كلّ إنسان عربي ومسلم وحرّ في العالم وفي ظلّ ما نشهده اليوم من تطبيعٍ من قبل بعض الأنظمة، نستذكر كلامه حول القدس قائلاً: ” إنّ القدس هي قبلتنا، وملتقى قِيَمِنا، وتجسيد وحدتنا، ومعراج رسالتنا.. إنها قدسنا وقضيتنا”.
وقد خاطب الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قائلاً: “خذ علماً يا أبا عمار، إنّ شرف القدس يأبى أن تتحرّر إلا على أيدي المؤمنين الشرفاء”. وکأنه يرى ما سيحدث اليوم من تخاذل وتآمر على القدس والقضية الفلسطينية من قبل بعض الحكام والمطبّعين.
وقد رفض الإمام المغيّب التسويات والمفاوضات، واللجوء إلى المحافل الدولية والرهانات على الأطراف المختلفة، وأقام أوثق العلاقات مع قادة المقاومة الفلسطينية. وقد قال يوماً: ” بعمامتي ومحرابي ومنبري سـأحمي الثورة الفلسطينية فهو ممن قال سبحانه فیهم: اشداء علی الکفار رحماء بینهم”
امتلك الإمام المغيّب صدراً واسعاً، وعقلاً واسعاً، وحركة منفتحة على الإنسان وعلى الإسلام.
فهذه الشخصيّة لم تنطلق يوماً من حالة عصبيّة، بل انطلقت من حالة انفتاح على الوطن في نطاق الوحدة الوطنية، وعلى حوار الأديان في نطاق علاقته بالحوار الإسلامي المسيحي، وعلاقته بالعالم العربي في مواجهة إسرائيل لم يقتصر حضور هذه الشخصيّة على مستوى إيران أو لبنان فحسب، بل أثبتت حضورها في كل أنحاء المنطقة
فسماحته کان عالماً إسلاميّاً، ومفكراً واعياً، ذو مكانةٍ ونفوذ، ويشهد لذلك القاصي والداني. وقد كان همه الأكبر وجوب المقاومة في وجه العدو الصهيوني، والوحدة فقد زار الإمام المغيّب سوريا، وكانت تربطه علاقة مميّزة بالرئيس الراحل حافظ الأسد
کما زار مصر، على الرغم من أنّ رئيسها آنذاك جمال عبد الناصر كان يحمل صورة سلبية عن السيّد موسى الصدر، ظنّاً منه أنه يخضع لسياسة الشّاه التي كانت أمريكية بالكامل ومنفتحة على إسرائيل، لكنه عندما التقى به واستمع إليه، اقتنع بأنّه شخصية مخلصة للإسلام والمسلمين، واعترف بها واقعياً، لذلك كان السيّد موضع تقدير من الرئيس عبد الناصر وكذلك فقد امتدّت علاقته بالسعوديّة، وزار الأردن، والكويت، والجزائر وكان استقباله استقبال الزعماء والرؤساء، وفي كل مكانٍ زاره كان يتحدث عن أطماع إسرائيل في المنطقة والخطر الذي يتهدد العالم الإسلامي والعربي، وينادي بضرورة المقاومة، والوحدة
لقد كان سماحته رجلاً متنوع الآفاق والأبعاد، فقد استطاع أن يكون عربيّاً في التفكير والهم والرؤية، كما كان فارسيّاً بالفكر والانتماء والهوية… وهو كان يحمل مزيجاً رائعاً بين عدة أبعاد.. فهو الشيعي المتمسك بجذوره المذهبيّة، والوطني المتطرف في حبّه للأوطان، التطرّف البعید عن الحقد والعنصريّة والفتنة والتفرقة وهو من القلائل الذين كانوا يمثّلون الشخصيّة الإسلامیة الحضارية المنفتحة على الإنسان كله، والشخصیة الشيعیة الرسالية المنفتحة على الواقع الإسلامي كلّه
فحركة السيد موسى الصدر كانت مرتبطةً بآفاق المشروع التغييري الإسلامي في كلٍّ من إيران بقيادة الإمام الخميني (قدس سرّه)، وفي العراق بقيادة الإمام السيد محمد باقر الصدر (رض) وقد أكد على نبذ التخلّف، والخرافة، والغلوّ، وكلّ ما يسيء إلى الأمّة
لقد كان أهل العمل، فلم يبع الناس شعاراتاً واهيةً برّاقةً، بل سعى في كل ما يملك من امكاناتٍ وطاقات أن يحقق السلم، والأمن الاجتماعي والسياسي لكل من حوله
فعمل للحق، وكان للظالم خصماً وللمظلوم عوناً، وقد وقف في وجه شاه ايران، وکان من الشخصيات الفاعلة القوية في دعم حركة الثورة الإسلامية، فکان يستقبل المجاهدين الذين كانوا يتحركون في خطّ الإمام الخميني (قدس سره)، فحمل هموم المسجونين وأثار قضاياهم العادلة.. من لبنان الى أرجاء الوطن العربي، إلى العالم الاسلامي حتى الفاتيكان، والعديد من الدول الاوروبية حتى الأمريكتين واوستراليا وكل العالم
بات من المعلوم أن اختطاف سماحته هو کان نتيجة لتواطؤ ومؤامرة إقلیمیة ودولیة، وعقاباً له لمواقفه المحقّة ضد قوى الاستكبار
فالقوة والنفوذ التي استطاع الإمام المغیب كسبها في لبنان وفي كل المنطقة العربية، قد أخافت مراكز القوی والاقطاع السیاسی، واعتبروه تهدیداً لوجودهم، ومانعاً كبيراً أمام تحقيق مصالحهم، وتنفيذ مخططاتهم، ومؤامراتهم الاسرائيلية في لبنان والمنطقة، بالاضافة إلى القضية الفلسطينية .
فقد تطورت الحرکة النضالیة للامام الصدر حتى وصلت ذروتها، وهذا سبب ومفتاح المؤامرة الاقلیمیة بإبعاده عن الساحة اللبنانية، حيث كان نشاط الإمام الصدر يرتكز على محورين أساسيين:
محور التصدي لفساد وانحصارات مراكز القوی في لبنان من خلال حرکة المحرومین، ومحور سعي الإمام الصدر لإيجاد مقاومة في جنوب لبنان ضد الاعتداءات الاسرائیلیة.
