حيدر كرنيب
واجه قرار الحكومة “الإسرائيلية” بوقف العدوان على قطاع غزة معارضةً شديدةً من جانب العديد من الشرائح “الإسرائيلية”. واعتبرت العديد من الأوساط داخل الكيان أن الاتفاق يمثل هزيمة لـ”إسرائيل”، بعد تمكن المقاومة من تحقيق الأهداف التي وضعتها لنفسها في بداية “طوفان الأقصى”.
ومن أبرز المنتقدين لهذا الاتفاق حزب “القوة اليهودية” بقيادة إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الصهيوني الذي قدّم استقالته من الحكومة. وفي المقابل، بقي حزب “الصهيونية الدينية” بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في الائتلاف الحاكم، بعد تلقيه ضمانات من نتنياهو باستئناف العدوان.
وكان نتنياهو يخشى انسحاب بن غفير وسموتريتش من الحكومة. أما الآن، وبعد انتهاء العدوان، فيبدو أن نتنياهو خسر حليفه بن غفير، وسط علاقات متوترة مع سموتريتش، مما قد يؤدي إلى تزعزع الائتلاف الحكومي في “إسرائيل” خلال الأيام المقبلة.
إعترافات بالفشل
وفي سياق تداعيات وقف العدوان على غزة، أعلن رئيس أركان الاحتلال هرتسي هاليفي استقالته على خلفية فشله في مواجهة أحداث السابع من أكتوبر عام 2023. وفي بيان الاستقالة، اعترف هاليفي بأن جيشه فشل في الدفاع عن الكيان، مقراً في الوقت ذاته بأن المقاومة كبدت الجيش خسائر بشرية ومادية كبيرة.
كما تحدثت وسائل إعلام العدو عن إخفاقات الحرب، وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن “إسرائيل فشلت في تحقيق هدفها الأول والأهم من هذه الحرب، وهو إسقاط حكم حماس في غزة.”
وتطرّق العديد من الإعلاميين “الإسرائيليين” في نقاشاتهم إلى رضوخ الحكومة أمام المطالب الفلسطينية، بالتزامن مع الكثير من التصريحات الصحفية والسياسية التي انتقدت قرار نتنياهو، معتبرةً أنه لم يحقق أهداف العدوان.
في هذا الصدد، أشار خبير الشؤون العبرية في قناة المنار حسن حجازي، إلى أن “إسرائيل” أخفقت في تدمير حماس وإنهاء سيطرتها على غزة وإحكام قبضتها عليها، وهو ما كان يُعد من أبرز أهداف الحرب.
وأضاف حجازي في حديث إلى موقع المنار أن”عمليات التدمير والمجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال لم تغيّر شيئًا من المعادلة”. وأشار بالمقابل إلى أن” ظهور المجاهدين علنًا في شوارع غزة وتسليمهم الرهائن أثار غضبًا كبيرًا في الجانب الإسرائيلي”.
وبحسب العديد من الإعلاميين “الإسرائيليين”، فقد تمكنت حماس من تحقيق انتصار كبير. ورأى الكاتب “آلون مزراحي” أن حماس استطاعت أن تهزم الغرب أيضًا، في حين أشار الصحفي رون كوفمان إلى فشل الجيش “الإسرائيلي” في القضاء على حركة حماس.
وتأتي جميع هذه الآراء والتصريحات ردًا على تصريح نتنياهو في بداية الحرب، الذي زعم فيه أنه سيتم سحق حماس وإنهاء حكمها في غزة. وهو ما لم يتحقق وفقًا لبنود الاتفاق.
لماذا أوقفت إسرائيل الحرب؟
تؤكد العديد من الأوساط “الإسرائيلية” أن الكلفة الباهظة للحرب، والخسائر المادية والبشرية الكبيرة، خاصة بعد فتح جبهات الإسناد من لبنان واليمن والعراق، كانت كفيلة بأن تجبر نتنياهو على إنهاء الحرب.
كما تعرض نتنياهو لضغوط من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي هدد بوقف التمويل الأميركي للكيان، وفقًا لوسائل إعلام غربية. وأثرت الاحتجاجات الداخلية الإسرائيلية أيضًا على قرار نتنياهو، خاصة التحركات التي قادتها عائلات الأسرى.
ورغم ذلك، يحاول نتنياهو إيهام حلفائه في اليمين بأن لديه تعهدات أميركية تسمح له بخرق الاتفاق. وفي هذا السياق، أكد حجازي أن”نتنياهو يحاول التلاعب بتفسير بنود الاتفاق، خاصة مع بدء المرحلة الثانية من تنفيذه، والانسحاب التدريجي للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة”.
لكن نتنياهو، وفقًا لمحرر الشؤون العبرية في قناة المنار، يواجه صعوبة في العودة إلى القتال في غزة، خصوصًا بعد تصريحات ترامب التي أكد فيها أنه لا يريد حروبًا جديدة في المنطقة.
وفي حين يزعم وزير خارجية الاحتلال، جدعون ساعر، أن إدارتي بايدن وترامب لم تجبرا “إسرائيل” على اتخاذ أي قرار لا تريده، يرى حجازي أن”هذا غير صحيح. فقد كان كلام مستشار ترامب يوم الجمعة الماضي حاسمًا بشأن ضرورة إنهاء الحرب”. واعتبر أن” الضغوط الأميركية هي التي دفعت نتنياهو إلى اتخاذ هذا القرار، رغم تهديدات بن غفير بالاستقالة”.
تشهد الأوساط “الإسرائيلية” أجواء مشحونة في هذه المرحلة، مع تضارب وجهات النظر وانقسام الآراء حول إنهاء الحرب. وخصوصًا بعد الوعود التي قُطعت بتدمير المقاومة وطردها من غزة، والتي قوبلت بصمود أسطوري. فماذا تخبئ الأيام القادمة؟ هل ستتم مراحل تنفيذ الاتفاق بشكل طبيعي؟ هل سيعاود نتنياهو استئناف القتال؟ أم أنه سينصاع للأمر الواقع؟.
المصدر: موقع المنار