الصحافة اليوم 1-8-2023 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 1-8-2023

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 1-8-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.

البناء:

البناءبوتين: مستعدّون لمواجهة الأطلسي في سورية… وعبد اللهيان والمقداد للأميركيين: ارحلوا

عين الحلوة تنزف دماً وسقوط مساعي التهدئة… والسؤال مَن قرّر إعادة مُبعَدي العصبة؟

منصوري حاكماً للمصرف المركزي اليوم والأولوية للقانون… وسعر الصرف إلى استقرار

كتب المحرّر السياسيّ

تتسارع المؤشرات على التمهيد لمرحلة جديدة في الشمال السوري ينتقل فيها الضوء من شمال غرب سورية، حيث الاحتلال التركي وسيطرة امتداداته من تشكيلات إرهابية، في ظل تراجع الرهان على إيفاء تركيا بتعهداتها مع انعطافتها الجديدة، كما في كل مرة، نحو أوهام الحصول على معاملة مميزة وعائدات مجزية من البحث عن مكان في الاتحاد الأوروبي واستثمار الموقع في حلف الناتو، وكان البيان السوري الروسي بعد زيارة المبعوث الرئاسي الروسي الكسندر لافرنتيف إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، واضحاً في الحديث عن التعنت التركي في الانسحاب من الأراضي السورية، والكلام نفسه بتعابير أخرى ورد على لسان وزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد خلال زيارته لطهران ولقائه بنظيره وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي أكد وجوب انسحاب جميع القوات الأجنبية التي تتمركز بصورة غير مشروعة فوق الأراضي السورية، لكن الضوء يبدو مركزاً نحو الاحتلال الأميركي هذه المرة، في ضوء مؤشرات واضحة على تصاعد الاحتكاكات الروسية الأميركية وصولاً لكلام هام قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أن بلاده مستعدّة لمواجهة مع حلف الأطلسي في سورية، بينما تحدّث الوزيران المقداد وعبد اللهيان بوضوح أيضاً عن أن على الأميركيين مغادرة الأراضي السورية. وقال المقداد عليهم الرحيل قبل أن يتم إجبارهم على ذلك، ولا يبدو ذلك معزولاً عن حجم نتائج الضغوط الاقتصادية الأميركية التي ظهرت في تراجع سعر صرف الليرة السورية، فيما الثروات السورية النفطية التي تحرّك عجلة الاقتصاد وتضمن توفير الكهرباء وتأمين الخدمات، وتوفر حاجات سورية من المشتقات النفطية منهوبة من الأميركيين، بينما تتحول القواعد الاميركية خصوصاً في التنف، كما قال المقداد الى نقطة تجميع ورعاية للجماعات الإرهابية، بينما في مناطق شرق الفرات تحوّلت جماعة قسد، وفق وصف المقداد الى جماعة تخريبية مرتبطة بالمشاريع الأجنبية.

مع ترقب كيفية ترجمة المواقف المرتبطة بإجبار القوات الأميركية على الرحيل ما لم ترحل، يستمرّ لبنان في الفراغ الرئاسي بقرار أميركي باحتجاز الحوار الوطني والتوافق الذي يمكن أن ينتج رئيساً، عبر تشجيع الجماعات التي تلوذ به على مواصلة رفض الحوار، بينما تبدو أصابع حلفاء واشنطن في المنطقة غير بعيدة عن مشهد الانفجار الأمني في مخيم عين الحلوة، حيث شكلت عودة الجماعات التي تمّ إبعادها عن المخيم إلى تركيا والشمال السوري قبل أربعة أعوام، مصدر تساؤل عن الجهة التي رعت عودتهم، ونوع الصلة بين هذه العودة والانفجار الأمني في المخيم، ووظيفة هذا الانفجار في إرباك المشهد السياسي والأمني في لبنان.

مالياً تجاوز لبنان المحطة الصعبة التي تمّ التهويل بتداعياتها كثيراً، مع نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، فيما كان واضحاً أنه تمهيد لطرح التمديد له، ومع خروج سلامة تثبّت تسلّم نائبه الأول الدكتور وسيم منصوري مهامه كحاكم من صباح اليوم، وفق رؤية تعلي شأن القانون. وقد نجح منصوري في الحصول على التزامات حكومية ونيابية بتوفير إطار قانوني للمرحلة الانتقالية التي يتولى فيها مهام الحاكم بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين حاكم أصيل.

الأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة واستحقاق حاكمية مصرف لبنان مع نهاية ولاية الحاكم رياض سلامة، ملفان تقاسما المشهد الداخلي بانتظار أن ينجلي مصير الاشتباكات في عين الحلوة في ضوء سقوط اتفاق وقف إطلاق النار، وبانتظار كيفية ترجمة نائب الحاكم الأول الذي تسلّم صلاحيات الحاكم منتصف ليل أمس، مواقفه على أرض الواقع. وشهد يوم أمس على مغادرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منصبه في مصرف لبنان بعد 30 عاماً على رأس الحاكمية. وفي يومه الأخير، قال رياض سلامة خلال مغادرته المصرف أمام موظفيه «بودّعكن، بسّ قلبي باقي مَعكن، مصرف لبنان صمد وسيبقى صامداً».

بالتوازي كان النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري أكد خلال مؤتمر صحافيّ عقده نوّاب حاكم مصرف لبنان الـ4 في اليوم الأخير لولاية سلامة أن «خيارنا كان ثابتًا وواضحًا وهو أنه مهما كانت الأسباب التي تدفع الحكومة لطلب أموال من المصرف المركزي، فهي أسباب غير مبرّرة على الإطلاق ويجب أن يتوقف هذا الاستنزاف نهائيًا». وقال «اقتنعنا بأنّه لا يُمكن تغيير السياسات الموجودة ونؤكد على استقلالية مصرف لبنان، وأرسلنا كتباً إلى وزارة المالية وأصدرنا قراراً عن المركزي يقضي بأنه لا يجوز المسّ بالتوظيفات الإلزاميّة تحت أيّ مسمى أو ذريعة، وأقنعنا الحكومة أنّه يجب وقف سياسة الدّعم، ونتيجة لذلك بدأ الاقتصاد يتعافى نسبيًّا، ولكن بقيت حاجة الحكومة للدولار من مصرف لبنان مستمرّة لأنّ الحلّ الوحيد يكمن في إصلاح المالية العامة، فالمسألة ليست نقديّة والحلّ ليس في المركزي إنّما في السياسة المالية للحكومة»، معتبراً أننا «أمام مفترق طرق، فالاستمرار في نهج السياسات السابقة في ظلّ إمكانات «المركزي» المحدودة يعني أنّه لا بدّ من الانتقال إلى وقف تمويل الدولة بالكامل، ولن يتمّ التوقيع على أيّ صرف لتمويل الحكومة إطلاقاً خارج قناعاتي وخارج الإطار القانوني لذلك».

