عشية جلسة البرلمان اللبناني.. ما دور رئيس الجمهورية بموجب الدستور وكيف يتم انتخابه؟ – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

عشية جلسة البرلمان اللبناني.. ما دور رئيس الجمهورية بموجب الدستور وكيف يتم انتخابه؟

القصر الجمهوري بعبدا
حنين إبراهيم الموسوي

يتعرض الدستور اللبناني لصلاحيات رئيس الجمهورية اللبنانية في الفصل الرابع منه المخصص للسلطة الإجرائية، على أساس أن رئاسة الجمهورية في مقدمة السلطات الإجرائية، ويفصّل صلاحيات الرئيس ابتداء من المادة 49 وما يليها إلى المادة 63.

تعطي المادة 49 الرئيس مكانة رمزية خاصة، فتقول “رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقاً لأحكام الدستور”، وتعطيه صلاحية ترؤس “المجلس الأعلى للدفاع” وتصفه بأنه “القائد الأعلى للقوات المسلحة”، ولكن القوات المسلحة بنفس الوقت “تخضع لسلطة مجلس الوزراء”.

وتشكل هذه المادة نموذجا لكل ما يأتي بعدها، من حيث توجه الدستور اللبناني بعد الطائف لإرساء صيغة المشاركة في السلطة الإجرائية بين رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعاً (المؤلف من كل الطوائف)، لتحقيق المشاركة في الحكم بين المسلمين والمسيحيين.

فيما يخص القوانين والمراسيم، يحق لرئيس الجمهورية إصدار القوانين، إنما بعد أن يكون قد وافق عليها مجلس الوزراء. ومن جهة أخرى ليس للرئيس حق التعديل عليها، ولكن “له حق الطلب إلى مجلس الوزراء إعادة النظر في أي قرار من القرارات التي يتخذها المجلس خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إيداعه رئاسة الجمهورية. وإذا أصر مجلس الوزراء على القرار المتخذ أو انقضت المهلة دون إصدار المرسوم أو إعادته يُعتبر القرار أو المرسوم نافذاً حكماً”.

وعلى المنوال نفسه، أعطى الدستور رئيس الجمهورية حق عقد المعاهدات الدولية وإبرامها ولكن “بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء”.

ولرئيس الجمهورية حق ترؤس مجلس الوزراء عندما يشاء ولكن “دون أن يشارك في التصويت”، وله حق عرض أي أمر من الأمور الطارئة على مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال، كما له أن يدعو مجلس الوزراء استثنائياً للاجتماع كلما رأى ذلك ضرورياً إنما “بالاتفاق مع رئيس الحكومة”.

وهو الذي يسمي رئيس الحكومة ولكن بناء على ما تقرره أغلبية النواب بعد تشاوره معهم، ويصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم.

وأعطاه الدستور حق إصدار بعض المراسيم متفرداً، أي تحمل توقيعه هو، ولكنها في الغالب لا تأخذ شرعيتها إلا بالتشارك مع سلطات أخرى مثل تسمية رئيس مجلس الوزراء والذي يختاره النواب ويصدر الرئيس مرسوم تسميته فقط.

وله صلاحيات أخرى مثل إحالة مشاريع القوانين التي تُرفع إليه من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب مثل منح العفو الخاص، واعتماد السفراء وقبول اعتمادهم ومنح الأوسمة وما إلى ذلك.

من الناحية الواقعية، إن وزن رئيس الجمهورية اللبنانية أكبر من الصلاحيات المناطة به، لأنه يمثل الطائفة المسيحية في لبنان، وعند الاختلاف بين الطوائف تصبح الصلاحيات مسألة ثانوية، خاصة وأن الاجتهادات في الفقه القانوني اللبناني إذا مرت ولو مرة واحدة، تصبح عرفا ملزما، وهو ما يفسر بعض وجوه النزاعات القانونية والطائفية.

وسط ترقب داخلي وخارجي للانتخابات الرئاسية في التاسع من كانون الثاني، يستقبل لبنان عام 2025، والبحث جار عن توفير أكبر قدر من التوافق على انتخاب الرئيس المقبل، فهل سيكون يوم 9/1/2025 اليوم الأخير في  الفراغ الرئاسي، ونشهد انتخاب رئيس للجمهورية؟

ما هي شروط رئيس الجمهورية ؟

تنصُ المادةُ التاسعةُ والأربعونَ من الدستورِ اللبناني على عدمِ جوازِ إنتخابِ أحدٍ لرئاسةِ الجمهوريةِ ما لم يكن حائزاً الشروطَ التي تؤهلُه للنيابةِ وغيرِ المانعةِ لأهليةِ الترشيح. فما هي أبرزُ هذه الشروط؟

أولًا، أن يكونَ لبنانيًّا منذُ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ وقد أتمَّ أو أتمت الخامسةَ والعشرينَ من العمر.
ثانيًا، أن يكونَ متمتعًا بحقوقِه المدنيةِ والسياسية.
ثالثًا، أن يكونَ متعلمًا.

ووَفقَ الدستور، لا يجوزُ انتخابُ القضاةِ وموظفي الفئةِ الأولى وما يعادلُها في جميعِ الإداراتِ العامةِ والمؤسساتِ العامةِ وسائرِ الأشخاصِ المعنويينَ في القانونِ العامِّ مدةَ قيامِهم بوظيفتِهم، وخلالَ السنتينِ اللتينِ تليانِ تاريخَ استقالتِهم وانقطاعِهم فعليًّا عن وظيفتِهم أو تاريخَ إحالتِهم على التقاعد.

لكنَ هذه المادةَ الدستوريةَ عُدِّلت عامَ ألفٍ وتسِعمئةٍ وثمانيةٍ وتسعينَ لانتخابِ قائدِ الجيش حينَها العماد إميل لحود رئيسًا. وعامَ ألفينِ وثمانية، انتُخب قائدُ الجيشِ حينَها العماد ميشال سليمان رئيسًا من دونِ أخذِ الاعتراضاتِ الدستوريةِ على ذلكَ بعينِ الاعتبار.

كيف ينتخب رئيس الجمهورية في لبنان؟

بمُوجِبِ النظامِ الجمهوريِّ في لبنان، يَنتخبُ مجلسُ النوابِ رئيسَ الجمهورية. انتخاباتٌ ينصُ الدستورُ على وجوبِ أن تتمَ قبلَ موعدِ انتهاءِ ولايةِ الرئيسِ السلَفِ بشهرٍ على الأقلِّ أو شهرينِ على الأكثر.

خلالَ هذه المهلةِ يتوجبُ على رئيسِ مجلسِ النوابِ الدعوةُ إلى جلسةٍ لانتخابِ رئيسٍ جديد، وإذا لم يدعُ المجلسَ فإنه يَجتمعُ حكماً في اليومِ العاشرِ الذي يسبقُ أجلَ إنتهاءِ ولايةِ الرئيس.

يُعتبرُ المجلسُ الملتئمُ لانتخابِ رئيسِ الجمهوريةِ هيئةً انتخابيةً لا تشريعية، ويترتبُ عليه الشروعُ في انتخابِ رئيسٍ من دونِ مناقشةِ أيِ عملٍ آخر.

وبحسَبِ المادةِ التاسعةِ والأربعينَ من الدستورِ اللبناني، يُنتخبُ رئيسُ الجمهوريةِ بالاقتراعِ السريِّ بغالبيةِ الثلثينِ من مجلسِ النوابِ في الدورةِ الأولى، فيما يُكتفى بالغالبيةِ المطلقةِ في دوراتِ الاقتراعِ التي تلي.

يحلفُ الرئيسُ المنتخبُ أمامَ البرلمانِ يمينَ احترامِ الدستورِ والقوانينِ وحِفظِ استقلالِ الوطنِ وسلامةِ أراضيه. ولم يتطرق الدستورُ صراحةً إلى حالةِ انتهاءِ ولايةِ الرئيسِ وعدمِ انتخابِ بديلٍ له.

أما في ما خصَّ مدةَ ولايةِ الرئيسِ فهي محددةٌ دستوريًّا بستِ سنواتٍ مع عدمِ جوازِ إعادةِ انتخابِه إلا بعدَ ستِ سنواتٍ من انتهائِها، لكنَ هذه المادةَ عُدِّلت مرتينِ بعدَ اتفاقِ الطائفِ ما سمحَ بالتمديدِ للرئيسينِ الياس الهراوي وإميل لحود ثلاثَ سنواتٍ إضافية.

المصدر: موقع المنار