الثلاثاء   
   23 09 2025   
   30 ربيع الأول 1447   
   بيروت 10:42

الصحافة اليوم 23-9-2025

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 23-9-2025 العديد من المواضيع والملفات المحلية والاقليمية والدولية.

البناء:

يوم لفلسطين في نيويورك: دول العالم تعزل الكيان وكلمة السر دولة فلسطين | جلسة «حل الدولتين»: محاكمة جرائم الاحتلال في غزة ودعوات لوقف الحرب | برّاك يُشرّع بقاء الاحتلال للقضاء على حزب الله… ورعد: المقاومة تعافت

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” كان المشهد مهيباً في نيويورك ففي عيون الفلسطينيين رغم الحرقة والألم على ما يحدث في غزة والضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948، تحوّلت دموع الحزن أمام هول المجزرة المستمرة في غزة، إلى دموع فرح بالإنجاز الذي حملته المواقف التي اتخذت من منصة الأمم المتحدة منبراً لإعلان اعترافها بأن هناك شعباً له حق بأرض ودولة، وأن حرب كيان الاحتلال لتصفية هذا الشعب وحقوقه قد فشلت فشلاً ذريعاً، ورغم إدراك الفلسطينيين لنقاط الضعف في هذه المواقف، سواء لكونها تحت ضغط الشعوب وليست تعبيراً أصيلاً عن مواقف حكومات طالما وقف أغلبها إلى جانب كيان الاحتلال، أو لكون الإعلانات تتحدث عن دولة على جزء من أرض فلسطين، وتدعو للاعتراف ببقاء كيان الاحتلال، أو لكونها تحاول تجريم المقاومة ونزع سلاحها، أو لكون ما يجري لن يغير الواقع في فلسطين حيث لا جدوى للرهانات التفاوضية التي تقوم عليها الإعلانات، حيث تقف واشنطن بالمرصاد لإجهاض أي محاولة لمساءلة كيان الاحتلال أو إدانة جرائمه، لكن الفلسطينيين ينظرون في عيون الإسرائيليين فيرون الذعر والجنون، وعندها يتأكدون أنّهم ينتصرون.
جلسة حلّ الدولتين في نيويورك تحوّلت إلى محاكمة لجرائم الاحتلال في غزة، حيث لم تستطع الكلمات تجاهل حرب الإبادة والدعوة لوقفها، والمطالبة بالضغط على كيان الاحتلال ومساءلة مجرمي الحرب بين صفوف كبار قادته، بينما كان قادة الكيان يتابعون بهيستيريا ما يجري وكانت واشنطن تضع ثقلها، تهدّد دولاً وتقدم إغراءات لدول أخرى لمنعها من الانضمام إلى مسار الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
في لبنان، كانت الصدمة السياسيّة التي مثلتها تصريحات المبعوث الأميركي توماس برّاك كافية لتأكيد الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه الحكومة بموافقتها على ورقة برّاك وتبنيها الدعوة لنزع سلاح المقاومة ضمن مهلة 120 يوماً، حيث قال برّاك أمس، «إن «إسرائيل» ستبقى في المناطق التي تحتلها في لبنان»، وقال برّاك إن المطلوب هو القضاء على المقاومة وإن أميركا تقوم بتسليح الجيش اللبناني كي يقوم بهذه المهمة وليس ليقاتل «إسرائيل»، ووصف برّاك المقاومة وإيران بـ«الأفاعي التي يجب قطع رؤوسها»، مردفاً «يجب أن نقطع رؤوسهم ونمنع تمويلهم»، كلام برّاك تزامن مع استعدادات المقاومة لإحياء ذكرى استشهاد الأمين العام السابق لحزب الله السيد حسن نصرالله، وكان لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد كلام عن واقع المقاومة بعد سنة من استشهاد السيد نصرالله، فأكد أن المقاومة تعافت وأنها مستعدة لتحمل مسؤولياتها محاطة بقوة شعبية تحميها، واصفاً قرار جبهة إسناد غزة بأنه أشد قرارات المقاومة صواباً في تاريخها.

