الصحافة اليوم 29-3-2023 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 29-3-2023

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 29-3-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

الاخبار:

«مدن الله» الباقية.. اليمن في العام التاسع: الحرب (لا) تضع أوزارها

«تَرجع ثُلُثا بركة الدنيا إلى اليمن، مَن كان هارباً من الفتنة فإليه يَهرب».

حديث منسوب إلى النبيّ محمد.

جريدة الاخبار«إن شعبنا حقيقة، لا ينال منها أن يصاب كلُّ العالم إزاءها بالصَمَم والبله والعمى. ومن صدّ عنّا حسْبه الصدّ والحفا، ومن فاتنا يكفِه أنّا نفوته».
الشاعر اليمني محمد محمود الزبيري، «مأساة واق الواق».

يُحكى أن رجلاً من «مملكة واق الواق» حلّ في ليلة السابع والعشرين من رمضان من عام 1379 للهجرة في الأزهر الشريف، حيث وجد طائفةً من العلماء يتباحثون في شؤون الأرض كافّة، ويُفتون في كلّ صغيرة وكبيرة، ويعرّجون على مآسي العالم أجمع، من دون أن يأتوا ولو بذكر يسير على فواجع «مملكته»… تلك الفواجع التي أثقلت قلبه بالحزن، وحمّلت روحه أسًى عميقاً حتى كادت «تنوص» من وطأته، فلم يَجد مفرّاً أمامه سوى محراب الصلاة في ذلك الأثر «الفاطمي» في القاهرة، علّه يجلو عنه همّه وغمّه. هناك، انكشف سرّ وطنه الغامض، بعدما رأى العزّي محمود، في ما يرى المنوَّم مغناطيسياً، أهل اليمن وقد احتشدوا على صعيد القيامة، مقسَّمين ما بين جحيم وفردوس وأعراف، وناطقين بألسنتهم بما عملوه في ما تركوا، ليَعرف مُستضيفو العزّي أخيراً موقع هذا البلد المنسيّ، وهويّة حاكميه ومستعمِريه، وأفعال أنانيّيه ومُنافقيه وبُلهه ومجانينه، وفي المقابل مَآثر شهدائه وخُلصائه وعُرفائه وبُصرائه.

هكذا، أفاق الساهون عن اليمن من غفلتهم، وفق ما صوّر صَحوتهم الشاعر والثائر اليمني محمد محمود الزبيري (1910 – 1965)، في روايته «مأساة واق الواق» المكتوبة في أواخر خمسينيات القرن الماضي، وتحديداً في الفترة التي اشتدّ فيها طغيان المملكة المتوكّلية، وبدأت تتهيّأ الظروف لانطلاق «ثورة 26 سبتمبر». صحوةٌ مجازيةٌ لن يطول الوقت قبل أن تجد معادلاً حقيقياً لها في خلال العقد الأخير، مع فارق أن ما أيقظ النائمين عن «شوارد» الأرض المتروكة هنا، إنّما هو المعاجز التي صنعها أبناؤها في مواجهة حرب أريدَ منها إنساؤهم فكرة الاستقلال بأنفسهم. لقد نظرت السعودية، بالفعل، إلى اليمنيين، لحظةَ شبّ تمرّدهم، وأرادوا الانعتاق من رِبقة الوصاية التي استحكمت بهم على مدار عقود على أنهم شيء بغيض ومزعج، أشبهُ بذُباب ملقوف ووخِم يلتصق بأفاريز حوائط المملكة، أو كجراد صحراوي ثقيل يربض عند حدودها الجنوبية ويتحيّن الفرصة ليَدخل «جنّتها» ويعيث فيها قضماً.

هذا ما نطقت به، بوضوح، السرديّات المتعجرفة التي كُبّت على مرّ أعوام في أذرع الإمبراطورية الإعلامية السعودية، والتي استهدفت تسفيه هؤلاء الناس وتغريبهم وتجريدهم من أصالتهم، وهو ما لا يشذّ عنه الإصرار بعناد على استخدام مصطلح «الحوثيين». صحيحٌ أن التسمّي باسم منطقة الأصل ليس ممّا يُعاب في اليمن، بل هو على العكس من ذلك، مصدر افتخار دائم، يستشعره مثلاً المتحدّر من يافع لدى تسميته اليافعي، والمنتسب إلى حضرموت إذا دُعي الحضرمي، والمولود في لحج حالَ أُطلق عليه اللحجي… وهلمّ جرّاً، إلّا أن التشدّد الدائب في توصيف الحركة السياسية والعسكرية الأهمّ في التاريخ اليمني الحديث بـ«الحوثية» – الراجعة في أصلها إلى مدينة حوث، مركز مديرية حوث، إحدى مديريات محافظة عمران -، إنّما يحمل وجهاً من وجوه الازدراء، ويستبطن محاولة لنفي الإسم، وبالتالي حجب المعنى، وبالتبَعية إنكار الوجود، وفي العمق تطنيش الحقائق.

برز التميّز في حفظ الأمن على امتداد مساحات شاسعة من البلاد على رغم أن الأسلحة بأيدي اليمنيين «أكثر من المناجل والمعاول»

والواقع أن التطنيش المذكور إنّما هو عيْنه الذي تأسّست عليه حرب العام 2015، حيث لم يحتَج الأمر إلى أكثر من أسابيع معدودة ليَظهر بجلاء أن طاقم الحُكم الجديد في المملكة افتقر إلى الحدّ الأدنى من المعرفة التاريخية – هل نستطيع أن نُقدّر هنا أن الأمير محمد بن سلمان لم يقرأ مطلقاً كتاباً واحداً عن اليمن؟ الأغلب نعم -، أقلّه بالفصل الأحدث من التدخّلات الخارجية، ذلك المصري، الذي، على رغم نُبل الأهداف التي أتى بها، سرعان ما تَحوّل إلى بئر نهِمة تبتلع البشر والمال والسلاح، من دون أن يتّضح لها قعر أو تَثبت لها نهاية. لا بل إن حابل تلك البئر اختلط بنابلها على نحو مدهش، إلى حدّ أن «كبار ضبّاط القيادة المصرية، وكذلك جهاز المخابرات، بذلوا جهودهم من أجل خلْق مركزٍ قويّ فريد من نوعه يعمل ضدّ سياسة عبد الناصر»، وفق ما تورد الباحثة الروسية، جولوفكايا إيلينا، في كتابها «التطوّر السياسي للجمهورية العربية اليمنية 1962 – 1985»، موضحةً أن هؤلاء «وفي الوقت الذي دعموا فيه القوى الثورية – الوطنية، عملوا على إنشاء أوثق الصِلات مع الزعامة الإقطاعية القبَلية بغضّ النظر عن موقف هذه الزعامة» من الصراع الذي كان دائراً آنذاك بين «الإماميين» و«الجمهوريين»، بحسب شرح إيلينا.

هذا الاختلاط الذي مُنيت السعودية بما هو أسوأ منه بمرّات، حيث برزت سريعاً مزاحمة «الشقيق» الإماراتي، وتفجّرت عنقودياً خلافات الحلفاء المحلّيين مُتضارِبي المصالح والأهواء والأيديولوجيات، قابله انبعاث حسّ وطني جارف بدت المملكة غير متحسّبة له، في ما نمّ، من بين ما نمّ عنه، عن عيب فادح في الأنتروبولوجيا الثقافية، ولتأتي النتيجة، في نهاية المطاف، «تحفةً استثنائية من الغباء»، إن صحّت استعارة توصيف الروائي والباحث الإيطالي، أمبرتو إيكو، للحرب الأميركية على العراق. في المقابل، قدّم اليمنيون «قطعةً فريدةً» من العمل العسكري والتلاحم المجتمعي والتكيّف الاقتصادي والتأصيل الثقافي، يَجدر بها أن تكون موضعاً للتأمّل والبحث والاعتبار، خصوصاً لدى الباحثين الغربيين الذين قد يكون آن لهم أن يَحرموا بعض تعميماتهم نَيل شرف «الحقيقة والمصداقية»، وأن يقتنعوا بأن العقلانية والمنطقية والاجتهاد والاستقامة والقدرة على التمسّك بقِيم حقيقية، إنّما هي سِمات غير جوهرية وغير محتكَرة وقابلةٌ للتحقّق في مجتمعات طالما نُظر إليها بمناظير غبّ الطلب، وبالكثير من «عدم الدقّة» الذي لا غرو في القول إنه يقارب في أحيانٍ عديدة الكذب بذاته.

هذه «الفرادة» اليمنية المغفَلة، تمظهرت، بأوضح ما تمظهرت فيه، في التعامل مع التعقيدات الاجتماعية المتقادمة، والتي تُمثّل النزَعات والعادات والأحكام القبَلية أحد أبرز وجوهها. لم تَنظر «أنصار الله» إلى القبائل على أنها مجرّد جماعات قابعة في التخلّف، يسكنها الحسد والتشكّك والخداع والخبث، وتنتظر مَن يمنّ عليها بالعطايا حتى تبيعه ولاءها، بل تطلّعت إليها بوصفها «الفئة التي تعمل لوجه الله، وتبذل أرواحها وأعمارها، وتقيم الممالك، وتحْمل أعباء المعارك (…) فهي الحامية والمانعة، وهي المعقل والحرز، وهي السلاح في يمين الشعب، يهزّه كلّما ألمّت به الملمّات»، كما يصفها ببراعة الزبيري. وبالاستناد إلى النظرة المتقدّمة، استطاعت الحركة كسْب تأييد قبَلي متفاوت، أضحى شبه ثابت وممتدّ في السنوات الأخيرة، على نحو لم يتمكّن غيرها من تحصيله، بِمَن فيهم الرئيس الراحل، علي عبد الله صالح، المشهور بقدرته على ترقيص «ثعابين» القبائل والجماعات والأحزاب من دون أن تطاله لدغاتها، على رغم ما أظهرتْه تلك القدرة من محدوديّة في نهاية المطاف.

