أنشأ فريق من علماء هولندا أطلسا غير مسبوق يكشف بطريقة تفاعلية ثلاثية الأبعاد مراحلَ تطور الجنين في بطن أمه خلال الأسابيع الثمانية الأولى بتفاصيل دقيقة مذهلة، واستغرق تشكيل النماذج الرقمية لهذا العمل الضخم نحو 45 ألف ساعة ليخرج بهذه الطريقة التي ليس لها مثيل.
وتعليقا على هذا العمل، قالت الأستاذة برناديت دي باكر -أحد المشاركين في المشروع- “الجميع يظنون أننا نعلم حقيقة هذا الأمر، لكنني أعتقد بأننا نعلم عن القمر أكثر مما نعلم نشأتنا”.
وأشارت دي باكر إلى أن العديد من رسومات الكتب المدرسية عن تطور الجنين تقوم على مشاهدات تمت قبل عقود كثيرة، وتحوي غالبا تفاصيل مستنتجة من دراسات لأجنة الفئران أو أفراخ الدجاج، ومن المهم أن نفهم علم الأجنة البشري الطبيعي لتوضيح العيوب والتشوهات الخلقية الوراثية التي تحدث”.
لكن الوسيلة الجديدة على النقيض، ستقدم للباحثين فرصة لاستكشاف التغيرات المعقدة التي تحدث في الأسابيع الأولى من الحياة من واقع سلسلة من العينات البشرية التي تمثل أداة بحثية حيوية.
يشار إلى أن هذا العمل نشر في مجلة العلم (Science) ومتاح لمشاهدة الجميع، وشارك فيه نحو 75 طالبا مدربا لتحليل صور رقمية لنحو 15 ألف مقطع ملون للأنسجة من مجموعة كارنيغي للأجنة بالولايات المتحدة قبل نحو ستين إلى أكثر من مئة عام كان قد جمعها الأطباء خلال إجراءات مثل استئصال الرحم.
والأطلس الحالي مركب من نماذج تفاعلية ثلاثية الأبعاد لـ14 جنينا يفصل كل واحد منها مرحلة مختلفة لتطوره خلال الشهرين الأولين.
وتمكن هذه الأداة العلماء من استكشاف التطور والوضع المتغير للأعضاء المختلفة، فضلا عن تركيبات مثل الهيكل العظمي أو الجهاز العصبي، ويمكن تدوير الجنين واختيار أجزاء معينة لمزيد من الدراسة مع جداول توضيحية ومعلومات غير مسبوقة عن كيفية نمو العضو والتغيرات التي تحدث له مع مرور الوقت.
ومن ميزات هذا الأطلس أنه يقدم نظرة فاحصة جديدة لأعضاء جسم الإنسان، ومنها أن بعض الأعضاء تنمو في وقت مبكر جدا أكثر مما يحدث في أجنة الفئران أو أفراخ الدجاج، وبعضها يتطور بعد ذلك بفترة، ولهذا الأمر أهمية في مجالات مثل علم السموم التطوري، حيث تستخدم هذه الحيوانات كنموذج لاستكشاف تأثير مختلف الأدوية أو المواد الكيميائية الأخرى.
المصدر: مواقع