وفيما يُخيّم الهدوء على المشهد الداخلي منذ قرار مجلس الوزراء في 5 أيلول الحالي، سمّمت تصريحات المبعوث الأميركي توم برّاك الأجواء السياسية، عبر استخدام أساليب التحريض والتهديد للبنان بالحرب الإسرائيلية وإشهار نيات العداء لحزب الله وإيران، متناسياً أو متجاهلاً أنه مبعوث إدارته إلى لبنان كراعٍ لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار ووسيط بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي لنزع فتائل التوتر والخلافات على الحدود ومنع اندلاع الحرب من جديد.
واعتبر برّاك في حديث تلفزيوني أنّ «الوضع في لبنان صعب جداً ولدينا الآن مجموعة جيدة في السلطة، ولكن كلّ ما يفعله لبنان بشأن نزع سلاح حزب الله هو الكلام ولم يحدث أيّ عمل فعلي». ولفت إلى أنّ «الجيش اللبناني منظّمة جيدة، ولكنه ليس مجهزاً بشكل جيّد»، وتابع: «إسرائيل لديها 5 نقاط في جنوب لبنان ولن تنسحب منها وحزب الله يُعيد بناء قوته وعلى الحكومة أن تتحمّل المسؤولية».
وأضاف: «حزب الله عدوّنا وإيران عدوّتنا ونحن بحاجة إلى قطع رؤوس هذه الأفاعي ومنع تمويلها». ولفت إلى أنه «خلال هذه الفترة تدفق إلى حزب الله ما يصل إلى 60 مليون دولار شهرياً من مكان ما»، وقال «اللبنانيّون يظنون أنّ حزب الله لا يعيد بناء قوته، لكنه يعيدها». وأكد برّاك أن «لن نتدخل لمواجهة حزب الله سواء من خلال قواتنا أو من خلال القيادة المركزية الأميركية».
وفي سياق ذلك، نقلت قناة «الحدث» عن مصدر أمني إسرائيلي تأكيده أنّ «حزب الله يحاول إعادة ترميم نفسه ما يستدعي يقظة مستمرة»، معتبراً أنّ «المطلوب أن يُجرَّد حزب الله كلياً من السلاح ولا مكان لحالة رمادية».
وشدّد المصدر على أنّ «من يبني قدرة عسكرية ضدّ إسرائيل ليس محصّناً سواء كان ناشطاً أو قائداً رفيعاً»، معتبراً أنّ «إمكانية القيام بعملية برية أوسع في لبنان قائمة إذا تطلّب الأمر، ولا مهلة زمنيّة محددة للبنان لكن «إسرائيل» لن تنتظر طويلاً». وأضاف المصدر: «إنْ لم يُنفَّذ نزع سلاح حزب الله فستوسّع «إسرائيل» نشاطها داخل لبنان».
وتساءلت مصادر سياسيّة عبر «البناء» هل توم برّاك يعبّر عن موقف بلاده وإدارته أم عن موقفه الشخصيّ؟ مشيرة الى أنّ برّاك بتصريحاته الأخيرة العدائية ضدّ لبنان والمقاومة والمنحازة لـ «إسرائيل» بشكل كامل وواضح وفاضح قضى على إمكانية أن يعود ويقدّم نفسه على أنه وسيط خلال زيارته إلى لبنان! كما تساءلت هل استقال برّاك أم أُقيل أم اسُتبعد أم نُحّيَ عن الملف اللبناني ـ الإسرائيلي بعد تصريحاته المهينة بحق الصحافيّين والإعلاميّين في قصر بعبدا وأوكِل إلى مورغان أورتاغوس الملف من جديد، وبالتالي أصبح برّاك يعبّر عن موقف شخصيّ؟
وفيما رجّحت المصادر أن يكون التصعيد في الموقف الأميركي ضدّ حزب الله والحكومة اللبنانية في إطار الحرب النفسيّة والضغط على الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني بشأن تطبيق خطة حصرية السلاح بيد الدولة بعدما سمعت أورتاغوس من ممثل الجيش اللبناني في لجنة «الميكانيزم» بأنّ الجيش لا يملك إمكانات وعتاد وقوى بشرية ليطبّق الخطة الى جانب عجزه عن الاستمرار بتطبيق خطته حتى في منطقة جنوب الليطانيّ في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات المتكررة في جنوب الليطاني وشماله فضلاً عن الاستباحة الجويّة، لكن المصادر لم تستبعد كلياً احتمال توسيع العدوان الإسرائيلي على لبنان، في ظلّ السعي الإسرائيلي الدؤوب للضغط الأقصى على لبنان لجرّه إلى مفاوضات مباشرة على ترتيبات أو اتفاق أمنيّ يضمن المصالح الأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية وبالتالي حرية الحركة العسكرية الإسرائيلية والمنطقة العازلة الأمنيّة والاقتصادية في جنوب لبنان، على غرار ما يحصل في سورية عبر المفاوضات التي تجري في نيويورك لتمهيد الأجواء لاتفاق أمنيّ إسرائيليّ ـ سوريّ.
ووفق تقدير جهات دبلوماسيّة عربيّة في لبنان فإنّ المنطقة برمتها في عين العاصفة، ولا يمكن التنبّؤ بما ستؤول إليه الأوضاع في ظلّ استشراس «إسرائيل» وتماديها في عدوانيّتها لا سيما عقب استهداف دولة قطر وتصعيد حرب الإبادة إلى أعلى مستوى منذ 7 أكتوبر في مشروع أكثر من خطير بتصفية القضية الفلسطينية ثم استكمال المشروع الأكبر الذي تسعى إلى تحقيقه حكومة نتنياهو في الشرق الكبير ويطال مجموعة من الدول من ضمنها مصر والأردن وسورية والعراق وربما جزء من السعودية. وأعربت الجهات الدبلوماسية لـ»البناء» عن مخاوفها من التداعيات الاقتصادية والسياسية والأمنية لعملية تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية إلى مصر والأردن، وما قد يترتب عليه من تأزم الأوضاع الداخلية في الدولتين وتمدّد شرارة النار الإسرائيلية إلى كلّ المنطقة. وطمأنت الجهات إلى أنّ الوضع الداخلي في لبنان مستقرّ إلى الآن مع استشعار مخاطر إسرائيلية تسعى دول أوروبية وعربية لمواكبة الدبلوماسية اللبنانية الموجودة في نيويورك لحثّ الدول الكبرى والأمم المتحدة لا سيما القوى الفاعلة في لبنان والراعية لاتفاق وقف إطلاق النار إلى الضغط على «إسرائيل» لوقف اعتداءاتها واحتلالها.
غير أنّ مصدراً دبلوماسيا أوروبياً قلّل من أهمية الحديث عن حرب إسرائيليّة كبيرة على لبنان، موضحاً لـ»البناء» أن لا مصلحة لجميع الأطراف بعودة الحرب في الوقت الراهن لأسباب عسكرية وسياسية واستراتيجية. ولفت المصدر لـ»البناء» الى أن «لا مؤشرات على حرب واسعة النطاق بين لبنان و»إسرائيل»، مع احتمال تصاعد العمليات الجوية الإسرائيلية على أهداف لحزب الله لكن ليس من الضروري أن تستدرج حرباً شاملة».
