أكد الامام السيد علي الخامنئي صباح اليوم (السبت:2022/6/4) في خطابه خلال الإجتماع الحماسي للجموع الغفيرة من الناس المحتشدة في المرقد المطهر لمؤسس الثورة الإسلامية بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لرحيله، أن الإمام الخميني هو “روحُ الجمهورية الإسلامية وشخصية استثنائية وإمام الشعب الإيراني في الأمس واليوم والغد” وأضاف سماحته قائلاً: “الجيل الشاب والذكي اليوم بحاجة إلى دروس الإمام وكلامه وسلوكه من أجل إدارة البلاد وإيصالها إلى القمم المجيدة”.
وتابع سماحته: “إن جيلنا الصاعد والواعي الذي من المقرر ان يتصدى للمسؤوليات الوطنية والثورية في المرحلة الثانية لهذه الثورة وادارة شؤون البلاد مستقبلا يحتاج الى آلية حقيقية لكي يواصل مسيرة الثورة بشكل صائب” .
واوضح أن هذه الآلية التي بإمكانها أن تعطي زخماً وتحدث تحولاً، هي عباره عن الدروس التي يمكن ان نعثر عليها في كلام وسلوك الامام الراحل .
وتابع سماحته أن النقطة الاولى حول شخصية الامام الراحل هي انه قاد اكبر ثورة في تاريخ الثورات، فأشهر هذه الثورات هي الثورة الفرنسية عام 1789 والثورة السوفيتية عام 1917، لكن الثورة الإسلامية أكبر من تلك الثورتين، ولأسباب متنوعة، إن هاتين الثورتين الفرنسية والسوفيتية إنتصرتا بمواكبة الشعبين، إلا انه بعد انتصارهما تم تهميش شعبي البلدين وبالتالي إنحرفت هاتين الثورتين اللتين ساهم الشعب في انطلاقهما من خلال حضورهما في الشوارع.
وأكد أن الثورة الفرنسية تحولت الى ملكية بعد حوالي 12 الى 13 عاما وجاء نابليون الى الحكم وبقي في سدة الحكم لمدة 15 عاما وعادت الاسرة التي ثار الشعب ضدها الى الحكم وتسلموا تقاليد الامور، وكان ذلك نتيجة عدم حضور الشعب في الساحة. ان الثورة السوفيتية ايضا تحوّلت الى استبدادية بعد 12 عاماً، حيث مارس ستالين وخلفاؤه استبدادا لم تشهده الملكيات التي سبقتهم، والنتيجة كانت تهميش الشعب من جديد .
وتابع سماحته: إن الثورة الاسلامية في ايران انتصرت بفضل حضور الشعب الايراني في الساحة، ولم يتم تهميشه كما جرى في الثورات الاخرى في العالم، حيث أنه تم إجراء استفتاء عام بعد اشهر في البلاد لانتخاب النظام الذي يريده الشعب. وتم انتخاب اول رئيس للجمهورية من قبل الشعب الايراني، بعد حوالي عام من انتصار الثورة، ثم انتخب الشعب نوابه في اول برلمان له، حيث جرت في البلاد حتى الان حوالي 50 عملية انتخابات بحضور الشعب.
واعتبر سماحة آية الله السيد علي الخامنئي التوجه المعنوي في الثورة، من الصفات الاخرى لعظمة هذه الثورة، حيث ان الثورتين الفرنسية والروسية والثورات الصغيرة الاخرى التي جرت في القرنين 19 و 20 كانتا تفتقدان الى المشاركة الشعبية الا ان الثورة الاسلامية تولي اهتماما خاصا للبعدين المادي والمعنوي للانسان ايضا.
وقال سماحته: إن الامام الخميني قاد نهضة تحوّلت الى هذه الثورة، وليس هناك اي شك ان الشعب الايراني هو الذي ادى الى انتصار هذه الثورة، ولولا حضوره في الساحة لما انتصرت الثورة، وان اليد القوية التي استطاعت تحشيد هذا البحر المتلاطم والشخص الذي كان لسانه كسيف ذوالفقار وتمكن من استقطاب ملايين الناس الى الساحة والحفاظ عليهم، هو الإمام الخميني طاب ثراه.