خاصةً وأنّ الإمام الصدر كان قد اعتمد الخطاب الصريح، والمؤلم لأصحاب المراكز، والنفوذ السياسي في لبنان، كما أنه لم يترك فرصة إلا وأكد على التسلح لمواجهة إسرائيل، ففي أيلول 1974م، في إحدى محاضراته قال:
“نحن نقول عن المستقبل باطمئنان أنّ إسرائيل زائلةٌ، لذا على كلّ مسلم حمل السلاح، وعلى كل مسيحي إذا أراد اتباع المسيح عليه السلام يجب عليه تبديل الصليب برشاش”.. وفي مناسبةٍ أخرى قال: ” لإنقاذ لبنان يجب إختيار طريق الشهادة
وختم الشيخ محمد حاج أبوالقاسم دولابي:نحتاج اليوم لوجود هذا الرجل بيننا، نحتاج لفكره، ووعيه، وإنسانيته.. نحتاج لانفتاحه على الأديان، وعمله على التقريب بين المذاهب نحتاج لحبّه للأوطان، وإخلاصه للقضايا المحقّة
اليوم وفي ظلّ ما يجري في المنطقة من تطبيعٍ وتآمرٍ على القضايا المحقة للشعوب، كالقضيّة الفلسطينيّة.. ولو كان الإمام حاضراً بيننا لوجدنا منه موقفاً صلباً تجاه التطبيع، وصفقة القرن.. وكان قد تنبأ من خلال خطاباته بما يحصل في الزمن المعاصر.. ولربما لما آلت الأوضاع الى هذا التخاذل والتآمر على القضية الفلسطينية کما شاهدناه اخیرا فی الامارات العربیة المتحدة
نحن نعیش فی زمن نحتاج فیها الی رجال کالامام موسی الصدر الذین لهم خصائص مختلفة من خدمة الامة و الدعوة الی الوحدة و الی المقاومة امام الاعداء و علینا ان نرکز علی شخصیات مثل الامام الصدر و نهدیهم الی الاجیال المعاصرة
حقیقة ان الامام المغیب السید موسی الصدر کان اماما لوطنه و لانسان العصر الجدید. عصر المقاومة.
اما المطران عصام يوحنا درويش – رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك فدعا الى مزيد من الوحدة ، حتى يتحقق ماطالب به الامام المغيّب موسى الصدر، أن نعيش معاً ، أن ننبذ التعصّب، ان نتعاون لما فيه خير الانسان.
ثم تناول المطران عصام يوحنا درويش بعض الافكار او اشراقات الامام موسى الصدر الروحية والاجتماعية، فاعتبر ان الامام موسى الصدر” ترك لنا ارثا فكريا وروحيا، ونهجا تربويا وسياسيا، ومدرسة وطنية فيها ما يكفي لوضع مناهج ونظم لوطن مازال يعاني تفرقة وغربة من قيَمِه وتاريخه وحضارته.
انا شخصيا عرفت السيد موسى الصدر عندما كنت راهبا شابا في دير ” المخلص” في جون الذي زاره الامام في اواخر الستينات، وحاضر فيه عن المحبة وعن التعايش الاسلامي المسيحي ، وقد كان لحديثه آنذاك صدى ايجابيا في نفوس الرهبان والمستمعين، وبخاصة الشباب منهم . رأينا فيه رجل دين مختلف عن الرجال الاخرين، رأينا فيه انسانا كبيرا تخطّى الحساسيات الدينية والطائفية، وكرّس نفسه لخدمة الانسان، واكد في محاضرته على العلاقات بين مختلف فئات الشعب اللبناني، وانها هي لتي تبني لبنان، وتبني الانسان في لبنان . ثم بعد ان اصبحت كاهنا وبدأت رسالتي في جنوب لبنان، تعرّفت اليه عن كثب والتقينا مرّات عديدة ، وكان التفاهم رائدنا، وخدمة المحروم واليتيم والمعوز تجمعنا وتوَجِه خطانا، في صيدا وفي مؤسسة دار العناية في بلدة الصالحية، وسائر المراكز الاجتماعية التي كانت تُعنى باليتيم والمعوز والمحروم.”
في الحقيقة مازالت صورته محاضراً على مذبح كنيسة الوردية في بيروت ، مُنطبعة في اذهان الخاصة والعامة ، مُبشرا بتغليب العقل على الغرائز والانفعالات. انا ارى امامي صورة الامام الصدر، الحقيقة من يدخل الى المطرانية في زحلة يرى اولاً صورة الامام الصدر في مطرانية ” سيدة النجاة”، ونحن نحتفظ بها ونفتخر بها ونعتبرها كأيقونة تُجسد المحبة والاخاء
انا اذكر يوما عندما كانت اصوات التفرقة تتحكم بالشارع، كان موسى الصدر صوتا صارخاً، يقف سدّاً منيعاً امام اصحاب الفتن، وكأني به يُردد ماقاله يوما الامام علي بن ابي طالب: “أيها الناس شقّوا امواج الفتن بسفن النجاة ،وعرّجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة”.
اضاف المطران عصام يوحنا درويش “ومن ينسى اعتصامه الشهير في مسجد الصفاء في بيروت ، احتجاجاً على جنون الحرب الاهلية، وعلى جنون الانتحار الجماعي.
من المفيد ان نعود قليلا الى حياة هذا العظيم، لنتذكر فترة ماقبل ولادته باكثر من قرنين، اتسّمت عائلته التي كانت تعيش في جنوب لبنان بالمقاومة، هو ابن المقاومة، من ثمّ هاجرت الى العراق والى ايران ، وعاد الى لبنان سنة 1955، ثم اماما سنة 1959، منذ ذلك الحين بدأت مسيرة الالف ميل التي كان يخطوها بخطوات ثابتة وجرأة لامثيل لها، حتى توّصل الى اعلاء شأن الطائفة الشيعية في لبنان، وليس الطائفة الشيعية ، بل كل الطوائف في لبنان، وظلّ يدافع عن المحرومين، عن الضعفاء، عن الفقراء، عن مبادئه ، حتى وقع ضحية مؤامرة أخفته عنّا ولاتزال تُخفي سرّه.
