الثلاثاء   
   19 08 2025   
   25 صفر 1447   
   بيروت 12:58

سوريا تواجه شبح أزمة غذائية تاريخية مع تفاقم الجفاف وتراجع إنتاج القمح

تواجه سوريا شبح أزمة غذائية حادة بعدما تسبب أسوأ جفاف منذ 36 عامًا في انخفاض إنتاج القمح بنحو 40%، مما زاد الضغوط على الحكومة التي تعاني من نقص السيولة ولم تتمكن من تأمين مشتريات بكميات كبيرة.

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة رداً على أسئلة وكالة رويترز إن نحو ثلاثة ملايين سوري قد يواجهون الجوع الشديد، دون تحديد إطار زمني لذلك. وأضاف أن أكثر من نصف السكان البالغ عددهم نحو 25.6 مليون نسمة يعانون حاليًا من انعدام الأمن الغذائي.

وفي تقرير صدر في يونيو/حزيران، قدّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن سوريا ستواجه نقصًا في القمح بنحو 2.73 مليون طن هذا العام، وهو ما يكفي لإطعام نحو 16 مليون شخص لمدة عام كامل.

وأشارت رويترز إلى أن هذا الوضع يشكل تحديًا أمام الحكومة السورية برئاسة أحمد الشرع، التي تسعى إلى إعادة بناء البلاد بعد حرب استمرت 14 عامًا وانتهت بالإطاحة برئيس النظام المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول.

ويعد القمح أهم محصول في سوريا، وهو أساسي لبرنامج الخبز المدعوم من الدولة وطعام رئيسي على موائد السوريين. غير أن الحكومة السورية تحرز تقدّمًا بطيئًا في حشد الدعم الدولي لشراء كميات كبيرة من الحبوب.

وذكر مسؤول حكومي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الحكومة الجديدة اشترت 373500 طن فقط من القمح من المزارعين المحليين هذا الموسم، وهو ما يمثل نحو نصف كمية العام الماضي. وأضاف أن الحكومة تحتاج إلى استيراد نحو 2.55 مليون طن هذا العام، لكنها لم تعلن حتى الآن عن أي صفقات كبيرة للاستيراد، وتعتمد على شحنات صغيرة تبلغ نحو 200 ألف طن من خلال عقود مباشرة مع مستوردين محليين، بحسب مصدرين في القطاع، طلبا عدم نشر اسميهما. ولم ترد وزارة الإعلام على طلب التعليق.

وقال طوني العتل، ممثل الفاو في سوريا، إن نصف السكان مهددون بالمعاناة من الجفاف، خاصة فيما يتعلق بتوفر الخبز، وهو الغذاء الأكثر أهمية خلال الأزمة. وأضاف أن سوريا لم تتلق سوى مساعدات طارئة محدودة، تشمل 220 ألف طن من القمح من العراق و500 طن من الدقيق من أوكرانيا.

وأظهرت بيانات الفاو أن سوريا تستهلك نحو أربعة ملايين طن من القمح سنويًا، ومن المتوقع أن ينخفض الإنتاج المحلي إلى حوالي 1.2 مليون طن هذا العام، بانخفاض قدره 40% عن العام الماضي.

وأشار المزارع نزيه الطرشة من محافظة حمص إلى أن هذا الموسم كان الأسوأ منذ بدء عائلته الزراعة عام 1960، فيما أفاد عباس عثمان من القامشلي، في منطقة سلة الخبز السورية بمحافظة الحسكة، أنه لم يحصد أي محصول من ستة هكتارات زرعها.

وذكرت الفاو أن 40% فقط من الأراضي الزراعية زرعت هذا الموسم، وأتلف الجفاف الكثير منها، لا سيما في المناطق الرئيسية المنتجة للغذاء مثل الحسكة وحلب وحمص.

وأوضح المصدر الرسمي أن الحكومة شجعت المزارعين على بيع ما تبقى من محاصيلهم بسعر 450 دولارًا للطن، أي ما يزيد بنحو 200 دولار عن سعر السوق. وقال الطرشة إنه كان يمكنه بيع حوالي 25 طنًا من ستة هكتارات في السنوات العادية، لكنه باع هذا العام ثمانية أطنان فقط، واضطر إلى إطعام الباقي للماشية لأنه غير صالح للاستهلاك البشري، معبرًا عن أمله في هطول المزيد من الأمطار مع انطلاق موسم الزراعة الجديد في ديسمبر/كانون الأول.

وقبل الحرب، كانت سوريا تنتج ما يصل إلى أربعة ملايين طن من القمح، وتصدر نحو مليون طن منها.

وفي تحول كبير في السياسة الأمريكية، أعلن الرئيس دونالد ترامب في مايو/أيار عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، والتي كانت تعرقل تعافيها الاقتصادي. وتقدر وزارة الزراعة الأمريكية أن سوريا ستحتاج إلى استيراد كمية قياسية من القمح تبلغ 2.15 مليون طن في موسم 2025-2026، بزيادة 53% عن العام الماضي.

ومع ذلك، لم تعلن المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب في سوريا عن استراتيجية جديدة للمشتريات، ولم ترد على أسئلة وكالة رويترز حول هذه المسألة. وذكر مصدران مطلعان أن واردات القمح تواجه تأخيرات في سداد قيمتها بسبب الصعوبات المالية، رغم رفع العقوبات.

المصدر: مواقع