وإلى جانب إجادة استيعاب البُنى القبَلية، التي «دوّخت» جميع مَن تعاقبوا على حُكم اليمن، بمَن فيهم بعض «الجمهوريين» الذين اعتقدوا أن القبائل «لا تَفهم ولا تدرِك (معنى المؤسّسات السياسية، أو الدولة والقانون والطاعة)»، وبالتالي يجب «وضْعها تحت السيطرة التامّة بمختلف الوسائل»، وفق ما تَنقل إيلينا عن السياسي والاقتصادي اليمني محمد سعيد العطّار – في إطار تفنيده وجهات النظر التي كانت سائدة في الأيام الأولى لـ«ثورة سبتمبر» -، يَبرز التميّز في حفظ الأمن على امتداد مساحات شاسعة من البلاد على رغم أن الأسلحة بأيدي اليمنيين «أكثر من المناجل والمعاول»، فضلاً عن غياب مظاهر التوحّش التي وسَمت الحروب الأهلية الأحدث في غير بلد عربي. والواقع أن هذه السِمة الأخيرة إنّما هي ممّا يدهِش في اليمن، ولكنها أيضاً ممّا يَقبل التفسير بغير سبب، على رأسها أن الحكومات التي توالت على هذا البلد (أو شماله في الحدّ الأدنى) في أعقاب ثورة 1962، ندُر فيها مَن أظهر ميلاً إلى تنمية نزَعات ضارية لدى مُواطنيه، خلافاً لِما هو الحال مثلاً في الجمهوريات التي حَكمها «البعثيّون»، بل إن نظام صالح نفسه غلبت عليه «الكلِبتوقراطية» (اللصوصية) أكثر من أيّ شيء آخر. وعلى أيّ حال، فإن «أنصار الله» استفادت، على نحوٍ مثير، من ذلك التعلّق اليمني بالسلاح، والميل إلى الانكباب على «الخشن من العيش والشظف من الحياة» منذ الفتوّة – إلى حدّ أن بعض الأُسر كانت لا تتوانى عن تزوير هويّات أنجالها بحيث يصبحون قادرين على الانضمام إلى القوّات الحكومية مبكراً -، من أجل تعزيز الروح الملحمية لدى جمهورها، في الوقت نفسه الذي اشتغلت فيه على تقوية ديناميات «تأمين المواطنين من المواطنين»، إلى حدّ بدت معه «نظريّتها» القائلة إنه لو ارتفعت عن اليمن الأيادي الخارجية، لكان من أكثر بقع الأرض استقراراً، صحيحةً بدرجة كبيرة.

لكن حتى لو لم تكن المشكلة في السلاح وإنّما في السياسات، كما تقول الحركة، وحتى لو تُفهِّم اعتبارها «الحديث عن مثاليّة وحضاريّة ونموذجيّة الإنسان الذي يخلو بيته من السلاح، نوعاً من المغالطات»، فإن ذلك لا ينفي أن واحداً من أبرز التحدّيات التي ستحبَل بها مرحلة ما بعد الحرب، هي كيفية تنظيم «سوق الحرب» الهائلة هذه، على نحوٍ ضمينٍ بحفظ الإنسان أوّلاً ودائماً بوصفه «أعظم المشاريع»، وفق ما يوصي به الشاعر والمؤرّخ اليمني، عبد الله البردوني، في كتابه «اليمن الجمهوري». تنظيمٌ مفترَض تنضمّ إليه، أيضاً، مهمّة إعادة إدماج التشكيلات العسكرية التي «باضت» في اليمن و«فرّخت» خلال سنوات الحرب الثماني، في هيكل وحدوي جامع كفيلٍ بصهر الخلافات وترويض الاتّجاهات الهويّاتية وتذويب عوامل التنافر، وهو ما يتطلّب، أوّلاً وأساساً، تسوية سياسية شاملة، وتفاهماً عريضاً يبدأ من هويّة الدولة وشكل نظامها السياسي والإداري، ولا ينتهي بكيفية تحقيق المصالحة الوطنية وإنفاذ العدالة الانتقالية. على أن هكذا تفاهم لا يبدو قابلاً للتولّد بسهولة، في ظلّ عمْق الانقسامات التي جرى الاشتغال على تضخميها وتجذيرها بعناية حتى باتت أكبر من أن تُحصَر، متجاوزةً التفريق التقليدي ما بين «شماليين» و«جنوبيين»، لتشمل ثنائيّات قاتلة إضافية مِن مثل «السنّة والشيعة» – على ما في هذه الأخيرة من مغالطات لا تأخذ في الاعتبار الاختلافات الكبرى التي تُميّز الزيدية عن بقيّة فِرَق الشيعة -، وسَلطنات ومشيخات الجنوب وسَلطنات الشرق – وفق التقسيمات الموروثة من أيّام الاستعمار البريطاني -، وقبائل «اليمن العليا» وقبائل «اليمن السفلى»، وحديثاً الهيئات والمنظّمات المتناحرة والتي لا شغل لها إلّا العمل على إذكاء كلّ تلك «الانحرافات»، وبعْث الانشقاقات القديمة من قبورها، ومن ثمّ «الركّ» عليها في «تبرير وجودها»، مع ما يقتضيه ذلك من لغو عظيم لا قيمة له ولا فائدة منه.

السرديّات المتعجرفة التي كُبّت في أذرع الإمبراطورية الإعلامية السعودية، استهدفت تسفيه هؤلاء الناس وتغريبهم وتجريدهم من أصالتهم

وإذا كان مطلوباً من كلّ طرف من أطراف هذا الانشطار أن يراجع حساباته ويتخلّى عن أنانيّاته وتساهله المفرط مع ذاته ويكرّر ضبْط محدّداته بما يساعده تالياً على الانضباط بالواقع، فإن هذه المهمّة تبدو أكثر إلحاحاً لدى القوى والشخصيات الفاعلة في جنوب اليمن، والتي أظهرتْ على مرّ الأعوام الثمانية الماضية درجة عالية من الطفولية والمصادرة على أحلامها، إنْ لم يكن من التفاهة والتشيطُن في سبيل الوصول إلى غاياتها. على أن المفترَض بـ«أنصار الله»، أيضاً، بوصْفها اليوم الطرف الأقوى في «يمن ما بعد الحرب»، أن تعمل هي الأخرى على تسكيت مخاوف «شركائها» المستقبليين، وأن تُعيد صياغة طرْحها الوطني بما لا يجبّ سرديّتها الأولى للمعضلة اليمنية وكيفية تفكيكها، والتي أبرزَها قياديّون ألمعيون من صفوفها – على رأسهم الراحل عبد الكريم الخيواني -، بحذاقة، أيّام انعقاد «مؤتمر الحوار الوطني الشامل»، قبل أن تأتي الحرب، وتتسبّب بالضخّ الإعلامي الخليجي الطائفي الذي رافقها، في التعتيم على تلك السردية، وتعويم أخرى عنوانها اتّهام الحركة ككلّ بكونها مشروعاً سُلالياً عنصرياً مذهبياً غرضه إحياء الإمامة أو الملَكية في اليمن. باختصار، على «أنصار الله» ألّا تنقلب في لحظة الانتصار على ما كانت تطالب به في لحظة الاستضعاف، وألّا تركن إلى مقاربات من شأنها إلغاء المستقبل أو تعقيده في الحدّ الأدنى، وألّا تتوهّم إمكانية إحراق المراحل التاريخية اعتماداً على القوّة حصراً، بل وأن تسعى، عوضاً عن ذلك، إلى إنتاج صِيغ تعايش وتعاون تأخذ بشروط المرحلة، وتتّسق واعتبارات المكان.

وفي سياق «إعادة الصياغة» تلك أيضاً، تَبرز ضرورة إجراء مراجعة لبعض الشعارات، التي، فضلاً عمّا تحمله من نفَس كراهية تَصعب عقلنته، فهي لا تفيد «أنصار الله» في سياق سعيها للتقولب سياسياً على المستويَين المحلّي والخارجي. والحديث، هنا، يدور تحديداً عن جانب من شعار «الصرخة»، التي على رغم كونها «واضحة ولا غموض فيها» على اعتبار أن «أميركا حاضرة في كلّ مكان، ولو لم تكن حاضرة في بلادنا لما شنّت علينا هذه الحروب»، وبالتالي فـ«الشعار هو أقلّ ما يمكن فعله في مواجهة الحملة الأميركية» وفق ما تُدافع به الحركة، إلّا أن اشتماله عبارة «اللعنة على اليهود»، والتي تفسّرها «أنصار الله» بأن المقصود بها «الظالمون من اليهود أي المستعمِرون والمحتلّون والمهيمنون على مقدّراتنا»، يَجدر به أن يكون محلّ تدقيق وتقويم، شأنه شأن جوانب أخرى من خطاب الحركة وطريقتها في الحوكمة وتعاطي شؤون السكّان (خصوصاً النساء منهم) وإدارة خصوصياتهم وحساسياتهم، من دون أن يعني هذا دعوة إلى التشكّل على هوى ما يريده «الآخرون»، أو تجاهُلِ الأرضيّة الإنسانية المحلّية، والتي يختصرها الشاعر والكاتب المسرحي الإنجليزي، بتلر ييتس، بـ«ما في دكّان القلب من خِرَق وخردوات». وإذ لا يَصلح، في إطار اتّقاء ذلك التجاهل، غضّ الطرف عمّا تمثّله القبائل من وزن ديموغرافي وثقل رمزي وحيثية معنوية، وحتى ما تكتنزه من قِيم وأنظمة تبدو قابلة للاستثمار الإيجابي في مرحلة التصالح، فإن من الأوّليّات المحسومة أيضاً هو أهمّية عدم الإيغال في سياسة الامتيازات، والإغراق في تحصيص المناصب والعطايا والموازنات ما بين المشائخ والجاهات، والسعي بدلاً ممّا تَقدّم إلى إدغام هؤلاء في إطار عملية شاملة تستهدف إعادة تأليف الأُدلوجة الوطنية التي بَقِيت على مدار عقود مهلهَلة تماماً.

