اليوم التالي في غزة.. إشراقة جديدة للمقاومة وإحباط صهيوني – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

اليوم التالي في غزة.. إشراقة جديدة للمقاومة وإحباط صهيوني

غزة
محمد علوش

في مشهد يغلفه الإحباط والغضب، يتصاعد الجدل داخل الكيان الصهيوني حول ما يُعرف بـ”اليوم التالي” في غزة، حيث تبدو حركة حماس وكأنها تمسك بزمام الأمور بقوة غير مسبوقة. فالتغطيات الإعلامية الصهيونية كشفت عن حالة من الصدمة، إذ شاهد الصهاينة عبر الشاشات عناصر حماس المدججين بالسلاح، وهم يعيدون رسم مشهد السيطرة في القطاع. هذه الصور التي هزت الأوساط الصهيونية أجهضت السردية التي طالما تبجح بها رئيس وزراء العدو  بنيامين نتنياهو والقيادة العسكرية حول “المنجزات” و”الانتصارات”.

بيار أبي صعب : مشهد القسام يؤكد ان المقاومة لا تكسر

الكاتب السياسي والصحافي بيار أبي صعب قال في تصريح لموقع المنار إن “ما جرى في غزة يفوق حدود التصديق، فقد حشد الغرب كافة إمكانياته لإبادة أهلها وتدميرها، بهدف تمكين إسرائيل من الاستيطان فيها. ورغم الحصار الذي استمر عامًا ونصف، والجوع الذي أنهك أجساد أهلها، والدمار الذي طال بيوتهم، وفقدان نصف عائلاتهم، خرج الغزاويون إلى الشوارع يهتفون بشجاعة: “عالقدس راجعين.. شهداء بالملايين”.

وأضاف “هذا المشهد الاستثنائي يعكس هزيمة الغرب وإسرائيل، ليس فقط عسكريًا بل أخلاقيًا وإنسانيًا. فهؤلاء الذين يتلاحمون مع مجاهدي كتائب القسام، رغم كل محاولات الإعلام الإبراهيمي والغربي لشيطنة المقاومة، لم يتخلوا عنها، بل التفوا حولها وزادوا صمودًا وعزيمة. لقد سعى هذا الإعلام جاهدًا لتوجيه أصابع الاتهام إلى المقاومة بأنها السبب في معاناتهم ودمار بيوتهم، ومع ذلك، ظلوا يهتفون لقادتهم مثل محمد الضيف ويحيى السنوار”.

ولفت أبي صعب إلى أن”ما زاد من دهشة العالم هو الظهور المنظم لمجاهدي القسام خلال لحظات تبادل الأسرى، بثيابهم النظيفة المكوية، وآلياتهم اللامعة، وأسلحتهم . تساءل العالم، وحتى الإسرائيلي نفسه: من أين يأتون؟ كيف يتمكنون من الصمود والتجهيز بهذا الشكل رغم الحصار الخانق؟”.

وقال أبي صعب إن:”هذا المشهد يؤكد أن رهان إسرائيل والغرب على تدمير حماس، بل والقضاء على غزة بأكملها، قد فشل. ففي كل يوم يثبت الغزاويون وكتائب القسام أن إرادة المقاومة لا تُكسر، وأن الدم يمكن أن ينتصر على السيف مهما بلغت قوة العدو”.

انهيار السردية وتفاقم الإحباط

وتلاشت بسرعة تلك “المنجزات” التي تحدث عنها جيش العدو، لتحل محلها خيبة أمل عميقة عبرت عنها وسائل الإعلام “الإسرائيلية”. فصحيفة “معاريف” على سبيل المثال، أبرزت أن صور مقاتلي حماس شغلت أذهان “الإسرائيليين” وأزاحت التركيز عن حدث إطلاق سراح ثلاث أسيرات “إسرائيليات”.

