شدد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة :على أننا بحاجة لأن نتعلم من المواقف الصلبة والثابتة التي جسدها علي بن الحسين والسيدة زينب عليهما السلام لمواجهة مصائب الحياة وابتلاءاتها وتحدياتها, ولمواجهة الطغاة والظالمين والمستكبرين والجبابرة, ولمواجهة امريكا واسرائيل وجماعات التكفير وإرهابهم وما يرتكبونه من مجازر وجرائم وما يقومون به من قتل وسفك للدماء في سوريا والعراق واليمن والبحرين وليبيا ومصر وغيرها.
وقال: نحن بحاجة الى أن نتعلم من منطق الحسين(ع) وعلي بن الحسين(ع) وزينب(ع)ومواقفهم الصلبة وكلمات الحق التي جهروا بها أمام السلطان الجائر والمتكبر, لنجهر بالحق أمام طغاة العصر وإرهابييه.. أمام النظام السعودي وحلفائه, وفضح أمرهم, وكشف زيفهم, وبيان جرائمهم, ومدى تورطهم بقتل الابرياء ودعم القتلة والعصابات الإجرامية.
ورأى: أن زيارة الوفد السعودي الى لبنان في هذا التوقيت.. لن تمحو من ذاكرة اللبنانين الذين يتمسكون بالعروبة ما يرتكبه النظام السعودي من جرائم بحق العرب اليمنيين والبحرانيين والعراقيين والسوريين.. ولا أن تبدل من قناعاتهم بأن سياسة التقارب والتطبيع مع العدو الإسرائيليالتي انتهجها النظام السعودي مؤخراً تشكل اهانة للشعب اللبناني الذي عانى من الإرهاب الاسرائيلي ولا تزال جزاء من أرضه محتلة, وتشكل أيضاً عدواناً على مقاومته الباسلة, وتطعن بالقضية الفلسطينية وتطعن بقلب العروبة، لأن هذا التقارب مع إسرائيل أوجب المذلة للعرب والعروبة، بينما في المقابل انجازات المقاومة وانتصاراتها في في أيار 2000 وفي تموز 2006، زيّن العروبة بالكرامة والعزة والعنفوان والمجد والانتصار، وشتان بين نظام يوجب الإساءة والمذلة للعروبة، وبين مقاومة تصنع الانتصارات للأمة.
وأضاف: لن تستطيع الزيارات السعودية أيضاً أن تدلس على اللبنانيين وتوهمهم بأنها هي من يسهل الخطوات الجارية لانجاز الاستحقاق الرئاسي , فاللبنانيون جميعاً يعرفون أن من عطل الاستحقاق الرئاسي لمدة سنتين ونصف هو النظام السعودي
الذي كان يرفض مجيء العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية, الى أن وصلوا الى طريق مسدود ولم يستطيعوا أن يفرضوا ما يريدون.
وحذر: من أن يكون الموفد السعودي, الذي يترأسه خبير بصنع الفتن كان سفيراً للنظام السعودي في العراق وتم طرده منه قبل أشهرقليلة بسبب تحريضه على الفتنة بين مكونات الشعب العراقي, قد أتى حاملاً معه مشروعاً للفتنة بين اللبنانييين الذين يحاولون انجاز الاستحقاق الرئاسي بالتفاهم والتوافق فيما بينهم بعيداً عن التدخلات الخارجية, داعياً: اللبنانين الى عدم الإصغاء لصوت الفتنة, والمضي في طريق التفاهم والتوافق الذي يحمي البلد ويحصن الاستقرار فيه.
نص الخطبة
في الخامس والعشرين من شهر محرم مرت علينا ذكرى شهادة الإمام علي بن الحسين (ع) وهو الامام الرابع من أئمة أهل البيت(ع) وأكبر أولاد الإمام الحسين (ع). أشتهر الامام بلقبين هما: السجاد, وزين العابدين, لأنه كان يُعرف بطول سجوده, وكثرة عبادته ووقوفه بين يد الله سبحانه و تعالى. وُلد الإمام زين العابدين(ع) في الخامس من شعبان في سنة ٣٨ هجرية في المدينة المنورة , وعاش(ع) مع جده الإمام علي ابن أبي طالب (ع) سنتين, ومع عمه الإمام الحسن (ع) عشر سنوات, ومع والده الإمام الحسين (ع) إحدى عشر سنة, وقد عاش بعد شهادة والده أربعاً وثلاثين سنة. كان للإمام علي بن الحسين (ع) خمسة عشر ولداً من زوجات عدة, وأشهر أولاده: الإمام محمد الباقر (عليه السلام)، وزيد، المعروف بزيد بن علي, قائد الثورة التي عرفت بثورة زيد التي خرج فيها على الأمويين وساهمت في إزالة حكم بني أمية. اسنُشهد الإمام زين العابدين(ع) في المدينة في الخامس والعشرين من شهر محرم في سنة خمسة وتسعين هجرية عن عمر يناهز السبعة والخمسين عاماً, حيث سمّه هشام بن عبد الملك بأمر من الوليد بن عبد الملك, ودُفن في جنة البقيع إلى جانب عمه الإمام الحسن (ع) في المدينة المنورة.