وأشار منصوري الى أنّ «وقف التمويل للحكومة لا يمكن أن يتمّ بشكلٍ مفاجئ، ويجب أن يحصل تعاون قانوني متكامل بين الحكومة ومجلس النواب و»المركزي» ضمن خطّة متكاملة تكفل أن تُعاد الأموال»، مردفاً: «ننظر إلى فترةٍ انتقاليّة قصيرة تسمح بتمويل الدولة بموجب قانون».

وشدّد على أنه «لا يُمكن للبلد الاستمرار من دون إقرار القوانين الإصلاحيّة، وهذه القوانين ينتظرها المودع منذ سنوات لمعرفة متى يستعيد أمواله ويجب تقديم مصلحة المواطن والمودع على أيّ شيء آخر، وسنكون بتصرّف مجلس النواب لتزويده بأيّ معلومات أو أرقام للانتهاء من درس القوانين»، لافتاً الى أنّ «وقف تمويل الحكومة لم يعد خياراً، والتدرّج باتخاذ القرار يحتاج إلى قانون وسيسمح قانون إقراض الحكومة بدفع رواتب القطاع العام والتشريع المطلوب يسمح بتنشيط الإدارة وتأمين الأموال للدواء».

وتابع منصوري «تحرير سعر الصرف وتوحيده يجب أن يتمّ بالتدرج حفاظاً على الاستقرار. وهذا القرار يُتّخذ بالتوافق مع الحكومة، وتواصلنا مع القوى الأمنية والقضاء للقضاء على التلاعب بسعر الصّرف، وما يُعزّز الاستقرار النقدي هو القانون الذي ستطلب الحكومة إقراره».

ورحبت مصادر سياسية ومالية بكلام منصوري لكونه ينطلق من قواعد أساسية في الاقتصاد والمال وكلامه يشكل إدانة واضحة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولسياساته الخاطئة التي ألحقت باحتياط مصرف لبنان وبالاحتياطات الإلزامية والعملة الوطنية والمالية العامة وبالاقتصاد خسائر فادحة، مشيرة لـ»البناء» الى أن سياسات سلامة النقدية مخالفة للقوانين، لأنه كان يموّل الدولة على مدى 30 عاماً ويصرف على التعاميم المصرفية وصيرفة خلال الثلاث سنوات الماضية من الاحتياط الإلزامي الذي هو جزء من أموال المودعين. وإذ لفتت إلى أن منصوري ربط استمراره بالسياسات الماضية ولو أنها خاطئة، بإقرار قانون من مجلس النواب يسمح للحكومة بالاستقراض من مصرف لبنان، أبدت ترحيبها بقوله إنه يجب إقرار قوانين إصلاحية والبحث عن موارد أخرى لتمويل الدولة وليس من مصرف لبنان، كما دعوته لوقف صيرفة تدريجياً، لكن المصادر حذرت من أن عدم إقرار المجلس النيابي قانون الاستقراض سيدفع منصوري الى وقف تمويل الدولة حتى رواتب الموظفين وصيرفة بطبيعة الحال.

وأمس تردّد أن المصارف أوقفت استقبال طلبات المواطنين للحصول على الدولار من صيرفة، ولفتت أوساط مصرفية لـ»البناء» الى أن المصارف ستلتزم بأي قيود سيفرضها مصرف لبنان على العمل على صيرفة، مشيرة الى أن التوجّه الى وقف صيرفة تدريجياً مع إجراءات للجم أي ارتفاع محتمل لسعر صرف الدولار. لكن مصادر حكوميّة أكدت لـ»البناء» أن صيرفة لن تتوقف لأن لوقفها تداعيات على سعر الصرف لن يستطيع أحد السيطرة عليها بظل الحاجة الكبيرة للدولار.

إلا أن خبراء اقتصاديين حذروا عبر «البناء» من فشل المجلس النيابي من إقرار قانون الاستقراض ما سيدفع نواب الحاكم الى وقف تمويل الدولة وكافة أنواع الدعم حتى الأدوية وصيرفة ما سيرفع سعر الدولار بالسوق السوداء الى 200 ألف ليرة وربما أكثر. ودعا الخبراء للتعامل مع المرحلة المقبلة بكثير من الدقة والحذر لأن السوق يتأثر سريعاً بأي خطوة أو إجراء من مصرف لبنان وبأي إشاعة عن الدولار. لكن الخبراء استبعدوا ارتفاعاً كبيراً في سعر صرف الدولار خلال الشهر الحالي بسبب التدفقات الكبيرة من الدولار الذي يدخل عبر المغتربين والذي يحقق التوازن في السوق بين العملات الأجنبية والعملة الوطنية.

على خطٍ موازٍ، عقد مجلس الوزراء جلسة في السراي الحكومي برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مخصّصة للبحث في موازنة 2023. وأفيد أن الرئيس ميقاتي أبلغ الوزراء بأن هناك مشروع قانون يرمي إلى الاقتراض بالعملة الأجنبية من مصرف لبنان لتمويل القطاع العام وسيتم توزيعه عليهم على أن يناقش في وقت قريب.

وأشار وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري الى أن «مجلس الوزراء درس مشروع الموازنة وموادها وتلزمها نحو 4 الى 5 جلسات»، معلناً خلال تلاوته مقرّراً مجلس الوزراء في السرايا الحكومية، عن «جلستين إضافيتين لمجلس الوزراء هذا الأسبوع لمتابعة مناقشة الموازنة».
وعن موقف الحكومة من الخطة التي عرضها منصوري، قال مكاري: «هناك أجواء إيجابية ولكن لا شيء أكثر من ذلك، فهو لم يتسلم بعد، وسيتسلم غداً (اليوم) من الحاكم رياض سلامة، وستعقد جلسة ثانية لعقد الخطة بشكل جدّي ومفصل».

وعلمت «البناء» أن الحكومة تتجه الى إحالة مشروع قانون للاستقراض الى المجلس النيابي.

وأشار منصوري لدى خروجه من جلسة الحكومة في السراي رداً على سؤال حول مبلغ ومدة الاقتراض في مشروع قانون الحكومة الذي يرمي الى الإجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الاجنبية ومن التوظيفات الإلزامية، الى انه «لا اعتراض من الوزراء على الاقتراض بالعملات الأجنبية والحكومة هي التي تحدد المبلغ الذي تريده».