تلك، إذاً، هي بعضٌ من عناوين المرحلة المقبلة على اليمن، والتي على رغم صعوباتها وهمومها وهواجسها، تظلّ تعبيراً عن مجتمع حقيقي، لا تتحكّم به اهتمامات محزومة أو أهداف معلَّبة، وهو ما سيضمن له البقاء والنماء ولو بعد حين. أمّا السعودية، فهي تُواصل إلى الآن «تقليل عقلها»، معتقدةً أن اتّفاقها مع إيران سيكون بمثابة العصا السحرية التي ستُخلّصها من الشاغل اليمني إلى الأبد، أو أن الجدار العازل الذي تسعى لبنائه على امتداد 900 كيلومتر على حدودها مع البلد الجار سيكفل لها راحة سرمدية من «وجع الرأس» الآتي من الجنوب، أو أن المواظبة على محاولة تلبيس المملكة لبوس الوسيط وداعية السلام في ما بين اليمنيين «المجانين» ستمحو ببساطة سجلّات الحرب التي ارتكبت فيها الرياض وحلفاؤها جرائم فظيعة، وأنهكت اقتصاد الشعب اليمني ومعاشه، وشرّعت الأبواب أمام تدخّلات من شتّى الاتّجاهات، ليس التدخّل الإسرائيلي مستثنًى منها. لكن الواقع شيء والتمنّيات شيء آخر؛ وإذا كان ابن سلمان قد استطاع، في إطار اشتغاله على إخضاع الثقافة لدورة الإنتاج الترفيهي والاستهلاكي، الاستيلاء على سُمعة البُنّ اليمني (الخولاني)، وإدخال هذا الأخير في قائمة التراث غير المادّي الخاص بالسعودية، والذي يَجري العمل بدأب على تحويله إلى قيمة يمكن أن تَدخل السوق كأيّ قيمة أخرى، فإن التحايل في أمور السياسة والأمن لن يكون مطلقاً بتلك السهولة نفسها. لا بل إن «الكوابيس» التي خلقتها ثماني سنوات من القتال السعودي غير المفهوم، ستظلّ حاضرة، ما لم تقتنع المملكة، في العمق وعلى طول الخطّ، بأن اليمن دخل زمناً جديداً لم يُعد معه من الممكن القول: «لقد قَرْوشونا باليمن… شو يعني اليمن؟ شو فيها اليمن؟»، على ما يحتوي الهذر الأحمق المتداول منذ زمن في بعض بلاد العُرب.

على الهامش: يروي مؤرّخ الأساطير الجاهلية، وهب بن منبه، أن أهل الجزيرة عندما اتّفقوا على غزو صنعاء، أقبل طائر وألقى من منقاره على جمْعهم كتاباً كان مطلعه يقول: «بسم الله الرحمن الرحيم. من الله تعالى لا من أحد سواه، من أراد صنعاء بسوء كبّه الله وردّ كيده».

جديد الاستراتيجية الغربية ضد المقاومة

برامج دعم بدل برنامج صندوق النقد: تفكيك البيئات الحاضنة للمقاومة يتواصل

في سياق داخليّ خارجيّ متوقع، طويت صفحة صندوق النقد ضمن استراتيجية أميركية واضحة لإحلال «برامج دعم» تتصيد المواطنين بالمفرد وتقيدهم وتربط مستقبلهم بمزاج الداعمين، محل برامج الصندوق التي تقيد المواطنين والبلد بالجملة وتربط مستقبلهم بمزاج الأجندة الأميركية

بعد انتهاء الزيارة الأخيرة لصندوق النقد الدولي لبيروت يمكن القول إن «وهم الصندوق» سقط نهائياً، وإن كان معنيون يؤكدون استحالة أن يغادر هذا الغراب الأميركي سماء البلاد المحتضرة. وإذا كان البعض يهلل لكلام مسؤولي الصندوق بوصفه إدانة للمنظومة السياسية كاملة و«فضحاً باهراً» لإخفاقاتها، فإن هذه المواقف ليست إلا جزءاً من عدة الشغل الأميركي لتمويه القرار الثابت بعدم فتح أي متنفس اقتصادي للبنان يخفف من وطأة الحصار. لذلك، سيواصل الصندوق إيجاد مبررات لعدم تحقيق أي اختراق في ملف استجرار الكهرباء أو غيره. ومن يعتقد أن الخلفية اقتصادية أو مالية أو إصلاحية فهو واهم. وتنبغي الإشارة، هنا، إلى أن قانون الـ«كابيتال كونترول» الذي تتواصل زيارات وفود الصندوق في شأنه، قدّمه النواب سيمون أبي رميا وآلان عون وإبراهيم كنعان في اقتراح معجل مكرر في 20 أيار 2020، وكان يمكن أن يمر من ذلك التاريخ في الهيئة العامة، لولا أن الصندوق سارع إلى إرسال ثماني صفحات من الملاحظات دفعت إلى تحويله إلى اللجان النيابية ليبدأ مسار التأخير والتمييع. رفع السرية المصرفية شهد أيضاً تقدّماً على نحو يسمح للقضاة المعنيين برفع السرية فوراً عن كل من يشتبه بإثرائه غير المشروع، وهو ما استخدمته القاضية غادة عون فوراً. إلا أن الصندوق، في سياق البحث عن ذرائع لعدم التوصل إلى اتفاق مع لبنان، يواصل طلب المستحيل مما لا مثيل له في العالم. والأمر نفسه ينطبق على إصرار الصندوق على توحيد سعر الصرف على نحو يهدد بتدمير اقتصادي واجتماعي شامل.

الواضح في هذا السياق أن كل ما يحصل منذ 17 تشرين الأول 2019 مرسوم بدقة: من قرار إقفال المصارف، إلى قرار التصدي للـ«كابيتال كونترول»، والدفع إلى عدم دفع الديون بدل إعادة جدولتها، إلى توفير الذرائع المتواصلة لعدم اتخاذ أي قرار إنقاذي مع رمي المسؤوليات تارة في ملعب المصارف، وأخرى على هذه الكتلة النيابية أو تلك، وثالثة على حاكمية مصرف لبنان، ومرات على مجلس الوزراء، وإضاعة كل هذا الوقت لاستجداء موافقة صندوق النقد. علماً أن كثيراً من القوانين الإصلاحية أُقرّت فعلاً في المجلس النيابي، لكنها لم تقدم أو تؤخر لأن السلطات التنفيذية والقضائية والمالية والأمنية المعنية بتنفيذها لا تجد نفسها ملزمة بذلك، ولا يوجد من يحاسبها… وهذا ما يقود إلى الاستنتاج بأن صفحة «إنقاذ صندوق النقد للبنان واللبنانيين» طويت حتى إشعار آخر، ما يبقي للبنانيين 3 خيارات:

الأول، وضع حد للخفة المستحكمة بكل مواقع المسؤولية، موالاة ومعارضة؛ ووضع رؤية اقتصادية تحدد إمكانيات الدولة وموجوداتها (من الذهب إلى النفط إلى الأملاك) ومداخيلها لمفاوضة صندوق النقد أو غيره من موقع قوة. مع قرار سياسيّ نهائيّ مشترك بتطبيق القوانين وإجراء الإصلاحات الطارئة اللازمة. وهذا ما يستلزم انتخاب رئيس جمهورية، وتشكيل حكومة من دون إضاعة عام أو عامين في مناكفات الأحجام ثم تعطيلها بذرائع مختلفة.

الثاني، فعل كل ما يلزم لاسترضاء الخليج عموماً والسعودية خصوصاً، لتعود العقارب إلى زمن باريس 1 و2 و3 وتعويم الدولة اللبنانية بنظامها وشعبها، بغض النظر عن الفساد وسائر الموبقات. علماً أن استرضاء الخليج اليوم لا يقتصر على النأي بالنفس عن مشكلات المنطقة إنما يمر بضمان أمن إسرائيل أيضاً.