طوال مدة وجوده في لبنان ، اي من العام 1955 حتى يوم اخفاءه في 31 آب 1978، اظهر السيد موسى الصدر فضائلا كثيرة ، واخفى ايضا اخرى لتواضعه ، ومن فضائله التي لم يستطع اخفاءها هي : سعة معرفته واطّلاعه على مختلف العلوم كالطب والرياضيات واللغات كالفارسية والعربية والانجليزية والفرنسية، الى جانب تعّمقه في القانون والفقه وعلوم الدين، كما أنه كان يتمتع بصفات الخطباء العظام والمحدّثين اللبقين، المقربين الى القلب والرّوح، فذاع صيته عندنا في لبنان بين جميع الطوائف، فماكان منه الا ان راح يلّبي الدعوات المُكررة في كلّ مكان، في الكنائس والنوادي، لالقاء المحاضرات والندوات، كما أنه كتب في موضوعات كثيرة مختلفة ، دينية، اجتماعية، سياسية، تربوية وقدّم العديد من المؤلفات.”
وقال المطران عصام يوحنا درويش “استكمالا لدفاعه عن المحرومين راح يُنشئ اللجان والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية في المناطق اللبنانية المحرومة، للنهوض بأبناءها وإعادة الكرامة الى نفوسهم. من ابرز تلك اللجان والمؤسسات لجنة ” منع التسوّل” و ” جمعبة بيت الفتاة” و ” مدرسة التمريض للفتيات” و” دار الحضانة الاجتماعية” ومدرسة اللغات” و” مستشفى الزهراء” و” مستوصف الامام الصدر”و ” مدينة الزهراء الثقافية والمهنية” ومؤسسات اخرى كثيرة غايتها كانت خدمة المحروم والبائس واليائس واليتيم ورفع مستواه البشري والاجتماعي. وذروة انجازات الامام الصدر هي تاسيسه ” المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى” .
ومن الامور التي شغلت بال الامام موسى الصدر واولاها اهتماما كبيرا جدا ، كانت اوضاع الجنوب اللبناني ، والتهديد المتواصل من قبل اسرائيل لسكانه، وتهجير أهالي بعض قراه، فدعا الجنوبيين الى الصمود ، ودعا الدولة اللبنانية الى دعم هذا الصمود.
كما أنه آنذاك شكّل هو والمرحوم المطران خريش ، مطران صيدا آنذاك، لجنة لدعم الجنوبيين ، اسماها ” هيئة نصرة الجنوب” ، كانت سنة 1970، ثم حركة المحرومين بعد ان تعاظم التهديد الاسرائيلي لأهل الجنوب اللبناني ، ومن هذه الحركة طبعا انبثقت حركة أمل، التي اجلّها وأحترمها.
ختم المطران عصام يوحنا درويشة كلمته بكلمة موجزة يمكننا ان نقول ، أن الامام الصدر هو امّة مختصرة في شخص واحد، حمل هموم لبنان، لاسيما هموم المحرومين من ابناءه، دون تمييز بالمعتقد او الجنس او اللون الطائفة.
ولايسعنا بعد مضي هذا الوقت الطويل على اخفاءه، الا ان اتمنى أن تعمل الدولة اللبنانية على الاستفادة من هذه المدرسة لاعطاء بعد جديد للبنان في الفيته الثانية.
وهنا اريد ان اتوجه الى صديقي الدكتور قبلان ، واقترح عليه بأن ننشر في هذه المناسبة كُتيب ، انطلاقا من افكار الامام، نعلّم فيه الاجيال، اجيال الطلاب، كيف يكون الحوار والتعايش، ومن خلالهما ، كيف نبني لبنان في الالفية الثانية، كما ادعو الدولة اللبنانية ، أن تكتب تاريخا جديدا للاجيال القادمة ، انطلاقا من مبادئ عاش وبشّر بها امثال الامام الصدر.”
الامام الصدر آمن، ونحن نؤمن معه بان التفاعل بين الاديان ضرورة حتمية لبناء الوطن، وبان العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين هو الباب الاوحد الذي ندخل عبره السلام والامان، لان السور الواقي هو السور الذي يقينا من كلّ العثرات.”
قال الامام في احدى ندواته: ” التعايش امانة حضارية تاريخية ، أمّن الله عليه هذا الشعب، انه ارادة الديانتين الكبرتين ، الاسلام والمسيحية، بل ارادة الاديان كلها، البحث عن التعايش”. يتجاوز اليوم اختيار اللبنانيين، هو قدرنا يجب القبول به وتحضير سبله” . انا على قناعة ايها الاحبة بأن الحضارتين المسيحية والاسلامية إن لم تتلاقيا ، او تتوّصلا الى تفاهم متبادل، فاننا سنفتقر الى الامان والى التقدّم في هذا العالم، كما انّ التصادق بين الحضارتين هي السبيل الوحيد لنعيش بسلام.
والسيد المسيح قال في عضته على الجبل ” طوبى للساعين للسلام لانهم… يدعون ن رسالة بدأها الامام الصدر ونحن في توق دائم للعودة دوما الى فكره وحضوره فيما بيننا”.
الشيخ محمد حسن اختري رئيس مؤسسة عاشوراء الدولية قال : في مثل هذه الايام والتي تصادف محرم الحرام غُيّب الامام موسي الصدر ، كان للامام موسي الصدر رؤية خاصة لعاشوراء ، وكان يكن كل الحب والعشق لال البيت عليهم السلام ، واضاف اختري كان الامام حامل راية العلم والمعرفة ، بحيث كان يفوق اقرانه من العلماء في العالم الاسلامي
حين انتصار الثورة الاسلامية بالاضافة الى مواقفه الداعمة للفقراء والمستضعفين انذاك لم تخلو خطاباته وندءاته من دعم وتاييد للشعب الايراني الثاثر، تعرّفت عليه في عام 1968 واستطعت ان اراه واعاين انجازاته عن كثب، كان يتآلم من الفرقة والنزاع بين ابناء الجنس البشري ، وخاصة من الذين كانوا يعتبرون انفسهم القيمين على الناس والبلاد
وشدد اختري على ان الامام الصدر استطاع ان يؤسس العديد من المؤسسات التي تخدم المجتمع، وقد حالفني الحظ بان اكون حاضرا في افتتاح احداها , وهي المهنية العاملية ، التي فتحت مجالا امام العديد من الشباب لمواصلة تحصيلهم
لم يكن يعرف التفرقة بين المذاهب والاديان والاحزاب، اسس حركة المحرومين وسميت بحركة امل كان يهتم جدا بالقضية الفلسطينية، سعى البعض بان يُبعد السيد موسي عن الساحة ، فاستطاعت المؤامرة الامريكية والاسرائيلية ، بعى ان نُفِذَت بأيدي ليبية فابعدته عن الساحة وغيّبته.
