أعلنت روسيا اليوم الثلاثاء تعليق مشاركتها في معاهدة نيو ستارت مع الولايات المتحدة للحد من الأسلحة النووية، واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب بالتورط المباشر في محاولات ضرب قواعد بلاده الجوية الإستراتيجية.
وقع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما ونظيره الروسي ديمتري ميدفيديف في عام 2010 معاهدة نيو ستارت للحد من عدد الرؤوس الحربية النووية الإستراتيجية التي يمكن للبلدين نشرها، والاسم الرسمي للمعاهدة هو “تدابير زيادة تخفيض الأسلحة الهجومية الإستراتيجية والحد منها”. وتم التوقيع على الاتفاقية رسميا في الأسبوع الأول من فبراير/شباط 2011 بعد التصديق عليها في الكونغرس الأميركي في ديسمبر/كانون الأول 2010 وبمجلس الدوما الروسي في يناير/كانون الثاني 2011.
دخلت معاهدة نيو ستارت حيز التنفيذ في عام 2011، وتم تمديدها في عام 2021 لمدة 5 سنوات بعد أن تولى الرئيس الأميركي جو بايدن منصبه. وتعد هذه المعاهدة آخر عملية لمراقبة الأسلحة النووية بين واشنطن وموسكو، وجاءت على إثر معاهدة تخفيض الأسلحة الهجومية الإستراتيجية لعام 2002 التي انتهى العمل بها مع دخول معاهدة نيو ستارت الجديدة حيز التنفيذ.
وتسمح معاهدة نيو ستارت لمفتشين أميركيين وروس على حد سواء بالتأكد من امتثال الجانبين للمعاهدة. وبموجب الاتفاق، تلتزم موسكو وواشنطن بنشر ما لا يزيد على 1550 رأسا نوويا إستراتيجيا و700 من الصواريخ بعيدة المدى وقاذفات القنابل بحد أقصى. ويمكن لكل جانب إجراء ما يصل إلى 18 عملية تفتيش لمواقع الأسلحة النووية الإستراتيجية كل عام للتأكد من أن الطرف الآخر لم ينتهك حدود المعاهدة، لكن جرى تعليق عمليات التفتيش بموجب المعاهدة في مارس/آذار 2020 بسبب جائحة “كوفيد-19”.
وكان من المقرر إجراء محادثات بين موسكو وواشنطن لاستئناف عمليات التفتيش في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في مصر، لكن روسيا أجلتها، ولم يحدد أي من الجانبين موعدا جديدا. وتتعامل معاهدة نيو ستارت مع الصواريخ النووية طويلة الأمد وعابرة القارات، وقد حددت المعاهدة ترسانة الدولتين النووية من الصواريخ عابرة القارات بما لا يزيد على 700 رأس نووي في قواعد أرضية و1550 صاروخا نوويا في الغواصات والقاذفات الجوية الإستراتيجية، مع امتلاك 800 منصة ثابتة وغير ثابتة لإطلاق صواريخ نووية.
ولا تفرض المعاهدة قيودا على اختبار أو تطوير أو نشر برامج نووية إضافية، ولا تقيد الاتفاقية برنامج الدفاع الصاروخي الأميركي الحالي أو المخطط له أو قدرات الضربات التقليدية بعيدة المدى لموسكو.
وقالت روسيا في فبراير/شباط الجاري إنها تريد الحفاظ على المعاهدة رغم ما وصفته بأنه نهج أميركي مدمر إزاء الحد من التسلح. وتمتلك روسيا والولايات المتحدة معا حوالي 90% من الرؤوس الحربية النووية في العالم، وأكد الجانبان على ضرورة تجنب اندلاع حرب بين القوتين النوويتين بأي ثمن. لكن الحرب الروسية على أوكرانيا دفعت بالبلدين إلى شفا المواجهة المباشرة أكثر من أي وقت مضى خلال الستين عاما الماضية.
وتتهم الولايات المتحدة روسيا بانتهاك معاهدة نيو ستارت من خلال عدم السماح بعمليات التفتيش على أراضيها، فيما حذرت روسيا من أن تصميم الغرب على هزيمتها قد يحول دون تجديد المعاهدة عندما يحين أجل انتهاء العمل بها عام 2026. بدوره، اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن قرار روسيا تعليق معاهدة خفض الأسلحة النووية مع واشنطن “مؤسف للغاية وغير مسؤول”، لكنه شدد على أن بلاده ما زالت مستعدة للحوار بشأن هذه القضية.
كذلك انتقد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ روسيا لتعليق مشاركتها في المعاهدة قائلا “آسف لقرار روسيا اليوم تعليق مشاركتها في معاهدة نيو ستارت”. وكانت معاهدة نيو ستارت هي الاتفاقية الوحيدة المتبقية لمراقبة الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا بعد انسحابهما عام 2019 من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى الموقعة بينهما عام 1987.
ووصفت روسيا العام الماضي خطر نشوب صراع نووي بأنه حقيقي، وقالت إنه ينبغي عدم الاستهانة به لكن يجب تجنبه بأي ثمن. وزادت المخاوف من حدوث مواجهة نووية منذ الحرب الروسية على أوكرانيا، وهو ما بدا واضحا في خطاب بوتين اليوم الثلاثاء الذي ذكّر فيه العالم بحجم ترسانة موسكو وقوتها، وقال إنه مستعد لاستخدام كل الوسائل الضرورية للدفاع عن “وحدة أراضي” روسيا.
المصدر: موقع المنار +مواقع