لا تزال تفاصيل استحقاق الانتخابات النيابية تطغى على اهتمامات الصحف المحلية، وهو ما برز في العناوين الصادرة صباح اليوم الإثنين 16 -10-2017. تأكيد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري على إتمام الانتخابات في موعدها، والترقب المحلي لإقرار الموازنة.. إضافة إلى السجال بين وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الخارجية جبران باسيل كان من ضمن ما ركزت عليه الصحف اليوم.
الأخبار
الانتخابات النيابية في بشرّي: مبروك لستريدا!
يوم قرّر الناس في منطقة بشرّي إعلان نفير «الثورة» على الأحادية السياسية والإقطاع، المُتمثل آنذاك بالزعامات المحلية وحزب الكتائب، وجدوا أمامهم القوات اللبنانية وقائدها سمير جعجع. قدّم لهم «ابن البلد» نموذجاً، وخياراً بديلاً، فوالوه طوال سنوات غير آبهين لما إذا كان في ذلك صواب أو خطأ. نجح جعجع في توحيدهم حوله، حتى ارتفع بالنسبة إلى كثيرين منهم إلى مرتبة القديسين.
عصبهم حوله كان يشتد أكثر كلّما كان مُحدّثهم من خارج بشرّي، فيظهرون أمام «الغريب» الوجه الحسن لعلاقتهم برئيس القوات اللبنانية. ولكن، كُلّما اختلى البشراويون بأنفسهم، لم يخفوا امتعاضهم ونقمتهم تجاه الكثير من تصرّفات «الحزب الحاكم»، المُتهم بأنه يستعمل أساليب خصومه في الحكم. يُحمّل المعترضون الجزء الأكبر من المسؤولية للنائبة ستريدا طوق، مُحاولين تحييد زوجها عن انتقاداتهم. وفي ذلك نوعٌ من «التجنّي» عليها، لأنها بالتأكيد لا تُشكل جناحاً مُنفصلاً داخل القوات، ولا تُقدِم على أي تصرّف من دون التشاور مع رئيس الحزب بخصوصه. ولو لم يكن راضياً عن طريقة عملها، لما تمكنت من بسط نفوذها إلى هذا الحدّ في منطقة بشرّي.
لم تكن النقمة على القوات تجد موطئ قدمٍ لها، بسبب غياب أي مشروع بديل، ينال ثقة أهالي بشرّي. والدليل أنّه منذ ما بعد 2005، لم تتمكن الشخصيات المحلية من إثبات نفسها في أي استحقاق. وحين تشكلت خلال الدورات «البلدية» السابقة لوائح ضدّ القوات، لم يكن لها مدى حياة أبعد من تاريخ الحدث. إلى أن أتت الانتخابات البلدية الأخيرة، فشكّلت مجموعة من أبناء بشري، مُعظمهم مرّ سابقاً في القوات، لائحة نافست بها لائحة معراب. توحّد حول مجموعة «بشرّي موطن قلبي» كلّ القوى السياسية المُعارضة للقوات، ولكن من دون أن يكون لهم دورٌ مباشرٌ في العملية الاقتراعية. صورة المُرشحين إلى الانتخابات، وابتعاد الزعامات التقليدية عن الواجهة، أراح الرأي العام البشراوي، الذي تجرأ على التعبير عن رأيه، فحصدت اللائحة المعارضة نسبة 38.9%. قدّمت نتائج الانتخابات، دفعاً لقوى التغيير في بشرّي بأنّ الأمل باختراق «قلعة» القوات اللبنانية موجود، ما دامت الانتخابات أثبتت توق جزء لا بأس به من الناس إلى التغيير. ساهم في إعلاء معنوياتهم إقرار قانون قائم على النسبية في ظلّ الصوت التفضيلي، ليرفع حظوظ خرق المقعدين القواتيين بواحد. هذا هو الهدف الذي يُدرك المعارضون أنّ من الاستحالة تحقيقه إلا في حال توحُّد «المعارضات» تحت مظلّة واحدة، فلا تضيع أصوات الناخبين. ولكن العكس هو ما يحصل في بشرّي. جبران طوق، روي عيسى الخوري، سعيد طوق، مجموعة «بشرّي موطن قلبي»، يعتقد كلّ منهم أنّه «الأحق» بتمثيل المعارضة. وفي ظل تشرذمهم، وصل التشاؤم ببعضهم إلى حد قول «مبروك ستريدا»، رغم أن الحملات الانتخابية لم تنطلق جدياً بعد.
قبل 4 أشهر، سعى رئيس لائحة «بشرّي موطن قلبي» جو خليفة رحمة إلى توحيد المعارضة، «لأننا كمجموعة نُقارب الموضوع من منطلق عام وليس خاصاً». يقول لـ«الأخبار» إنّ «الاجتماعات أسبوعية بيننا من جهة، وبين جبران طوق وعيسى الخوري وسعيد طوق، كلّ على حدة، من جهة أخرى». لم ينتج، حتى الآن، أي إيجابية من هذه اللقاءات، بل إنّه بحسب المعلومات أُعلن فشلها. ولكنّ رحمة يرى أنّه «لا يزال هناك بصيص أمل»، مع عدم إنكاره «وجود صعوبة. وصلنا إلى حدّ أن نطلب من الثلاثي (جبران طوق وعيسى الخوري وسعيد طوق) أن يُسموا هم المُرشح، شرط ألا يكون أحدهم، ولم يقتنعوا». يجب أن يكون المُرشح وجهاً جديداً لأنّ «الناس الذين أخذوا القرار أن يكونوا ضدّ القوات، لن ينتخبوا واحداً من الزعامات التقليدية». وحتّى مجموعة «بشرّي موطن قلبي»، تتجه إلى «أن نكون مستقلين. ولا مُشكلة حول هوية مُرشحنا، فكلّ شخص لديه الحدّ الأدنى من الصدق نسير به»، نافياً أي خلافات بين أعضاء المجموعة حول أي سبب.
