بداية معركة طوفان الاقصى والعمل البطولي الذي قام به أبطال حركات المقاومة في فلسطين وما تلاه، كان لزاماً على المقاومة الاسلامية في لبنان أن تكون جبهة إسناد ومساعدة لإخوانهم الفلسطينيين منذ البداية، فكان أن بدأت تحركات المقاومة وعملياتها المساندة منذ ثاني أيام الطوفان ولا تزال، لدرجة تحول معها الشمال الفلسطيني الى منطقة مهجورة من قاطنيها نتيجة كل ما شهدته تلك الجبهة من حماوة او فتور بالترابط مع أحداث جبهة فلسطين ومتغيراتها.
الأمر الذي أقلق الكيان الإسرائيلي بيمينه ويساره وشكل قلقاً أكبر لأميركا ولآخرين من مناصري وداعمي الكيان الصهيوني لعلمهم الأكيد أن تحرك جبهة الشمال قد يُلهب المنطقة برمتها ويقلب موازين كثيرة لم تكن في حسبانهم قبلاً.
الإسناد الذي لاقته جبهة الداخل الفلسطيني من خلال دعم المقاومة الإسلامية بالأفعال لا الأقوال فقط والذي أخذت مساراته تتغير بتغير أحداث الداخل الفلسطيني بشكل عام وجبهة الشمال الفلسطيني بشكل خاص حتّم على الجميع محاولة ايجاد حلول كيلا تتدحرج المنطقة الى نقطة اللاعودة حتى الحسم الواضح والبّين والذي يتحتم معه زوال الكيان الصهيوني دونما حسابات أخرى، فأكثر المتأملين والداعمين للصهاينة، تبدلت تطلعاته، بعدما رأى حجم وقوة وصلابة المحور الذي نشأ والذي لا يتستبدل قرار زوال الصهاينة بأي أمر اخر.
خلال كل ذلك السياق، يتضح لنا أنّ من اللاعبين الأساسيين في هذا الصراع وهذه المواجهة، كان حزب الله بجناحه العسكري، بل هو ربما أبرز اللاعبين والمؤثرين، يتضح كل ذلك من خلال تحكمه بحجم وطبيعة أي مواجهة وأي رد، الأمر الذي استدعى تنبيهاً أميركياً واضحاً لربيبته إسرائيل بأن حزب الله قد يقلب الطاولة على رؤوس الجميع ويعيد كامل الحسابات بل وتتغير بتحركاته كافة أشكال المواجهة وبالتالي نتائج الحرب القائمة والتي عرفها، تلك النتائج، الأميركي قبل الجميع.
اذن من خلال سياق واضح يتضح أنّ دوراً كبيراً، فاعلاً ومؤثراً يقوم به حزب الله، بل هو الدور الأكبر والأكثر تأثيراً، طبعاً بالتنسيق والتكامل مع باقي شركائه في هذا المحور، ورغم التهويل الهزيل الذي يظهر بين الحين والاخر من بعض قادة الصهاينة، الا أنها تهديدات فارغة المضمون والفعالية دون أي تأثير وهو أمر لا يزال حتى الساعة يضبطه الأميركي دونما جرأة إسرائيلية على المخالفات والشيطنات الكبرى، بل هو يسعى لإبقاء المراوحة حتى الإنتخابات الأميركية التي يتأمل بعودة ترامب الى سدة الرئاسة ومعه عودة الدعم اللامحدود للصهاينة.
لكن المفارقة أن الصهاينة غفلوا أمراً مهماً بأن أمريكا تأمر اسرائيل ولا تنصاع لها بغض النظر عمن يقطن البيت الأبيض، ولا يزال في جعبة الأميركي، بحسب رأيي، ورقة القوة والفرض بأنه في حال وضوح أي محاولة تفلّت أو مخالفة من نتنياهو، خوفاً من قضبان سجن قادمة لا محالة، فإن إقصاء نتنياهو، ربما بعملية اغتيال من متطرف صهيوني، هو أمر يسير على أميركا سيراً في مشروعها الكبير المفترض في المنطقة والذي لن تسمح لنتنياهو بأن يكون عقبة في مسير ذلك المشروع.
في الخلاصة، نتيجة واحدة لا لُبس فيها ولا خلاف، أن حزب الله هو اللاعب الأساسي في هذه المواجهة، يملك مفاتيح التصعيد كلما أراد محافظاً على قواعد اشتباك يتحكم بها صعوداً أو نزولاً مع تقهقر دور صهيوني خسر جبهة الشمال وفي طريقه الى خسارة الحرب.
عِبرةُ ما يحصل في خواتيم واضحة النتيجة بخسارة إسرائيلية بيّنة يظهر حجمها من خلال الحمق والغباء المستشري في الداخل الإسرائيلي أو حكمة البعض الذي يعمل على تخفيف أثر ونتائج الهزيمة التي باتت أمراً مؤكداً لا جدال فيه.
خلاصة القول، أثبت حزب الله على مدى الأشهر التسعة المنصرمة أنّ الأمر له دون سواه.
المصدر: بريد الموقع