الثالث، تحويل حزب الله خطاباته عن الصين، مثلاً، من أقوال إلى أفعال، مستفيداً من عدم قدرة خصومه على التعطيل إذا ما قرر المضي قدماً في هذا الاتجاه. مع العلم أن تطوير البنية اللبنانية التحتية والمطار والمرافئ ووصل سكة الحديد اللبنانية بعيد تأهيلها بحمص أو الشام، بشراكة صينية، جميعها من صلاحية وزير الأشغال علي حمية. ولا شك أن خصوم الحزب سيلزمون الصمت كما حصل عند وصول النفط الإيراني إذا ما نجح في إقناع الصين بضخ بضعة مليارات من الدولارات في الاقتصاد اللبناني، مع وجوب شرح كيف وأين انتهى التداول في النفط الإيراني، ولماذا لم تقدم روسيا على استثمار رمزيّ أقله في قطاع صناعة الدواء على رغم قيام وزير الحزب السابق حمد حسن بكل ما يلزم لبناء مصنع للقاحات سبوتنيك؟

تنبغي الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والخليج تنفق نحو مليار دولار سنوياً للحفاظ على نفوذها في لبنان، فيما لا تبدي بكين وموسكو أي اهتمام ببناء أي نفوذ، لا بل سارع عملاق النفط الروسي إلى التخلي عن حصته ضمن ائتلاف التنقيب في لبنان لمصلحة الشركات القطرية، من دون أن يقدم على تطوير استثماره لخزانات الشمال بعدما تحدّت وزارة الطاقة الولايات المتحدة في منحه هذا الامتياز الاستراتيجي.

صفحة «إنقاذ» صندوق النقد للبنان واللبنانيين طُويت حتى إشعار آخر

وإذا كان الخيار الأول صعباً جداً أو شبه مستحيل، والخيار الثاني غير وارد، والخيار الثالث تنقصه الإرادة الصينية والقدرة الروسية قبل الإرادة والقدرة اللبنانيتين، فإن الأكيد أن كل ما رسم اقتصادياً عبر الأدوات المتنوعة بدأ يؤتي ثماره لجهة الإفقار الممنهج المدقع قبل ربط العسكريين مباشرة بالحلم الأميركي بمئة دولار، والأسر الأكثر فقراً بثمانين أو مئة وعشرين دولاراً، في سلسلة برامج ستشمل قريباً الدواء والغذاء والمياه. وإذا كانت فرص العمل قد باتت محصورة منذ أكثر من خمس سنوات بجمعيات المجتمع المدني الممولة من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بعد تدمير القطاعين العام والخاص، فإن فرص الصمود واستمرار الحياة للمواطن العادي تنحصر يوماً تلو الآخر أكثر فأكثر بما يوصف ببرامج الدعم الممولة هي الأخرى من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بعد أن حول الاقتصاد اللبناني من اقتصاد ريعي مفترض إلى اقتصاد يقوم على برامج الدعم للهيمنة بفتات الفتات. والأكيد في هذا السياق أن المقاربات التي تبشر بإعادة نظر أميركية – أوروبية – خليجية في هذه السياسات، بعد أن تيقن القيمون عليها بعدم جدواها، غير دقيقة أو واقعية أو منطقية، لا بل العكس تماماً، إذ تعتقد الولايات المتحدة وأوروبا والخليج أن فاتورتها في لبنان انخفضت، بعدما تخلص هؤلاء من السماسرة الذين كانوا يتقاضون عمولة هائلة لربط المواطنين بهم مباشرة – والمقصود هنا بعض الموظفين في المؤسسات الأمنية – في ظل انهيار مؤسساتي يسمح لهم بتحقيق اختراقات جوهرية على صعيد الإدارة و«الداتا» والبرامج التشغيلية للإدارات، وفي ظل معلومات تؤكد أن دافعي الضرائب في الولايات المتحدة لا يسمحون بانتفاع أي مواطن لبناني سواء كان عسكرياً أو غيره من برنامج المئة دولار ما لم يكن مؤمناً بـ«قيم الولايات المتحدة» في ما يخص الديموقراطية و«محاربة الإرهاب»، تماماً كما يحصل في الجمعيات على صعيد التوظيف والاستفادة من المشاريع. وإذا كان الحزب قد نجح في تحصين بيئته ضمن الطائفة الشيعية، فإن المقاربة الأميركية تقول إن البيئة الحاضنة للحزب كانت شيعية ومسيحية ودرزية، فيما هي شيعية فقط اليوم، وهو انتصار مهم في المرحلة الأولى من الحصار التي يفترض أن تتبعها ثانية وثالثة.

محاولة فرنسية للالتحاق بواشنطن والرياض في لبنان

بعد فشل سياستها في لبنان، تبدو باريس في مراجعة رئاسية ومحاولة الالتحاق بسياسة الرياض وواشنطن اللتين لا تزالان عند المربع الأول في تشخيص الأزمة وتحديد مواصفات المعركة الرئاسية والرئيس العتيد

يبدو السباق جدياً بين تصاعد مؤشرات التصعيد الداخلي بكثافة والمحاولات الخارجية لاحتواء التوتر اللبناني، عبر إجراء الانتخابات الرئاسية. لكن السقف الأساسي الذي لا يزال يتحكم بمجريات السعي الخارجي، الدفع «لبنانياً» لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، معطوفاً على ترتيب الأوضاع المالية بما تيسّر من عناصر أساسية من أجل تقطيع وقت التصعيد الدولي، وليست حرب أوكرانيا وحدها التي يشار إليها، بل أيضاً الملف النووي الإيراني والموقف الإسرائيلي منه، في انتظار حلول طويلة الأمد.

منذ الاتفاق السعودي – الإيراني، ثمة محاولات لترجمته لبنانياً، عبر إيحاءات وسيناريوهات تتعلق بسبل تطبيقه على الساحة اللبنانية. والاجتهادات في هذا المجال متناقضة، بحسب هوية القوى السياسية سواء المتحالفة مع السعودية أو إيران. في المقابل تتجه وقائع غربية إلى التعامل معه وفق معايير مختلفة تتعلق بدور الصين والعامل النفطي المؤثر في مجال العلاقة مع السعودية، وأهمية موقع اليمن في الاتفاق، والخطوات العملانية المنتظر ترجمتها خلال الشهرين المقبلين، ونظرة إسرائيل، على رغم تخبطها الحالي، إلى إيران النووية ودور السعودية في المنطقة، وهي المتجهة إلى خطوات عملانية في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد. من هنا، تصاعد المنحى الغربي، الأميركي في غالبيته، في قراءة الاتفاق بواقعيته، من دون القفز فوق الدوائر الأميركية المطلعة حكماً على مختلف جوانبه مسبقاً. هذه الواقعية تحتم لبنانياً التعامل مع المداولات الإقليمية على قدر أهميتها للدول المعنية بها.

يحتاج الأمر بالنسبة إلى لبنان كثيراً من التدقيق في المعطيات الأميركية والفرنسية والسعودية، ليس في ما يتعلق بالاتفاق الإقليمي، بمعناه المباشر، بل بالتفسيرات التي تعطى للوجهة الحقيقية لسياسة العواصم الثلاث تجاه لبنان، قبل الاتفاق وبعده، انطلاقاً من الانتخابات الرئاسية.
من الصعب على قوى سياسية لبنانية الاقتناع بأن اللقاء الخماسي في باريس كان نقطة تحول أساسية انعكست أولاً بأول على باريس قبل بيروت. هذا الأمر لم تكن له علاقة بالاتفاق الذي كانت تعد له السعودية بعلم واشنطن، لأن باريس قفزت سريعاً فوق استنتاجات سياسية في بيروت وباريس على السواء أوصلتها إلى حائط مسدود، وانعكست على فريق الإليزيه تخبطاً ظهر تدريجاً في محاولات احتواء سلبيات اللقاء الخماسي وما خرجت به ديبلوماسيتها في بيروت من توقعات مغلوطة أعقبتها توضيحات. من هنا جاء اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ليعكس خلاصة مستجدة في سياسة فرنسا مبنية على اقتناع بأخطاء ارتكبت وتجاوزات في فرض إيقاعات ورسم سيناريوهات غير مستندة إلى وقائع عملية، لم تكن السعودية ولا واشنطن موافقتين عليها. وعلى رغم أنها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها باريس إظهار أنها تسير وراء السعودية وسياستها في لبنان، إلا أن الأسابيع الأخيرة، في عز انشغال الإليزيه بمشكلات فرنسا الداخلية الحادة، أظهرت حجم الفشل الذي منيت بها الاستراتيجية الرئاسية في مقاربة ملف الرئاسة اللبنانية، ما حتم مقاربة مختلفة ومحاولة لاحتواء التعثر الفرنسي، والسعي مرة أخرى إلى التقرب من الرياض ومجاراة سياستها في لبنان.