وواصل العدو الإسرائيليّ عدوانه على لبنان، وبعد مجزرة بنت جبيل الذي راح ضحيتها 5 شهداء من بينهم ثلاثة أطفال، ألقت مُسيّرة إسرائيلية قنبلة صوتية بالقرب من مواطنين كانوا يشرفون على رفع ركام منازلهم، جنوب شرق بلدة مارون الراس.
ودانت منظمة «اليونيسف»، «مقتل ثلاثة أطفال من عائلة واحدة في غارة جوية إسرائيلية استهدفت بلدة بنت جبيل». وأكدت المنظمة الأمميّة أن «استهداف الأطفال أمر غير مقبول ولا يمكن تبريره. فلا يجوز أبدا أن يدفع أيّ طفل حياته ثمناً للنزاع»، مشدّدة على «وجوب أن تتوقف الأعمال العدائية فوراً لضمان حماية كل طفل».
وأكد رئيس بعثة اليونيفيل في لبنان اللواء ديوداتو أبانيارا أنّ الشراكة مع القوات المسلحة اللبنانية أساسية ويجري التنسيق معها في كلّ العمليات. وقال في حديث تلفزيوني «نلتمس السلام في الدوريات المشتركة لليونيفيل والجيش اللبناني على طول الخط الأزرق وفي الجنوب، والحوادث الأمنية تختبر يقظتنا وهدفنا خدمة السلام وحماية المدنيين». وكان اعترض الأهالي دورية لليونيفيل في منطقة الوعر في الجميجمة.
في المواقف أشار رئـيـس كتـلة الـوفـاء لـلـمـقـاومـة الـنائب محمد رعـد، في حديث لـ»الميادين»، إلى أنّ «استهداف السيد حسن نصر الله هو استهداف لكامل حزب الله وهذا الأمر كان واضحاً منذ بدايات المواجهة مع العدو بعد طوفان الأقصى»، لافتاً إلى «أننا كنا نرى تحضيرات العدو الصهيوني لاستهداف حزب الله منذ توصيات لجنة (فينوغراد) بعد إخفاقه في عام 2006».
وذكّر رعـد، أنه «لم يكن لدينا خيار إنساني أو أخلاقي أو وطني أو قومي إلا أن ننخرط على الأقلّ في إسناد غزة المضطهَدة، وكنّا ندرك أننا كمقاومة مستهدَفون في اللحظة نفسها التي اتّخذ فيها العدو ومَن وراءه قرار استهداف المقاومة في غزة». وقال «حرب الإسناد كانت أصوب القرارات التي تتخذ لأنها انتصار للبشرية وللحرية وللوطنية وللقومية مهما كان الثمن، والعدوان فاق بآلاف المرات ما حُكي عن قضية ربما لا تكون صحيحة ولكن رُوّج لها في التاريخ على أنها الهولوكوست».
وشدّد على أنّ «المقاومة بكلّ تأكيد كانت منسجمة تماماً مع هويتها وثوابتها في الانتصار لهذه القضية التي ضحّت من أجلها»، مشيراً الى أنّ «جيش العدو جيش قاتل وليس مقاتلاً والقوة التدميرية لا تعبّر عن إمكان ردعه وإنما هو ردع مدعوم من الإدارة الأميركية».
وأردف «ما تبدّل لدينا في الحقيقة هو البيادق أمّا الحقائق فما زالت قائمة والعدو ما زال عدواً وإنّما ازداد شراسةً، ولا يستطيعون أن ينتزعوا شرعيةً أقرّها اللبنانيون منذ أكثر من 35 عاماً»، مضيفاً «التزامنا بمقاومة هذا العدو والتصدّي له ما زال قائماً حتى وإن انقلب البعض على شرعيّة ما نقوم به، وحزب الله حضوره قويّ وامتداداته ما زالت طبيعية ومؤسساته ما زالت قائمة ترتفع ببنيانها».
وشدّد على أنه «لا يستطيع أحد أن يلغي الحضور السياسي لحزب الله، وإرادتنا لا تلين وعزمنا لا يتفتت وشهادة السيد كانت كمَن ضرب ضربة في الأرض فأخرج ما في جوفها من قيَم».
وأكد رعد أنّ «التحالفات ستتحدّد عندما ننتهي من موضوع الأصول الدستورية لما يُراد أن تجري عليه الانتخابات النيابية المقبلة، وما نطمح إليه سواء مع السعوديّة أو مع غيرها من دول المنطقة هو أن تتعاطى مع اللبنانيين على قدم المساواة».
بدوره، اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، أنَّ الخطأ بالخيارات الوطنية يضع لبنان في قلب المجهول، مشيراً الى أنّ الإصرار على معاقبة الجنوب والبقاع والضاحية أمر كارثي؛ لأنّ المسامحة ممكنة إلا بالدين الوطني لهذه الفئة من الناس الذين لولاهم لما كانت هنالك دولة. ولفت الشيخ قبلان إلى أنّ من يدّعون السيادة يتعاملون مع البلد على مبدأ الصفقات، ولا يهمّهم ما يجري في المناطق الأخرى، مشدّداً على أنَّ الضامن الوحيد للبنان هي المقاومة والعقيدة الوطنية للجيش اللبناني.
على صعيد آخر، أثار التعميم الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء نواف سلام بمنع استخدام الأملاك العامة غضب بيئة المقاومة ومؤيّدي الشهيد الأسمى السيد حسن نصرالله، حيث أصدر سلام تعميماً حمل الرّقم 36/2025، موجّه إلى «جميع الإدارات والمؤسّسات العامّة والبلديّات واتحاداتها والأجهزة المعنيّة كافّة، بشأن الالتزام بتطبيق القوانين الّتي ترعى استعمال الأملاك العامّة والأماكن الأثريّة والسّياحيّة والمباني الرّسميّة». وقال: «حرصاً على مقتضيات المصلحة العامّة، والمحافظة على حقوق الدّولة والانتظام العام، يُطلَب إلى جميع الإدارات والمؤسّسات العامّة والبلديّات واتحاداتها والأجهزة المعنيّة كافّة، التشدّد في منع استعمال الأماكن العامّة البرّيّة والبحريّة والمعالم الأثريّة والسّياحيّة، أو تلك الّتي تحمل رمزيّة وطنيّة جامعة، وذلك قبل الحصول على التراخيص والأذونات اللّازمة من الجهات المعنيّة وفقاً للأصول».
في المقابل، أصرّ حزب الله على تنفيذ النشاط، وأعلن في بيانٍ جديد، تنظيم فعالية في صخرة الروشة في بيروت الخميس 25 أيلول، لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاغتيال أمينه العام السابق السيد حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، تتخلّلها عروض موسيقيّة وإنشاديّة، إضافة إلى إضاءة الصخرة بالعلم اللبناني وصور القياديَّين.
إلى ذلك أقرّ مجلس الوزراء مشروع الموازنة لعام 2026، وذلك خلال جلسته التي عُقِدت أمس في السرايا الحكومية في بيروت، برئاسة سلام.
وقال وزير الإعلام بول مرقص، للصحافيّين عقب الجلسة، إنّ «موازنة 2026 لا تعتمد على زيادة معدّلات الضرائب أو فرض ضرائب جديدة، إنّما تفعيل الالتزام الضريبيّ وتقدير الواردات بطريقة دقيقة». وأشار مرقص إلى أنّ «الحكومة عازمة على التقدُّم خطوة نحو إنصاف العاملين في القطاع العام»”.

