يعرّف صنع القرار بأنه عملية تفاعل جماعية بين المشاركين بصفة رسمية وغير رسمية، سواء كانوا أفرادًا أم مؤسسات في تقرير السياسات العامة. وتكمن أهمية العملية في ما يمثّله القرار من عنصر مركزيّ في بناء نماذج الحركة السياسية، بحيث تعد العملية من حيث طبيعتها، محاولة لتخطّي الحواجز التي تفصل الأهداف عن الإمكانات وفق الواقع السياسي.
وتختلف عملية صنع القرار من نظام سياسي إلى آخر بما فيها من كيفية صياغة المشكلة وتحديد الخيارات ودراستها وفهم اتجاهاتها وصولًا إلى تبنّي أحد الخيارات واتخاذه “قرارًا”. وعلى الرغم من اختلاف آليات صنع القرار، إلا أنها تشترك جميعها بالخضوع للسياسات العامة لدى النظام السياسي والرؤى التي يتبنّاها، وتاليًّا تُحدَّد استراتيجيات السياسة الداخلية كما الخارجية بناء عليها تحت سقف الدستور، الوثيقة القانونية الجامعة لعمل النظام.
يتميّز النظام الإيراني بفرادة النموذج في الحكم الذي يجمع القانون الإلهي الديني الغيبي والقانون الإنسان الوضعي؛ وارتبطت محدّدات كلّ من “الجمهورية” و “الإسلامية” وأطرها في توليفة خاصة أمّنت للنظام السياسي الإيراني خاصية في عملية صنع القرار الإيراني بغية الحفاظ على منجزات الثورة وبناء الدولة. وفي حين تمثّل القيادة السياسية عاملًا أصيلًا في عملية صنع القرار؛ لجهة تحديد سياسة الدولة، وإنتاج القرارات، تؤثر مجموعة من القوى الاجتماعية السياسية، بخصائصها المميزة في صناعة القرار.
والعوامل المؤثرة أو محدّدات صناعة القرار وإن اختلفت إلا أنها لا تسمح بنشوب الخلاف إلى درجة ينحرف بعيدًا بالنظام عن نقطة التوازن المحورية، أو باتجاه لا يمكن معه العودة إلى نقطة الارتكاز؛ فجميع المؤسسات والسلطات تعمل في نسق من التوازن أو استعادة التوازن وفق مقررات الدستور القانونية التي تحفظ النظام الجمهوري الإسلامي وتعطي الولي الفقيه حق إدارته. ويخضع صنع القرار الإيراني للمرجعية السياسية والفكرية الخاصة بالنظام الجمهوري الإسلامي. وعليه، تدرس الورقة محدّدات صنع القرار في بنية النظام السياسي الإيراني، والأطر الفكرية الثقافية لهذه العملية.
وفي حين تؤثر مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية على صناعة القرار بشكل عام، والإيراني بشكل خاص، إلا أنّها تبقى عوامل مساعدة ثانوية، لا تخضع لها عملية صناعة القرار الإيراني. وهذه العوامل الداخلية المساعدة تضم مجموعة من المتغيرات منها الرأي العام وقوى المجتمع السياسية الحزبية والشعبية والاقتصادية، والأهمية الجيوسياسية للموقع الجغرافي، وعلماء الدين والحوزات. أمام العوامل الخارجية المساعدة فهي الظروف الدولية والإقليمية والسياسات الخارجية من بقية الأطراف ومجمل الأهداف والمصالح الإيرانية وتفاعلات الصراع والتعاون بين إيران وغيرها من الدول.
هذه العوامل تُنظر من قبل مراكز صناعة القرار الإيراني ويُعتدّ بها في كيفية تحديد الخيارات السياسية، لكن القرار النهائي لا يخرج عن الأطر والمحددات السياسية والفكرية التي ألزم بها نظام الجمهورية الإسلامية نفسه بها.
ونشر مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير (يوفيد) دراسة حول عملية اتخاذ القرارات في الجمهورية الإسلامية الايرانية، تتناول العناوين التالية:
أولًا: بنية النظام السياسي الإيراني
ثانيًا: مركزية السلطة الشعبية
ثالثًا: المرجعية الفكرية في نظام الجمهورية الإسلامية
للإطلاع على الدراسة، اضغط هنا.
المصدر: مركز يوفيد