فشل كبير منيت به باريس في مقاربة ملف الرئاسة ما حتم السعي إلى مجاراة الرياض

لم يكن الأمر يحتاج إلى زيارة الديبلوماسية الأميركية باربرا ليف إلى لبنان لكشف واقع المسارين المختلفين في رؤية باريس وواشنطن تجاه الأزمة اللبنانية بشقيها الرئاسي والسياسي. فواشنطن، بخلاف باريس، لا تزال عند موقفها الأول وغير الملتبس حيال تشخيص الأزمة ومواصفات الرئيس المقبل. لكن في الوقت نفسه ليس لديها بعد ما يمكن أن تقدمه للقوى «المعارضة» والحليفة التقليدية لها، ولا تستطيع أن تقدم تعهدات ووعوداً لا يمكن لها أن تفي بها في الوقت القريب. وهذه من الأسباب الرئيسية الحالية في تخفيف مظاهر الاصطفاف إلى جانب حلفائها. علماً أن هناك مفارقة يتحدث عنها سياسيون على اطلاع على مواقف أميركية معنية، هي هذا التحول الكبير لدى الدول الكبرى الراعية للقوى السياسية، إذ تظهر باريس راعية للثنائي الشيعي، والسعودية راعية للقوى المسيحية المعارضة في غالبيتها، في غياب الدور السني، فيما تقف واشنطن في منطقة رمادية، تنتظر مزيداً من الوقت لبلورة الاتجاه الحاسم في التعاطي مع لبنان. لكنها في الوقت نفسه، تؤكد انسجامها مع الموقف السعودي في قراءة الوضع اللبناني وسبل معالجته. وهذا الموقف لا يزال على حاله، لم تغيّر فيه الاتفاقات الإقليمية حرفاً واحداً، على رغم أن هناك تمنيات لدى المعارضة وبعض القوى الرئيسية فيها، في أن يسهم الاتفاق في تخفيف حدة الانقسام الرئاسي، الأمر الذي يترجم التقاء بين المعارضين والثنائي حول اسم توافقي يسهل انتخابات الرئاسة. فالأميركيون والسعوديون يحثون على إجراء الانتخابات لبنانياً لأن «الوضع الداخلي لم يعد يحتمل في لبنان مزيداً من التوترات والخشية من انفجار اجتماعي». وتحذير صندوق النقد الدولي واحد من المؤشرات الدولية الأبرز أخيراً. لكن هذه الخشية لم تبدل في تعاطي السعودية مع محاولات فرض إيقاع فرنسي بـ «إيحاء لبناني بحت»، نحو تسوية ومقايضات رئاسية وحكومية. وهذا ما أدركته باريس بعد تأخر أسهم في تعميق الأزمة الداخلية. وكل من له صلة بدوائرها اليوم يتحدث عن متغيرات حديثة في مقاربة الملف الرئاسي والعلاقة مع السعودية، لا سيما بعد فشل اللقاء الخماسي في منحاه الفرنسي. والأمر نفسه ينسحب على واشنطن التي وإن كان لديها مع السعودية مرشحون لهم الأفضلية، إلا أنهما اليوم في مرحلة انكفاء عن التسمية المباشرة، قبل نضوج ظروف المنطقة بكل تلاوينها من إسرائيل إلى إيران، كي يمكن السير بتسوية كبرى. على عكس المغامرة الفرنسية المتسرعة في فرض تسوية مجتزأة من فوق. لكن الطرفين لا يزالان يعتبران أن لدى اللبنانيين فرصة حقيقية للسير بالانتخابات محلياً وفق قواعد مدروسة تسهم في وقف النزف الحالي اقتصادياً واجتماعياً، وحينها قد تمنح لها المظلة السعودية – العربية والدولية المطلوبة.

اللواء:

الاحتقان ينفجر باللجان.. والشارع غداً للمتقاعدين بحثاً عن المعاشات «الضائعة»!

بري يُطوِّق الإشكال بين الجميل وخليل.. و«التغييريون» يتهمون «القوات» بأنها جزء من المنظومة

صحيفة اللواءما كادت الاتصالات التي شارك في قسم بارز منها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تحتوي «الإشكال الكلامي» العنيف بين معاونه السياسي النائب علي حسن خليل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، على خلفية نقاش دار داخل أروقة اجتماع اللجان النيابية المشتركة لتوفير ما يلزم من أموال (قدرت بـ8 ملايين دولار) لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، بعد التمديد لمجالسها العام الماضي، حتى تحضرت الساحة لاشتباك، ربما على الارض، ودامٍ هذه المرة، بين موظفي ومتقاعدي القطاع العام، الذين اعدت المالية تحويلات رواتبهم عبر المصرف المركزي، الى المصارف التجارية، التي ما زالت تقفل ابوابها، على الرغم من تعليق الاضراب، من دون رفعه نهائياً، على ان تصرف اليوم على سعر صيرفة المعتمد في اليوم ذاته، اي 90٫000 ل.ل. لكل دولار أميركي.
قوبل هذا التطور، بردود فعل غاضبة من حراك العسكريين المتقاعدين، والمجلس التنسيقي لقدامى موظفي الدولة، وسط دعوات لرفض قبض الرواتب والمعاشات على سعر صيرفة 90 ألفاً، والتي لم تعد تعادل شراء شيء ناهيك عن الخدمات من كهرباء وماء وبعض من محروقات، مع تأكيد العسكريين على النزول الى الشارع غداً للاعتصام والتظاهر وسط بيروت وقبالة السراي الكبير.
وأعلن المجلس التنسيقي لمتقاعدي القطاع العام النزول الى الشارع لإيصال رسالة واضحة، من زاوية ان الحلول ليست قريبة للأزمة، للمطالبة بسعر صيرفة للدولار على 28500 ل.ل. لمعاشات المتقاعدين والعاملين في الخدمة، ودعم تعاونية موظفي الدولة وصندوق تعاضد اساتذة الجامعة اللبنانية، والتأكيد على التمسك بالحقوق «ولن نترك عائلاتنا تجوع، ومرضانا يموتون على أبواب المستشفيات».

التخبط سيد الموقف

وسط هذه التداعيات الحياتية الخطيرة، فضلاً عن التعثُّر النيابي في مقاربة أبسط المسائل من التشريع الى مناقشة اقتراحات القوانين الى انتخاب رئيس، بدا الواقع الداخلي ممعن في التخبط على وقع استعادة خطيرة للخطاب المذهبي، وتدني التخاطب بين النواب أنفسهم، الذي يترتب عليه ان يكونوا القدوة في العمل والسلوك على حدّ سواء.
ولفتت أوساط مطلعة لـ«اللواء» الى أن المعطيات بشأن الملف الرئاسي لا تزال غير واضحة وإن الحراك الخارجي بشأنه لم يستقر على مشهد ما، معتبرة ان الواقع الداخلي في المقابل يشهد تخبطا واستعادة للغة مذهبية.

‎وأوضحت هذه الأوساط أن الاشتباك السياسي متواصل ولن يتوقف وإن تدخلات من هنا وهناك تحول دون تفجير الوضع كما جرى مؤخرا، مؤكدة في الوقت نفسه ان الفوضى المالية تفرض نفسها من دون بوادر حل، حتى أن لا معلومات عن استئناف حكومة تصريف أعمال اجتماعاتها للبت في القضايا الملحة مع العلم ان الرئيس نجيب ميقاتي بدا واضحا في البيان الذي تلاه وإقراره بالأعباء التي تحاصره. ودعوته إلى انتخاب رئيس للبلاد في اقرب وقت ممكن.

واعتبرت مصادر سياسية ان السبب الاساس لتوتير الاجواء السياسية، لاي خلاف كان، على النحو الذي يشهده لبنان حاليا، هو حالة الفراغ السياسي والسلطوي جراء عجز الطبقة السياسية عن انتخاب رئيس للجمهورية، والتداعيات السلبية على باقي مؤسسات الدولة واداراتها، وتوقع مزيدا من التوترات والاشتباكات بين الاطراف السياسيين، لاي سبب كان، اذا استمرت مرحلة الفراغ الرئاسي لوقت أطول.

وقالت المصادر ان استسلام الطبقة السياسية برمتها للوضع القائم حاليا، وعجز اي زعيم او مسؤول سياسي عن تقريب القيادات من بعضهم البعض، كما كان يحدث خلال الازمات والظروف المفصلية التي مرت على لبنان في العقود الماضية، ظهر وكأنه لا يمكنها القيام بأي حراك جدي وفاعل باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، وترك الامور على مسؤولية الخارج، أكان فرنسا او اي دولة عربية اوغيرها، زاد من اهتراء الوضع السياسي والسلطوي العام، وترك مصير البلد في المجهول، ومصالح اللبنانيين في مهب الريح.

واشارت المصادر الى انه مهما كان الخارج حريصا على مساعدة لبنان لتخطي ازمته، ولكنه يهتم بحل مشاكله اولا كما هو ملاحظ، بينما يبقى الوضع في لبنان وحل ازمته، على مسؤولية اللبنانيين انفسهم.

ولاحظت المصادر ان هناك اهتماما لاعطاء دفع لعملية انتخاب رئيس للجمهورية من قبل الدول الشقيقة والصديقة للبنان، كما يظهر من خلال البيانات والمواقف الصادرة عنها، الا ان تحقيق مثل هذه التمنيات، ينتظر حل المشاكل والازمات المتعلقة بهذه الدول.

ترتيبات الاعتذار

إثر نقل ما جرى الى الرئيس بري، عبر نائبه إلياس أبو صعب، وبعد ان وضع النائب الجميل المسألة في عهدة رئيس المجلس، أجرى الاخير اتصالاً هاتفياً برئيس الكتائب، وقف على خاطره، رافضاً ما حصل، وطلب من ابو صعب استكمال مساعيه مع الجميل، الذي وافق على اتصال اعتذار من النائب خليل، الذي اوضح انه تأكد ان الكلام الذي سمعه بحقه واتهامه «بالمجرم»، لم يصدر عن رئيس حزب الكتائب، مؤكداً احترامه للنائب الجميل وحزب الكتائب، وكان ابو صعب حاضراً خلال مصالحة الاتصال.