الأخبار:

برّاك يهدّد لبنان ويكذّب الدولة: تتحدّثون فقط ولا تفعلون شيئاً

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية ” لبنان في مرمى التصعيد. بهذه العبارة يُمكن اختزال ما تختزنه الأشهر المقبلة على لبنان من أخطار، تبدأ بالاستنزاف اليومي الذي يمارسه العدو الإسرائيلي ولا تنتهي بتطورات أمنية وعسكرية من النوع الذي يفضي إلى تغييرات كبيرة على الأرض.

هذا الكلام لم يعُد مجرّد استشراف لاحتمالات قائمة، بقدر ما يعبّر عن معلومات يتمّ التداول بها في بيروت استناداً إلى وقائع سياسية وتقارير تُجمِع على أن الوضع في لبنان مرشّح للانزلاق نحو تصعيد إسرائيلي، وهو ما نقله مسؤولون أوروبيون لجهات سياسية، مؤكّدين أن «إسرائيل وأميركا تعتبران أن كل ما قامت به الدولة اللبنانية غير كافٍ، وأن هناك مهلة معطاة للبنان لنحو شهرين، وبعدها لا يضمن أحد ما الذي سيقوم به الإسرائيلي من تصعيد، بما معناه أن لبنان قد يكون على موعد مع عمل عسكري قبل نهاية العام»، ناصحين بـ «عدم الرهان على الأميركيين». كذلك نقلت هذا الكلام جهات عربية أيضاً، من بينها قطر.