الدكتور قبلان قبلان , عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل , راى أننا امام ظاهرة استثنائية في العصر الحديث اسمها موسى الصدر، نحن امام رجل هو رائد في كل مستوى من مستويات العمل، السياسي ، الديني، الاجتماعي،الوطني، على كل جانب من جوانب الحياة، نحن امام شخصية عابرة للطوائف، كان يقرن الفعل بالقول، كان يترجم اقواله افعالا في شوارع المدن والبلدات، هو في الحقيقة رائدا واماما في الوحدة الوطنية، واماما في التعايش لما في هذه الكلمة من معاني، لم يكن اماما للتعايش كشعار وكعنوان من العناوين السياسية الاستهلاكية التي تستعمل اليوم في كثير من المناسبات ، انما ذهب لممارسة الوحدة الوطنية والتعايش بين طوائف لبنان الى ممارسة فعلية.
اضاف الدكتور قبلان قبلان “قبل الامام موسى الصدر كان الجلوس الى موائد البطاركة والمطارنة ودخول الكنائس والاديرة كان نوعا من الحرام، ونحن في التاريخ لا اذكر انه بعد الوفد الذي ارسله رسول الله محمد(ص) الى النجاشيان هناك رجل دين او رجال دين على مستوى، دخلوا الى كنيسة او الى معبد او الى دير، او اجتمعوا بمطران او بطريك او شاركوه في لقمة العيش وقطرة الماء،الا الامام موسى الصدر الذي اقام بهذا الفتح في القرن العشرين، وازال الحواجز بين الطوائف المسيحية والاسلامية، باقتحام هذه الحواجز المصطنعة وتجاوزه لها . ومن ثم تجاوز الحواجز المقامة بين المذاهب الاسلامية بعضها مع البعض الاخر.
كان صاحب مشروع الوحدة الاسلامية ، التي كان يسعى اليه قادة العمل وقادة الطوائف الاسلامية الاخرين في لبنان في تلك الحقبة. اذا قلنا بانه لم يسبق عصر الامام موسى الصدرحالة من التلاقي والتعاون والثقة بين قادة الطوائف الروحيين، انا على يقين انه لاقبل الامام موسى الصدر، ولابعد الامام موسى الصدر كنّا بالمستوى الذي كانت فيه تلك العلاقة بين رجال الدين من كل الطوائف ،على تلك الدرجة من التعاون الوثيق ومن الثقة، ومن التبادل لكل مايهم المواطن على كل المستويات”.
وشدد الدكتور قبلان قبلان على ان الامام الصدر كان امام الوحدة الوطنية، كان يدعو الى الغاء الفوارق بين اللبنانببن، كان يدعو الى الغاء التصنيف، يعني ان هذا الشخص لانه من الطائفة الفلانيةا يكون مقدّم ، وذاك لانه من الطائفة الاخرى يكون مؤخَر. كان يدعو الى ازالة الفوارق بين ابناء الطوائف.
كان امام العدالة ، كان يسعى الى العدالة بين الجميع، كان يخاطب المسؤولين اللبنانيين دائما : اعدلوا ، هذا تعبير الامام موسى الصدر : ” اعدلوا قبل ان تبحثوا عن وطنكم في مزابل التاريخ”.
كان الامام موسى الصدر امام المحرومين والفقراء من كل الطوائف، كان ينزل الى القرى والبلدات ، يتجول في القرى والبلدات من اجل ان يلامس شؤون وشجون الفقراء والمحرومين في كل المناطق اللبنانية.
هو الوحيد الذي تجرأ على ان يقول ضد الانقسام الوطني اللبناني والانقسام السياسي اللبناني ، وضد ان تعزل طائفة ضد طائفة اخرى، او ضد ان يُقاتل فريق فريقا آخر.
وقال الدكتور قبلان قبلان : وهو الوحيد الذي تجرأ بان يعتصم رفضا لقتل الاخرين ، وليس رفضا لقتل ابناء طائفته، رفضا لقتل الاخرين من ابناء وطنه، لانه كان يعتبر بانهم جميعا اخوة في وطن واحد، هو الذي اعتصم في مسجد العاملية رفضا للحرب الاهلية اللبنانية، ورفضا للتعرّض للقرى المسيحية في البقاع ، وكلامه مشهور ومعروف: ” ان اية رصاصة تطلق على القاع ودير احمر وشليفا، تُطلق على صدري ومنبري وقلبي واولادي”.
كان متفهما لحاجات المجتمع اللبناني على كل الصعد، كان يسعى لاغاثة المحرومين، وليس المحرومين من الطائفة الشيعية، وهي الطائفة التي كانت اكثر حرمانا في ذلك الوقت، كان يقول انا اعمل على رفع الحرمان عن جميع الطوائف والمواطنين، لاي طائفة او منطقة انتمواكان واضحا في مشروع بناء وطن،وطن نهائي لجميع ابناءه، دولة عادلة يتساوى فيها المواطنون، تُلغى فيها الطائفة السياسية، وتُقام فيها موازين العدالة والاستقرار، كان يسعى بان يكون لبنان منارة للشرق على كل مستوى من مستويات العدالة.
وفي ذلك الوقت وهو يبحث في ازقة برج حمود والنبعة وصور والبقاع وزحلة وغيرها، كانت عينه على الحدود مع اسرائيل ، كان يرى بان هناك خطرا قادما من اسرائيل، ان هناك خطرا قادما على الوجود اللبناني وعلى الكيان اللبناني والدولة اللبنانية، وان هذا الخطر متمثل بالمشروع الاسرائيلي الذي يحمل مطامع كثيرة، يستهدف الانسان في لبنان والتاريخ في لبنان، والذي لايستهدف طائفة او فريقا اوجزء او كيانا او حزبا او حركة من مكونات الشعب اللبناني.
لقى رأى باكرا ، في بداية السبعينات أن المعركة آتية فقال:”نحن امام معركة لابد آتية فالنؤكد للعالم باننا نتمكن من الموت دفاعا عن ارضنا “، كان يرى ان المعركة مع اسرائيل قادمة ، وان الاحتلال قادم. في بداية السبعينيات كان يقول:” درّبوا ابناء الجنوب على السلاح، وسلّحوهم وحافظوا على ولائهم الوطني، بهذه الوسيلة تكونون قد ساعدتم جيش الوطن، وكوّنتم نواة المقاومة الوطنية لليوم العصيب”.