اللجان المشتركة… يوم صدامي

وفي الوقائع التي سبقت، شهدت جلسة اللجان المشتركة خلافاً حاداً بين بعض النواب كاد ان يتطور لولا تدخل عدد من النواب لضبط الامور. فمع بدء الجلسة، علا الصراخ من داخل الهيئة العامة بسبب سجال بين النائبين ملحم خلف وغازي زعيتر على خلفية دعوة خلف لانتخاب رئيس جمهورية. فما إن دعا خلف النواب إلى انتخاب رئيس جمهورية حتى ردّ عليه زعيتر معتبراً كلامه «مش بالنظام». وارتفع سقف النقاش بين النائبين، وقال زعيتر للنائب بولا يعقوبيان، «شو هالبضاعة»، وتوجّه لخلف بالقول «كول.. أنت متل صباطي».

ولاحقا، وقع نقاش حاد خلال الجلسة بين النائب الجميّل والنائب خليل بسبب رفض خليل استخدام اموال حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي لتمويل الانتخابات، وقد اعتبر الجميل أن هذه أموال ليست لتمويل الانتخابات البلدية والاختيارية وأنها بحاجة إلى قانون خاص، فرد خليل: هناك رئيس حزب اعتبر أن هذه الأموال يمكن أن تموّل الانتخابات البلدية (وهو هنا كان يقصد رئيس حزب القوات سمير جعجع).

لكن الجميل اعتبر انه هو المقصود فقال: أنا الوحيد رئيس حزب هنا وأنت تقصدني، وهذا الكلام ليس مقبولاً، كما لا يحق لك التكلم بذلك.

أجاب حسن خليل: لا اقصدك بل اقصد شخصاً آخر.

فرد الجميل: أنت اصلاً مطلوب إلى العدالة وأنا لا أرد عليك.

فردّ خليل بانفعال قائلاً: أنت بتسكت.. أنت مجرم إبن مجرم.

ورفعت جلسة اللجان المُشتركة من دون اقرار أي بند.

وقد عقد الجميّل مؤتمراً صحافياً أكد فيه أن ما حصل خطير ومسّ بمقدسات ولن يمرّ. وقال: جئنا لنؤكد أن عدم حصول الانتخابات البلدية والاختيارية سيؤدي الى فوضى كبيرة في البلد، لافتا إلى أن هناك مئة طريقة للحكومة لإجراء الانتخابات البلدية وأعطينا امثلة ان مصرف لبنان يصرف يومياً 27 مليون دولار لمنصة «صيرفة» ولتهدئة سعر الصرف. هناك عدد من الطرق للتمويل خصوصًا ان المبلغ المطلوب هو 8 مليون دولار وهو ربع ما يدفعه مصرف لبنان يومياً.

وأكد أننا جئنا لحماية هذا الاستحقاق البلدي والاختياري لأن موقفنا ان المجلس هو هيئة ناخبة لا يحق لها التشريع والمسؤولية تقع على الحكومة التي لا يمكنها ان تؤمن تمويلاً للانتخابات البلدية فيما تجد تمويلا لأمور اخرى.

مضيفًا: لكن حصل شيء بهذه الجلسة التي شهدت منذ بدايتها توترات، ولن أدخل في تفاصيل ما حصل وسأضعه بعهدة الرئيس بري لنرى كيف سيتعاطى مع الأمر. إن أفصحت عمّا حصل سأكون مساهماً بفتنة يريد البعض جرّ البلد إليها وهذا ما لا نريده، من هنا لن أتحدث عما حصل خلال الجلسة والذي كان يمكن أن يأخذ البلد الى مكان آخر.

وتابع: تسجيل ما حصل في الجلسة موجود، أي ما قلته وما قاله الزملاء، وأدعو الرئيس بري لأخذ التسجيل والاستماع إليه وإن كان سيعتبر ان ما حصل يمرّ فنكون امام مشكلة كبيرة لن يقبل بها أحد. اكرر أن التسجيلات موجودة ولم أتوجّه لعلي حسن خليل بأنه مطلوب للعدالة.

في المقابل، رد حسن خليل بالقول: للأسف هناك جهات لأسباب عديدة تصرّ على تعطيل المجلس النيابي ورفض عقد جلسات تشريعية. والانفعال الذي تكلّم عنه أحد الزملاء هو ما يولّد ردّات الفعل وكان كلامي واضحاً إذ قلت نحن كمجلس نيابي لا نتحمّل مسؤولية سحب الأموال من صندوق النقد الدولي، وإذا أحد رؤساء الأحزاب اقترح ذلك فليتحمل هو المسؤولية.

واوضح انه قصد بكلامه سمير جعجع بتصريحه عن سحب الاموال من صندوق النقد وليس سامي الجميل، ولكن رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميّل أصرّ أنّه هو المقصود وتكلّم معي بلغة تخطّت لغة الزمالة، فاستحقّ ردّة فعلي ليعلو الصراخ في المجلس.

وقال: لن أقبل بأن يكون هناك أيّ مسّ بكرامتنا تحت أي شكلٍ من الأشكال، أننا لن ننجر إلى خطاب الإنقسام في البلد. أنّ «حركة أمل» حركة قاتلت من أجل وحدة لبنان وما زالت تُناضل، وهي الحريصة على السلم الأهلي بعكس جهاتٍ رفعت شعار «لكم لبنانكم ولنا لبناننا» بسبب «الساعة».

وعلّق أمين سرّ كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن على الخلاف الذي شهدته الجلسة وقال: إنَّ ما حصلَ في الجلسة كان صادماً والواقع في البلد خطير اذا ما استمر على هذا النحو والمطلوب ان يعلو صوت العقل في عين العاصفة.

أبو الحسن أكّد أنَّ «ما قام به رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي وليد جنبلاط و«اللقاء الديمقراطي» من محاولة لضبط الأمور قد نكون نجحنا بها ولكن مازالَ الجو محتقناً، داعياً الى تنفيس هذا الإحتقان.

وختمَ أبو الحسن متسائلاً: إذا الشارع توّتر فعلى المسؤول ضبطه ولكن عندما يتوّتر المسؤولون فمن يضبط المسؤول والشارع؟ مؤكدّاً أنَّ «ما حصل مخيّب للآمال ودعوتنا الى كلّ الفرقاء للعودة الى الحكمة والتروي والتعقّل والمنطق والحرص على المصلحة الوطنية.

وفي سياق السجالات، فبعد هجوم شنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على النائبين حليمة قعقور وابراهيم منيمنة، ردّ النائبان على جعجع، بتذكيره ان القوات جزء لا يتجزأ من المنظومة التي خربت لبنان.

جنبلاط في فرنسا

الى ذلك وفي حين لم يحصل جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي، لم يظهر شيء بعد حول لقاءات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في باريس، لكن مصادر الحزب قالت لـ«اللواء» انه قد يعود الخميس او الجمعة الى بيروت وتتضح كل الامور في وقتها.

وأكد أمين سر الاشتراكي ظافر ناصر ان زيارة جنبلاط الى فرنسا ستشهد اكثر من لقاء لعدد من المعنيين، مشيرا الى ان جنبلاط يجري تشاوراً مستمراً مع القيادة الفرنسية من اجل البحث عن مخرج للأزمة اللبنانية.

الشامي: هذا ما نخشاه

على الصعيد الاقتصادي، صدر عن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي بيان ال فيه: حذَّرت بعثةُ صندوق النقد الدولي إبّان زيارتها لبنان أنه، في غياب الإصلاحات الضرورية التي تَمَّ الاتفاق عليها مع الصندوق على صعيد الموظفين، سيدخل لبنان في أزمة عميقة لا أفق زمنيا لها. كما كنّا نحن نُحذِّر تكرارا ولا نزال، من على منابر عدة ومن داخل مجلس النواب، من خطورة الوضع ولكن صوتنا لم يلقَ آذاناً صاغية، فعسى أن يكون صوتُ الصندوق أكثر وقعاً.

اضاف: لقد أعدَّت الحكومة برنامجاً اقتصادياً ومالياً تم الاتفاق عليه مع الصندوق، وكذلك خطة مفصلة وموسعة مستوحاة من هذا الاتفاق أُرسلت إلى مجلس النواب في التاسع من أيلول الفائت. فمن المستغرب أن بعض السياسيين من مشاربَ مختلفة، ما زالوا يدّعون جهاراً أنَّ ليس للحكومة أية خطة، إذ في ذلك استخفاف بأمور ذات أهمية بالغة وتداعيات على مسيرة الإصلاح، بل على مصير البلد.

وتابع: توصّل لبنان إلى اتفاق مع الصندوق قبل سنة، ولم ينجز إلا القليل من الإجراءات المُتفق عليها. إن عدم القيام بهذه الإصلاحات من قبل المسؤولين أينما وجدوا يقوّضّ صدقية لبنان ويزيد صندوقَ النقد تصلّباً في مواقفه ورفضا لقبول أفكار جديدة، حتى لو لم تكن متعارضة بشكل جوهري مع مذكرة التفاهم. لبنان بحاجة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي لنكسب بعضا من المرونة بالتعامل مع لبنان. المرونة من قبل الغير تتطلب صدقية من قبلنا.

وقال: في ضوء التعثّر الحاصل، أسهبَ البعضُ بالاستنتاج أن الصندوق سينسحب من الاتفاق مع لبنان، وها هو الصندوق يؤكد انه ملتزم بمساعدتنا، ولكن الخوف، كل الخوف، هو أن ننسحب نحن من الاتفاق فعلياً بحكم التلكؤ الحاصل في تنفيذ الإجراءات.