وأعدت الحكومة مشروع القانون المعجل الحاضر للإجازة لها الاقتراض من المصرف المركزي بمبلغ محدد وبمدة محددة مع إجراء رقابة فعالة على علاقة الحكومة بالمركزي وإرساء شفافية تتعلق بالصرف من الحكومة ويرمي مشروع قانون الحكومة الى الإجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الاجنبية ومن التوظيفات الإلزامية لدى مصرف لبنان ضمن الشروط التالية:
– أن يكون القرض لمرة واحدة قابلة للتجديد لمرة واحدة.
– أن تحد الحكومة من احتياجاتها للأموال من المركزي وتحسن ايراداتها من خلال تفعيل الجباية وتحصيل الأموال.
– الا تستعمل الحكومة القرض الحاضر الا في حالات الضرورة ولا سيما منح الاستقرار المعيشي لموظفي القطاع العام.
– والفئات الأكثر هشاشة وتوفير الدواء واحتياجات الأجهزة العسكرية والأمنية.
– تدخل المركزي في سوق القطع للحفاظ على الاستقرار النقدي.
– إعادة الأموال خلال ١٨شهراً وذلك من مداخيل الدولة أو من تدخل المركزي شارياً وبائعاً للعملات الأجنبية.
– يحق للمركزي تعليق القرض في حال تبين عدم الالتزام بإقرار القوانين الإصلاحية وخطة الحكومة.
على صعيد آخر، تواصلت الاشتباكات داخل مخيم عين الحلوة لليوم الثاني على التوالي، وارتفعت وتيرتها واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، وتركز تبادل إطلاق النار على جهة محطة جلول وحي الطوارئ، حيث سمعت الأصوات في أرجاء صيدا وضواحيها. وفي ظل نزوح الأهالي من المخيم والمحيط خوفاً من توسع رقعة الرصاص والقذائف.
وعقد اجتماع ظهر أمس في مقرّ التنظيم الشعبي الناصري في صيدا دعا إليه النائب أسامة سعد لمُحاولة ضبط الأوضاع ولجم المعارك التي تحصل داخل مخيّم عين الحلوة. وإثر الاجتماع، قال سعد: حصل اتفاق بين الفصائل على تثبيت وقف النار ميدانياً فوراً في عين الحلوة وسيعقد اجتماع ثانٍ غداً (اليوم) وسيتم تسليم الجناة الضالعين في قتل مسؤول حركة فتح إلى الجيش.
وحذرت أوساط أمنية مطلعة لـ»البناء» مما يجري في مخيم عين الحلوة على الوضع الأمني في لبنان وعلى الوضع بين الفصائل الفلسطينية وعلى القضية الفلسطينية ناهيك عن الآثار الاقتصادية والحركة التجارية ومصالح المواطنين في صيدا التي تحوّلت إلى مدينة أشباح خلال اليومين الماضيين. مشيرة الى أن الأحداث مفتعلة وفق مخطط مدبر لتفجير الوضع الأمني، ولا تستبعد المصادر دوراً إسرائيلياً في ما يجري، لافتة الى أن كمية السلاح ونوعه الذي استعمل في الاشتباكات وعدد المقاتلين من التنظيمات المتطرفة من جند الشام وعصبة الأنصار والشباب المسلم يظهر بوضوح أن الاشتباكات معدّة سابقاً بقرار من مكان ما وكانت تنتظر إشارة إطلاق الرصاصة الاولى. متخوفة من انتقال المواجهات الى مخيمات أخرى في ظل الحديث عن خلايا إرهابية موجودة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ومخيمات النازحين السوريين.

وتوجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري، لمناسبة الأول من آب عيد الجيش اللبناني بالتهنئة لقيادة الجيش قائداً وضباطاً ورتباء وجنوداً، منوهاً بـ «التضحيات التي قدمتها في سبيل وحدة لبنان وصون سيادته وسلمه الأهلي». وقال: «المعايدة الحقيقية لهذه المؤسسة الوطنية الجامعة بأن تستحضر جميع الأطراف السياسية ثالوث مؤسسة الجيش في الشرف والتضحية والوفاء من أجل لبنان وتحرير ما تبقى أرضه من الاحتلال الإسرائيلي وإنقاذه وحفظه وطناً لجميع أبنائه». كما اتصل الرئيس بري بالعماد جوزف عون مهنئاً بعيد الجيش.

بدوره وللمناسبة نفسها، أصدر العماد عون أمر اليوم. وقال: «أيها العسكريون، لقد شَهِدَ لبنانُ خلالَ الفترةِ الماضيةِ أحداثًا متلاحقة، تركتْ تداعياتٍ على أكثرَ مِنْ مستوى، داخليًّا وخارجيًّا، قدّمتُم خلالَها المثالَ في الإرادةِ والصمودِ والحرصِ على أرواحِ اللبنانيين، عبرَ نزعِ فتيلِ التوترِ وملاحقةِ المخلينَ بالأمنِ في مختلفِ المناطق، بأعلى درجاتِ الاحترافِ والشفافيةِ والتجردِ والانضباط، غيرَ عابئينَ بحملاتِ التجنّي والشائعات. تقفونَ ثابتينَ عندَ الحدودِ الجنوبيةِ في مواجهةِ العدوِّ الإسرائيلي، كما تُتابعونَ تنفيذَ مُهمّاتِكم العملانيةِ بالتنسيقِ مع قوةِ الأممِ المتحدةِ الموقتةِ في لبنان، وفقَ القرارِ الدوليِّ 1701 ومندرجاتِه، وتتصدّونَ لخطرِ الإرهابِ وتُحْبِطونَ مخططاتِهِ التخريبية. في الوقتِ عينِه، تستمرُّ قيادةُ الجيشِ في بذلِ أقصى طاقاتِها لتخفيفِ وطأةِ الأزمةِ عن كاهلِكُم، وتحصيلِ حقوقِكم بناءً على الثقةِ الكبيرةِ التي تحظى بها المؤسسةُ العسكريةُ في الداخل، ومِن جانبِ الدولِ الصديقة».

اللواء:

صحيفة اللواءمنصوري حاكماً: تسديد ضربات في ملعب الحكومة بانتظار البرلمان!

«حرب شوارع» في عين الحلوة لليوم الثالث.. وعدد الضحايا يرتفع إلى 11 و70 جريحاً

في الوقت الذي كان فيه مخيم عين الحلوة يعيش «حرباً حقيقية» لليوم الثالث في شوارعه المأساوية، وبين المنازل المتهالكة، من دون ان تتمكن المعالجات التي اندفعت اليها القوى والأحزاب الحليفة للفصائل الفلسطينية لوقف الاقتتال والاحتكام الى القانون اللبناني في الاقتصاص من القتلة، كان النائب الاول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري يخطو اولى خطواته في اعتماد نهج نقدي ومصرفي مغاير تماماً للنهج الذي اعتمده الحاكم رياض سلامة، الذي بعد «إحتفال وداعي له» في باحة المصرف، حزم اوراقه وغادر المكان وسلطة القرار النقدي والمالي الذي امضى فيه ثلاثة عقود، منوهاً، وهو يلوّح بالعلم اللبناني بصمود مصرف لبنان «الذي سيبقى صامداً» بتعبير سلامة، وهو يودّع الموظفين، تاركاً «قلبه معهم».