برز سابقاً اسم الإعلامي رياض طوق مُرشحاً عن الشباب المعترضين، قبل أن تخفّ حركته. يُبرّر طوق ذلك بأنّ «التشرذم الحاصل في بشرّي، ووجود 3 مرشحين مصممين على عدم التراجع عن خوض الانتخابات، دفعنا إلى التهدئة». يوضح أنّ الهدف «لا ينحصر بمواجهة القوات، فنحن تخطينا قصة أن نشتغل سياسة نكاية بها، بل نواجه كلّ الطبقة السياسية في هذا البلد. نحن جزء من جوّ وطني عابر للمناطق والطوائف، ومن الناس المُصابين بالقرف والإحباط. نريد أن نُحارب الطبقة الفاسدة المسؤولة عن إفقار الناس وتهجيرهم». نجاح الأمر في بشري يستلزم، كخطوة أولى، «أن تتوحّد المعارضة. فلنُسلّم جدلاً أنّنا كمجموعة شباب مستقلين لم نترشح، ولكن وجود ٣ من الفريق نفسه، ألا يُعد بحدّ ذاته تشرذماً؟ وهل هم قادرون على أن يكسبوا مقعداً حينئذ؟». يردّ جبران طوق بأنّه في هذه الحالة «هناك صعوبة وليس استحالة». قبل فترة، قرّر الرجل أن يُرشح نجله ويليام، «في البداية البعض اعترض، قبل أن يقتنعوا معي. هناك ناس يقولون إنّه توريث سياسي، ولكن للمجتمع خصوصية يجب أن نحترمها»، مع وجود اتجاه إلى «التحالف مع (النائب) سليمان فرنجية، صاحب الموقف الصادق». يتحدّث عن ضرورة أن يكون «للمعارضة هدف موحد، بمعزل عن الأشخاص، وهو كسر الأحادية وإعادة الديمقراطية الحقيقية إلى بشرّي.
إذا لم تتوحد المعارضة، لا يكون أفرادها صادقين في السعي إلى تحقيق هدفهم». هل تقبل إذاً سحب ترشيح ويليام إذا اتفقت المعارضة على اسم آخر؟ «أقبل إن لم يكن لدى ويليام الإمكانات. ولكن استناداً إلى الأرقام، هو لديه الأكثرية. كذلك فإنّ معادلة القوات ــ جبران طوق، في بشرّي، لم تأتِ من فراغ».
مسمار ثالث يُدَقّ في نعش التوافق بين المعارضة في بشرّي، حين يقول سعيد طوق إنّه «إذا كان الشيخ جبران مُرشحاً، فهو كبير العائلة ولا يُمكنني أن أقف ضدّه. ولكن بما أنّ المطروح هو ويليام، فبرأيي ينقصه القليل من الخبرة». انطلاقاً من هنا، يؤكد سعيد طوق ترشحه للانتخابات، «أمر وحيد قد يؤثر على قراري، إذا شعرت بأنّ البشراويين لا يقبلونني». ولكن، على العكس من التشدّد الذي يُبديه جبران طوق، يبدو سعيد واقعياً حين يعود في حديثه إلى فترة «البلدية»، ليشير إلى أنّ «ظروفاً عدّة أدّت إلى الحصول على هذه النتيجة، أهمها العمل التحضيري والقائم أساساً على تحييد الفعاليات المحلية. الصورة شجعت الناس على الاقتراع. هذا هو نبض الشارع الذي تخلّت عنه القوات، وغلطة عمره لسمير جعجع. يُمكنه أن يلعب أينما يريد، أما في بشرّي فلا يقدر أن يدعس على كرامات الناس». لذلك، يقول إنّه «أبلغت جو خليفة رحمة أنّ الخيار لهم (مجموعة الشباب المستقلين) في اختيار مرشح. فنحن في القرن الـ٢١، لا أحد قادرٌ على أن يفرض شيئاً على بشري، أو أن يُنصّب نفسه شيخاً وزعيماً». هذه المرّة، «يجب أن تكون مصلحة بشرّي فوق أي اعتبار. فليُنَظَّم استطلاع رأي وعلى أساسه يكون الاختيار». حليف طوق الأساسي «العهد. قلبي مع فرنجية، ولكن عقلي مع الوزير جبران باسيل، فأنا أثق بخيار الرئيس ميشال عون الاستراتيجي الذي سينهض بلبنان». خطابه غير موجه ضدّ القوات، «بل مع بشرّي. هل يُحارب المرء أهلَه؟ جعجع من أهلي، ولكن لا أثق به. الناس تريد من تلجأ إليه وتقدر أن تتواصل معه. أين هو سمير جعجع؟ هو الذي فصل بشرّي عن القوات».
عيسى الخوري: النجدة يا عون ونصرالله!
الأكثر تشاؤماً بين المعارضين البشراويين للقوات، هو روي عيسى الخوري. يشكو «كثرة الطباخين» في صفوف المعارضة. يقول إنّ همّهم جميعاً «خرق القوات اللبنانية بمقعد. ولكن التنسيق لا يزال ناقصاً، لم نوحد أدوات المعركة». الحلّ الأمثل، بالنسبة إليه، بأن يتفق التيار الوطني الحر وتيار المردة، على عدم ترشيح أكثر من شخص حتى «ما نفرفط»، كاشفاً أنّ النائب سليمان فرنجية طلب سابقاً «الاتفاق على اسم لنتمكن من خرق الخصم، خاصة أنّ تيار المردة لم يحسم بعد تحالفاته»، علماً أنّ مصادر تيار المردة تؤكد لـ«الأخبار» التوجه إلى التحالف مع جبران طوق. الكلام على ضرورة توحيد الجبهة، «حصل أيضاً خلال جلسة مع الوزير باسيل».