وأشار الى إعلان النظام الملكي المقبور فرض الاحكام العرفية في طهران بأمر اميركي كي يستطيع الانقضاض على الثورة واسقاطها من خلال غياب أبناء الشعب، مشددا على ان الإمام أحبط هذه المؤامرة بإمداد الهي تحدّث عنه الامام فيما بعد، و التقوى والالتزام، من الخصال الضرورية للمسؤولين، فالالتزام والخبره كلاهما مطلوب من المسؤولين، وأضاف سماحته انه قد يتساءل البعض عن مقدار ما تم إنجازه من هذه البنية التحتية؟ وإن جوابنا هو أننا حققنا نجاحا كبيرا في كل هذه المجالات، وإذا نفى أحد ذلك، فهذا غير منصف، بالطبع، بالإضافة إلى التقدم كانت هنالك العديد من الإخفاقات.
واضاف سماحته أن الإمام أرشدنا هنا ايضا وقد قال الامام في العام الاخير من حياته مخاطبا أبناء الشهداء، إن سجلكم مرهون بجهودكم ونضالكم. وتابع سماحته انه أينما دخل الشعب والمسؤولون الميدان بإرادة قوية سينجحون، وحيثما ضعفت الإرادة سنشهد التخلف. واوضح ان المدرسة وخارطة الطريق صحيحان، ولكن السالك يجب أن يتحرك بشكل صحيح؛ أينما ذهبنا بشكل صحيح، كنا نتقدم، وحيثما كنا نقصر ونتقاعس، نتخلف عن الركب.
واشار الى ان الجبهة الواسعة للاعداء منذ انطلاق الثورة المباركة دخلت الساحة بقوة وتابع: الذين اعتادوا على الرذيلة لايمكنهم ان يفصلوا انفسهم عنها، و على شبابنا الانتباه الى ان الغرب نهب العالم لثلاثة قرون وأوجد الكثير من المجازر الجماعية والاستعباد. ورغم ذلك نرى اليوم ان علماء الغرب انبروا ليحددوا ويرسموا لنا قانون حقوق الانسان، وهذا مايبين مدى الخداع لدى الغرب .
وجدد سماحته التاكيد على أن الغرب يرتكب مختلف الجرائم التي يندى لها الجبين واضاف: الإمام الراحل كان يعرف هذه الامور بشكل جيد، ولذلك جعل الشعب يتعرّف على مفهوم المقاومة، ورباه على روح المقاومة والصمود والثبات ، وعنوان المقاومة أصبح اليوم عنوانا عريضا في الثقافة العالمية واضاف: الامل الوحيد للاعداء اليوم لتوجيه الضربات للشعب هو الاحتجاجات الشعبية، لكن عليهم ان يعرفوا ان الجمهورية الاسلامية اصبحت اليوم شجرة ثابتة وان حساباتهم كانت خاطئة .
وقال سماحة آية الله السيد علي الخامنئي: إن الغربيين يحاولون وضع قانون لحقوق الإنسان لإيران، وهذا خداع، لافتاً إلى أنّهم نهبوا العالم لثلاثة قرون وارتكبوا المجازر، وعلى الشباب التنبّه لهذا الأمر.
وأشار سماحته إلى أن هناك أملاً لدى الأعداء بتوجيه ضربة للشعب الإيراني عبر الاحتجاجات واستخدام الساحة الافتراضية والحرب النفسية، وأضاف: الأعداء يريدون أن يروّجوا أنّ الشعب ابتعد عن القيادة، واصفاً هذا الادعاء بـ”الكلام التافه الذي يصدّقه بعض السُذّج”، واعتبر إنّ الأعداء مخطئون في تقويمهم لمشاعر الشعب الإيراني ووفائه وصموده، مشدداً على أنّ الثورة الإيرانية باتت شجرة ثابتة بعد أن خسر الغربيون رهاناتهم.
وأضاف سماحته أن الشعب الإيراني اليوم مقاوم بكل معنى الكلمة، وعنوان المقاومة بات واضحاً في الثقافة السياسية في العالم، مشدداً على أنّ الشعب الإيراني ينتمي إلى الثورة، ومن يرد أن يلمس ذلك فلينظر إلى التشييع المليوني للشهيد قاسم سليماني، داعياً النّشطاء إلى عدم السماح للأعداء بتشويه الثورة وعدم الالتفات إلى الرجعيين في الداخل.