في اول اطلالة له انصب اهتمام الرأي العام على المؤتمر الصحفي الاول، الذي عقده منصوري بحضور زملائه من نواب الحاكم، حيث قدم رؤية قوامها «لا تمويل إلا بقانون»، مشيراً الى ان «وقف تمويل الحكومة لم يعد خياراً، والتدرج باتخاذ القرار يحتاج الى قانون وسيسمح قانون اقراض الحكومة بدفع رواتب القطاع العام والتشريع المطلوب ويسمح بتنشيط الادارة وتأمين اموال الدواء».

وبصرف النظر عن مسارعة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى وصف «ما سمعناه اليوم من النائب الاول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري يبشر بالخير»، (مع الاشارة الى ان منصوري وجه تقديراً خاصاً للنائب جورج عدوان)، فإن مسارعة الرئيس نجيب ميقاتي ومعه مجلس الوزراء لوضع مشروع قانون ينظم الاقتراض من المصرف المركزي لأسباب موجبة تتعلق بضرورة ارساء استقرار اجتماعي ووظيفي وتأمين احتياجات المرضى، وتمويل القوى المسلحة والامنية على اختلافها واحتياجات الدولة الاساسية، ولعدم اعطاء اشارة سلبية للأسواق بعدم قدرة المصرف المركزي بالتدخل بسوق القطع، وهي تعقد جلستين لهذه الغاية اليوم والخميس لوضعه في صيغته النهائية، أثبت قدرة السلطة النقدية على فرض خيارات على السلطة الاجرائية وحتى التشريعية.. بانتظار وضع الصيغة النهائية للمشروع الذي ابدى نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي اعتراضاً عليه، مشككاً بقدرة الدولة على تسديد ما تقترض.

وكان لبنان انشغل لبنان امس، بثلاثة امور مهمة، امنية مع تصاعد حدة الاشتباكات في مخيم عين الحلوة وتزايد حجم الضحايا والدمار، وسياسية بإنعقاد جلسة مجلس الوزراء لمتابعة مناقشة مشروع موازنة 2023 بحضور نائب الحاكم الاول لمصرف لبنان المركزي الدكتور وسيم منصوري الذي اعلن امس انه سيتسلم اليوم الحاكمية بالوكالة عن الحاكم رياض سلامة الذي انتهت مدة ولايته امس بعد 30 سنة، وغادر المصرف وسط وداع لموظفي المصرف و«زفّة طبل وزمر».

مجلس الوزراء ومشروع الاقتراض

ترأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد ظهر امس، جلسة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومية، شارك فيها نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي و15 وزيراً وحاكم المركزي بالوكالة منصوري، وكان يُفترض ان تناقش فذلكة مشروع موزانة 2023، لكن طغى على الجلسة مشروع قانون اقتراض الحكومة من المصرف المركزي بالدولار والذي وزع على الوزراء.

وكانت كلمة لميقاتي اكد فيها رفض استخدام الساحة اللبنانية لتصفية الحسابات مهنئاً الجيش بعيده.

وفي سياق متصل، أوضح ميقاتي أنه دعا منصوري الى حضور الجلسة للتشاور في الاوضاع النقدية والمالية وليعرض لمجلس الوزراء الافكار التي يريد مناقشتها ويطالب بها، وفي رأيي ان ما يطلبه يتطابق مع موقف الحكومة لجهة المشاريع الاصلاحية التي ارسلناها الى مجلس النواب. وهو يطلب اقرار تشريع يجيز للحكومة الاقتراض بالعملة الاجنبية من مصرف لبنان.

وأبلغ ميقاتي بعد ذلك الوزراء بأن هناك «مشروع قانون يرمي الى الإجازة للحكومة الاقتراض بالعملات الأجنبية من مصرف لبنان سيتم توزيعه عليهم تمهيدا لمناقشته في جلسة مقبلة متوقعة في وقت قريب جدا». كما تم توزيع كتاب من نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي في الإطار ذاته.
وأشار الرئيس ميقاتي الى ان «وزير المهجرين عصام شرف الدين أعد تقريرا بالملف المكلف به المتعلق بالنازحين، ستتم مناقشته أيضا في وقت قريب جدا حسما للجدل واللغط».

وقال منصوري خلال مغادرته السراي: لم المس اعتراضاً من الوزراء على المطالب. والحكومة هي الجهة التي تحدد المبالغ والمدة ولست أنا.
واوضح وزير المال يوسف خليل قبل الجلسة، ان «لا قرار بعد بشأن مبلغ ومدة عقد الاستقراض من المصرف المركزي» .

وانتهت الجلسة قرابة السادسة،قال بعدها وزير الاعلام زياد مكاري: بدأ مجلس الوزراء بدرس مشروع الموازنة وموادها. وتلزمها نحو 4 الى 5 جلسات.

وعن التخوف من ان يطول أمد تشريع الاقتراض وان تكون له تداعيات على رواتب القطاع العام قال: ابدا، وهذا الحديث لم يطرح، وكانت الأجواء إيجابية وهذا ما نود أن نقوله للناس.

مواقف منصوري

وكان الدكتورمنصوري قد عقد قبل ظهر امس، مؤتمراً صحافياً بحضورنواب الحاكم الثلاثة، قال فيه: إن خيارنا كان ثابتًا وواضحًا وهو أنه مهما كانت الأسباب التي تدفع الحكومة لطلب أموال من المصرف المركزي، فهي أسباب غير مبررة على الإطلاق ويجب أن يتوقف هذا الإستنزاف نهائيًا. واقتنعنا بأنّه لا يُمكن تغيير السياسات الموجودة ونؤكد على استقلالية مصرف لبنان.

وإعتبر أننا «أمام مفترق طرق، فالاستمرار في نهج السياسات السابقة في ظلّ إمكانات المركزي المحدودة يعني أنّه لا بدّ من الانتقال إلى وقف تمويل الدولة بالكامل، ولن يتمّ التوقيع على أيّ صرف لتمويل الحكومة إطلاقاً خارج قناعاتي وخارج الإطار القانوني لذلك».

وأشار منصوري الى أنّ «وقف التمويل للحكومة لا يمكن أن يتمّ بشكلٍ مفاجئ، ويجب أن يحصل تعاون قانوني متكامل بين الحكومة ومجلس النواب و»المركزي» ضمن خطّة متكاملة تكفل أن تُعاد الأموال». مضيفاً: ننظر إلى فترةٍ انتقاليّة قصيرة تسمح بتمويل الدولة بموجب قانون.

واكد أنه «لا يُمكن للبلد الاستمرار من دون إقرار القوانين الإصلاحيّة، وهذه القوانين ينتظرها المودع منذ سنوات لمعرفة متى يستعيد أمواله ويجب تقديم مصلحة المواطن والمودع على أيّ شيء آخر، وسنكون بتصرّف مجلس النواب لتزويده بأيّ معلومات أو أرقام للإنتهاء من درس القوانين».