الدعوة إلى الوحدة، لا تعني استعداد عيسى الخوري للتخلّي عن «الحقّ» بالترشح بسهولة، «منذ 40 سنة وأنا موجود. إذا جبران طوق مُرَشَّح، فممكن أن نتفق على التنازل له. وإذا لم يكن مُرشحاً، فمع احترامنا للجميع، الأفضلية لنا». يستبعد عيسى الخوري أن يتمكن طوق من تجيير الأصوات لنجله ويليام، لأنّه أصلاً «آل طوق غير مُتفقين على مُرشح بعد». ولا يبدو عيسى الخوري مُتحمساً لأن يترشح شخص جديد من خارج الثلاثي (جبران وسعيد طوق وروي عيسى الخوري): «ستكون هناك صعوبة لتجيير الأصوات وإقناع الناس به. المستقلون المعترضون ليسوا قادرين على تجيير أكثر من 1000 صوت». فضلاً عن أنّ قيادة معراب بدأت العمل «لإعادة استمالة القواتيين الناقمين، وهي تستطيع، على مستوى القضاء، إقناع عددٍ كبير منهم بالعودة إلى صفوفها». يدعو عيسى الخوري، «من أجل المصلحة العامة»، إلى أن يتحرك الرئيس ميشال عون والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله «ويتوصلا للمّ الشمل بين العونيين والمردة، فينعكس ذلك على بشرّي». وإلّا، فسيكون لكلّ تيار مُرشح، وتتشتت الأصوات، «فنترشح من أجل تثبيت الوجود فقط، ونقول لستريدا مبروك، قبل 7 أشهر من الانتخابات النيابية».
مَقعد الحظ!
الثابت في قضاء بشرّي، لناحية الترشيحات إلى الانتخابات النيابية، ترشُّح النائبة ستريدا جعجع ومسؤول القوات في القضاء جوزف إسحاق. لم يمرّ ترشيح الأخير على خير، فقد اعترض عددٌ من أبناء مدينة بشرّي على اختيار المُرشح الثاني من حصرون وليس من «العاصمة». هذه النافذة قد تسمح للمعارضين بالتسلل والفوز بالمقعد الثاني، خاصة أنّ حظوظهم للربح في ظلّ النظام النسبي قد ارتفعت نظرياً. فالنسبية تمنحهم القدرة على الفوز بمقعد في بشري، نتيجة عملية حسابية هي أشبه بلعبة الحظ. فإذا ما تشكلت لائحة في دائرة الشمال الثالثة تضم، على سبيل المثال، القوات اللبنانية والنائب فريد مكاري وتيار المستقبل وميشال معوض، فمن المتوقع أن تفوز بأربعة مقاعد. وإذا عجزت القوات عن توزيع أصواتها التفضيلية في بشرّي على مرشَّحيها بالتساوي، وأدّت النتائج إلى حجز هذه اللائحة للمقاعد الأربعة في الدائرة على النحو الآتي: مقعد في بشرّي، مقعد في الكورة، مقعد في زغرتا ومقعد في البترون؛ فإن ذلك يعني أن هذه القوات خسرت حتماً المقعد الثاني في بشرّي. وفي ظل إصرار معارضي القوات على التشتت، تبدو لعبة الحظ هذه أملهم الوحيد.
الجمهورية
برّي: الإنتخابات باتت أمراً واقعاً… ومخاوف على الإستقرار
إنتقال التركيز الأميركي – السعودي على طهران و»حزب الله» لم يترجَم بعد تصعيداً عملياً، إنّما رفعَ منسوب المواقف التصعيدية، ويؤشّر إلى دخول المنطقة في مرحلة جديدة لا يمكن التكهّن بمسارها ومآلِها وتداعياتها، ما أثارَ مخاوفَ من انهيار الاستقرار العام، فيما تبدو الساحة اللبنانية كأنّها ستبقى محيَّدةً حتى إشعار آخَر عن الكباش الأميركي – السعودي مع إيران تجنّباً لتمدّدِ الأزمة السورية وحِرصاً على ملفّ النازحين، ولكن هذا لا ينفي أنّ الأمور مفتوحة على احتمالات شتّى، خصوصاً في حال احتدامِ المواجهة وشعورِ جميع الأطراف بالحاجة إلى رفعِ مستوى المواجهة بالانتقال من الرسائل الصوتية إلى الرسائل العملية.
فرَض المشهد الدولي والإقليمي الساخن نفسَه على الأجواء المحلّية، إلّا أنّ المظلة الدولية لحماية لبنان واستقراره لا تزال قائمة، إن لم تكن أقوى من ذي قبل، على حدّ تأكيد مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية»، قائلةً «إنّ التهدئة في لبنان مطلوبة داخلياً وخارجياً.
من جهتِها، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إنّ الوفاق «ماشي» ومستمر ويُظلّل الحكومة، ولا مصلحة لأحد من أعضائها المستفيدين منها في تفجيرها والتسبّبِ بدوّامة على أبواب الانتخابات النيابية». وأضافت: «لنفترضْ أنّ الحكومة فرَطت، فلن تتشكّل حكومة جديدة من دون «حزب الله»، فالحزب قوّة سياسية في البلد وجزء اساسي في المعادلة اللبنانية، ولا أحد يستطيع تجاوزَه».
