تفعيل “نظام الهسباراه” للتأثير على الفلسطينيين – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

تفعيل “نظام الهسباراه” للتأثير على الفلسطينيين

كيان

بعد حرب إسرائيل على لبنان في العام 2006 قررت لجنة فينوغراد التي تولت التحقيق في إخفاق إسرائيل في الحرب، إقامة هيئة تتولى مهمة إدارة “الهسباراه” (الدعاية الإسرائيلية) ، وتم ذلك في العام 2007 عبر إنشاء “إدارة المعلومات الوطنية”، لكن مكاتب هذه الإدارة لم تكن تعمل في السنتين الأخيرتين، ولو كانت تعمل فإن ذلك لم يكن ليحل مشكلة الصلاحيات والمسؤولية التي باتت مقسّمة بين عدد كبير من الوزارات الإسرائيلية. كما أنّ إسرائيل لم تكن تستغل كل إمكانات الوسائل التكنولوجية الأساسية في جمع ونشر المعلومات .

وفي إطار الحديث عن إخفاق الكيان إعلاميًّا في حربه على غزة خلال معركة سيف القدس، أوضح المتحدث السابق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي رونين مانيليس خطة تتمثل في إنشاء مئات الآلاف من الحسابات على مواقع التّواصل الاجتماعي، مع عدم وجود أيّ إشارة عليها أنّها تتبع لإسرائيليين؛ مهمّتها نشر معلومات ورواية تكرّس شعور الهزيمة لدى الفلسطينيين، والنصر لدى الإسرائيليين. وأوصى بتنشيط دور الهيئات العاملة في مجال الدعاية والإعلام، وعلى رأسها نظام الهسباراه الوطني .
وبالإضافة إلى توصيات مجموعة دراسات أمنية، عقد نظام “الهسباراه” اجتماعًا في 28 ديسمبر 2021، لأوّل مرة منذ سنوات طويلة، وتم الاتفاق على تفعيل نشاطه من جديد، كجزء من استخلاص العبر بعد الإخفاقات الإعلامية والدعائية في سيف القدس. وفي العدوان الأخير على قطاع غزة في أغسطس 2022 فعّلت حكومة الاحتلال بشكل منهجي غير مسبوق “نظام الهسباراه” مع التركيز الشديد على وسائل التواصل الاجتماعي وتمرير الرسائل بواسطة وسائل إعلامية كبرى على اتصال بهذا النظام، وأيضا من خلال عدد كبير من الحسابات الوهمية .

آلية عمل “نظام الهاسباراه” للتأثير على الفلسطينيين خلال العدوان الأخير
1. التّنسيق بين جميع مصادر المعلومات وإصدار رسائل موحدة لجميع ممثلي الإعلام في إسرائيل
في مقابلة صحفية مع إسرائيل هيوم ، يروي رئيس جهاز المعلومات يور حييت كيف جرت معركة المعلومات خلال المواجهة القصيرة، إذ يؤكد على أهمية نظام المعلومات الوطني الذي تأسس عام 2007 كأحد الدروس المستفادة من حرب لبنان الثانية. والغرض منه هو التنسيق بين جميع مصادر المعلومات الرسمية وغير الرسمية في إسرائيل – من وزارة الخارجية والمتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، من خلال الوزراء والمسؤولين الآخرين، إلى صانعي الرأي العام على الشبكات الاجتماعية – وإنشاء سجلّ سريع للشّكل الموحد والمتماسك والقوي للخطاب. وبذلك سيصدر عن هذا التشبيك رسالة موثوقة، ستجعل سرد الدولة في مقدمة الخطاب في وسائل الإعلام والجمهور، إذ يتم الاجتماع بينهم ويقدم كلّ منهم صورة محدّثة لما كان يحدث، ثم يسفر الاجتماع عن ورقة رسائل موحدة لجميع ممثلي الإعلام في الكيان من وزراء ورؤساء تنفيذيين للوزارات الحكومية، والسفراء في الخارج، وبالطبع المتحدثون الرسميون.