واوضح منصوري «أن تحرير سعر الصرف وتوحيده يجب أن يتمّ بالتدرج حفاظاً على الاستقرار وهذا القرار يُتّخذ بالتوافق مع الحكومة، وتواصلنا مع القوى الأمنية والقضاء للقضاء على التلاعب بسعر الصّرف، وما يُعزّز الاستقرار النقدي هو القانون الذي ستطلب الحكومة إقراره».

المعارك «غير الحلوة»

امنياً، افادت المعلومات ان حرب شوارع دارت قبل ظهر امس داخل مخيّم عين الحلوة، والقذائف التي تُستخدم يتمّ استعمالها للمرّة الأولى مع مدافع متوسّطة المدى. وقد استقدمت حركة «فتح» تعزيزات من خارج عين الحلوة لدعم مقاتليها في المخيم، فيما اقفلت المحال التجارية ومعظم الأسواق في صيدا نتيجة تطاير القذائف ورصاص القنص.

وأوقعت الاشتباكات امس، قتيلا فلسطينيا يدعى احمد جوهر وعددا من الجرحى، بالاضافة الى أضرار مادية جسيمة داخل المخيم. ولم تسلم مدينة صيدا من شظايا القذائف والرصاص الطائش والتي اصابت عددا من المواطنين على الطرقات، فيما الحقت اضرارا بعدد من المباني والمؤسسات ولا سيما مدرسة عائشة ام المؤمنين التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الاسلامية في صيدا، إضافة الى تضرر ألواح الطاقة الشمسية على عدد من الابنية، وارتفع عدد الضحايا الى 11 قتيلاً، وعدد الجرحى تجاوز الـ70 شخصاً.

معالجات وخروقات

وفي المعالجات، عقد إجتماع عند الساعة الواحدة ظهراً في مقرّ التنظيم الشعبي الناصري في صيدا، دعا إليه النائب الدكتور أسامة سعد حضره ممثلون عن الفصائل وحركة امل حزبالله وعصبة لانصار، في مسعى جديد لمُحاولة ضبط الأوضاع ولجم المعارك التي تحصل داخل المخيّم. واثر الاجتماع، قال سعد: حصل اتفاق بين الفصائل على تثبيت وقف النار ميدانيا فورا في عين الحلوة وسيعقد اجتماع ثان (اليوم)، وسيتم تسليم الجناة الضالعين في قتل مسؤول حركة «فتح» الى الجيش.

ولكن جرى خرق الاتفاق فتم التوصل الى اتفاق ىخر جرى خرقه ايضا،استمر إطلاق القذائف المتوسطة والثقيلة فترة بعد الظهر والعصر على كل الجبهات في المخيم بوتيرة خفيفة، وسط معلومات عن تدخّل لحركة «أمل وحزب الله» لدى الفصائل بهدف وقف القتال. وتحدثت المعلومات قرابة السادسة عن «عملية أمنية لحركة فتح ضد العناصر المتشددة في مخيم عين الحلوة وتبادل قذائف آر بي جي بمحيط مستشفى الأونروا».واشتدت حدتها قرابة السابعة مساء، بعدما افيد عن مقتل اثنين من الجماعات الاسلامية المتشددة وعدم التزام»جماعات متفلتة» بوقف اطلاق النار، واصيب 4 جنود من الجيش اللبناني اصابات طفيفة بشظايا قذيفة سقطت قرب مركزهم.

وتواصلت الإتصالات والمساعي من قبل القيادات الفلسطينية واللبنانية من أجل وقف التدهور الأمني والإشتباكات، وشارك في هذه المساعي السفير الفلسطيني أشرف دبور الذي وصل فجرا إلى مستشفى الهمشري واطمأن إلى صحة المصابين كما أجرى إتصالات مختلفة. كما أجرت فاعليات صيداوية وقيادات لبنانية إتصالات للعمل على وقف اطلاق النار.

دريان: تحريم الاقتتال

واطلق المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان نداءً الى المقاتلين في المخيم محرماً ما يحصل، فلا «يجوز شرعاً ما يجري من قتال الاخوة مهما كان السبب».

ويطل اليوم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمة له عند الرابعة والنصف من عصر اليوم عبر الشاشة من مدينة النبطية في ختام مسيرة عاشورائية ينظمها حزب الله وسيتطرق الى ما يجري من اشتباكات خطيرة في مخيم عين الحلوة.

الاخبار:

جريدة الاخبارفتح ضحية فتنة فرج

فتح خسرت عسكرياً وسياسياً وتنظيمياً… ونفدت ذخيرتها: هل يُفتح الباب أمام وأد فتنة ماجد فرج؟

المساعي التي بُذلت وتُبذل على أكثر من صعيد لوأد الفتنة في عين الحلوة لم تحل أصل المشكلة، إذ إن من يبذلون هذه الجهود ينطلقون عملياً من ضغط أبناء المخيمات الذين ضاقوا ذرعاً بالتفلت الأمني، وتحت ضغط أبناء صيدا الذين يعانون، وكذلك سالكو طريق بيروت – الجنوب، من القذائف «الفالتة» والرصاص العشوائي، وبعضه مقصود لتوسيع دائرة التوتر.

في الوساطات، تمظهرت الخلافات اللبنانية – اللبنانية وفقَ المحاور التي تشكّلت إلى جانب المتقاتلين. وكان لافتاً أن القيادات الصيداوية التي تدخّلت لوقف إطلاق النار، لم تكن حاسمة جداً مع الفصائل الفلسطينية، حتى إنه في أحد الاجتماعات، وعندما عبّر النائب أسامة سعد عن امتعاض أبناء صيدا من هذه المعارك العشوائية، لم يعمل على كبح جماح المسؤول الفتحاوي فتحي العردات الذي كان يصعّد الموقف سياسياً، ويطرح مطالب لا تقود إلى وقف فوري لإطلاق النار، إلى درجة أن أطرافاً فلسطينية عبّرت عن استغرابها لعدم ممارسة سعد الضغوط التقليدية على فتح. أما جهود حزب الله وحركة أمل فتركز على حصر المواجهات بالمجموعات نفسها وعدم توسّعها لتشمل فصائل المقاومة من حماس والجهاد الإسلامي، سيما أن هذه رغبة أركان في السلطة الفلسطينية، خصوصاً بعد الزيارة الخبيثة لرئيس مخابرات السلطة ماجد فرج لبيروت الأسبوع الماضي.

صحيح أن كل اشتباك في مخيمات لبنان لا يخرج إلا بكوارث إنسانية تزيد من أزمة سكان أكثر البؤر فقراً وعشوائية ونقصاً في المرجعيات الحاسمة قانونياً واجتماعياً. لكن، هذه المرة كانت الأضرار أكبر، إذ خسرت فتح تسعة من قياداتها وعناصرها، مقابل واحد لعصبة الأنصار وآخر للمجموعات الإسلامية، إضافة إلى 32 جريحاً بينهم ستة من أبناء صيدا الذين أصيبوا بالرصاص المتفلّت.