ولم يكن عابراً أمس، وفي الوقت الذي تتجه الأنظار فيه إلى احتمالات أن تشهد نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بلورة الاتفاق الأمني المُنتظر بين تل أبيب ودمشق، وعشية الذكرى الأولى للعدوان الصهيوني الذي انفجر في 23 أيلول 2024، كلام المبعوث الأميركي توماس برّاك، لقناة «سكاي نيوز»، وهو الكلام العلني الأكثر صراحة وتعبيراً عما يُهمس به في الغرف المُغلقة، وما تتضمّنه الوتيرة المتسارعة للحركة السياسية التي كشفت وجود تراجعات من النوع التكتيكي لمنع سيناريوهات قد لا تكون في الحسبان، خصوصاً بعد الضربة الإسرائيلية على قطر قبل حوالي 3 أسابيع، وهو ما عكسه أيضاً الموفد السعودي يزيد بن فرحان خلال اجتماعاته اللبنانية قبل يومين.

كلام برّاك أمس لم يكن مفاجئاً للمطّلعين في بيروت، وهم اعتبروا أنه نقل موقفاً أميركياً من دون قفازات يحمِل رسائل عدة، أبرزها للدولة اللبنانية، إذ رأى أن «كل ما يفعله لبنان بشأن الحزب يقتصر على الكلام، من دون أي خطوات عملية». وفيما أشار إلى أن «الوضع في لبنان صعب جداً»، حملَ كلامه تهديداً واضحاً بالقول إن «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يهتم بالحدود ولا بالخطوط الحمر، وسيذهب إلى أي مكان ويفعل أي شيء إذا شعر بأن إسرائيل مهدّدة»، مشدّداً على أن الولايات المتحدة لن تتدخّل لمواجهة حزب الله سواء من خلال قواتها أو عبر القيادة المركزية الأميركية.

وقالت مصادر مطّلعة إن «كلام برّاك يعكس موقفاً أميركياً وإسرائيلياً سلبياً تجاه الدولة اللبنانية رغمَ ما قدّمته من تنازلات، وإن واشنطن وتل أبيب تعتبران أن السلطة في لبنان تكذب ولا تقوم بما هو مطلوب منها في ما يتعلّق بنزع سلاح الحزب، وهذا ما قد يستدعي تدخّلاً اسرائيلياً مباشراً في الأسابيع والأشهر المقبلة عبر عملية برية تصل إلى نهر الأولي».

ووضعت المصادر كلام برّاك عن أن «حزب الله يتلقّى خلال هذه الفترة ما يصل إلى 60 مليون دولار شهرياً من جهة ما»، لافتاً إلى أنّ «اللبنانيين يظنون أنّ الحزب لا يعيد بناء قوته، بينما هو في الواقع يعيدها»، في إطار تبرير ما قد يقدِم عليه العدو الإسرائيلي لاحقاً.

وترافق كلام برّاك عن تمويل حزب الله، بإعلان وزارة الخارجية الأميركية عن مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن شبكات حزب الله المالية. وقال برنامج «مكافآت من أجل العدالة» التابع لوزارة الخارجية الأميركية، في منشور على منصة «إكس»: «ساعدونا في تعطيل تدفّق الأموال إلى إرهابيّي حزب الله. هل لديكم معلومات عن شبكات حزب الله المالية أو مموّليه؟ اتصلوا بنا، فمعلوماتكم قد تؤهّلكم للانتقال والحصول على مكافأة».

وفي هذا السياق يدخل كلام برّاك عن أن «حزب الله عدوّنا وإيران عدوّتنا ونحن بحاجة إلى قطع رؤوس هذه الأفاعي ومنع تمويلها». وقالت المصادر إن «الكلام الغربي مع لبنان يؤكّد على فكرة نسيان الورقة الأميركية وكل الكلام الذي قيلَ عن خطوات مقابلة يجب أن تلتزم بها إسرائيل، لأن الأخيرة لن تقوم بأي خطوة إلى الوراء بل على العكس، لا في الانسحاب من المواقع التي احتلتها ولا في ملف الأسرى ولا في غيرها، فالعدو واضح في مشروعه ليس في لبنان بل في كل المنطقة، ولبنان يدخل ضمن هذا المشروع»، وهذا أيضاً ما أكّده المبعوث الأميركي بقوله إن «إسرائيل لديها خمس نقاط انتشار في جنوب لبنان، ولن تنسحب منها».

في الموازاة، بقيت الأوساط السياسية في حالة رصد لردود الفعل على دعوة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم السعودية إلى فتح صفحة جديدة مع المقاومة. وعلى الرغم من أن التعليقات لا تزال في إطار بعض الإعلاميين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن أي موقف سعودي رسمي لم يصدر.

وكان السياسيون في بيروت يحاولون تقصّي الموقف السعودي خلال الاجتماعات التي عُقدت بين بعضهم والموفد السعودي ابن فرحان، في ظل معلومات تتحدّث عن انطباعات مريحة خرجَ بها من التقوه. وكشفت مصادر بارزة أن «ابن فرحان ركّز في كلامه على العلاقات بين سوريا ولبنان، معطياً انطباعاً بأن المملكة تريد أن تكون راعية لهذه العلاقات في الفترة المقبلة، خصوصاً أنها تعمل على ترتيب الملفات من خلال الاجتماعات التي تُعقد في السعودية بين الجانبين اللبناني والسوري». وفيما قالت المصادر إن «الأيام الماضية شهدت تراجعاً في مستوى الضغط السعودي لأسباب ترتبط بالمتغيّرات الإقليمية»، أشارت إلى أن ابن فرحان أكّد «على ضرورة أن لا يذهب لبنان في اتجاه صيغة صدامية في الداخل»”.

