مسيرة القادة الشهداء.. مدرسة تستحق الاقتداء – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

مسيرة القادة الشهداء.. مدرسة تستحق الاقتداء

القادة الشهداء
ذوالفقار ضاهر

وعادت الذكرى، تحمل معها معنى التضحيات الغوالي، متوجة بالدم القاني لقادة شهداء أسسوا وبنوا قواعد المقاومة التي حققت العزة والافتخار، بامتلاكها كل وسائل القوة والاقتدار.

فمن مجموعات صغيرة تحاول مقارعة العدو لتثبت ان “العين تقاوم المخرز” باتت اليوم المقاومة رقما صعبا في المعادلات الاقليمية والدولية، فحيث يجب ان تكون ستكون لتغير مجريات وتصنع التاريخ وتحمي الجغرافيا التي توصل اولا واخيرا الى فلسطين ومواجهة كل المخططات الصهيونية في كل الامكنة.

ويبقى سر الانتصارات والانجازات هو أن لا حدود للتضحيات في مقاومة لا تدخر قادتها او ابناء هؤلاء القادة وتدفع فقط بشبابها ومجاهديها الى الميدان، بل ان القائد في هذه المسيرة هو وكل عائلته في الصف الاول للمضحين، فالقيادة هنا لا تعني الراحة والرخاء بل تعني المسؤولية والتضحية بلا حدود دون قيود او حسابات ذاتية او مصلحية او مادية، فمقاومة كهذه تعمل لله بكل ما لديها وتقدم كل شيء في سبيل المولى تعالى تصديقا للآية القرآنية الكريمة “قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين”(سورة الانعام الآية 162).

ولذلك يعتبر شهر شباط/فبراير حاملا لهذه القيم المشبعة بالايثار والزهد والاخلاص، شهر شباط الذي حمل معه بشرى التضحيات وتقديم القادة على مسرح الشهادة في سبيل الله، ففي الـ12 منه استشهد في العام 2008 القائد الجهادي الكبير “قائد الانتصارين” الحاج عماد مغنية، وفي 16 من شباط أيضاً استشهد الامين العام السابق لحزب الله السيد عباس الموسوي في العام 1992 وفي نفس اليوم في العام 1984 استشهد الشيخ راغب حرب، ليعتبر هذا اليوم يوم الذكرى التي تجسد كل معاني التضحيات الممتدة عبر الزمن من جيل الى جيل.

وصحيح ان المقاومة اليوم تزداد منعة وقوة بفضل الله اولا واخيرا والتضحيات المثابرة للشهداء والجرحى والمجاهدين وكل عوائلهم ومجتمع المقاومة، إلا ان المقاومة ايضا باتت تواجه العدو التكفيري بالاضافة للعدو الاساس اي العدو الاسرائيلي وكل ما يرافق ذلك من مؤامرات في الداخل والخارج، فهذا “العقل الاستراتيجي” الذي تعمل به المقاومة جعلها قوة استراتيجية على مستوى المنطقة إن لم نقل العالم، لأنها بقدراتها كمنظمة او حزب باتت تعطل مشاريع دول وترسم مسارات لافاق جديدة على مستوى المنطقة لها آثارها العالمية، انطلاقا من التطورات المتلاحقة على الساحة السورية بفعل صدّ المقاومة للجماعات الارهابية، ما شكل حجر الزاوية لإعادة تشكيل خريطة التوازنات في المنطقة.

حول كل ذلك، قال مسؤول العلاقات العربية في حزب الله الشيخ حسن عزالدين إن “القادة الشهداء هم منارات للمقاومة ودربها من خلال الانجازات التي حققوها والتضحيات التي قدموها ويكفي انهم بذلوا دماءهم رخيصة في سبيل مسيرة هذه المقاومة”.

واشار الشيخ عزالدين في حديث لموقع “قناة المنار” الى ان “شيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب لعب الدور الكبير في تعبئة الناس وعمله أوقد شعلة الانتفاضات الشعبية في القرى الجنوبية ما أدى الى تأسيس انطلاق المقاومة”، وتابع ان “سيد شهداء المقاومة الاسلامية السيد عباس الموسوي جذّر في حياته ومن ثم باستشهاده المقاومة كخيار وسلوك وجعلها عصية على الهزيمة والانكسار”.