وعلى رغم هذه التطمينات، إضافةً إلى إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري من روما الجمعة الفائت أنّ «لبنان غيرُ معني بالأزمة الأميركية – الإيرانية وأنّ المواضيع الخلافية الداخلية لن تدفع الى الاستقالة، وأنّ الحكومة لن تتفجّر، استمرّ التوتّر الكلامي الداخلي، وارتفعَ منسوب الاتهامات المتبادلة بين مكوّنات الحكومة، ما دفعَ مرجعاً سياسياً إلى القول «إنّ من يتابع مواقفَ اهلِ السلطة، خصوصاً في الساعات الـ 24 الأخيرة يقع في حالةِ ضياع او قرَف، فيوماً يتّفقون على كلّ شيء ويوماً يختلفون على كلّ شيء، فبَعد سجالاتِ ما قبل جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، انعقدت الجلسة واتّخِذت فيها قرارات، كتعيين اعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتوفير اعتماد تمويل الانتخابات النيابية، بعدما كانوا توزّعوا أخيراً التشكيلات القضائية، وما إن انتهوا حتى عادت السجالات تطلّ برأسِها على رغم كلّ التطورات في المنطقة».
وتبعاً لذلك، فُتِحت النار بين وزارتَي الداخلية والخارجية، إذ رَفع وزير الداخلية نهاد المشنوق سقفَ الانتقاد لسياسة وزارة الخارجية، حيث اعتبَر أنّ «السياسة الخارجية اللبنانية شاردة»، منتقداً سلوكَ وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسمّيه.
وقال: «إنّ التمادي في هذا الاتجاه السياسي يعرّض التضامنَ الحكومي لمخاطر جدّية»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن الاستمرار في سياسة الصدمة والإلزام والإرغام»، ومشدّداً على أنه يُفرّق «بين رئيس الجمهورية الذي له كلّ احترام وتقدير وعلاقتُنا قائمة على الصراحة والوضوح المتبادل، وبين سياسة وزارة الخارجية التي تتعارَض مع الأعراف الحكومية والبيان الوزاري».
ورأى المشنوق أنّ «سياسة النأي بالنفس التي كانت أحدَ بنود التسوية الرئاسية، قد تعرَّضت لضربات في الفترة الأخيرة، إنْ على صعيد زيارة عددٍ من الوزراء إلى سوريا ومشاركتهم في معرض دمشق الدولي، أو في لقاء نيويورك بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير خارجية سوريا وليد المعلم، الذي لم يكن منسَّقاً مع رئيس الحكومة، كما تنصّ بنود التسوية».
وأوضَح أنّ «نتائج الحكومة الائتلافية ليست ممتازة، لكن هناك إمكانية جدّية لإنجاز مشاريع، إنْ على صعيد بيروت أو على صعيد لبنان، بطريقة معقولة، وتحويلها إلى التنفيذ».
وردَّ باسيل على المشنوق سريعاً، فقال مِن سوق الغرب، عن سياسة لبنان الخارجية: «مَن لا تعجبه سياستُنا الخارجية المستقلة هو المستتبع للخارج وغير المعتاد على العيش بلا تبَعية، أمّا نحن فنعيش ورأسُنا مرفوع». وقال: «إنّنا نسامح لكن لا ننسى، وتاريخُنا نفتخر به»، مشيراً إلى «أنّ المصالحة ليست استلحاقاً بالآخر أو استتباعاً له، وهي لم تكتمل وقواعدُها معروفة».
وكان باسيل قد اعتبَر من رشميا «أنّنا في نزاعٍ مع الوقت ويؤخّروننا حتى تصبحَ وزارة الطاقة والمياه مع غيرنا، ولكن هذا لن يحصلَ «شو منعمِلّن». واعتبَر أنّ «من يؤخّر ملفَّ الكهرباء هدفُه عدم تأمين الكهرباء قبل الانتخابات النيابية فقط لا غير، وما يفعلونه بالكهرباء يمارسونه في النفط ومارَسوه في قانون الانتخاب، والخاسر هو الناس، لأنّ الوقت يَضيع ودائماً يبتدعون الحجَج».
جنبلاط
ودخل رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط على خط التراشق بين المشنوق وباسيل، فغرَّد عبر «تويتر»، فقال: «السلام عليك يا بطريرك السلام مار نصرالله بطرس صفير».
وفي تغريدةٍ لاحقة قال جنبلاط: «السلام عليكَ يا بطريرك المحبّة مار بشارة بطرس الراعي».
وكان النائبان أكرم شهيّب ووائل ابو فاعور قد ردّا على باسيل، فشدَّد الاوّل مجدّداً «على أنّ المصالحة راسخة وتُشكّل خطاً أحمر في مسيرتنا السياسية التي لم ولن تُبنى على مقعدٍ نيابي بالزائد أو بالناقص». فيما اعتبَر ابو فاعور أنّ «أهل المصالحة في الجبل وفي تنوّعِهم لن ينصتوا لأيّ خُطبٍ تحريضية، لأنّ المصالحة باتت واقعاً لن ينالَ منه أحد، وسنستمرّ في تكريسها ولن نُستدرج إلى منطق الكراهية ونبشِ القبور».
جعجع
ومِن أوستراليا، وبعدما دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المبادرة من أجل استعادة قرار الدولة، شدّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على أنّ «قيام الدولة له منطقٌ معيّن لا يتحمّل التأويل ولا الإشراك، لا يوجد نِصف دولة، فإمّا دولة موجودة أو لا دولة، وأولى مقوّمات قيام الدولة هي أن يكون القرار الاستراتيجي في يدها، بالإضافة الى حصريةِ استعمال السلاح، وهذان الشرطان غير متوافرين في لبنان».