تصعيد الضغوط الأميركية ومطالبات بخطوات لوقف وصول الأموال إلى المقاومة بأيّ ثمن: سؤال الدبلوماسية والاستخبارات: ماذا بقي لدى حزب الله؟

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “هل يُعاد عرض الفيلم من جديد؟ سؤال يفرض نفسه في ضوء سلوك بنيامين نتنياهو الذي يترك الباب مفتوحاً أمام مفاجآت من هذا النوع. العام الماضي، حين توجّه إلى نيويورك، حمل معه مفاجأته الاستراتيجية المتمثّلة في اغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله، فاتحاً باب مواجهة هي الأولى من نوعها ضد المقاومة في لبنان، استمرت أكثر من شهرين وانتهت باتفاق يُجمع اللبنانيون على أنه لم يكن متيناً بالقدر الكافي.

غير أن الأمر الأساس هو أن إسرائيل لم تكن وحدها في تلك الجولة. فهي لم تكن لتطلب الإذن من الأميركيين لعملياتها العسكرية، سواء في لبنان أو في فلسطين، ومضت في خطتها لتدمير القدرات العسكرية السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، ضمن آلية منسجمة تماماً مع المصالح الأميركية.

والحصيلة أن إسرائيل انتزعت دعماً غير مسبوق من الولايات المتحدة أولاً، ومن دول غربية وعربية ثانية، في حربها ضد محور المقاومة بقيادة إيران. وهو دعمٌ تجلّى بوضوح في الحرب التي شُنّت ضد إيران في حزيران الماضي، والتي جاءت أيضاً عقب زيارة خاصة لنتنياهو إلى واشنطن في نيسان، عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب استئناف المفاوضات مع طهران. يومها، اعتبر كثيرون إعلان ترامب أشبه بسكب مياه باردة على رأس نتنياهو، لكنّ الأمور تكشّفت لاحقاً، عندما اتّضح أن سلسلة اجتماعات سرية عُقدت بين نتنياهو وترامب، تبيّن أنها كانت لمناقشة ما هو أبعد من الحرب على غزة أو لبنان، وشكّلت أساساً لبرنامج عمل يشمل ترتيبات تخصّ المنطقة برمّتها.

خلال الأيام المقبلة، من المقرّر أن يزور نتنياهو الولايات المتحدة ويلتقي بالرئيس ترامب، وكما سيلقي كلمة أمام الأمم المتحدة. وسيقوم مرة جديدة بالاستعراض الذي يحب بالحديث عن إنجازات جيشه ضد «أشرار العالم»، ولا أحد يعلم ما إذا كان هذه المرة سيتحدّث عن وجود أسلحة دمار شامل في دولة عربية ما، تمهيداً لضربها كما فعل في ساحات أخرى.

والتجربة تشير إلى أن نتنياهو، رغم ضرورة أخذ عناصر شخصيته في الاعتبار عند قراءة تحرّكاته، يجد نفسه اليوم أكثر من أي وقت مضى مُلزَماً بتحقيق إنجازٍ يرسّخ سيطرته على الحكم في إسرائيل، ويجعله «أزعر» المنطقة بلا منافس.

ماذا علينا أن ننتظر؟
ثمّة قضايا كثيرة باتت أكثر أهمية مما يجري في لبنان. لكنّ إعادة وضع الملف اللبناني على الطاولة تشكّل اليوم أولوية لدى إسرائيل. ليس لأن هناك خطراً داهماً يستوجب المعالجة، بل لأن العجز حتى الآن عن استثمار الحرب الإسرائيلية على لبنان داخلياً، يُعد جرس إنذار لدى دوائر القرار في تل أبيب. وهذا الأمر يبدو أنه عاد إلى واجهة النقاش بقوة داخل الأوساط الاستخباراتية والدبلوماسية، وحتى الإعلامية، في لبنان والكيان على حدّ سواء.

وبحسب مصدر متابع، فإن القصة تعود إلى جملة تطورات، أبرزها:

أولاً: ادّعاء جهات عربية وغربية تلقّيها معلومات استخباراتية، بعضها من مصادر إسرائيلية، تفيد بأن حزب الله يعمل بشكل مكثّف على إعادة ترميم قدراته العسكرية، ويعيد تنظيم صفوفه كاملة، وليس مؤسساته المدنية فحسب. كما أن الإجراءات التي ينفّذها الجيش اللبناني لا تحقّق النتائج المرجوّة.