دعا الى انشاء المقاومة قبل وجود الاحتلال، لانه كان متيقنا ان الاحتلال قادم الى لبنان، والى جنوب لبنان ، وانه يجب أن تُؤَسَس مقاومة تحمي هذا الوطن وتحمي هذه الارض ، “سوف نؤسس جيشا في داخل هذا البلد يدافع عن حدود لبنان وجنوب لبنان” . هذا هو البديل عن الكلمات ، كان يخاطب المسؤلين اللبنانيين ” فان لم تدافعوا فسندافع، وان لم تقاتلوا فسنقاتل، لانريد ان ننتظر حتى تحتل اسرائيل ارضنا ، وبعد ذلك نؤسس مقاومة” ، هذا الكلام في 16\4\1974 كان هناك اربع سنوات عن الاجتياح الاول عام 1978 ، وثمان سنوات عن الاجتياح الثاني عام 1982 . كان يرى في اسرائيل خطرا وجوديا، على الانسان ، وكان يرى بان اسرائيل وبما لها من اهداف تُشكّل خطرا محدقا علينا، جنوبا وشمالا، وعلى ارضنا وشعبنا ومجتمعناوحضارتنا واقتصادنا وسياستنا ، وان الخطر ليس فقط في زرعها في المنطقة، بل في استقرارها ، باعتبارها العدو الاول. كلام موسى الصدر للعرب والمسلمين والمسيحيين وللانسانية ولله سبحانه وتعالى ” وان الخطر ليس فقط زرعها في المنطقة بل في استقرارها باعتبارها العدو الاول ، اسرائيل هي العدو الاول.
هو الذي وضع السياج الفقهي والفكري لموضوع المقاومة عندما قال :” إن اسرائيل شرّ مطلق والتعامل معها حرام”.
كان سبّق في القول :”ان اسرائيل هي الخطر الاكبر على انساننا، يجب ان تزول اسرائيل من الوجود” لان وجودها هو عنصر عدواني يخالف مسيرة الانسانية، هذا الكلام قاله الامام موسى الصدر في الذكرى الاولى لحرب تشرين عام 1974″ ان وجود اسرائيل عنصر عدواني يخالف المسيرة الانسانية.
وكان يدعو اللبنانيين الى الوحدة في مواجهة هذا المشروع الاسرائيلي، وكان يدعو العرب للتنبه للمشروع الاسرائيلي، وكان يقول كلاما واضحا، ولكن للاسف العرب لايسمعون ، واليوم يتقاطرون زرافة وجماعات نحو الكيان الاسرائيلي، باتفاقيات ومحاولات التطبيع ورحلات وطائرات وزيارة وسياحة وغيرها.
كان يعرف نقاط الضعف والقوة لدى عدونا ولدى اسرائيل ، قال ذات يوم في عام 1977 ، إن السلاح الفعّال بيد اسرائيل، ليس الطائرات ولا الصواريخ ولا القنابل الارتجاجية، ولكنه الخلاف في صفوف العرب ، كما ان السلاح الفعّال بيد العرب هو التضامن والتنشيط، اليوم العرب عزّل ، لاتضامن ولاتنشيط وبالتالي لاسلاح ، وان اسراثيل قوية لانها تعمل على الخلاف بين العرب ولايوجد بقية باقية من العرب اليوم تعمل على الوحدة او على التضامن، وجميع القيم من التعاون والتضامن بين الاشقاء اصبحت اليوم في سبات عميق نتيجة ماوصل اليه العرب.
لقد وضع لنا الامام موسى الصدر سياجا يمنع التطبيع وإنا اركز في هذه المداخلة على مسألة العلاقة بالقضية الفلسطينية ومسألة فلسطين وإسرائيل ولبنان، لأن كل ما يجري حولنا في المنطقة وفي العالم العربي وفي الشرق الأوسط، هو من منطلق تأمين المصالح الإسرائيلية، وتمرير صفقة القرن، وضرب الشعب الفلسطيني، وإنهاء قضيته.
قال الامام موسى الصدر في يوم من الايام عندما طرحت مسألة العلاقات بين الشعوب والدول وإسرائيل، قال كلاما واضحا ربما لا يتداول او ربما لا يعرفه الكثير من الناس، قال : لسنا نظاما ولا دولة حتى نضطر تحت ضغط المعادلات الدولية ان نعترف باسرائيل، يقول بصيغة أخرى انه لو اعترف كل العالم واعترفت كل الدول باسرائيل، نحن شعوب المنطقة الذين آمنا بالقضية الفلسطينية، وإن اسرائيل هي عدو للانسانية، لا يمكن أن نطبع مع إسرائيل ولا ان نقيم صلحا معها.
هو الذي ارسى مشروع المقاومة في هذه المنطقة، المشروع الذي قام على معادلة بسيطة هي ليسوا أقوى من امريكا ولسنا أضعف من فيتنام، والمعادلة البسيطة الأخرى، اذا التقيم باسرائيل فقاتلوهم باسنانكم واظافركم، والسلاح مهما كان ضعيفا، فإنك تستطيع عندما تكون لديك ارادة القوة، وهذه الارادة نجحت في مشروع المقاومة الذي انشأه الامام الصدر، والذي اليوم يستطيع المواطن في لبنان الذي ينتمي إلى هذا المشروع، ان يشمخ برأسه على هذه الأمة وانظمتها، ويقول لهم نحن أبناء موسى الصدر ومشروع المقاومة في جنوب لبنان، نحن الذين فهمنا ان اسرائيل هي عدو لقيمنا وانساننا ووطننا ولقضيتنا، نحن قاتلناها بقليل من السلاح والعتاد وبكثير من ارادة وعزة وكرامة، وأما انتم الذين تملكون الطائرات والصواريخ والنفط والمال والذهب، هُزمتم جميعا امام اسرائيل ونحن الذين انتصرنا على هذا العدو.