وأظهرت الساعات الأخيرة من الاشتباكات أن عاملاً مهماً دفع بقيادة فتح في عين الحلوة إلى القبول بوقف إطلاق النار، تمثّل في نفاد الذخيرة وعدم تلبية طلباتها بتزويدها بذخيرة ومقاتلين من خارج المخيم. فيما لعبت عصبة الأنصار دوراً في منع المجموعات الإسلامية من شنّ هجمات ضد مقرات فتح، كانت ستكشف فتح كحركة هرمة غير قادرة على المواجهة. وهي أدركت، برغم الخلافات بين أركانها، أن توسيع دائرة المعركة سيجعلها عرضة لضربة قاسية لا تريدها لا هي ولا قيادة السلطة في رام الله.

لعبت عصبة الأنصار دوراً في منع شن المجموعات الإسلامية هجمات ضد مقرات فتح

بالعودة إلى الوقائع الأمنية التي رافقت عمليتَي الاغتيال، الأولى ضد عناصر من الإسلاميين، والثانية ضد القيادي العسكري الفتحاوي، فإن غالبية المصادر تشير إلى علامات استفهام، خصوصاً أن بعض المتورطين في الأعمال العسكرية يرتبطون بطرق مختلفة مع أجهزة استخبارات السلطة الفلسطينية، وسط معلومات عن أن فرج حمل معه إلى لبنان كمية كبيرة من الأموال وُزعت على قيادات الحركة وعلى آخرين. ويصعب أن تجد مسؤولاً شارك في الاتصالات خلال اليومين الماضيين، لا يشير بأصبع الاتهام إلى خلايا مشبوهة، سواء نسب انتماء عناصرها إلى أجنحة في فتح، أو إلى المجموعات الإسلامية. حتى إن قياديين بارزين في حركة فتح عبّروا عن امتعاضهم من طريقة عمل فرج، ومحاولته فرض قواعد جديدة تخالف الأصول المتّبعة في لبنان، علماً أن هذه القيادات نفت وجود أي دور للعناصر الفتحاويين المنشقين لمصلحة القيادي محمد الدحلان، وتحدّثت هذه القيادات عن مشكلة كبيرة تواجه فتح في لبنان، خصوصاً إذا قررت السلطة خلق قيادة جديدة وفرضها على الجميع، سياسياً وتنظيمياً وعسكرياً.

عملياً، خرجت فتح من هذا الاشتباك خاسرة على أكثر من صعيد، وسيلمس الفتحاويون أن خسارة القائد العسكري أبو أشرف العمروشي، ستنعكس ضعفاً على تشكيلات الحركة، ولن يقدر خلفه أبو أياد الشعلان على القيام بالمهمة. أما الحديث عن احتمال عودة فرج إلى بيروت، فليس فيه أي حكمة، علماً أن مصادر في فتح نفت علمها بذلك، لكنها أشارت إلى أن الخبر مردّه إلى أن فرج لم يستكمل محادثاته في بيروت، بعدما اضطر للانتقال سريعاً إلى تركيا للمشاركة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الاجتماعات التي عقدها مع قيادة حركة حماس.

وكانت هذه الاجتماعات مناسبة لتوضيح الكثير من النقاط العالقة، خصوصاً من جانب نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري الذي أنّب فرج على ما يقوم به في لبنان، بعد ما قام ويقوم به داخل فلسطين. علماً أن فرج كان محرّضاً على العاروري بشكل أساسي في اجتماعات عدة عقدها في بيروت.

فرج الذي سمع في تركيا كلاماً حاسماً بأنه ممنوع عليه العمل في لبنان ضد فصائل المقاومة، يعرف أنه بعد ما جرى في عين الحلوة، سيكون سلوكه وحتى حضوره إلى بيروت محل استنكار لبناني وفلسطيني، وهو عندما يعود إلى رام الله، سيكتشف أن المقاومة ضد قوات الاحتلال ستشتد أكثر، وسيواجه تحديات إضافية داخل حركة فتح نفسها.

الحكومة تؤجّل إقرار مشروع الاقتراض من الاحتياطي الإلزامي: خروج باهت لسلامة

«وجهة استعمال الاحتياطيات الإلزامية بالدولار» كانت المحور الأساس في المؤتمر الصحافي الذي عقده النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري، أمس، في حضور النواب الثلاثة الآخرين سليم شاهين وبشير يقظان وألكسندر مراديان. منصوري الذي يتسلم اليوم مهام حاكم مصرف لبنان بعد انتهاء ولاية رياض سلامة، شرح كيف أنفق من هذه الاحتياطيات بمعدل 800 مليون دولار شهرياً على الدعم فقط، وأشار إلى أن احتياجات الحكومة للدولار لن تتوقف بعكس «احتياطيات المصرف المركزي التي لن تستمر إلى ما لا نهاية». لذا، لمّح منصوري إلى أنه لن يكرّر سلوك سلامة في إنفاق هذه الاحتياطيات بلا تشريع في مجلس النواب، وهو التشريع الذي من شأنه أن «يعزّز الاستقرار… ويعزّز قدرات المصرف المركزي على التدخّل في سوق القطع». هذه الوجهة التي رسمها منصوري ورفاقه الثلاثة ستواجه ابتداءً من اليوم التحدّي الأول، أي إقرار القانون المطلوب في مجلس النواب، وستتوغل أكثر في التحديات في اتجاه تحرير سعر الصرف وإدارته، ثم التعامل مع القطاع المصرفي المفلس.

يتّكل منصوري على خطّة أعدّها مع رفاقه الثلاثة، وتقوم على الدولرة النقدية شبه الكاملة مقابل تجفيف الليرات من السوق. بهذا المعنى، يمكن السيطرة على سعر الصرف وتحريره أيضاً. ويرى أن الأمر مؤاتٍ، لثلاثة أسباب؛ أولها أن الكتلة النقدية انخفضت من 80 تريليون ليرة إلى 60 تريليون ليرة «وبالتالي من المنطقي أن نشهد استقراراً في سعر الصرف»، وثانيها أن هناك حركة مغتربين ووافدين خلال فصل الصيف (بكل ما يحملونه من دولارات في جيوبهم)، وثالثها أن قدرة الحكومة على جباية الضرائب والرسوم يُقدر لها أن ترتفع إلى 20 تريليون ليرة شهرياً أكثر من نصفها ليرات نقدية، «وهذا يعني أنه من الناحية النقدية لن يكون لتحرير سعر الصرف تأثير سلبي على الاستقرار النقدي الذي نشهده حالياً».