ثانياً: تشير هذه الجهات إلى أن لدى إسرائيل معطيات واضحة حول ما يقوم به الحزب، وكانت تتوقّع أن تنجح الولايات المتحدة في إقناع السلطات اللبنانية الحليفة لها باتخاذ خطوات عملانية تمهّد لعملية نزع السلاح، ليس جنوب نهر الليطاني فحسب، بل شماله أيضاً.
ثالثاً: أعرب الجانب الأميركي عن «خيبة أمله» من جلسة الحكومة في 5 أيلول، ليس لأنها لم تمضِ قدماً في وضع خطة تنفيذية مرفقة بجدول زمني لِما سبق أن أقرّته في جلستَي 5 و7 آب، بل لأن واشنطن تنظر بقلق إلى ما وصفه المبعوث الأميركي توم برّاك بـ«الضعف الشديد» للقادة السياسيين في لبنان.

رابعاً: ترى إسرائيل أنها غير معنيّة بالمهل الزمنية التي يُشاع أن الولايات المتحدة منحتها للبنان لإنجاز تسوية كبرى قبل نهاية العام الحالي. وقد أبلغت تل أبيب جميع الأطراف، بمن فيهم برّاك خلال اجتماعه مع نتنياهو قبل أسابيع، بأنها غير ملزمة بأي ترتيبات من هذا النوع. وأكّدت أنها لن توافق على تعديل آلية عمل قواتها في لبنان، ولن تقدم على أي انسحاب، ولن تطلق سراح أسرى لبنانيين، فضلاً عن استمرارها في تنفيذ عمليات الاغتيال والغارات ضد ما تعتبره أهدافاً مشروعة.

من أين يأتي بالأموال؟
وفي ما يتعلّق بحزب الله، يبدي الغربيون، وفي مقدّمتهم الولايات المتحدة، اهتماماً لا يقتصر على الجانب العسكري فقط. فقد سمعوا من مسؤولين كبار في الحكومة اللبنانية، في مقدّمهم رئيسها نواف سلام الذي عبّر عن دهشته من قدرة الحزب على إنفاق أكثر من مليار دولار خلال أقل من تسعة أشهر أعقبت اتفاق وقف إطلاق النار.

وأوضح سلام أن الحزب اعتمد آليات لتعويض المتضررين تعكس مستوى عالياً من التنظيم والإدارة، وتؤكد في الوقت نفسه توافر السيولة المالية لديه. وما يجري على الأرض، بحسب ما نُقل، لا يدل إطلاقاً على وجود أزمة مالية حقيقية لدى حزب الله، بل يوحي بأن طرق تدفّق الأموال إليه من الخارج لا تزال فاعلة، وأنه نجح في الالتفاف على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية، أو تلك التي فرضتها مؤسسات مالية وأمنية عربية ودولية.

هذه النقطة بالتحديد تحظى باهتمام خاص لدى الأميركيين، ولدى برّاك شخصياً، والذي وصل به الأمر في مقابلته الأخيرة إلى الحديث عن تدفّق ما يقارب 60 مليون دولار شهرياً إلى حزب الله، داعياً إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذا التمويل. وتزامنت تصريحاته مع كلام منسوب إليه، مفاده أن عملية إعادة الإعمار في الجنوب ستبقى رهينة قرار إسرائيلي، وأنه حتى لو أعلن حزب الله عزمه على عدم انتظار الدولة اللبنانية للبدء بالمشاريع، فإن الظروف الميدانية ستمنعه من تنفيذ خطته.

وفي كلام برّاك تهديد واضح، إذ يشير إلى أن إسرائيل هي من سيتولى عملياً منع عملية الإعمار، وسط مخاوف متزايدة من اتساع رقعة الاعتداءات الإسرائيلية لتطاول أكثر من منطقة لبنانية، وليس فقط في القرى الأمامية.

كذلك، فإن مشكلة برّاك ترتبط أيضاً بإحباطه الشخصي. فبدل أن يقرّ بوجود حائط مسدود في إسرائيل أمام جهوده، عاد ليكرّر معزوفته المعتادة بأنه لم يطلق يوماً أي وعد بقدرته على كبح جماح إسرائيل. وعندما يناقشه المقرّبون في هذا الأمر، يشير إلى ما يحدث في سوريا، حيث يصطدم مع التوجّه الإسرائيلي لتقسيمها، مُقِرّاً بأن أركان الدولة في واشنطن يقفون إلى جانب إسرائيل بلا تحفّظ.

ومع ذلك، يحاول القيام بخطوات ذات طابع إداري لتعزيز موقعه، مثل مسعاه لإبعاد مورغان أورتاغوس عن تفاصيل الملف اللبناني، أو إدخال تعديلات كبيرة على فريق مساعديه في تركيا. غير أن برّاك ليس بارعاً في السياسة، وهو ما ظهر جلياً خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان برفقة السيناتور الصهيوني ليندسي غراهام، حيث اضطر إلى التزام الصمت أمام تصريحات الأخير التي شدّد فيها على أن إسرائيل ليست في موقع تُمارَس عليها الضغوط، بل إن لبنان هو من يجب أن يخضع للإملاءات الأميركية إذا أراد إنقاذ نفسه.