نحن نشمخ برؤوسنا لأننا أبناء مشروع المقاومة التي قاتلت اعتى واقوى جيش في هذه المنطقة، وقيل لنا يوما قبل الامام الصدر انه جيش لا يقهر، وإن قوة لبنان في ضعفه، ومع الامام الصدر ومشروع المقاومة، أصبح جيش اسرائيل يقهر على أرض الجنوب، ويخرج مذلولا وتمرغ أنفه بوحول الجنوب، وأصبح لبنان قويا بإرادة أبنائه الشجعان والمقاتلين الشرفاء الذين سطّروا أروع البطولات وحموا هذا الوطن وحرروه بلا اتفاقية او معاهدة او تنازل قدمه لبنان، وليس في ضعفه.
وختم الدكتور قبلان قبلان كلمته بالقول “نحتاج اليوم إلى فكر الامام الصدر، نحتاج إلى تمرس ورفض وصرخة، واعتصام في مسجد العاملية، وإلى صرخة في وجه كل المسؤولين في لبنان، ونقول لهم توقفوا عن التراجع امام المشروع الاسرائيلي، وأمام الانهيار الذي يصيب المجتمع اللبناني، علّنا ان نكون جميعا يدا واحدة ومشروعا وا واحدا لحماية هذا الوطن، علينا أن نذهب جميعا الي حوار صريح وبناء بين جميع مكونات هذا البلد الذي يتسع للجميع، ولا يمكن أن يكون لفريق دون آخر ولا يمكن لفريق ان يحاصر آخر، وهذا الوطن هو وطن نهائي ارتضيناه، عندما قال الامام الصدر في دستوره وطنا نهائيا لجميع أبنائه، وبالتالي علينا أن تستشعر الخطر القادم من كل مكان، لأنهم يريدون لهذا الوطن ان يدفع الثمن وفاتورة ما يسمى بصفقة القرن، وفاتورة التسويات وعمليات التطبيع والاتفاقات الثنائية والسرية والعلمية، والتي تحوطنا من كل جانب
الحصار المالي والاقتصادي والسياسية، ليس لأسباب داخلية، بل جزء بسيط منها لأسباب داخلية ولها علاقة بالتركيب اللبنانية، وبالعناوين المطروحة من الفساد وغيره، لكن الجانب المهم في مسألة الحصار والضغط الذي تعرض له لبنان، هو تمرير الاتفاقيات التي تعد من اجل إنقاذ الكيان الصهيوني ومصلحه
نحتاج للامام موسى الصدر، على مستوى الداخل في كل صرخة من صرخاتنا، نحتاجه يتنقل بين المساجد والكنائس والجوامع، وفي ازقة القرى والبلدات، من جنوب لبنان إلى شماله وبقاعه وجبله وعاصمته وإلى كل مكان،
نحتاجه كي يكرر على مسامع العرب دعوته وتحذيره من الخطر الصهيوني، على شعبنا وبلداننا وثرواتنا، ونحتاج ليقول للعرب ان أعيدوا البوصلة إلى مكانها الصحيح، عدوكم اسرائيل والخطر القادم عليكم هو من إسرائيل، لا تذهبوا وتبحثوا عن عدو آخر مهما كانت الحجج، عدوكم في مكان معروف يحتل ارضكم ومقدساتكم، ويقتل ويقهر شعبا من شعوبكم، فلتكن بوصلتكم نحو هذا العدو ولا تبحثوا عن عدو اخر، عودوا إلى قيمكم وإلى ضمائركم
نحن كابناء لموسى الصدر ومشروع المقاومة، آلينا على انفسنا ان نبقى ونستمر في هذا المشروع، وإن لا ندير ظهرا لعدو، وإن نبقى متمسكين بوحدتنا الوطنية، بين كل مكونات هذا المجتمع، المسلم اخي المسيحي، والسني اخ الشيعي، وهذا ليس شعارا سياسيا، بل هو اطلاقا فقهيا وفكريا آمنا به منذ انطلاقة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومنذ ائمتنا وقادتنا الذين آمنوا إيمانا فعليا بهذه الشعارات وستبقى متمسكين بها، وسنعمل على الوحدة الوطنية بين جميع أبناء هذا الوطن الواحد، لكن عيننا ستبقى على العدو الاسرائيلي، ولن نقدم له اية تنازلات يحلم بها لن ندير ظهرا لهذا العدو وستبقى عيوننا مفتحة على حدودنا لنحمي شعبنا وارضنا واهلنا تحية الى سيدي وامامي الامام المغيب في سجنه تحية الى هذه القامة الكبيرة التي زرعت فينا حب الوطن وبذرة المقاومة وحب الانسان والقيم التي نعيش عليها اليوم، والتي علمتنا ان الناس كل الناس في هذا البلد هم اخوتنا واحباؤنا، واننا يجب ان نكون يدا واحدة من اجل مصلحة وطننا وشعبنا، تحية لك سيدي الامام ولرفيقيك تحية للجميع ولعائلة الامام موسى الصدر.
الوزير السابق الحاج محمود قماطي قال : في هذه الذكرى الأليمة، طبعا لا اريد ان أكرر ، فقد استمعت إلى الكلمات التي سبقت، احاول ان اعطي شيئا لم يتحدث عنه المشاركون في الندوة، وأنا موافق بالطبع على كل ما تحدثوا عنه.
الامام موسى الصدر هو الثائر المفكر، الذي أعطى العمل الديني والنشاط الديني بعدا حياتيا وثوريا، يعرف المتابعون انه في أكثر من مكان وزمان، عندما كان البعض يُحشر في سؤال ضيق، من الناحية الدينية انه لماذا تقوم يا امام بهذا الفعل او الافتتاح على الكنائس، والطوائف الأخرى، أو بعض النشاط السياسي، والدخول إلى أماكن تعتبر دينيا موضع تعجب، كان يقول كلمته الشهيرة إنما أعني بالاسلام الذي نؤمن به هو كما يفهمه موسى الصدر، وليس كما يفهمه الآخرون، كان عنده فهما عن الإسلام والدين و الانفتاح على الآخر، العمل في سبيل المحرومين الفقراء، القيام بوجه الظلم، مواجهة الكيان الغاصب اسرائيل، العلاقات العربية العربية والعيش الواحد في لبنان. انا اريد ان اقول ان هذا المفكر الثائر، الثائر على كل السلبيات، على كل الواقع السلبي، لقد تحرك بعقل وبفكر بثورة وانفتاح ومرونة.