ما يقوله منصوري هو أن الرواتب للقطاع العام ستُدفع بالدولار عبر «صيرفة» كما كان يحصل في الأشهر الأخيرة، وبالتالي فإن الإيرادات الضريبية ستمتصّ كتلة نقدية بالليرة من السوق كان يمكن أن تُستخدم لشراء الدولارات والمضاربة على الليرة، كما أنه في المقابل ستُضخّ كمية من الدولارات في السوق وفدت عبر المغتربين والسياح، ما من شأنه أن يوازن الاختلال في العرض والطلب. ورغم دقّة هذه المعطيات تقنياً، إلا أنها تثير أسئلة أساسية تتعلق باستدامة الاستقرار النقدي في ظلّ تحرير سعر الصرف. ففي الزيارة الأخيرة لممثلي صندوق النقد الدولي، أثيرت هذه النقطة تحديداً مع وزير المالية الذي أبلغهم بأنه سيسعّر الدولار في الموازنة على سعر «صيرفة» في سياق العمل على توحيد وتحرير سعر الصرف. أجاب ممثلو الصندوق بأن عملية تحرير سعر الصرف ممكنة، لكنّ استدامة الاستقرار النقدي والتوحيد هي التحدّي، إذ لا يمكن التنبؤ بهذا الأمر من دون صدور قرارات من السلطة المركزية تقارب الأزمة بشكل شامل.

إذاً، ما كان يقوم به رياض سلامة منفرداً قي قيادة سلطة نقدية تهيمن على السياسات المالية والاقتصادية، لن يجري تكراره في ظل حاكمية منصوري. الأخير سيحصر عمل المصرف المركزي بالسياسة النقدية ويتعاون مع الحكومة في السياسة المالية والاقتصادية. لكن من شروط ذلك، كما أشار، أن تقوم القوى السياسية بواجباتها بإقرار القوانين المطلوبة للخروج من الأزمة: إقرار موازنتي 2023 و2024، إقرار قانون الكابيتال كونترول، إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف، إقرار قانون إعادة التوازن المالي. فمن دون هذه القوانين «لا يمكن إعطاء إجابة للمودع اللبناني حول مصير أمواله، ومتى يستطيع استعادة وديعته».

من دون القوانين المطلوبة لا يمكن إعطاء إجابة للمودع اللبناني حول مصير أمواله

يقدّم منصوري إشارات في اتجاه مرحلتين؛ مرحلة انتقالية يتم فيها تحديد وجهة استعمال الاحتياطيات بالدولار وتحرير سعر الصرف بالتزامن مع دعم رواتب العاملين في القطاع العام وتأمين الاحتياجات الأساسية للدولة ضمن مدى ستة أشهر، ومرحلة ثانية يتم فيها إقرار القوانين التي تعالج الخسائر وتحدّد تفاصيل استرداد الودائع تمهيداً للتعافي والنهوض. المرحلة الأولى لن تكون سهلة رغم أنها أهون نسبياً مقارنة بالمرحلة الثانية. فهناك همس بين نواب مؤثّرين أنه لا ضرورة لإقرار قانون في مجلس النواب يشرّع الإنفاق من الاحتياطي الإلزامي، إذ إن قرار تحديد مستوى الاحتياطيات يعود للمجلس المركزي الذي سبق أن خفّضه ليحرّر بعضاً من الدولارات للاستعمال. بمعنى آخر، قد ترفض بعض الكتل النيابية إقرار هذا القانون، سواء بذريعة النقاش القانوني أو كونها لا تريد تحمّل مسؤولية استعمال الاحتياطيات التي تُصنّف بأنها أموال للمودعين، أو تحديداً ما تبقّى من الودائع. وبالمثل، يحاول نواب الحاكم ألا ينفقوا مما تبقّى من أموال المودعين، إلا بغطاء سياسي.

أما المرحلة الثانية، فتتعلق باتخاذ إجراءات وقوانين سبق للقوى السياسية أن رفضت اتخاذها وإقرارها خلال السنوات الأربع الماضية، رغم كل ضغوط صندوق النقد الدولي والتقدّم في المفاوضات معه وصولاً إلى توقيع اتفاق معه على مستوى الموظفين. فعندما وصل الأمر إلى الشروط المسبقة لإقرار الاتفاق النهائي، توقّف البحث في الخطوات المطلوبة. ممانعة القوى السياسية، قد لا تطول كثيراً، وستكون مجبرة مع نهاية ولاية سلامة وتولّي منصوري الحاكمية وامتناع الأخير عن تمويل الدولة بدعم من نوابه الثلاثة، أن تتولى مسؤولية ما.

استقرار نسبي في سعر الصرف

حتى مساء أمس كان سعر الليرة شبه مستقرّ مقابل الدولار، ولم يُسجّل أي تقلّبات عنيفة كالتي رُوّج بأنها قد تحصل إذا خرج رياض سلامة «يوماً ما» من المصرف المركزي. وعلى وقع الاحتفال الوداعي المفتعل الذي أقيم له أمس في باحة مصرف لبنان، وفي ظل توقف منصّة «صيرفة» عن استقبال إيداعات بالليرة، لم تُسجّل أي تقلبات حادّة في سعر الصرف حتى الساعة، بل يستمرّ المسار الانحداري في سعر الدولار ببطء شديد، وهو ما يعكس جفاف السوق من السيولة بالليرة، واتجاه الصرّافين والمضاربين إلى الاحتفاظ بالكتل النقدية لأطول فترة ممكنة في هذه الفترة التي تشهد تدفّقاً للدولارات نحو الداخل.

سلامة الثابت في نظام لا يخدم شعبه [2]: الشاطر وابن السوق

ابراهيم الأمين

لا يمكن أن يكون عندنا حل آخر. هذا هو لبنان. لا أحد نجح في تغييره أو يقدر على ذلك. كلّ ما جرّبناه يقول إن لبنان لن يتغيّر».

هذه خلاصات يردّدها معظم من يتولّون المسؤولية في هذه البلاد. طبعاً، لا يعني توصيفهم هذا أنهم غير راغبين في التغيير. لكن المؤكد أن فكرتهم جميعاً عن التغيير لا تتجاوز تعديل كراسي السلطة وتغيير شاغليها.

أصحاب هذه النظرة هم أنفسهم من يطلق على رياض سلامة صفات «الشاطر» و«ابن السوق» و«الثعلب» الذي يمكنه ملاعبة الشياطين. وهؤلاء، عندما جهدوا للتمديد له ولاية إضافية، كانوا يستخدمون هذه الصفات في معرض التأكيد على نظريّتهم، بأن من يتولّى مهمة حاكمية مصرف لبنان يجب أن يكون محتالاً وقويّاً وقادراً على اللعب مع أبناء الكار.