أما المحلل أوهاد حيمو، فقد وصف المشاهد بأنها “تظاهرة لقوة حماس”، مشيراً إلى أن الحركة تمكنت من الحفاظ على كتائبها الجاهزة في مناطق النصيرات والبريج والمغازي، لتظهر كسلطة حصرية في قطاع غزة، مؤكداً أن حماس لم تهزم بل ازدادت قوة.

اعترافات قاسية من الداخل “الإسرائيلي”

من جانبه، أقر المحلل الصهيوني ميخائيل ميلشتاين بأن “اليوم التالي” بات حقيقة قائمة، مشيراً إلى أن حماس لم تكتفِ بالسيطرة العسكرية، بل باتت تفرض هيمنتها على المجال المدني أيضاً داخل القطاع. وأضاف قائلاً: “هذا الواقع صعب على الأذن الإسرائيلية، خاصة وأنه يتناقض مع الهدف المركزي لهذه الحرب”. ويبدو أن “الإسرائيليين” يجدون أنفسهم أمام مشهد تتبدد فيه قدرتهم على فرض الشروط أو تحقيق أي اختراق استراتيجي.

كتائب القسام بكامل تجهيزها بعد 470 يوما من المعارك الضارية مع العدو
كتائب القسام بكامل تجهيزها بعد 470 يوما من المعارك الضارية مع العدو

الضغوط الدولية وإعادة تشكيل المعادلة

الأنظار “الإسرائيلية” تتجه بقلق إلى تطورات الاتفاقات والمراحل القادمة، حيث ظهر جلياً أن الكيان لم يعد يتحكم بمفاتيح القرار. فالضغوط الأمريكية، التي تعززها رغبة واشنطن في منع عودة الحرب، تترافق مع ضعف “إسرائيل” في مواجهة ضغط عائلات الأسرى والمشاهد المؤثرة من عودة الأسيرات.

ويحاول كيان العدو جاهدًا محو آثار السابع من أكتوبر، إلا أن الأوساط الصهيونية تعترف اليوم بأن هذه الذكرى لم تعد مجرد حدث مؤلم بل أصبحت هاجساً وجودياً. فالمخاوف تتعاظم من تكرار ما حدث، وهو ما يعكس حجم الأثمان الباهظة التي دفعتها” إسرائيل” دون تحقيق تغيير حقيقي في المعادلة.

هدايا تذكارية للأسيرات.. خطوة إعلامية بارزة لكتائب القسام

وفي خطوة إعلامية لافتة قدمت كتائب القسام، هدايا تذكارية وشهادات إفراج للأسيرات “الإسرائيليات” الثلاث اللواتي أُفرج عنهن ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. تضمنّت الهدايا خريطة لقطاع غزة وصورًا وشهادة تقدير، ما أثار تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل.

وأشاد مراقبون بذكاء القسام في استغلال اللحظة لتعزيز صورتها الإعلامية، وعلّق مغردون بأن هذه اللفتة تعبّر عن التزام المقاومة بالمعايير الأخلاقية في الحرب، مقارنة بانتهاكات الاحتلال. كما لفت المشهد الأنظار عالميًا بفضل ابتسامة الأسيرات واستلامهن الهدايا، مما جذب الإعلام إلى هذه الخطوة الفريدة.

إلى جانب ذلك، أظهرت كتائب القسام تنظيمًا دقيقًا في تسليم الأسيرات، من خلال إصدار بطاقات إفراج رسمية موقعة من الصليب الأحمر وممثلي المقاومة، ما عكس تطورًا في استراتيجيتها الإعلامية والإنسانية.

يبدو أن الكيان يواجه اليوم حقيقة جديدة في غزة، حقيقة تفرضها حركة حماس كقوة فاعلة ومدججة بالسلاح، ما يشكل تحدياً استراتيجياً وسياسياً غير مسبوق. وفي ظل هذا الواقع، تتصاعد التساؤلات في الداخل “الإسرائيلي” حول المستقبل، في مشهد يعكس أزمة عميقة تعصف بمفاهيم السيطرة والأمن التي طالما كانت ركيزة السياسات المعادية تجاه القطاع.

المصدر: موقع المنار