ما عدا فقط موضوع العدو الاسرائيلي فقد دعا إلى استخدام السلاح في مواجهته، وحتى بالاظافر والأسنان، وهو بدعوته إلى الثورة، غيّر الواقع السياسي، واجه مطلق الانقطاع السياسي، وفي أي طائفة، فقد دعا إلى عمل سياسي شعبي، يمثل الناس. هنا اريد ان أبين معادلة كان يعمل عليها، وما انتجت هذه المعادلة.
اضاف الوزير السابق الحاج محمود قماطي عمل الامام الصدر بعلاقات متينة مع سوريا، ومع المقاومة الفلسطينية، لأنه كان يؤمن ان مواجهة العدو الاسرائيلي الذي يطمع بلبنان، وكما حصل لاحقا، بعد تغييب الامام، حصل الاجتياح الاسرائيلي واحتل العاصمة بيروت، والجنوب بكامله، وجزء من البقاع و و و الخ…
ما كان يتوقعه الامام ويخشاه، حصل، لذلك كان الامام الصدر يعد العدة لمواجهة هذا العدوان الاسرائيلي، وهو على علاقة متينة بالمقاومة الفلسطينية، وكذلك سوريا، لأنها الرئة الي يتنفس منها لبنان، وقد كان يقوم بسياسة العيش الواحد والحوار الوطني، اللبناني اللبناني، بالتفاهمات حول الوضع في لبنان، لحل الازمات في لبنان، كل هذا اصطدم بخلافات اكثر من دولة عربية قبل تغييب الامام، وبخلافات بين سورية والقيادة الفلسطينية
وهو الذي كان يحرص على علاقة متينة بالمقاومة الفلسطينية، لقد كنا مع الدكتور شمران في مراحل التاسيس لحركة امل، وكان دورنا في كل الاتجاهات، سياسية اجتماعية عسكرية، والتأكيد على العسكر في مواجهة العدو الاسرائيلي.
كان الشعار الذي يطرح في دورات التدريب، ( بطل الثورة والثوار السيد موسى وبو عمار)، كانت العلاقة متينة مع المقاومة الفلسطينية، وبكل الفصائل الفلسطينية، ولم يكن حينها لاجهاد ولا حماس، كانت الفصائل التي تتبنى نهج المقاومة.
واكد الوزير السابق الحاج محمود قماطي على ان ما اريد قوله ان الامام حاول إزالة المشكلة بين سويا والمقاومة الفلسطينية ، وكان يؤمن بالعلاقة مع سوريا، ويؤمن بالعرب والعروبة والقضية العربية لتُبني قضية فلسطين وتتحقق مواجهة العدو الاسرائيلي ، وحيث كانت سوريا على علاقة وطيدة بالمقاومة الفلسطينية، لكن عندما اختلفنا، للأسف ظُلم الامام الصدر، لأنهم لم يفهموا فكره ونظرته التي تبينت بعد تغييبه وبعد الاجتياح الاسرائيلي، وبعد المؤامرة على القضية الفلسطينية، من لبنان إلى تونس، ثبت حينها ان الامام كان على حق.وانه لا انفكاك بين سوريا والمقاومة الفلسطينية
لا انفكاك ولا تناقض وانه يجب أن يتفقا وإن يتفاهما، وعندما اختلفنا، حاول الامام الصدر ان يدفع الثمن، لذلك اتهموه بإسقاط النبعة، انظروا إلى هذه التهم وانظروا من الذي اتهم، وهي جهات تعمل اصلا في الحركة الوطنية، وفي المقاومة الفلسطينية، والذين هم الآن من أهم الحلفاء مع المقاومة وحركة امل وحزب الله، لكن حينها، اخطأوا في تقديره، ويجب أن يعرفوا بذلك، اخطأوا حينما اتهموا الامام الصدر بأنه أسقط النبعة، واخطأوا بأن الامام الصدر متواطىء مع سوريا ضد المقاومة الفلسطينية، غريب، هو الذي قال لأبي عمار (( خذ علماً يا أبا عمار ان شرف القدس يأبى ان يتحرر إلا على أيدي المؤمنين)) ، هو الذي قال (( بجبتي وعمامتي سأحمي المقاومة الفلسطينية)).
كان الامام الصدر يعتبر ان فلسطين هي الاولوية في مساره السياسي، تأتي هذه الاتهامات الباطلة والتي انعكست على تغييبه، هدف التغييب والاخفاء هو عدوان على الوطن لبنان بشخص الامام الصدر، لا أقول عدوان على الشيعة، بل هو عدوان على لبنان، على الأمة العربية والاسلامية.
ان ما حصل مع الامام الصدر في تغييبه وعدم الكشف عن مصيره، كان سببه الصورة السلبية وكلنا يعرف دور ليبيا في تلك الفترة، وعندما كانت تدعم المقاومة الفلسطينية، والاحزاب اللبنانية والحركة الوطنية، كل هذا الجو باتهام الامام الصدر بأنه مع سوريا ضد المقاومة الفلسطينية ، وباسقاط النبعة، هذه جراح.
كما شدد الوزير السابق الحاج محمود قماطي على ان الامام الصدر كان مخلصا لفلسطين، والمقاومة الفلسطينية ولبنان وسوريا والاسلام والمسيحية والعروبة، لكن بالتآمر والاتهامات حصل ما حصل في ليبيا، غيب الامام واخفي وكان هذا عدوانا على لبنان والامة العربية بهذا التغييب والاخفاء.
والله العالم بمصيره، ولا أريد أن أتحدث عن كثير من المعلومات التي ترد من هنا وهناك حول هذا الامر، لكن المصير مازال مجهولا وغير مؤكد، لكنه مؤلم وموجع بكل الحالات، لهذا وعندما نتحدث عن الامام موسى الصدر، الذي بادر إلى المقاومة، اول من بادر إلى العمل المقاوم لبنانيا، بعده المقاومة الوطنية اللبنانية بعده المقاومة الإسلامية، واول من سعى إلى الحوار اللبناني، اول من اعتصم، وكنت معه في اعتصام مسجد الصفا، في راس النبع في المدرسة العاملية، وكنت مسؤولا عن حماية الاعتصام، كنت اتابعه وارى شدة آلامه والمحاولات التي جرت بالأعداء على اهل القاع، ودير الأحمر وراس بعلبك، من اخواننا المسيحيين.