وبعدما تبيّن أنّ من غير الممكن إبقاء سلامة في منصبه، انتقل هؤلاء الى الحديث عن صفات الآخرين. وأمامهم، الآن، أربعة نواب للحاكم، قالوا إنهم «أوادم ومعتّرون، ليسوا على قدر المسؤولية، فكيف لهم أن يواجهوا حيتان السوق؟». عملياً، يقول لنا السياسيون إن على من يتولى مهمّة في قيادة مصرف لبنان أن يكون محتالاً، عارفاً بالقوانين، ليس لاحترامها بل لإجادة اختراقها وتجاوزها. وكي لا نطيل في الشرح، فإن كل من يستخدم هذه اللغة في توصيف الحاكم أو نوابه، إنما يقول لنا: نحن في السلطة، نحتاج الى حاكم يكون شريكاً لنا في إدارة استنسابية ومصلحية للمال العام.

بهذا المعنى، يحقّ، لكثيرين التدقيق في مواصفات سلامة قبل منحه العلامة المناسبة. من يقولون إنه «شاطر» و«ابن سوق» يعرفون أنه بدّد مليارات الدولارات العائدة، أولاً وأخيراً، إما الى الدولة أو الى مواطنين، وأنه كان شريكاً مباشراً في كل عمليات التبديد، سواء التي حصلت مباشرة من خلال موقعه وأدوات عمله، أو بالتشارك مع الحكام الطائفيين. وبالتالي، فإن من يتمسك بهذه الصفات ليس سوى مستفيد من جرائم ارتكبها سلامة عن سابق تصوّر وتصميم. ولا يحقّ له، تحت أي ظرف، ادعاء أنه كان ينفذ ما تطلبه الحكومة منه. وهو يعلم علم اليقين أنّه ليس بإمكان الحكومة أن تفرض عليه أمراً، وإلا لما كانت له الحصانة الخاصة التي يوفرها له الدستور والقانون الخاص بعمل مصرف لبنان، ولما كان يتمتّع بهامش من الصلاحيات التي تمنع على أي مسؤول في بقية السلطات أن يمدّ يده الى عمله.

اليوم، تنتهي ولاية سلامة. وعندما يقال إن من سيتولّون المهمة بعده لن يقدروا على تغيير الواقع، فإن المقصود بأنه ممنوع على أحد، بمن فيهم نواب الحاكم الأربعة، القيام بأيّ خطوات تكسر النمط الذي ساد خلال ولايات سلامة المتتالية. وهذا المنع، موجود في عقل كل المتعاقبين على موقع القرار في البلاد. وهو منع، يراد منه تكبيل كلّ موظف يمكنه القيام بما هو مختلف أو بما هو أفضل. والأهم، هنا، أن النواب الأربعة، ولو عيّنتهم سلطة سياسية عمياء، إلا أنهم عُيّنوا تحت الضغط، أي جرى اختيارهم بطريقة أكثر احترافية نتيجة المناخات التي سادت البلاد إثر 17 تشرين عام 2019. لكنّ أهل الحكم كانوا يراهنون على بقاء سلامة، وعلى دوره في تهميش هؤلاء، وفي جعلهم أقرب الى شركاء صامتين، وهو الذي تجاوز كل ملاحظاتهم وتحفّظاتهم، وكان يلجأ الى أدواته إياها في إدارة الأمور، وكلما ناقشه أحد في خطوة ناقصة، كان يرفع الصوت بأنه يدير الأزمة بقوانينها وليس بقوانين البلاد المستقرة. وهي حيلة لطالما لجأ إليها سلامة الذي قال، قبل سنوات، إنه لو كان حاكماً للمصرف المركزي في بلد كسويسرا ما كان ليسمح لسياسي أو رجل أعمال بأن يتصل به هاتفياً أو حتى أن يتصل بمكتبه. وهو الذي يبرّر كل أفعاله بأنه كان ينظّم الأمور في بلاد تحكمها الفوضى. لكن سلامة، ملك العجائب، لم يشعر يوماً بأنه مراقَب أو تحت النظر، حتى عندما مرّ على الحاكمية نائب أول مثل أحمد جشي، فإن سلامة كان يلوم من وفّر له التغطية لتعيينه، وعمل على تهميشه، قبل أن تطيح به السلطة السياسية. ويومها، قال سلامة ومعه المسؤولون عن إطاحة جشي، إن الرجل «آدمي، لكنه لا يصلح لهذه المهمّة في بلد مثل لبنان».

بأيدي نواب الحاكم أسلحة بسيطة لكنها فعالة إذا أُحسن استخدامها وأهمّها كشف الوقائع القاسية أمام الناس

عملياً، ردّد اللبنانيون جميعاً كل أنواع النكات والتعليقات الكوميدية على أحوالنا، وقالوا إن صفات الشطارة والثعلبة والتقلّب والنجاة والقفز فوق القواعد والهبوط واقفاً، ما هي سوى صفات تشبه صفات الحكام الذين تعاقبوا على جَلدنا، بإرادتنا أو غصباً عنّا منذ قيام هذا البلد، وهي صفات تعني، باختصار، أنهم يريدون لنا أن نعيش دوماً تحت رحمة حفنة من النصّابين، وأن السيَر الذاتية لا تصلح ما لم تكن حافلة بكل أنواع الاحتيال والتجاوز والإفلات من العقاب.

اليوم، يبدأ لبنان رحلة جديدة. وإذا كان من غير الممكن رفع سقف التوقعات إزاء ما يمكن للفريق الجديد في مصرف لبنان تحقيقه، إلا أن من الأفضل لأعضاء هذا الفريق، ومن الأفضل لنا، كمواطنين، أن لا نسمع من السياسيين وكل إعلامهم أيّ إشادة بهم، لأن في ذلك ما يثير الريبة، بل على العكس، فإن كل تحامل على هؤلاء، ومحاولة تحميلهم مسؤولية كل المصاعب المتوقعة، والمطالبة برحيلهم، والإسراع في الحكم عليهم ربطاً بقواعد العمل التي كانت قائمة أيام سلامة، هو الأمر الحسن.

أما سلاحهم الأمضى في مواجهة كل حملة الشيطنة المتوقعة، فهو بالصمود والصبر قليلاً، وبالشفافية المفرطة، أي بإعادة نشر كل ما حُجب عن الناس طوال ثلاثين سنة، ورفع السجادة، على كبرها، لإظهار حجم الأوساخ الموجودة تحتها مهما كانت الكلفة. وكل امتناع عن تغطية السرقات، هو عمل إصلاحي بامتياز، وكل إعادة اعتبار الى القوانين، ولو انعكس ذلك بعض البطء في الإدارة اليومية، أفضل من كل عمليات «السلق» التي كانت قائمة، وكانت عمليات سرقة لا «سلق».
لا نريدكم شاطرين، ولا نريدكم أولاد سوق. نريدكم طبيعيين، وعاديين جداً. ونريدكم أكثر صلابة في وجه آلة الموت الجارفة لكل من يعطي أملاً بوجود فرصة جديد لحياة أقلّ قهراً تحت هذه السماء.

غداً: ماذا عن حزب المصرف؟

المصدر: صحف

رأيكم يهمنا

شاركوا معنا في إستبيان دورة برامج شهر رمضان المبارك