وطالبَ الحكومة اللبنانية باتّخاذ قرار في شأن عودة النازحين «لأنه قرار سياديّ قبل أيّ شيء آخر»، مشدّداً على «ضرورة أن تقوم الحكومة بالترتيبات المطلوبة لإعادتهم الى بلدهم».
ملفّ النازحين
وفي شأن ملفّ النازحين، من المقرر أن يبدأ التعاطي الرسمي الجدّي مع هذا الموضوع اعتباراً من هذا الاسبوع، فينتقل رئيس الجمهورية، الذي كانت له مواقف صارمة ووطنية بهذا الملف، الى مرحلة التدابير وإجراء مشاورات اقليمية ودولية يفترض ان تبدأ من اليوم بلقاء مع سفراء الدول المعنية يَستتبعها بلقاء سفراء الدول المانحة ليَطرح عليهم خطة تنفيذية لعودة النازحين لكي لا يصبح مطلبُ إعادتهم صوتاً صارخاً فقط.
وفي هذا السياق، كشَفت مصادر ديبلوماسية مطّلعة لـ»الجمهورية» انّ سفراء الدول الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي سيَحضرون الى قصر بعبدا في الساعات المقبلة ملبّين دعوةَ رئيس الجمهورية للتشاور في التطوّرات على الساحتين اللبنانية والمنطقة.
وقالت هذه المصادر إنّ فريق عمل عون أنجَز ملفّاته الى هذه اللقاءات حيث يُتوقّع ان يشرَح رئيس الجمهورية للسفراء، بالإضافة الى ممثلي المنظمات الدولية الكبرى في وقتٍ لاحق، مضمونها، وخصوصاً ما يتصل بالأسباب والدوافع التي قادت إليه وما بلغه حجم النزوح على الأراضي اللبنانية والنتائج السلبية التي ترتبت عليه على كلّ المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحّية، عدا عن المنافسة التي تسبَّبت بها اليد العاملة السورية في الأسواق اللبنانية.
الحريري في ايطاليا
على صعيدٍ آخر، وعشية اللقاءِ المرتقب بين الحريري ونظيرِه الإيطالي باولو جينتيلوني، قالت مصادر الوفد اللبناني في روما لـ»الجمهورية»: «إنّ اللقاء سيركّز على الوضع العام في لبنان والمنطقة من بوّابة العلاقات المميّزة بين لبنان وايطاليا على أكثر من مستوى، وسيتناول عنوانَينِ أساسيَين هما: التحضيرات الجارية لمؤتمر روما ونتائج الاتّصالات التي جرت لجمعِ اكبرِ عددٍ من الدول المانحة المشاركة فيه، والتوقّعات في شأن حجمِ المساعدات العسكرية للجيش اللبناني لأنّ هذا الموضوع يشكّل العنوان الأساس للمؤتمر».
برّي والموازنة
على صعيد آخر، أنجَزت دوائر مجلس النواب التحضيرات لـ»ثلاثية الموازنة» التي تنطلق غداً في مجلس النواب بجلسات نهارية ومسائية، وبشهيّةٍ نيابية مفتوحة على الكلام، خصوصاً انّ وقائع الجلسة منقولة مباشرةً على الهواء عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
وتوقّعَ رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن تسير مداخلات النواب في جوّ هادئ بعيد من التشنّجات، انعكاساً للأجواء السياسية الهادئة بين القوى السياسية. على ان يليَ ذلك إقرارُ مشروع قانون الموازنة للسَنة الجارية 2017 بطريقة انسيابية بما يُلغي الوضعَ الشاذّ الذي عاشَه البلد بلا موازنة منذ العام 2005، ويعيد بالتالي الوضعَ الماليّ والاقتصادي في البلاد الى الانتظام في مساره الطبيعي.
وأكّد بري امام زوّاره أمس، انّ إقرار موازنة السنة الجارية يفتح المجالَ لإنجاز موازنة السنة المقبلة في أسرع وقتٍ ممكن، خصوصاً أنّ التحضيرات في شأنها قطَعت أشواطاً متقدمة، بما يؤشّر الى إمكان إحالتها من الحكومة الى المجلس النيابي في القريب العاجل.
واعتبَر بري «أنّ معاناة لبنان الدائمة هي من الفساد الموجود على غير صعيد، وأنّ إقرار الموازنة من شأنه ان يلغيَ بين 50 إلى 60 في المئة من هذا الفساد. وهذا لا يعفي أبداً من إطلاقِ حملةٍ سريعة بعد الانتهاء من الموازنة لمواجهة هذا الفساد».
وشدَّد على «انّ الانتخابات النيابية باتت أمراً واقعاً ولا مفرّ مِن إجرائها في مواعيدها»، إلّا انّه حرصَ على إعادة تأكيد أهمّية اللقاء الثلاثي الذي جَمعه في كليمنصو أخيراً مع الحريري وجنبلاط، مشدّداً على انّ هذا اللقاء «لا يستهدف أيّ فريق لبناني، بل كان لمصلحة لبنان وأوحى بالدرجة الأولى إلى التحصين».
وأكّد بري أنّه مطْمئن للوضع الداخلي في لبنان، منوِّهاً بمواقف الأفرقاء جميعاً ومقاربتهم المسؤولة للتطوّرات المتسارعة دوليّاً وإقليمياً.