وتابع: المراوغة في تطبيق الإصلاحات قد يؤدي بنا إلى مزيد من المأسوية. فالضوء في نهاية هذا النفق الطويل يخفت شيئا فشيئا ويكاد ينطفئ. في ظل وجود حكومة تصريف أعمال، وعندما يُفقد الأمل، قد يضطر المسؤول الى الانكفاء بعدما قدَّم كل ما في حوزته وينتقل إلى الظل حتى لا يكون شاهد زور على الانهيار الحاصل.
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 82 اصابة جديدة بفايروس كورونا وحالة وفاة واحدة.

البناء:

باريس بعد تل أبيب: الحكومة تعجز عن احتواء الشارع… والانفجار الكبير وراء الباب

اتصالات سعودية صينية إيرانية لتزخيم مسار التفاهمات… وقلق أميركي من البوابة السورية

بعد تراجع ميقاتي أمام بكركي… خليل يعتذر من الجميل: الفتنة نائمة ولن نمنح فرصة لإيقاظها

كتب المحرّر السياسيّ

البناءشهدت باريس والعديد من المدن الفرنسية ما وصفته وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية بأضخم حشد شعبي معارض في حال احتجاج، قالت الشرطة إنه خارج عن قدرتها على السيطرة، رغم حشد آلاف العناصر. وألقت الحكومة بلسان وزارة الداخلية اللائمة على من وصفتهم بعناصر اليسار المتطرف لأخذ الاحتجاجات نحو العنف، وفيما قدرت الشرطة عدد المشاركين في كل المدن الفرنسية بأقل من مليون متظاهر، قال المنظمون إن باريس وحدها شهدت مشاركة نصف مليون متظاهر وإن العدد الإجمالي في كل فرنسا فاق المليونين، بينما أجمعت وسائل الإعلام على اعتبار رقم وزارة الداخلية كافياً للقول بأن فرنسا تواجه مرحلة صعبة، طالما أن الحوار والتفاوض حول مطالب المتظاهرين ليس على طاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته، وتأتي مخاطر الانفجار الكبير الذي تتوقعه التجمّعات النقابية التي تقود الاحتجاجات ومن خلفها أحزاب الوسط التقليدي واليسار واليمين، فيما يقف يمين الوسط والليبراليون وحدهم وراء الرئيس ماكرون وحكومته. ويتلاقى المشهد الفرنسي مع مشهد الشارع في كيان الاحتلال حيث لم تمنح الهدنة التي أطلقها رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو بتجميد السير بتعديلات النظام القضائي، الأمل بحلول تقول المعارضة إنها لا تثق بأن نتنياهو صادق في البحث عنها، ما يعني أن شهر أيار ربما يكون شهر الانفجار الكبير في تل أبيب وباريس معاً.

في المنطقة تزاحمت الاتصالات على خطوط بكين والرياض وبكين وطهران وطهران والرياض، للتأكيد على السير سريعاً وبزخم لتفعيل بنود التفاهمات التي تضمنها الاتفاق الموقع في بكين، التي أبدت استعدادها للمساهمة حيث يلزم. وبقدر ما يبدو السعي لتنشيط الاتصالات الخاصة بإنهاء الحرب في اليمن الموضوع الأول والتحدّي الأول للاتفاق، تبدو الحلقة السورية الترجمة الأسرع للانفراج، والمصدر الأول للإزعاج، الانفراج سوري سعودي بدعم صيني إيراني روسي، والانزعاج أميركي عبرت عنه واشنطن مراراً وأعادت تأكيده أمس، بأنها لا تشجع على أي تحسين لمستوى العلاقات مع الحكومة السورية، ومثلما حاولت الغمز من قناة السعودية بحديثها عن الاتفاق الإيراني السعودي مرفقاً بالإعلان عن إيقاف سفن ايرانية تنقل السلاح الى اليمن، أرفقت كلامها عن التحذير من الانفتاح على سورية بإعلان عقوبات على سوريين ولبنانيين قالت إنهم يتولون التجارة بالمخدرات التي تشكل السعودية وجهتها.

لبنانياً، يبدو الوضع القلق طائفياً وما يرافق الانسداد السياسي والرئاسي على موعد كل يوم مع مناسبة جديدة، فلم يكد إعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن التراجع عن قرار اعتماد التوقيت الشتوي حتى نهاية شهر رمضان منعاً لمناخ الفتنة بعدما وقفت بكركي في صف التمرد على القرار وأعلنت السير بالتوقيت الصيفي، حتى كاد سجال نيابي في اجتماع اللجان المشتركة في مجلس النواب، تشهد الاجتماعات النيابية مثله وأكثر ولا يتوقف أمامه أحد، أن يتحول الى عنوان طائفي تحت شعار المسّ بالمقدسات، كما قال النائب سامي الجميل عن الكلام الذي وجّهه اليه النائب علي حسن خليل، ورغم إيضاح الجميل أن المقدسات التي قصدها ليست طائفية بقي التوتر السياسي والطائفي يتعاظم على وسائل التواصل الاجتماعي، ما استدعى بمبادرة من نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب، وبمباركة رئيس المجلس نبيه بري، اتصال النائب خليل بالجميل والاعتذار منه، منعاً لمنح الفتنة النائمة أي فرصة للاستيقاظ،، وإجهاض أي محاولة للعبث إن كان أحد يريد إيقاظها، كما علق مصدر نيابي.

وبعد انحسار عاصفة الجنون التي هبّت على خلفية الخلاف على التوقيت ووضعت مصير البلاد والعباد على ساعة الانفجار الطائفي، يبدو أن الجمر لا زال تحت الرماد، حيث انتقلت الأجواء الطائفية الى مجلس النواب بإشكال كبير بين النائبين علي حسن خليل وسامي الجميل كاد أن يفجّر البلد من جديد لولا تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائبه الياس بوصعب لاحتواء الموقف.
وفي التفاصيل أنه مع بدء الجلسة، علا الصراخ من داخل الهيئة العامة بسبب سجال بين النائبين ملحم خلف وغازي زعيتر على خلفية دعوة خلف لانتخاب رئيس جمهورية. فما إن دعا خلف النواب إلى انتخاب رئيس جمهورية حتى ردّ عليه زعيتر معتبراً كلامه «مش بالنظام». وارتفع سقف النقاش بين النائبين، وتبادل النواب الشتائم والكلام النابي. ثم تبعه نقاش حادّ خلال الجلسة بين رئيس حزب الكتائب والنائب علي حسن خليل على خلفية الخلاف حول ملف الانتخابات البلدية وقد عقد الجميّل مؤتمرًا صحافيًا أكد فيه أن ما حصل خطير ومسّ بمقدسات ولن يمرّ. قال «جئنا لنؤكد أن عدم حصول الانتخابات البلدية والاختيارية سيؤدي إلى فوضى كبيرة في البلد»، لافتاً إلى أن «هناك مئة طريقة للحكومة لإجراء الانتخابات البلدية وأعطينا أمثلة ان مصرف لبنان يصرف يومياً 27 مليون دولار لمنصة صيرفة ولتهدئة سعر الصرف».

في المقابل، رأى خليل أنّ «للأسف هناك جهات لأسباب عديدة تصرّ على تعطيل المجلس النيابي ورفض عقد جلسات تشريعية». وأضاف من مجلس النواب: «الانفعال الذي تكلّم عنه أحد الزملاء هو ما يولّد ردّات الفعل وكان كلامي واضحًا إذ قلت نحن كمجلس نيابي لا نتحمّل مسؤولية سحب الأموال من SDR وإذا أحد رؤساء الأحزاب اقترح ذلك فليتحمل هو المسؤولية».
وتابع «قصدت جعجع بتصريحه عن الـSDR منذ يومين ورئيس «الكتائب» النائب سامي الجميّل أصرّ أنّه هو المقصود وتكلّم معي بلغة تخطّت لغة الزمالة فاستحقّ ردّة فعلي ليعلو الصراخ في المجلس». وأكد أن «لن أقبل بأن يكون هناك أيّ مسّ بكرامتنا تحت أي شكلٍ من الأشكال»، موضحًا «أننا لن ننجر إلى خطاب الانقسام في البلد». وشدد خليل على أنّ «حركة «أمل» حركة قاتلت من أجل لبنان وما زالت تُناضل وهي الحريصة على السلم الأهلي بعكس جهاتٍ رفعت شعار «لكم لبنانكم ولنا لبناننا» بسبب «الساعة».

وأكدت مصادر نيابية ومجلسية لـ«البناء» أنه لم يحصل أي تضارب بين النواب في الجلسة، بل علا الصراخ والسجال بين خليل والجميل على خلفية بعض الملفات الخلافية بين الطرفين، وهذا طبيعي أن يحصل في ظل أجواء الاحتقان في البلاد والانقسام حول ملفات كثيرة. وشدّدت المصادر على أن أكثر من نائب خرج وأكد بأنه لم يحصل أي تضارب، مبدية استغرابها مسارعة بعض وسائل الإعلام بنقل أخبار مغلوطة تساهم في النفخ بالفتنة.