من أشهر ما ورد عن الإمام علي بن الحسين السجاد(ع)كانت رسالة الحقوق التي بين فيها حقوق الانسان قبل أن تضع شرعة الامم المتحدة وثيقة حقوق الانسان بمئات السنين, والصحيفة السجادية التي جُمع فيها الكثير من أدعية الإمام زين العابدين (ع) لا سيما وأن أدعيته تُعد مدرسة بحد ذاتها في كل المجالات, وكانت السلاح الأساسي الذي اعتمد عليه الإمام السجاد (ع) لنشر أفكاره وتعاليمه وقيمه والأخلاقية الإنسانية, وكان يقض بهذه الأدعية مضاجع الطغاة والظالمين. حضرالإمام زين العابدين (ع) في كربلاء ولم يكن بإمكانه أن يُقاتل إلى جانب والده في اليوم العاشر من المحرم, بسبب مرض شديد منعه عن المشاركة في القتال, إلا أنه وبرغم مرضه وهول الفاجعة في كربلاء, رأيناه(ع) من أشد الرّجال صلابةً, وأكثرهم ثباتاً وصبراً واتزاناً وعزماً وارادة ويقيناً بالحق الذي هم عليه، فعندما ندقق
في مواقفه في كربلاء ، فإنّا لا نجد أن زين العابدين(ع) واجه أيّ مشهد من مشاهد الجريمة الفظيعة التي ارتكبت في كربلاء بالجزع أو بسلوك يكشف عن ضعف أو وهن أو انهيار أو احباط أو يأس, بل إننا نراه يستمع إلى أبيه وهو ينعى نفسه إلى أخته السيّدة زينب(ع)، وتخنقه العبرة، ويحبس حزنه في صدره. وعندما كشفت المعركة يوم العاشر عن حجم الفاجعة, وشاهد الامام أمامه أعز الناس عليه, أباه وأخوته وأبناء عمه واهل بيته, مضرجين بالدماء مقطعي الرؤس بتلك الطريقة الوحشية والهمجية , ورأى مشهد النّساء المروَّعات الفزعات الخائفات.. مشهد وحشيَّة بني أمية ووحشية جيشهم، عندما كان يقوم هؤلاء الجبناء بإحراق الخيم، وفيها النساء والأطفال، ويرى بأمّ عينه كيف أنَّهن ينطلقن من خيمة إلى خيمة، فتحرق الخيمة، وينتقلن إلى خيمة ثانية وثالثة، ويفررن على وجوههن في البيداء، كل هذه المشاهد لم تدفع بالامام(ع) الى الجزع أو الى التصرف كما يتصرف الانسان الذي تكسره المصيبة وتسقطه الفاجعة وتجعله منهاراً او ذليلاً أو مهزوماً, بل واجه هذا الموقف بكل صلابة وهو يكتم أحزانه في داخله .
وبعد شهادة الإمام الحسين(ع) كان (ع) صلباً في مواقفه وفي تحديه لابن زياد في الكوفة وليزيد بن معاوية في الشام, فنحن نعرف أنّه عندما كان في مجلس عبيد الله بن زياد، واجه ذلك الطّاغية بالكلمة الصّلبة حينما قال له: أبالقتل تهدّدني يابن زياد؟ أما علمت أنَّ القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة.. وفي الشام وقف الإمام (ع) متحدياً يزيد وخطب تلك الخطبة التي أبكى منها العيون وأوجل منها القلوب, والتف الناس حول الامام لما رآوا قوة منطقه ولما عرفوا مكانته ومنزلته ومكانة ومنزلة أبيه وأهل بيته, بحيث أن يزيد بن معاوية خشي أن يتأثر الناس بكلام الإمام(ع)، فأمر المؤذن بان يؤذن للصلاة مع أنه لم يكن وقت الصلاة ليقطع خطاب الامام(ع).. ولأن الناس التفوا حول الإمام (ع) حتى خشي يزيد إفتتان الناس وانقلاب الأمر ضده، عجل بإخراج الإمام زين العابدين(ع) والعيال والسبايا من الشام إلى المدينة.