وفي الجزء الأخير من خطابه، وجه قائد الثورة الإسلامية المعظم سبع توصيات مهمة للناشطين في المجالات الثورية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وقال سماحته: وصيتي للنشطاء في سوح الثورة والسوح الاجتماعية والاقتصادية والسياسية هي لا تدعوا الاعداء يزيلون هوية ثورتكم الاساسية، ولاتدعوا ان يحرفوا الاعداء نهج الامام الخميني (ره).
واضاف سماحته: من يريد العودة الى النمط الغربي فهو رجعي، ولا تدعوا عودتهم الى المواقع الادارية، ولا ينبغي السماح للبلد بالتحرك نحو هذا النمط من خلال التأثر على نمط الحياة الغربي الذي كان موجودا في عهد النظام البهلوي الفاسد، و في توصيته الرابعة على فضح أكاذيب العدو وقال: افضحوا حرب الاعداء النفسية واكاذيبهم، ودعا الی الدفاع عن الثروة الايمانية للشعب، واضاف: لا تسمحوا للاعداء بنشر أكاذيب حول وصول ایران إلى طريق مسدود.
وتابع سماحته قائلا: تم نشر بعض الأنباء حول وصول إيران إلى طريق مسدود، في الفضاء الإلكتروني کما في عهد الإمام الخميني (ره) حيث كتب البعض في الصحف أن البلاد وصلت الی طريق مسدود، فقال الإمام إنكم وصلتم إلى طريق مسدود وليس الجمهورية الإسلامية.
وفي توصيته الأخيرة، شدد سماحته علی ضرورة تقدیر المسؤولين الثوريين قائلا: عندما يسعى العدو وراء تدمير سمعة المسؤولين الثوريين، يجب القيام بواجب التقدیر لهم.
واعتبر المسافة التي خلقها الإمام بين إيران والدول الغربية، عاملا في اشتداد موجة العداء التي تشنها هذه الدول ضد ایران وقال: دعم فلسطين وأخذ السفارة من کیان الاحتلال الصهیوني في طهران وتسليمها الى الشعب الفلسطيني، وانتقاد ازدواجیة المعايير لدی الدول الغربیة والجرائم التي ترتكبها، من الأمثلة المهمة للمسافات التي خلقها الإمام بين الحضارة والفكر الإسلامي من جانب والحضارة والفكر الغربيين من جانب آخر.
واضاف سماحته أن الإمام الخميني كان شجاعاً وحكيماً وعقلانياً، ولم ييأس أبداً، والأحداث الجمّة في بداية الثورة لم تُدخل أي تردّد إلى قلبه، وكان صادقاً مع الله ومع الشعب، وملتزماً بعهوده.
وأكد سماحته على فضح أكاذيب العدو وحيَله وحربه النفسية، مشيراً إلى نموذج حديث لهذه الحرب النفسية بالقول: قبل مدة سرقت حكومة اليونان بأمر من الأمريكيين نفط بلدنا، لكن حين بادر شجعان الجمهورية الإسلامية الحاملين أرواحهم على الأكف وضبطوا ناقلة النفط التابعة للعدو، إتّهموا إيران بالسرقة في الدعاية الإعلامية الواسعة، مع أنهم هم من سرقوا نفطنا، واسترداد المال المسروق ليست سرقة.
وشدد سماحته على ضرورة مواجهة قلب الحقائق، وعدم السماح للقوات الرجعية بتشويه صورة الثورة، وضرورة مواجهة من يحاول بث اليأس بين الشعب. ودعا سماحته أيضا إلى ضرورة محاسبة من تسبب بحادثة مدينة آبادان وأي حوادث أخرى أو قصور آخر
وفي ختام كلمته، أشار سماحته إلى بعض التصرفات الهامشية التي رافقت كلمة حجة الإسلام السيد حسن الخميني، وشدد قائلاً: لقد سمعت أن هناك من أثاروا البلبلة أثناء إلقاء الحاج السيد حسن الخميني كلمته، فليعلم الجميع بأنني أعارض هذه الأفعال وإثارة البلبلة.
وفي بداية هذه المراسم، ألقى حجة الإسلام السيد حسن الخميني كلمة وصف فيها الإمام الجليل الشأن بالمنادي بالاستقلال والعزّة للشعب الإيراني، وقال: كان الإمام حقيقة أصيلة وروحاً مطهّرة ورمزاً وتجلّياً للأهداف الإسلامية والشعبية المشرقة.
المصدر: موقع المنار