البناء
واشنطن والميليشيات الكردية ترحّلان داعش لإعاقة الجيش السوري من التقدّم نحو البوكمال
الجنرال سليماني في أربيل لمشروع تسوية… والرياض تعدّل المعارضة وفق تفاهم موسكو
المشنوق يهدّد بالردّ الآتي… وباسيل: رأسنا مرفوع وهم الأتباع وسننسّق مع سورية كشقيقة
كشف تضارب التصريحات الصادرة عن قيادة التحالف الدولي والميليشيات الكردية حول حقيقة انسحاب مئات من مقاتلي داعش وآلاف المدنيين من الرقة، وجود قطبة مخفية يُراد إخفاؤها، فلم تمرّ المعلومات عن الأرقام لمئات المسلحين وآلاف المدنيين، كما لم تمر المعلومات عن احتجاز المسلحين، ومنع الأجانب من الخروج. فالصفقة بائنة، ومضمونها فتح باب الخروج لداعش من الرقة نحو دير الزور وصولاً للبوكمال، لتدعيم مواقع التنظيم هناك مع نجاح الجيش السوري وقوى المقاومة بالإمساك بمدينة الميادين، مقابل نجاح الجيش العراقي والحشد الشعبي بتحرير عانة وراوة وصولاً لمدينة القائم، وشعور الأميركيين بدنو ساعة نهاية داعش، واقتراب ساعة الحقيقة التي سيوضع فيها على الطاولة مصير السيطرة الكردية على مناطق من الجغرافيا السورية بداعي الاستعداد للانفصال، كما سيصير الوجود الأميركي العسكري المستظل بالحرب على داعش مكشوفاً بلا غطاء كاحتلال أجنبي، لا تفيده تغطية الميليشيات الكردية وأحلام الانفصال التي تبدو صعبة المنال في العراق، حيث لها تاريخها وبعض من شرعية ومشروعية، فيكف بها تمرّ في سورية؟
في العراق تتابع الحكومة إجراءات التموضع في كركوك وحولها متفادية التصادم مع البيشمركة، بينما الحدود البرية لكردستان مع إيران تمّ إعلان إقفالها من طهران، بانتظار خطوة تركية مماثلة، وفيما تنقطع المشتقات النفطية عن كردستان بالإقفال الإيراني ينقطع تصدير النفط الخام بالإقفال التركي. وهذه المخاطر والصورة المستقبلية إذا تواصل العناد هي المعادلة التي حملها الجنرال قاسم سليماني إلى أربيل لالتقاط الفرصة الأخيرة للتسوية، قبل دخول المواجهة وصعوبة العودة بعدها إلى الوراء، فيما تبدو كركوك عنوان التسوية وعنوان المواجهة.
الطريق المسدود لانفصال كردستان العراق، لم يمنع تعلّق قيادة رئيس الإقليم مسعود البرزاني بوعود أميركية و«إسرائيلية» وسعودية، وزاد العناد التصعيد الثلاثي بوجه إيران، بوهم الانضمام الكردي لهذا الحلف الثلاثي وقدرته على حمايته. وهو ما سيستكشفه الجنرال سليماني في زيارة أربيل، وبيده وقائع الخداع الأميركي والوهن «الإسرائيلي»، والمحاولات السعودية لمواكبة زمن التسويات مع محور المقاومة من بوابة موسكو، حيث ذهبت الرياض للتفاهم
حول الحلّ الذي ترعاه روسيا، وها هي تدعو المعارضة
التي طالما شجّعتها على التصعيد لتعديلها وفق دفاتر الشروط الروسية، بينما تفعل بالأكراد ما سبق أن فعلته مع هذه المعارضات.
في لبنان، طفا على السطح تجاذب حادّ بين وزيرَي الخارجية جبران باسيل والداخلية نهاد المشنوق، الذي بادر لتحدي باسيل بالقول إن الردّ آتٍ على مواقفه وتصرفاته التي وصفها بتهديد التوافق الحكومي والاستقرار الداخلي، متهماً باسيل بفرض لغة التهديد والإرغام، بينما ردّ باسيل بقوة متهماً المشنوق بالتبعية لخارج على حساب مصلحة لبنان، خصوصاً في ملف النازحين الذي يستدعي التنسيق مع الحكومة السورية، قائلاً ننسّق وسننسّق مع سورية كدولة شقيقة تربطنا بها معاهدات ونحمي بذلك مصلحة لبنان العليا، وفيما بقي كلام المشنوق على ضفة السعي لتحييد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الداعم علناً لمواقف باسيل، لم يتجنّب باسيل في رده التساؤل عما إذا كانت زيارات رئيس الحكومة سعد الحريري للسعودية تحتاج لإذن من الحكومة؟
مصادر مطلعة رأت التصعيد بلسان المشنوق استجابة لتساؤلات سعودية عن سبب الصمت على لقاء نيويورك الذي جمع باسيل بوزير الخارجية السوري وليد المعلم، ودعوتها للتحرك منعاً لتواصل أعلى على خلفية ملف النازحين، وتسخيناً انتخابياً لا يعني الذهاب للتصادم، بينما بالنسبة للرئيس عون والوزير باسيل تبدو الأمور محسومة للمضي في ملف العلاقة بسورية، وفتح باب التعاون الرسمي في ملف النازحين.