وختم الوزير السابق الحاج محمود قماطي كلامه بالقول ” لذلك كان الامام من النوع الذي لا يخشى الجهد ولا المعاناة، ولا الألم ولا الحزن، وكان مستعدا لكل شيء، شرط أن يخدم هدفه الرسالي، والديني والوطني والإجتماعي، رحم الله الامام، اكتفي بهذا المقدار لان الحديث عن الامام الصدر لا ينتهي، ومتع الله انظارنا بأن نرى الأهداف التي عمل لها الامام متحققة، وها هي المقاومة اليوم، تحقق الأهداف حيث انتصرت على اسرائيل وكان حلم الامام، وهنا اثبتت سوريا بعد كل المؤامرات على فلسطين، انها الدولة العربية الوحيدة التي ما تزال تقف إلى جانب المقاومة، حيث اتهموه كما ذكرت انه وقف مع سوريا ضد المقاومة الفلسطينية، وتوصلوا إلى أن نظرية الامام كانت صحيحة، وإن سوريا كانت ولا تزال تتبنى مشروع المقاومة، واليوم فإن محور المقاومة هو من عمل لأجله الامام الصدر، وإن لم تكن وقتها ايران الثورة، بل كانت ايران الشاه، وهذا الموضوع بحد ذاته يحتاج إلى الكثير من الكلام والحديث عن دور الامام ايضا، على مستوى ايران وفي مواجهة الشاه، ومقدمات الثورة، لكن مع الأسف لم يشهد الامام الصدر انتصار الثورة الإسلامية في إيران ولم يشهد هذا الانقلاب التاريخي ولم يشهد ان سفارة اسرائيل أصبحت سفارة فلسطين، وهذا ما كان يعمل لأجله الامام”.
من جهته سماحة الشيخ خضر الكبش – رئيس تيار الإرتقاء قال ان “الإمام المغيب القائد السيد موسى الصدر عاد إلى لبنان ووضع أسسا لانطلاقة حركته وعمله على المستوى الدعوي و العملي والاجتماعي والسياسي ، انطلق من خلال قول الله تبارك وتعالى : واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا . وأيضا من خلال قوله تعالى : ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم . وعلى مستوى الأمة وعلى المستوى الوطني انطلق أيضا من خلال قوله تعالى : قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله”
واكد الشيخ خضر الكبش على انه في الذكرى الثانية والأربعين على إخفائه وتغييبه نؤكد أن سماحة الإمام كان رجلاً على امتداد هذا الوطن ومنه إلى كل العالم العربي والإسلامي وكما أكد السادة الذين سبقوني على الكلام ، أن الإمام السيد موسى الصدر لم يكن إمام طائفة ومذهب فكان الحاضر بالوقوف إلى جانب السُنّة عندما اعتدى الصهاينة على مسجدهم في كفرشوبا، كان من أوائل المدافعين عن الإخوة المسيحين في دير الأحمر والقاع، وفي هذه المنطقة وهو الذي قال أن الاعتداء عليهم هو الاعتداء على بيته وعلى نفسه وأولاده.
هو إمام المقاومة هذه المقاومة التي ننعم الآن في لبنان وفي المنطقة من نعيم انتصاراتها وبركة ودماء شهدائها ، هذه المقاومة التي أسس أفواجها سماحة الإمام المغيب موسى الصدر ، هذه المقاومة التي انتصرت على العدو الاسرائيلي في لبنان ولأول مرة في تاريخ الصراع بين العرب واسرائيل ، هذه المقاومة انتصرت على الارهاب الوهابي الداعشي التكفيري في لبنان وسوريا والعراق ، هذه المقاومة التي صنعت الأمة بتوازن القوى، حيث بات العدو الاسرائيلي يخشى اي رد من المقاومة على اي حماقة يرتكبها او على اي عدوان يقوم به على أرض لبنان الحبيب.
واشار الشيخ خضر الكبش الى ان سماحة السيد موسى الصدر لم يتردد أن يقف في وجه السلطة السياسية الفاسدة ، بل طلب منهم الرحيل لأن لبنان هذا بشعبه وبجميع طوائفه لا يحكمه فاسقون ولا يحكمه سارقون ، نعم كان كان الإمام السيد موسى الصدر قائد ثورة المحرومين من كل الطوائف اللبنانية مسلمين ومسيحيين سنة وشيعة ودروز من كل الطوائف اللبنانية الذين كانوا يعانون الفقر والحرمان وما زال بكل أسف حالة الحرمان وحالة الفقر تعم كافة الأراضي اللبنانية حتى وقتنا هذا
كان الإمام يتطلع إلى الأمام كان يريد لبنان وطنا لجميع أبنائه، كان يؤمن إيمانا حقيقيا أن لا خلاص للبنان والنهضة بالوحدة الوطنية، كان يؤمن إيمانا حقيقيا أن لبنان تربطه علاقة أخوة مع سوريا، لأن البعض كان وما يزال يعمل على نزع لبنان من محيطه العربي، ليبقى لبنان رهينا للأجنبي رهينا للأمريكي، الذي يخدم الكيان الصهيوني الغاصب المحتل.
في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر نؤكد على التزامنا بالثوابت التي أرسى دعائمها هذا الإمام هذا القائد الكبير، الذي ما زالت ذكراه حاضرة إلى يومنا هذا في أذهان وعقول من عايشه، ومن قرأ عنه ومن تابع تاريخه في مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان ، نؤكد على التزامنا بالثوابت التي أرسى دعائمها الإمام المغيب، وهي الحفاظ على وحدتنا الداخلية والوطنية وعلى وحدتنا الاسلامية.
وختم الشيخ خضر الكبش كلامه بالقول ” سنبقى يا امام مدافعين عن لبنان، سنبقى مدافعين عن فلسطين التي هي قضيتنا، والتي هي هدفنا، وسوف يأتي اليوم الذي ندخل بإذن الله عز وجل جميعا إلى المسجد الأقصى المبارك لنصلي فيه ونسجد لله شكرا أن حرر أرضنا وشرفنا وقدسنا من دنس الاحتلال الاسرائيلي ، سيأتي هذا اليوم عاجلا وليس آجلا وهذا الجيل بإذن الله عز وجل هو جيل تحرير فلسطين ، يقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ، نؤكد على هذه الثوابت سائلين المولى عز وجل أن يعيدك إلى هذا البلد سالما غانما ، ويومئذ يفرح المؤمنون الذين أحبوك وعايشوك وساروا على نهجك يفرحون بهذا النصر الكبير وما ذلك على الله بعزيز”.
المصدر: موقع المنار