جهود دولية تُبذل لوقف النار بين الفلسطينيين والإحتلال الصهيوني، نتيجة تغيير في معادلة توازن الرعب النسبية، وتكرُّر سيناريو العام 2014، مع تطوُّر في القدرات الصاروخية الفلسطينية التي تجاوزت غلاف قطاع غزَّة، وأنزلت الإسرائيليين الى الملاجىء، وشلَّت الحركة اليومية للمطارات والمرافق العامة والمدارس، وأجَّل نتانياهو إعلان “النصر” في بحثه عن مطلق نصر، ولعل الحلم باغتيال قادة عسكريين يحفظ له بقايا من ماء الوجه بمواجهة خصمه يائير لبيد زعيم “هناك المستقبل”، الذي يحاول تشكيل حكومة عجِز عنها نتانياهو قبل أن تتجه “إسرائيل” الى جولة إنتخابات خامسة.
الخيبة السياسية في تحقيق الأهداف من العدوان، ترافقت مع لطمة عسكرية أتت من وَهَن القبة الحديدية في مواجهة صواريخ المقاومة الفلسطينية، وسُجِّلت سجالات بين السياسيين والعسكر حول الكلفة الباهظة لصاروخ بقيمة 50 ألف دولار، تُطلقه تلك القبّة لملاحقة صاروخ فلسطيني بكلفة متواضعة، ودون جدوى من صدّ ما أرعب الإسرائيليين الذين استعادوا في تغريداتهم طروحات الأمن الهشّ والضمانة الوجودية.
وبصرف النظر عن الضمانات التي يُطالب بها البعض من القوى الإقليمية لوقف النار، سواء لجهة إبعاد المستوطنين نهائياً عن حرم الأقصى، أم لجهة رفع الحصار ، فإن الجرَّة قد انكسرت على ثلاث جبهات مواجهة، ولا مجال لإعادة تلحيمها على المستوى الفلسطيني الشعبي، في مواجهة الإجرام العنصري الذي يحصل بحق المدنيين، إضافة الى الدمار الذي لحِق بالبنى التحتية والمباني السكنية.
مواطن من قطاع غزة روى معاناة القطاع الذي يحتضن نحو مليوني نسمة على مساحة 360 كلم مربع، وشرح مطولاً معاناة السكان، وأن الحياة التي تفتقد لأبسط مقومات الحياة، نتيجة الحصار وانعدام كل المقومات، حتى تلك المباني التي يُطلقون عليها تسمية أبراج، ليست أكثر من تجمعات لشركات تجارية خاصة ارتأت التكافل والتضامن داخل هذه الأبنية بهدف مواجهة مشاكل انقطاع الكهرباء وتعطُّل أنظمة المعلوماتية وسائر الخدمات المعدومة داخل القطاع.
مواطن آخر من مناطق العام 48، أفاد أن حمل الهوية الإسرائيلية لم يُشكِّل ضمانة لنا بمواجهة إرهاب اليمين الصهيوني المتطرف، والحياة المشتركة في القرى والبلدات المختلطة تبين في لحظات أنها أكذوبة، وبين أبناء الحي الواحد حصلت صدامات نتيجة استنهاض المستوطنين لعنصريتهم المُرتبكة المذعورة.
مواطن فلسطيني ثالث، يقاوم منذ سنوات في منزله المُنفرد بين ثلاث مستوطنات على حدود الضفة الغربية، يتساءل: ماذا لو أنشأوا المستوطنة الرابعة لناحية الضفة، وارتفع الجدار الرابع بأسلاكه الشائكة حول منزلي وفقدت حتى المدخل؟ إنهم بهذه الطريقة يُمزِّقون الخريطة الفلسطينية أكثر فأكثر، بل أن صفقة القرن التي يروِّجون لها سوف تُمزِّق الممزَّق وتفتح حرباً من نوعٍ آخر، والقَبَّة الحديدية العاجزة الآن عن صدِّ صواريخ قطاع غزة، ليست قادرة على رصد الحجارة والسكاكين بأيدي شعبنا الذي تعلَّم درساً جديداً، أن مواجهة المستوطنين المُعتدين على حرمة الأقصى ليست بالضرورة أن تحصل في القدس حصراً بل في كل أنحاء فلسطين، والإعتداء على حقوق أهلنا في حي الشيخ جراح بالقدس، لن يمنعنا من رجم عسقلان وتل أبيب بالصواريخ ولن يثنينا عن مواجهة شاملة بإنتفاضة جديدة حتى بالحجارة والسكاكين…
المصدر: خاص