وفي ذكرى القادة الشهداء، لفت الشيخ عزالدين الى ان “الشهيد القائد الحاج رضوان استطاع ان يطور وينظم عمل وقدرات واساليب هذه المقاومة مما جعلها تحقق أعظم الانتصارات بوجه الجيش الاسرائيلي في العام 2000 ومن العام 2006″، واضاف “ليبقى هذا القائد الجهادي الكبير عنوانا لرعب الاعداء وقلق الكيان الغاصب بشكل مستمر حتى بعد استشهاده”.

من جهته، أشار رئيس اتحاد القنوات والاذاعات الاسلامية ومدير مركز الابحاث والدراسات التربوية الحاج عبد الله قصير** ان “الشيخ راغب حرب استطاع ان يدخل المقاومة الى عمق الوجدان الجنوبي بشكل خاص والوجدان الشيعي بشكل عام”، واضاف انه “مع استشهاد السيد عباس الموسوي دخلت المقاومة الى الساحة اللبنانية بشكل عام حيث كانت المرة الاولى التي يستشهد فيها أمين عام لحزب مع زوجته وطفلهما فشكلت هذه الدماء دفعا كبيرا للمقاومة”.

ولفت قصير في حديث لموقع “قناة المنار” الى “استشهاد الشهيد السيد عباس اكد مصداقية هذه المقاومة وكان له الوقع الوجداني والعقلي على مختلف شرائح الشعب اللبناني”، وتابع “يمكننا القول ان شهادة السيد عباس هي ولادة ثانية للمقاومة لانها حققت الانتشار الوطني ودللت ان المقاومة طموحها الوحيد طرد المحتل وليس الحصول على مغانم مادية او مواقع سياسية او سلطوية”.

واشار قصير الى “المرحلة الثالثة هي استشهاد الحاج عماد مغنية التي كرست خيار المقاومة على مستوى العالم العربي وبشكل خاص في فلسطين”، واوضح ان “الحاج رضوان كان يرتبط بشكل غير عادي بفلسطين وكان له بصمة خاصة في دعم القضية الفلسطينية وكانت القدس حاضرة دائما في كل أعمال الحاج عماد مغنية”.

حول تطور قدرات المقاومة ما جعلها رقما صعبا على الساحة الاقليمية، يرى الشيخ عزالدين ان “هؤلاء القادة الشهداء أعطوا بانجازاتهم الرؤية الشاملة والبعد الاستراتيجي لحركة هذه المقاومة”، ويعتبر ان “ما نشهده اليوم من اقتدار هذه المقاومة هو تراكم ونتاج انجازات وخبرات تنضم لبعضها البعض لتكمل هذه المقاومة طريق التطور والتطوير كما ونوعا حيث استطاعت ان توجد كل معادلات الردع ضد هذا العدو”.

ويلفت الشيخ عزالدين الى ان “المقاومة اليوم وحدت الساحات النضالية والجهادية بوجه العدو الصهيومي وبوجه كل المؤمرات المتعلقة بالمشروع الاميركي الصهيوني في العراق وسوريا وغيرها”، ويؤكد ان “هذه المقاومة التي كانت رأس الحربة بوجه الصهيانة هي اليوم تقوم بدورها بوجه عملاء العدو لا سميا من التكفيريين الذين يحاولون تشويه صورة الاسلام عبر مشروعهم المدمر للامة بعناوين”، مشددا على ان “هذه الجماعات التكفيرية الى زوال بفضل التضحيات التي تقدمها المقاومة كعصب اساسي في محور المقاومة”.

بدوره، قال قصير إن “مسيرة المقاومة شهدت خطا تصاعديا بدءا من الانتفاضة الشعبية بوجه المحتل في بعض القرى مرورا بتحرير معظم الاراضي اللبنانية المحتلة في العام 2000 وصولا للانتصار الالهي في العام 2006″، ورأى ان “الدور الاقليمي للمقاومة بدأ بعد هذا الانتصار لان المقاومة عطلت وغيرت مسار المشاريع الدولية الاميركي والاسرائيلية في المنطقة ورسمت شرقا اوسطا جديا وفقا لمعايير محور المقاومة والممانعة لا وفقا للمعايير الاميركية كما حددته كوندا ليزا رايس”.

ويعتبر قصير ان “المؤامرات التي حيكت ضد سوريا هي نتيجة ردة الفعل على فشل المحور الاميركي الاسرائيلي في تطبيق مشاريعه في المنطقة بفضل انجازات المقاومة”، واضاف “كان يتصور الاعداء ان هذه الحلقة هي الخاصرة الرخوة في محور المقاومة إلا ان وقوف حلفاء سوريا الى جانبها في هذه المعركة شكل الضمانة لعدم سقوط سوريا وإفشال المشروع التكفيري رأس الحربة في المخطط الاميركي”.

الوصية الاساس حفظ المقاومة..

وأشار الشيخ عزالدين ان “تضحيات ووصايا القادة الشهداء تحفظ ومسيرتهم تستكمل اليوم بأبهى الصور عبر القيادة الحكيمة للمقاومة وعلى رأسها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي بات الرمز ومعه أصبحت المقاومة تعبر عن الاقتدار والقوة وتمتلك سبل حماية هذا الوطن والأمة وحماية المشروع التحرر الوطني الحقيقي والفعلي للمنطقة والاهم ان فلسطين وكل فلسطين باقية في قلب كل مقاوم ومجاهد”.

أما الحاج عبد الله قصير فرأى ان المقاومة قوية قادرة وموجودة حيث يجب ان توجد لحماية كل لبنان وكل اللبنانيين، ولفت الى ان “هذه المقاومة قدمت في الماضي الشهداء والتضحيات ضد العدو الاسرائيلي واليوم ايضا تقوم بذلك على الجبهة الشرقية ضد العدو التكفيري”، وتابع ان “تضحيات المقاومة الهدف منها حماية كل اللبنانيين وليس فئة او طائفة بعينها”.

كيف يستفيد لبنان من قدرة المقاومة؟

وانطلاقا من كل ذلك وبالعودة الى الساحة الداخلية، يمكن التأكيد ان لبنان بحاجة الى الاقتداء بهذا النموذج الجهادي المقاوم الذي يعطي دون مقابل ويقدم التضحيات من اجل الآخرين خدمة للمجتمع والاهل، واعتبار المقاومة بكل تجربتها مدرسة لديها الفرصة  كي تؤثر في الفكر والثقافة والعقلية اللبنانية والوجدان العربي والقومي والانساني بشكل أعم.

وحول ذلك، دعا الشيخ عزالدين “للاستفادة من مشروع ومبادئ هذه المقاومة التي استطاعت ان تعطي مفهوم الانتماء الحقيقي للوطن وكيف ان المواطن اللبناني يكون انتماؤه ودفاعه عن تراب هذا الوطن بدون حدود وبدون انتظار المكاسب السياسية وغير السياسية”، ولفت الى ان “هذا يشكل النموذج لكل القوى والاحزاب والتيارات حول كيفية الانتماء الحقيقي للوطن”، آملا “الاستفادة من تجربة المقاومة ومشروعها لبناء الدولة الوطنية القادرة الحامية لسيادتها”.

من جهته، اعتبر قصير ان “قوة لبنان هي في المعادلة الذهبية المكرسة بالدم أي معادلة الشعب والجيش والمقاومة”، ولفت الى ان “التجارب أثبتت ان هذه المعادلة حمت لبنان في كثير من المحطات وعلى المؤسسات والطبقة السياسية الاستفادة من هذه التجربة لبناء دولة عادلة وقادرة وقوية تحمي شعبها ونفسها”، آملا “الوصول الى هذه الدولة التي يكون لها الثقل والتأثير في المعادلة الاقليمية لا ان تكون تابعة او على الهامش في مواجهات التحديات المختلفة”.

بالتأكيد ان هذه المقاومة تمتلك الرؤية الواضحة وتعتمد الصوابية في اتخاذ قراراتها، ما يجعلها قادرة على تقدير الموقف الصائب والصحيح من خلال دراستها للظروف الموضوعية التي تمر بها في الداخل او في المنطقة او حتى على المستوى الدولي، فهذه المقاومة لم تخطئ “البوصلة” بتوجيه البندقية الى العدو الحقيقي للامة فهي دائما على حق وهذا ما أثبتته التجارب عبر الزمن.

**الحاج عبدالله قصير: – عضو سابق في “شورى القرار” في حزب الله(1992-1997).
– رئيس سابق لشورى التنفيذ(المجلس التنفيذي) في حزب الله.
– نائب سابق.

المصدر: موقع المنار

البث المباشر