واجه القطاع الصحي السوري العديد من الأزمات خلال الحرب على البلاد، ولا يزال يعاني من آثار حصار جائر، ينعكس نقصا في الأدوية والمستلزمات الطبية إضافة لقطع غيارها، وما زاد الهمّ على القائمين، ازمة كورونا ومتطلباتها.

موقع قناة المنار أجرى جولة ميدانية على مشفى المواساة الحكومي وسط العاصمة دمشق، وهو يعد اكبر منشأة طبية في البلاد، التقينا مدير المشفى الدكتور عصام الأمين، ليطلعنا على معاناة القطاع الصحي السوري وخاصة خلال الحرب، واشتدادها في زمن كورونا ومواجهة الازمات المختلفة. سرد الدكتور الأمين قصة طويلة من الحصار، متأسفاً أن الدول الغربية لم تستثنِ حتى القطاع الطبي بجوانبه، والغذائي، وهذا مخالف لكل الشرائع الدولية.

الدواء وقطع الغيار اللازمة لاستمرار أي منشأة طبية كانت واحدة من أهم أدوات الحصار على الشعب السوري ممثلاً بدولته، وهذا ما عانى منه الجانب الطبي بسبب تعطل العديد من الأجهزة والمعدات الخدمية في سورية. وصلت البلاد إلى مرحلة كورونا، وبطبيعة الحال فلا دواء له ولا لقاح حتى الآن، ولا بد من الوقاية، وهذا الامر يحتاج كل المستلزمات الوقائية لمواجهة الفيروس، من مواد تعقيم إلى ألبسة معقمة وكمامات وكل ما يتبع ذلك وأدوية لمواجهة المضاعفات التي تترتب في حال إصابة أي مواطن بالمرض.

بدأت المعاناة تتزايد، والقلق يكبر لدى القائمين على هذا القطاع في البلاد، فلا كفاية من أي مادة لبدء مرحلة جديدة من المواجهة، وهذه المرة المواجهة ضد عدو غير مرئي، خاصة إذا انتشر المرض وتجولت العدوى. استنفرت كل الطاقات، جاء دور اعتماد الحلول البديلة، وُرش تصنيع داخل سورية في كامل أرجائها، عدة دوريات تم تكليفها لتصنيع الكمامات وغيرها من المواد الوقائية.

يتابع الأمين شرح ما حدث في القطاع الطبي، نقص في كل شيء من أدوية وتجهيزات واشتداد المواجهة، وهنا برز أهمية ما قام به القائمون على القطاع الطبي من جهود جبارة، فعدد الإصابات بقي محدودا، وقياساً بدول العالم وخاصة الجوار، فإن سورية فيها أقل عدد من المصابين بكوفيد19.

هنا بدأ استعراض اهم العوامل الموضوعية لمحدودية الانتشار، على رأسها الحصار وعدم التنقل لحركة سياحة او غيرها إلى البلاد، فبالتالي هذه كانت النقطة الوحيدة الإيجابية ، وهنا لم ينتقل أحد من منطقة موبوءة إلى الداخل السوري، ومن دخلها كان تحت المجهر الطبي، علاوة على ذلك كان الاستنفار الطبي الذي ذكره مدير مشفى المواساة في العاصمة دمشق، هو الداعم الاهم للحفاظ على عدم انتشار الوباء في سورية.

وصلنا في الحديث مع د. الأمين إلى تفنيد أهم أشكال المعاناة في القطاع الطبي السوري خلال الحرب وصولاً إلى مرحلة الوباء والتي كانت أساس مواجهة شرسة للتصدي للوباء، فمن البنى التحتية الى الادوات والكوادر، الازمة شملت كل شيء في سورية، هجرة الكوادر بنسبة أكثر من 35%، تم التعويض عنها بجيل الشباب وتأهيله خلال سنوات الحرب، أما الأجهزة ونقصها فليس بالغريب على دولة محرومة من استيراد قطع الغيار، فتم التعويض بالأجهزة التالفة لإعادة اصلاحها وإجراء التبديل اللازم في القطع من تلك الأجهزة بعد إعادة تأهيلها بجهود محلية.

برز دور الدولة في تحييد القطاع الصحي عن كل ترشيد أو تقشف، إذ أجرت مشاريع تطويرية على القطاع، لرفع مستوى العمل الطبي وتدارك ما تضرر خلال الحرب خاصة في المناطق التي دخلها الإرهاب، فتوسع العمل الخدمي وبقيت المشافي الحكومية مجانية، وأخذت المشافي الحكومية دورها الاكاديمي في تأهيل طلاب الطب الخريجين والمتخصصين في مختلف جوانب العمل الطبي تحت إشراف أساتذة كبار في خبرتهم الطويلة بالمهنة، ولم يستثنَ القطاع الدوائي من التطوير بعد المعاناة، حيث وصلت البلاد إلى مرحلة خلال انتشار الوباء العالمي استطاعت أن تتمتع بالحد المطلوب من عوامل المواجهة، بكوادر مؤهلة عبر السنوات التسع خلال الحرب على البلاد، إضافة لاستثمار ما يتيسر من طاقات لتعويض الحد الأدنى من الأدوية ومستلزمات العلاج.

المصدر: موقع المنار