هذه هي صلابة الامام وقوة موقفه.. وهذه الصلابة لا تعني ان الامام مجرد من العاطفة والاحاسيس والمشاعر الانسانية, وانه لا يحزن ولا يبكي ولا يتأثر على فراق أبيه وأخوته وأحبته, بل إن حزن الإمام زين العابدين(ع) الذي كان يختزنه في عقله وفي قلبه، على أبيه الحسين والصَّفوة الطيّبة من أهل بيته وأصحابه، هو حزن كبير وعميق.. ولكنه حزن انساني هادىء لا يخرج الانسان عن طوره ووعيه واتزانه. ولذلك كان الامام (ع) كلما تذكر تلك المشاهد الأليمة وما جرى في كربلاء, كان يشعر بالحزن الشديد وكان يبكي .. حتى روي عن الامام الصادق (ع) أنه قال : إن جدّي زين العابدين ( عليه السلام ) بكى على أبيه أربعين سنة. ويقول مولى للامام (ع) : ان الامام(ع) خرج يوماً الى الصحراء فتبعته ، فوجدته قد سجد على حجارة خشنة ، فوقفت وأنا أسمع شهيقه ، وأحصيت عليه ألف مرة يقول : ( لا اله الا الله حقاً حقا, لا اله الا الله تعبداً ورقا ، لا اله الا الله ايماناً وصدقا ) ثم رفع رأسه من سجوده وإن لحيته ووجهه قد غمرا من دموع عينيه ، فقلت : يا سيدي أماآن لحزنك أن ينقضي ، ولبكائك أن يقل ؟ فقال : ويحك, إن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم كان نبياً وابن نبي ، له اثنا عشر إبناً فغيّب الله واحداً منهم ، فشاب رأسه من الحزن ، واحـدودب ظـهره من الغم ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حي في دار الدنيا ، وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي ، صرعى مقتولين ، فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي ؟ .
وحزنه وبكائه (ع) ليس ضعفاً أو وهنا أو اختلالاً في يقينه او في توازن شخصيته, بل هو أمر طبيعي تقضيه المشاعر الانسانية الصادقة وهو دليل على كماله الانساني وسلامة أحاسيسه. فمن الطّبيعيّ لمن تتجسد المأساة والمصيبة أمامه أن يحفر الحزن في قلبه وأن يعيش الألم في نفسه ، كأيّ إنسان تتجسد المصيبة أمامه ، ، لأنَّ الله يريد للإنسان أن يعيش عاطفته وأحاسيسه ومشاعره وأن يعبر عنها بالحزن والبكاء..
فقد بكى يعقوب ولده حتى ابيضت عيناه من الحزن, وبكى النبي (ص) عندما قتل عمه حمزة وعندما قتل جعفر بن أبي طالب في حرب مؤتة, وبكى عندما مات ولده ابراهيم, ولكنه لم يضعف في كل تلك المواقف, ولم ينهار ولم يغير في مواقفه ولا في قراره, ولم يتنازل لعدوه, وإنما قال(ص) عندما مات ولده إبراهيم: ( تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون)هكذا كانت عاطفة رسول الله(ص) وهكذا كانت عاطفة زين العابدين(ع) هادئة حزينة؛ الحزن الذي يعبر عنه في بكائه ودموعه وفي بعض كلماته التي تعبر عما في داخله من أحزان وآلام , لا الحزن الذي يجعل الانسان ينهار أمام عدوه, فالامام لم يضعف, ولم ينكسر, ولم يتنازل لعدوه أمام هول الفاجعة وحجم التحدي الذي فرضه الاعداء, بل كان يزداد صلابة وعزماً وقوة ويقيناً بأحقية موقفه وسلامة الطريق والمسار الذي سلكه هو ووالده وأهل بيته واصحابه..
وكما كان السجاد(ع) صلب الموقف كانت عمته زينب(ع) أيضاً قوية صلبة شجاعة ثابتة صابرة محتسبة.
وما يروى من أن السيدة زينب (ع) لما رأت الحسين (ع) مضرجاً بدمه ضربت رأسها بمقدم المحمل حتى نزف الدّم من تحت برقعها, غير صحيح, وذلك:
أولاً: لأن هذه الرواية ضعيفة السند, وقد نقلها العلامة المجلسي في بحار الانوار مرسلة عن رجل يدعى مسلم كان يعمل في قصر ابن زياد, فهو رجل غير موثوق لا يعتمد على نقله, وهو مهمل لا ذكر له في كتب الرجال.
وثانياً:ان هذه الرواية تتنافى وتتناقض مع سلوك زينب(ع) يوم العاشر, حيث ورد أن زينب (ع) بعد أن قتل الحسين(ع) بسطت يديها تحت جسده الشريف ورفعته نحو السماء وقالت: الهي تقبل منا هذا القربان.