2. استغلال الاستجابة الكبيرة لوسائل الإعلام العربية
ظهر المتحدثون العبريون والمحللون على وسائل إعلام خليجية واستطاعوا تمرير الرسائل بكثافة، ومن خلال رصد قناة الجزيرة وسكاي نيوز ومجموعة من المنصّات والمواقع الإلكترونية التابعة لإعلام محور التطبيع الذي يعمل داخل وخارج فلسطين، يمكن ملاحظة شدة التشابه في الرسائل التي كانت تبثّ على الوسائط الإسرائيلية والعربية بنفس المضمون والزخم، وكان التركيز على اثنتيْن: الأولى أنّ وقف إطلاق النار في ملعب الفلسطينيين الذين يمكن أن يشكلوا ورقة ضغط على الجهاد للتوقف، والثانية كما عبّر عنها قائد لواء فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي نمرود ألوني، أن “قمة الحكمة في عدم مشاركة حماس”. اللافت أن مفردة “حكمة” تمّ تداولها في الإعلام العربي وخاصة في المنصات الإلكترونية . واللافت أيضًا أن إعلام المحور الممانع بدأ بتفكيك وتفنيد مسألة “الحكمة” في عدم المشاركة، منعًا لتوسيع الشرخ بين الفصيلين.

3. فبركة التغطية الصحفية المباشرة من الميدان
ساهمت بعض مقاطع الفيديو التي بثّت مباشرة عبر فضائيات عربية وعبرية في تطوير خطاب موجّه للفلسطينيين هدفه تكريس فكرة أن الصّواريخ الفلسطينية، كما تسببت بالضرر للإسرائيليين، فإنها تسبّبت بالضّرر للفلسطينيين أيضًا، كما أنّ الصور التي تخرج من الميدان سريعًا عبر مواقع التواصل، منحت نظام الهاسبراه استجابة إعلامية ودعائية للأحداث مبينة على تقدير موقف سريع من قبل المتحدّثين والمراسلين بأنهم كانوا شهود عيان على ما جرى. ومن المعروف أنّ هذه التقنية استخدمها الفلسطينيون في معركة سيف القدس حيث ربحت الرواية الفلسطينية المعركة الإعلامية كما لم تربحها من قبل.
كمثال على ذلك، تحدّث رئيس جهاز المعلومات يائيير حييت في مقابلته مع إسرائيل هيوم بتاريخ 11/8/2022، عن حالة الطوارئ التي كانت لتتحوّل إلى كارثة إعلاميّة بحسب قوله لولا ما أسماه عملية “إغلاق سريع” لنشر أنّ “إسرائيل ليست مسؤولة عن قتل خمسة أطفال في مقبرة جباليا وتقديم الدليل أن الجهاد الإسلامي هو المسؤول” . قدم حييت إحداثيات مفبركة عبر البثّ المباشر وهي عبارة عن مقاطع فيديو ورسوم بيانية لعملية إطلاق فاشلة قامت بها الجهاد، ليثبت في وسائل الإعلام والرأي العام أن الجهاد الإسلامي كان يطلق النار على المواطنين الفلسطينيين. وبسبب السرعة في التنسيق مع المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي والقنوات التي تحدثنا عنها في الفقرة أعلاه، “جعلنا حقيقة أن الجهاد يضر بالمواطنين الفلسطينيين إحدى رسائلنا الرئيسية”، يقول حييت .

4. تشديد الرقابة على نشر الخسائر في مواقع التواصل
كشفت صحيفة معاريف العبرية عن إجمالي الأضرار الناتجة عن المواجهة الأخيرة مع المقاومة في قطاع غزة. وبينت أنّ اللجنة المالية في كنيست الاحتلال ناقشت الأضرار وأوضحت أنّ قيمتها بلغت نحو 300 مليون شيكل أي ما يوازي 92 مليون دولار. وأوضحت أنه تم تسجيل 222 حالة ضرر مباشر، منها 84 في عسقلان، و66 في سديروت، و72 حالة في مدن أخرى. وبينت أنه من بين الحالات 114 حالة أضرار لحقت بالمباني، و97 لأضرار لحقت بمركبات ، في حين أن الصور والفيديوهات المنشورة لا تتجاوز الـ 10.

المصدر: مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير