الخروقات الصهيونية المستمرة على لبنان تكشف، يوماً بعد يوم، عن انتقام أعمى يستهدف كل شيء: المنازل المدنية، الأرض، الزراعة، والبنية التحتية. وقد طالت هجماته، أمس، واديي السلوقي والحجير وعدداً من القرى، في مشهد استعراضي يبرز عمق الإجرام وضيق الخيارات، حيث عمد الاحتلال إلى اقتلاع الأشجار وحرث الطرقات، في محاولة عبثية لردّ الاعتبار.
العميد منير شحادة، المنسق السابق للحكومة اللبنانية لدى قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، قال لموقع المنار إن”الخروقات الإسرائيلية المستمرة منذ إعلان وقف إطلاق النار وحتى اليوم تعكس مساعي “إسرائيل” لفرض أمر واقع على لبنان ومقاومته”. وأوضح أن “إسرائيل” تستغل الغطاء الدولي الذي تمنحه اللجنة التي ترأسها الولايات المتحدة، لتكريس سيطرتها وتحقيق أهداف عجزت عن تحقيقها في الحرب”.
وأشار شحادة إلى أن”إسرائيل تسعى للحفاظ على حرية الحركة العسكرية، حيث تواصل قصف المناطق اللبنانية وتوغّلها الميداني دون رادع”. وأكد أن” اللجنة الدولية لم تُظهر أي فاعلية في لجم هذه الخروقات الخطيرة أو الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها المتكررة”.
خروقات خطيرة تهدد الاتفاق
وتطرّق العميد شحادة إلى “حادثة الأربعاء الماضي حينما كانت اللجنة الدولية تجتمع في الناقورة، بينما كانت القوات الإسرائيلية تتقدم بالقرب من مكان الاجتماع، تقوم بتفجير وتدمير منازل في البلدة”. كما أشار إلى”نصب مستوطنين خيمًا في منطقة مارون الراس، مما يعكس نوايا عدوانية واستيطانية واضحة تجاه الجنوب اللبناني”.
وأضاف أن” أخطر التطورات حدثت مؤخرًا في وادي الحجير، حيث قامت “إسرائيل” بإقامة ساتر ترابي لفصل وادي الحجير عن وادي السلوقي في خطوة استفزازية تهدف إلى تغيير الواقع الجغرافي لتحقيق ما عجزت عنه في الحرب”.
استمرار المقاومة والتزامها بالاتفاق
وأكد شحادة أن” المقاومة ما زالت تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، في محاولة منها لمنح اللجنة الدولية فرصة لأداء دورها. بينما “إسرائيل” استكملت تدمير القرى الجنوبية وقصفت مناطق في عمق البقاع اللبناني، في خروقات واضحة للقرارات الدولية، مما يؤكد أن “إسرائيل” لا تردعها سوى القوة”.
“إسرائيل” تستغل الأوضاع الإقليمية
وأشار العميد شحادة إلى أن”ما شهدته سورية من سقوط النظام وتقدم “إسرائيل” باتجاه الشمال، وصولاً إلى مسافة 12 كيلومترًا من معبر المصنع على الحدود اللبنانية_ السورية، وعلى مقربة من العاصمة دمشق، يُعتبر حدثًا زلزاليًا قلب الموازين في المنطقة. هذا التطور دفع “إسرائيل” لاستغلال الأوضاع الإقليمية للتملص من الاتفاقيات الدولية، مع إبقاء حركتها العسكرية في جنوب لبنان حرة وغير مقيدة، ما يتيح لها تنفيذ اعتداءاتها وتوسيع رقعة خروقاتها”.
ورأى أن “إسرائيل تواصل قصف المناطق اللبنانية، وترسل طائراتها الاستطلاعية فوق الأجواء اللبنانية دون رادع، في تحدٍ صارخ للقرارات الدولية. هذا السلوك المرفوض يكشف عن نوايا إسرائيلية واضحة لفرض أمر واقع جديد، غير مكترثة بأي جهود دولية لضبط انتهاكاتها”.
المقاومة ملتزمة لمنح المجتمع الدولي فرصة
ولفت شحادة إلى أنه”رغم هذه التطورات، تواصل المقاومة التزامها باتفاق وقف إطلاق النار، في محاولة لمنح المجتمع الدولي فرصة للضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها. ومع بقاء مهلة الستين يومًا التي حددها الإتفاق قيد التنفيذ، يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى قدرة اللجنة الدولية والسلطات اللبنانية على فرض التزامات إسرائيل”.
وأضاف شحادة أن”صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية نشرت أن الجيش الإسرائيلي يعتزم البقاء في جنوب لبنان حتى بعد انتهاء المهلة المحددة. هذا التصريح يعكس إصرار “إسرائيل” على الاستمرار في سياساتها العدوانية، وهو ما يؤكد مجددًا أن التعامل معها لا يمكن أن يُجدي نفعًا إلا عبر القوة والمقاومة”.
وقام مراسلنا علي شعيب اليوم بجولة في المنطقة التي دخلتها القوات الصهيونية يوم امس في جنوب لبنان.
وحول الخروقات أفاد مراسلنا أن” العدو استمر بعمليات التفجير والنسف في المناطق الحدودية والتي تستهدف منشآت ومنازل مدنية على امتداد القطاعات: الناقورة ويارون وكفركلا، حيث اصبح 70% من منازل بلدة كفركلا مدمّرة بالكامل، بالإضافة الى قصف مدفعي داخل قرية عيتا الشعب، إضافة لعمليات تفجير في البستان وام التوت ورشقات رشاشة باتجاه بلدة الناقورة”.
ولفت مراسلنا إلى ان” كل ذلك يؤشر إلى أن العدد الكبير من جنود العدو غادر المنطقة الحدودية، وقوات العدو تنفذ تقدمات واقتحامات بهدف التفجير ومن ثم تنسحب خلف الحدود “.
واضاف “الجيش اللبناني نفذ دورية مسح من خلالها منطقة وادي السلوقي بالإضافة الى بلدة القنطرة ولم يرصد أي تحرك لقوات العدو الصهيوني في كل المنطقة التي دخلها يوم أمس”.
مكتب الرئيس ميقاتي ينفي الأنباء عن عدم انسحاب “اسرائيل” بعد انتهاء مهلة لـ60 يوماً
من جهته، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيانًا نفى فيه صحة الأنباء المتداولة بشأن تلقي لبنان إشعارًا بعدم انسحاب “إسرائيل” من الجنوب بعد انتهاء مهلة الستين يومًا. وأكد البيان أن” الرئيس ميقاتي أبلغ الجهات المعنية، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا، بضرورة الضغط على إسرائيل للانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية التي توغلت فيها، ووقف انتهاكاتها المتكررة”.
وأوضح البيان أن” الرئيس ميقاتي شدد على هذا الموقف خلال الاتصالات الديبلوماسية والعسكرية الكثيفة التي أجراها من أجل انسحاب العدو من القنطرة وعدشيت والقصير ووادي الحجير في الجنوب، كما أن دولة الرئيس كان أبلغ هذا الموقف إلى ممثلي واشنطن وباريس في اللجنة الأمنية الخماسية لوقف النار، خلال الاجتماع في السرايا الثلثاء الفائت، وطالب بوجوب الالتزام الاسرائيلي الكامل بالانسحاب، مشدداً على أن الجيش الذي يقوم بواجبه في مناطق انتشاره، باشر تعزيز وجوده في الجنوب طبقاً للتفاهم”.
وأضاف البيان”ان المواقف الإعلامية والمزايدات المجانية في هذا المجال لا تُجدي نفعاً، فالحكومة لم تقصّر في متابعة هذا الملف على كل الصعد السياسية والديبلوماسية والأمنية والاجتماعية منذ اليوم الأول للعدوان الاسرائيلي، وهي وجدت نفسها أمام واقع لا تتحمّل مسؤوليته ولكنها، وحرصا منها على المصلحة الوطنية، تقوم بواجبها بكل عزم ومثابرة من دون التوقف عند الاتهامات والمزايدات التي لا طائل منها”.
المصدر: قناة المنار