المشنوق لباسيل: لن «نبلط البحر» والرد آتٍ
في وقتٍ خيم الجمود على المشهد الداخلي في عطلة نهاية الأسبوع مع وجود رئيس الحكومة سعد الحريري خارج البلاد، يعود النشاط السياسي الى طبيعته بدءاً من الثلاثاء المقبل، ومن ساحة النجمة تحديداً، التي تشهد ثلاث جلسات تشريعية متتالية لمناقشة الموازنة وإقرارها، غير أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خرق هذه الرتابة مستحضراً مصطلحات التصعيد والتهديد بالاستقرار الحكومي احتجاجاً على سياسة وزارة الخارجية، لا سيما في ما يتعلق بالعلاقة مع سورية وملف النزوح السوري. وهدد المشنوق بأننا لن «نبلّط البحر» وأن الرد آتٍ في الأيام المقبلة، ما ينذر بأزمة حكومية تلوح في الأفق قد تنفجر في أي لحظة مع استعداد رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لطرح خطته لمعالجة أزمة النزوح على طاولة مجلس الوزراء في الجلسات المقبلة، ما يضع التسوية الرئاسية على محكّ الخلافات السياسية مجدداً بالتزامن مع اشتعال المشهد الإقليمي وارتفاع وتيرة التصعيد ضد حزب الله.
وقد اعتبر المشنوق، أمام حشدٍ من أعضاء «جمعية متخرّجي المقاصد الإسلامية في بيروت»، أن «السياسة الخارجية اللبنانية شاردة»، منتقداً سلوك وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسميه.
وقال: «إن التمادي في هذا الاتجاه السياسي يعرّض التضامن الحكومي لمخاطر جدية»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن الاستمرار بسياسة الصدمة والإلزام والإرغام»، وميّز المشنوق بين رئيس الجمهورية «الذي له كل احترام وتقدير وعلاقتنا قائمة على الصراحة والوضوح المتبادل، وبين سياسة وزارة الخارجية التي تتعارض مع الأعراف الحكومية والبيان الوزاري».
..وباسيل يردّ: من لا تعجبه سياستنا فهو المستَتْبَع
ردّ باسيل على اتهامات المشنوق لم يتأخر، فقد أشار في كلمة له خلال افتتاح مكتب التيار الوطني الحر في سوق الغرب الى أن «مَن لا تعجبه سياستنا الخارجية المستقلة فهو المستتبع للخارج وغير المعتاد على العيش بلا تبعية اما نحن فنعيش ورأسنا مرفوع». كما أشار باسيل خلال افتتاحه محول معمل كهرباء رشميا الى «أننا عندما نحذّر من عدم عودة النازحين السوريين، فلأننا اصحاب تجربة مع نزوح اللبنانيين الى الخارج ونزوحهم في الداخل».
«التيار الحر»: لن ندفن الرؤوس في الرمال
وقال مصدر قيادي في التيار الوطني الحر لـ «البناء» إن «الرئيس ميشال عون دخل في تسوية رئاسية ثم حكومة وفاقٍ وطني لإعادة تقويم وبناء الدولة ومؤسساتها، لكنه لم يتخلَّ يوماً عن مسلماته الوطنية، وإذا أصرّ البعض على سياسة «المسايرة» لبعض الدول، فهذا شأنه، لكن هناك مصلحة وطنية عليا لا تسمح بدفن الرؤوس في الرمال، وبالتالي عودة النازحين السوريين الى بلدهم أولوية الأولويات لدى الرئيس عون، ولا يمكن التنازل عن ذلك كرمى لعيون أي دولة أخرى».
وأوضح المصدر أن «لقاء الوزير باسيل ونظيره السوري الوزير وليد المعلم، لم يخرق البيان الوزاري قيد أنملة ولم يتجاوز الدستور اللبناني الذي كرّس العلاقات المميّزة بين الدولتين اللبنانية والسورية فضلاً عن وجود علاقات دبلوماسية بين الطرفين واتفاقات مشتركة منذ العلم 1993». وتساءل المصدر: لماذا وافق رئيس الحكومة على تعيين سفير لبناني في سورية منذ أشهر قليلة؟ فليعلنوا رسمياً رفضهم للعلاقات مع سورية وللتبادل الدبلوماسي»، وأشار الى أن «باسيل التقى المعلم في الأمم المتحدة أولاً وثانياً مع وزير خارجية دولة شقيقة ومعترف بها في الأمم المتحدة أعلى هيئة دولية عالمية، فأين الخطأ في ذلك؟».
ولفت المصدر الى أن «لا تصريحات المشنوق ولا غيرها تثني باسيل والتيار والرئيس عون عن الدفع لحل ملف النازحين وإعادة آخر نازح الى بلده. وإن تطلب الأمر مزيداً من الزيارات واللقاءات والتنسيق مع سورية، وإلا فليقدموا لنا حلاً بديلاً»… وأضاف: «لا يهدّدنّ أحد بنسف التسوية وإسقاط الحكومة، فالبلد سيكون الخاسر الأول والحريري الثاني وليس العهد، كما يظنّون، فكفى ابتزازاً وإلحاق الضرر بالوطن»، ولفت المصدر الى أن «محاولة المشنوق دق إسفين بين عون وباسيل لن تنجح و«يخيّط بغير هالمسلة».
وفي حين علمت «البناء» أن ملف النزوح يشكل أحد أهم الملفات الخلافية بين التيار الوطني الحر وقوى 8 آذار من جهة وتيار المستقبل و«القوات اللبنانية» من جهة ثانية، أوضح مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدولية الوزير السابق الياس بو صعب في تصريح تلفزيوني الى أن «هناك أعداداً هائلة من النازحين باتت موجودة في البلدات في لبنان في وقت الاقتصاد بات في وضع سيئ»، مضيفاً: «ما نقوله اليوم هو أن وضعنا في لبنان لم يعد يتحمل كل هذه الأعباء»، مؤكداً أننا «لن نقبل لغة العودة «الطوعية» للسوريين الى بلادهم بل نسعى الى العودة «الآمنة» الى سورية»، وتساءل بو صعب: ماذا لو اختار مليون ونصف المليون نازح البقاء في لبنان، هل نبقيهم هنا؟».