فهذا الموقف يعبر عن رباطة جأش ووعي ويقين وثبات لانظير له, فمن يصدر منه مثل هذا الموقف لا يتصور في حقه أن يضرب رأسه حتى الإدماء في مقدم المحمل.
وثالثاً: أن هناك مواقف كثيرة لزينب (ع) تدل على صبرها وثباتها وصلابتها واحتسابها وشجاعتها ورزانتها وقوة منطقها أمام الطغاة والجبابرة وفي كل المواقع, في كربلاء وفي الكوفة وفي الشام وفي الطريق اليهما, وهذه المواقف لا تنسجم مع
مثل هذا السلوك الذي تنقله الرواية عن هذه السيدة الجليلة الصابرة التي وصفت بأنها جبل الصبر.
ولذلك لا يصح الاعتماد على هذه الرواية في مقام الاستدلال على صحة او شرعية اي سلوك من هذا النوع.
هذه المواقف الصلبة والثابتة وهذا الوعي وهذا اليقين بأحقية القضية التي ضحى من أجلها الحسين(ع)وأهل بيته وصوابية الطريق الذي سلكوه.. نحن بحاجة اليها لمواجهة مصائب الحياة وابتلاءاتها وتحدياتها, بحاجة اليها لمواجهة الطغاة والظالمين والمستكبرين والجبابرة, بحاجة اليها لمواجهة امريكا واسرائيل وجماعات التكفير وإرهابهم وما يرتكبونه من مجازر وجرائم, وما يقومون به من قتل وسفك للدماء في سوريا والعراق واليمن والبحرين وليبيا ومصر وغيرها.
نحن بحاجة الى أن نتعلم من منطق الحسين(ع) وعلي بن الحسين(ع) وزينب(ع)ومواقفهم الصلبة وكلمات الحق التي جهروا بها أمام السلطان الجائر والمتكبر, لنجهر بالحق أمام طغاة العصر وإرهابييه.. أمام النظام السعودي وحلفائه, وفضح أمرهم, وكشف زيفهم, وبيان جرائمهم, ومدى تورطهم بقتل الابرياء ودعم القتلة والعصابات الإجرامية.
لن تستطيع زيارة الوفد السعودي الى لبنان في هذا التوقيت أن تمحو من ذاكرة اللبنانين الذين يتمسكون بالعروبة ما يرتكبه النظام السعودي من جرائم بحق العرب اليمنيين والبحرانيين والعراقيين والسوريين.. ولا أن تبدل من قناعاتهم بأن سياسة التقارب والتطبيع مع العدو الإسرائيلي التي انتهجها النظام السعودي مؤخراً تشكل اهانة للشعب اللبناني الذي عانى من الإرهاب الاسرائيلي ولا تزال جزاءً من أرضه محتلة, وتشكل أيضاً عدواناً على مقاومته الباسلة, وتطعن بالقضية الفلسطينية وتطعن بقلب العروبة، لأن هذا التقارب مع إسرائيل أوجب المذلة للعرب والعروبة، بينما في المقابل انجازات المقاومة وانتصاراتها في في أيار 2000 وفي تموز 2006، زيّن العروبة بالكرامة والعزة والعنفوان والمجد والانتصار ، وشتان بين نظام يوجب الإساءة والمذلة للعروبة، وبين مقاومة تصنع الانتصارات للأمة.
لا لن تستطيع الزيارات السعودية أيضاً أن تدلس على اللبنانيين وتوهمهم بأنها هي من يسهل الخطوات الجارية لانجاز الاستحقاق الرئاسي , فاللبنانيون جميعاً يعرفون أن من عطل الاستحقاق الرئاسي لمدة سنتين ونصف هو النظام السعودي الذي كان يرفض مجيء العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية الى أن وصلوا الى طريق مسدود ولم يستطيعوا أن يفرضوا ما يريدون.
إننا نخشى أن يكون الموفد السعودي الذي يترأسه خبير بصنع الفتن, كان سفيراً للنظام السعودي في العراق وتم طرده منه قبل أشهرقليلة بسبب تحريضه على الفتنة بين مكونات الشعب العراقي وتم ترفيعه في دولته بجعله برتبة وزير, نخشى أن يكون قد أتى حاملاً معه مشروعاً للفتنة بين اللبنانييين الذين يحاولون انجاز الاستحقاق الرئاسي بالتفاهم والتوافق فيما بينهم بعيداً عن التدخلات الخارجية, ولذلك نحذر اللبنانين من الإصغاء لصوت الفتنة, وندعوهم للمضي في طريق التفاهم والتوافق الذي يحمي البلد ويحصن الاستقرار فيه.
المصدر: خاص