وتدخل الرئيس بري لاحتواء الموقف، وكلف بوصعب ايجاد المخرج المناسب لسحب فتيل الأزمة وتجنب أي تداعيات، وكشف بوصعب «أنني تواصلت مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وأطلعته على تفاصيل ما حصل، فبادر بعدها مباشرة برّي واتصل برئيس حزب «الكتائب» اللبنانية سامي الجميل»، مؤكداً له «حرصه على معالجة ما حصل». وعلى أثر هذه الاتصالات، زار بو صعب مقرّ حزب الكتائب في الصيفي حيث اجتمع مع الجميل واتفق معه على طريقة معالجة الموضوع.

في هذا السياق، أجرى النائب خليل اتصالاً بالجميل بصفته رئيس حزب الكتائب معتذراً منه على الكلام الذي صدر عنه، مؤكداً «كامل احترامه للجميل ولحزب الكتائب».

وكانت السجالات اندلعت خلال جلسة اللجان المشتركة لمناقشة ملف الانتخابات البلدية والاختيارية وسط خلاف حاد بين الكتل النيابية حول هذا الموضوع، ووفق ما تشير مصادر نيابية مشاركة في الجلسة لـ«البناء» الى أن المشكلة في إجراء الانتخابات التمويل والقدرة اللوجستية، وهناك احتمالان: أو تمويلها من نقل اعتماد إضافي من احتياط الموازنة لصرفه وفق قاعدة الاثنتي عشرية. وهذا اقتراح النائب علي حسن خليل أو من حق السحوبات من صندوق النقد الدولي، لكن الاقتراح الأول أي نقل الاعتماد على موازنة 2022 وليس 2023 ولا قانون تشريعي يجيز الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية.

وتؤكد مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» الى أن التيار مستعدّ لحضور جلسة تشريع لموضوع الانتخابات البلدية للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية»، لكن القوات اللبنانية وفق مصادرها ترفض هذا الأمر.

وتكشف المصادر النيابية لـ«البناء» الى أن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل لم يقدم أي دراسة مالية تبين قدرته للتمويل ولا على توقيعه على حقوق السحب الخاصة، فيما وزير الداخلية لم يقدم خطة أمنية ولوجستية وقانونية لكيفية إجراء الانتخابات».

وتشير مصادر إعلامية الى أن «حكومة تصريف الأعمال يمكنها تأمين التمويل اللازم للانتخابات البلدية مثلما فعلت في ملف جوازات السفر، وكما تفعل في مواضيع عدة». وذكّرت بأن «وزير الداخلية لا يزال بصدد دعوة الهيئات الناخبة في 3 نيسان حرصاً منه على الالتزام بالمهل القانونية».

في الشأن الرئاسي، لم يسجل أي جديد، ودعت مصادر كتلة التنمية والتحرير أطراف المعارضة الى الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية طالما أنهم اتفقوا على «الساعة»، موضحة لـ«البناء» أنه عندما تتقدّم ترشيحات جدية ويرى الرئيس بري مرشحين جديين ويعلن رئيس المردة سليمان فرنجية رسمياً ترشيحه سيدعو بري الى جلسة «وصحتين عاللي بيربح»، وأضافت: «فليرشح النائب جبران باسيل ورئيس القوات سمير جعجع مرشحاً أو فلتتفق المعارضة على ترشيح النائب ميشال معوّض ويعلن فرنجية ترشيحه ولينزل الجميع إلى المجلس النيابي للتصويت». كما بيّنت المصادر أن «الثنائي أمل وحزب الله داعم لترشيح فرنجية وليس مرشحه. وهذا الثنائي دعا الى التوافق على فرنجية على قاعدة الحوار، وليس فرضه على الآخرين».

الى ذلك، يواصل رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط والوفد المرافق لقاءاته في باريس مع المسؤولين الفرنسيين، وأشارت أوساط في الحزب الاشتراكي لـ«البناء» الى أن «وفد الاشتراكي لا يزال في باريس وسيعود اليوم وبانتظار وصوله لمعرفة نتائج الزيارة والاتجاه الدولي لا سيما الفرنسي السعودي باتجاه لبنان»، وأوضحت أن «الزيارة تشاورية مع القيادة السعودية واللقاء مع المعنيين بالشأن اللبناني».

ولفتت الى أن «الأمور حتى هذه الساعة مقفلة ولا بادرة إيجابية إلا إذا أثمر الاتصال بين الرئيس الفرنسي والأمير محمد بن سلمان، لكن لا يمكن الركون اليه لتأكيد حصول خرق إيجابي قريب قبل تلمّس نتائجه على الأرض»، وشدّدت على أن جنبلاط «لم يطرح مبادرة جديدة وهو متمسك بطرحه السابق بطرح ثلاثة أسماء للتوافق، ولكنه منفتح على النقاش ويؤكد بأن لا يمكن مقاربة وإنجاز الملف الرئاسي من دون تسوية». ولفتت الى أننا «نتواصل مع مختلف الأطراف أكان في المعارضة وفي فريق الثنائي لكن التوافق هو الحل للأزمة»، مشددة على أن «السعودي لا يزال على موقفه من الرئاسة».

وأكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أن «لا أحد في لبنان يستطيع أن يدير شؤون البلد من موقعه الطائفي على حساب بقية المكونات، ولا أحد يطمح لذلك على الإطلاق، كلنا نطلب شراكة ونسعى من أجل أن تكون الشراكة حقيقية قائمة على الاحترام المتبادل والمواطنية الصادقة وعلى عدم التمايز والتمييز بين المواطنين».

ورأى رعد، في كلمة له أنه «ليس هناك خيار ولا حل ولا طريق للخروج من مأزق الفراغ الرئاسي إلا بالتفاهم الوطني. نحن نمدّ أيدينا ولا زلنا لهذا التفاهم حتى ننقذ بلدنا وحتى نتجاوز الأزمة التي نحن فيها».

من جهته، دعا تكتل «لبنان القوي»، خلال اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل، حكومة تصريف الأعمال، الى «البتّ سلباً أم إيجاباً بموضوع الانتخابات البلدية والاختيارية والتوقف عن رمي المسؤولية على غيرها»، سائلاً «هل تتوفر للحكومة المستلزمات المادية واللوجستية والتقنية لإجراء الانتخابات؟ فإذا كان الجواب نعم فلتقدم الحكومة على إجرائها في موعدها بشكل لائق وديمقراطي ومن دون أي إشكالات. وإذا كان لا، فلتصارح الناس ولتعلن بجرأة أن الأوضاع والظروف المتعلقة بالانتخابات لا تسمح بإجرائها وبالتالي فلتطلب ما تحتاجه من مجلس النواب، إذ لا يجوز دعوة الهيئات الناخبة من دون تأمين الاعتمادات والإمكانات واتخاذ الإجراءات اللازمة على ما خلصت إليه اليوم اللجان النيابية المشتركة».

أوضح التكتل، في بيان، أنه «سبق له أن نبّه مراراً الى خطورة المخالفات بعقد مجلس وزراء من دون أي مبرر طارئ او ضرورة قصوى، وللعلم فإن ميقاتي يوقع منفرداً ما يسمّيه موافقات استثنائية أي أنه يحلّ وحده مكان الحكومة ورئيس الجمهورية في قرارات تصدر عنهم، كما أنه يتخذ قرارات عشوائية عدة لها تبعات غير معلومة الأسباب والنتائج، كاتخاذ مجلس الوزراء، من خارج جدول الأعمال قراراً بالتعاقد مع حوالي ثمانمئة أستاذ مدرسة».

ورأى التكتل أن «ما حصل في اللجان المشتركة من تشنج دليل خطورة على ما وصلت إليه الأوضاع في البلاد مما يوجب التعقل وضبط الخطاب السياسي لمنع الانزلاق الى التحريض الغرائزي والطائفي الذي يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه»، معتبراً أن «عمل الحكومة المستهتر وغير الشفاف واضح في مجالات عدة، منها تلزيم إنشاء مبنى جديد في المطار من دون مناقصة واعتماد سعر متحرك للدولار الجمركي، وغيره من القرارات التي تظهر عشوائية حكومة تصريف الأعمال المبتورة في إدارة ملفات كبيرة وحساسة خلافاً للدستور وللقوانين».

على صعيد آخر، لفت نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي في بيان الى أن «بعثةَ صندوق النقد الدولي حذَّرت إبّان زيارتها لبنان أنه، في غياب الإصلاحات الضرورية التي تَمَّ الاتفاق عليها مع الصندوق على صعيد الموظفين، سيدخل لبنان في أزمة عميقة لا أفق زمنياً لها. كما كنّا نحن نُحذِّر تكراراً ولا نزال، من على منابر عدة ومن داخل مجلس النواب، من خطورة الوضع ولكن صوتنا لم يلقَ آذاناً صاغية، فعسى أن يكون صوتُ الصندوق أكثر وقعاً. لقد أعدَّت الحكومة برنامجاً اقتصادياً ومالياً تمّ الاتفاق عليه مع الصندوق، وكذلك خطة مفصلة وموسّعة مستوحاة من هذا الاتفاق أُرسلت إلى مجلس النواب في التاسع من أيلول الفائت. فمن المستغرَب أن بعض السياسيين من مشاربَ مختلفة، ما زالوا يدّعون جهاراً أنَّ ليس للحكومة أية خطة».
على صعيد آخر، فرضت الإدارة الأميركية عقوبات جديدة طالت كلاً من حسّان محمد دقّو، شركة حسّان دقّو ونوح زعيتر، إضافة الى عدد من الشخصيات السورية.

المصدر: صحف