أمر عمليات خارجي؟
ولفتت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ «البناء» الى أن «العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسورية تفرض على لبنان احترام هذه العلاقات، وبالتالي من الطبيعي أن تنسق وزارة الخارجية اللبنانية مع وزارة الخارجية السورية في ما خصّ ملف النازحين وغيرها من القضايا التي تهم الدولتين بما فيها اللقاءات بين الوزراء». وحذرت المصادر من اطلاق البعض مواقف سياسية تهدف الى تقديم أوراق اعتمادهم الى الخارج ويحلمون بلعب أدوار وتبوء مناصب سياسية مستقبلية، لكنها تصيب في الوقت عينه الاستقرار الداخلي»، وأوضحت أن «هجوم البعض على زيارات بعض الوزراء الى سورية يقابله اعتراض من الفريق الآخر على زيارات ولقاءات مسؤولين لبنانيين مع دول عربية وخليجية كالسعودية». وتساءلت المصادر: هل يخرق الحريري سياسة النأي بالنفس عندما يزور السعودية؟ وهل يأخذ موافقة الحكومة عندما يزورها؟ وبالتالي ما يفرض علينا الطرف الآخر تطبيقه على سورية فلنطبقه على السعودية…
وحذّرت المصادر من «لغة التهديد والوعيد التي لم تعُد تجدي في ظل تهاوي وتعثر المشروع الاميركي «الاسرائيلي» السعودي في المنطقة. وبالتالي لا تؤدي إلا الى مزيدٍ من التأزيم السياسي»، موضحة أن «أي ترجمة لهذه اللغة يعني أمر عمليات خارجي الى أدوات الداخل لتفجير الحكومة ونسف التسوية، بهدف قلب المعادلة الداخلية وتشكيلها من جديد»، محذرة رئيس الحكومة والفريق المستقبلي من «الذهاب الى خيارات كهذه تطيح بما أنجز منذ انتخاب الرئيس عون حتى الآن».
وفي سياق ذلك، أكد وزير الخارجية الأسبق الدكتور عدنان منصور لـ «البناء» أن «ما يُساق بحق وزارة الخارجية ووزير الخارجية الحالي جبران باسيل مجرد افتراءات واتهامات سياسية»، موضحاً أن «وزير الخارجية لم يخرج عن الإجماع الحكومي ولم يخرق الدستور ولا البيان الوزاري، بل هو وزير سيادي، وله الحق بأن يمارس سيادته على وزارته. وهو انطلق في مقاربة العلاقة مع سورية من الاتفاقيات الموقعة بين الدولتين، وهي معاهدة الأخوة والصداقة والأمن والدفاع المشترك التي ترعى المصالح بين البلدين فضلاً عن وجود بروتوكولات موقعة بين الجانبين في مختلف المجالات، وبالتالي الزيارات المتبادلة للوزراء حد أدنى يتطلبه تسيير الشؤون والمصالح».
وعن ملف النازحين أشار منصور الى أن «الحل لمسألة النزوح يتم بالتنسيق بين المسؤولين في الحكومتين لوضع خريطة طريق لإعادة النازحين، لا سيما أن معظم النازحين أتوا من مناطق تم تحريرها، وعادت الى حضن الدولة. وبالتالي على الدولة اللبنانية الإسراع بالتواصل مع الحكومة السورية لإنهاء الملف»، مشيراً الى أن «الامم المتحدة لا تستطيع حل الأزمة وحدها بل بلد النزوح وبلد الموطن هما الأدرى بأعداد النازحين وأوضاعهم وأماكن تواجدهم والمناطق التي نزحوا منها»، محذراً من أن «التلكؤ الحكومي في هذه القضية سيؤدي الى إبقاء النازحين في لبنان لعشرات السنوات، كما حصل في فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها».
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «لبنان أصبح بعد معادلة الجيش والشعب والمقاومة أكثر حصانة في مواجهة المؤامرات الخارجية، وأن نجاحه ضد «إسرائيل» أعطاه قوة الصمود والاستقلال، ونجاحه ضد الإرهاب التكفيري حصَّنه من الفتنة المذهبية وعدم الاستقرار، لم تعد الاتهامات ضدنا تُطعم خبزًا، والتحريض المذهبي يخنق أصحابه، والدفاع عن التكفيريين بات مذلّة، والتعليمات الخارجية لبعض مَن في الداخل أصبحت عبئاً على المأمورين بها».
وصول جثامين ضحايا حادثة «غرينفيل» لبيروت
على صعيد آخر، وبعد الحادثة المأساوية التي تعرّض لها الاغتراب اللبناني في بريطانيا في حزيران الماضي، وصلت الطائرة التي تقل جثامين عائلة اللبناني باسم طعان شقير الستة الذين قضوا في حريق برج «غرينفيل» في لندن لمطار بيروت مساء أمس.
وكان في استقبال الجثامين في صالون الشرف في المطار وزير الزراعة غازي زعيتر ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقيادة حركة أمل، ووزير الصناعة حسين الحاج حسن ووفد من بلدة نحلة البقاعية مسقط رأس الضحايا، وذوو الضحايا وعدد كبير من أهالي البلدة.
وأمل زعيتر أن تكون هذه الكارثة «آخر الكوارث بحق المغتربين، داعياً الحكومة الى الاهتمام بالضحايا»، بينما أشار الحاج حسن الى أن «هناك أزمات أدّت إلى هجرة لبنانيين باحثين عن فرص عمل في الخارج ونأمّل أن يتمّ حلّ هذا الموضوع».
وقد رافق الجثامين على متن الطائرة الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، ممثلاً الرئيس الحريري، ويشيع الجثامين الستة صباح اليوم في بلدة نحلة.
المصدر: صحف