العودة إلى الحرب
في هذا السياق، يمكن فهم الأبعاد الجديدة للمسار السياسي القائم. ففي واشنطن، التي دفعت وسعت لإيصال الرئيس جوزيف عون إلى قصر بعبدا، يبرز في هذه المرحلة اهتمام أكبر برئيس الحكومة، إذ سمع زوار العاصمة الأميركية كلاماً صريحاً بأن سلام يُظهِر مواقف أكثر صلابة من عون في مواجهة تحالف الرئيس نبيه بري وحزب الله.

ومع أنّ عون سعى إلى تسويات مع الحزب لتفادي أي صدام داخلي، إلا أن الأميركيين، العارفين بتركيبة الجيش اللبناني، لا يعيرون اعتباراً للحسابات الداخلية. فهم يرون أن في لبنان مؤسستين يجب أن تبقيا تحت وصايتهم المباشرة: الجيش ومصرف لبنان، وبالتالي فإن أي دعم لهما سيظل مشروطاً بحجم مساهمتهما في محاصرة حزب الله.

في الشقّ المالي، لم يتّضح بعد حجم الطلبات الجديدة التي قد يطرحها الحاكم كريم سعيد لمواجهة «مالية حزب الله». أما في الجانب العسكري، فإن الأميركيين، كما كثير من القوى اللبنانية، يدركون عجز الجيش عن تنفيذ مهمة كبرى بحجم نزع سلاح الحزب. ولذا قد تقبل واشنطن بتحييد الجيش نسبياً حفاظاً على وحدته، على أن تُلقى المسؤولية على القيادات السياسية.

ومع ذلك، تشير النقاشات في الغرف المغلقة والتصريحات العلنية إلى أن الولايات المتحدة سلّمت الأمر لإسرائيل، واضعة على عاتقها إيجاد السبل لمعالجة هذه «المشكلة».
وعند هذه النقطة تحديداً، برزت مجدّداً تسريبات غربية تتحدّث عن نية إسرائيل تنفيذ عملية برية واسعة، هدفها الأول إحكام السيطرة على كامل المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني والتأكّد من خلوها من السلاح والمقاتلين. وبعدها، الانتقال إلى ممارسة ضغوط ميدانية وعسكرية على مناطق شمال الليطاني، تمهيداً لفرض ترتيبات أمنية جديدة انطلاقاً من الواقع الجديد.

ويشير المتصلون بالجانب الأميركي إلى أن واشنطن تتصرّف على أساس أن إسرائيل ليست في وضع يمكن لأحد أن يفرض عليها خيارات سياسية أو عسكرية، وأن في الولايات المتحدة قناعة أو تسليماً، لا فرق، بأن إسرائيل اتّخذت لنفسها مساراً لن يقف على خاطر أحد، وأن من قرّر ونفّذ العدوان على قطر، لن يتردّد في القيام بما يعتقد أنه مناسب له، في لبنان أو غيره.

وبحسب هؤلاء، تسعى إسرائيل إلى شطب القرار 1701 من التداول، ومعه كل بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى في تشرين الثاني الماضي، وفتح الباب أمام واقع جديد ينطلق من الاتفاق الذي ستصل إليه مع سوريا، خصوصاً أن الطلبات الإسرائيلية من سلطات دمشق الجديدة لا تقتصر على اتفاقات عامة أو ضمانات لفظية، بل تشمل فرض منطقة منزوعة السلاح في كامل الجنوب السوري وصولاً إلى مشارف العاصمة دمشق (على بعد نحو عشرة كيلومترات فقط)، إضافة إلى آلية للتواصل والمراقبة مع سكان هذه المنطقة.

كما تطالب بضمان عدم امتلاك سوريا أي أسلحة استراتيجية، ليس في الجنوب فحسب، بل في كل أنحاء البلاد، وصولاً إلى مناقشة مفصّلة حول الوجود العسكري التركي في سوريا، وتدمير كل المواقع والقواعد والثكنات العسكرية في وسط وشمال سوريا لمنع التمركز التركي فيها. وتضاف إلى ذلك سلسلة من الشروط الأمنية التفصيلية، ما يجعل أيّ اتفاق غير مرتبط باتفاقية فكّ الاشتباك، كما تدّعي سلطات دمشق الجديدة.

المهم في كل ما سبق، هو أن من فوائد «العم توم» أنه يقول الأمور كما هي، سواء عن قصد أو عن سهو. فقد كان واضحاً في تأكيده أن إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، تعتبران أن معالجة أعدائهما في المنطقة لا تقتصر على توجيه ضربات قوية إلى حماس وحزب الله والحوثيين، بل يجب أن تكون أكثر صرامة في مواجهة إيران.

وهذا هو جوهر المحادثات الجارية بين الأميركيين والإسرائيليين الآن، خصوصاً أن في واشنطن شخصاً أكثر جنوناً من نتنياهو، مع مزيج من الخرافات، والهلوسات، والنرجسية الهائلة. كلّ ذلك يعزّز القلق من طبيعة برامج العمل المشتركة بين واشنطن وتل أبيب ضدّ إيران على وجه الخصوص، خصوصاً أن أوروبا العاجزة عن فعل أي شيء، تُظهِر استعداداً لأن تكون في صلب مشروع ضرب إيران وإسقاط نظامها”.

المصدر: الصحف اللبنانية