منذ ظهورها في نهاية القرن التاسع عشر، تطرقت السينما العالمية لموضوع القوى الخارقة للإنسان في عددٍ كبير جداً من الأفلام، وذلك لكونها موضوعاً مثيراً وجذَّاباً للجماهير التي تتمنى خلال مشاهدتها العمل السينمائي أن تحظى بنفس القدرة التي يتمتع بها هذا البطل الخارق.
لكننا في هذا التقرير سنبتعد عن السينما والخيال، وسنتطرق لحالاتٍ حقيقية لبشر مثلنا جميعاً، يتمتَّعون بقوى غير طبيعية تمكنهم من القيام بأشياء لا يستطيع الإنسان الطبيعي القيام بها:
1- بشري بعيون القطط:
يتمتع الطفل الصينيّ نونغ يوهوي، بميزة أدهشت الأطباء ولا يملكها أحدٌ غيره في العالم حتى الآن، إذ يمتلك قدرة بصريَّة تمكنه من الرؤية في الظلام بنفس الوضوح الذي يرى به في ضوء النهار.
يستطيع هذا الطفل الرؤية والتنقُّل والقراءة في الظلام الحالك بشكلٍ واضح جداً دون وجود أيّ مصدر للإضاءة، ما يعني أنه يملك قدرة تضاهي القدرة البصرية للقطط، وبذكرنا للقطط تجدر الإشارة إلى أن عيني نونغ تشعّان بالنور ليلاً كالقطط تماماً، ليصنّف عالمياً أول إنسان قادراً على الرؤية في الظلام.
2- المراهق المعجزة.. يرى دون عينين:
ننتقل إلى مثال معاكس تماماً، من طفلٍ يرى كل شيء في الظلام كما في النور إلى آخر يرى بوضوح.. لكن هذه المرة من غير عينين!
نتحدث هنا عن بين آندروود، وهو مراهق تم تشخيص إصابته بسرطان شبكية العين عندما كان لايزال في الثانية من عمره، ليتم استئصال عينيه بعدها بسنةٍ واحدة ويفقد بصره إلى الأبد، لكن على غير المتوقع عاش بين بشكل طبيعي جداً، واستمتع بحياته ربما أكثر حتى من الأشخاص العاديين، فهو قادر على لعب كرة السلة بمهارة عالية، وقيادة الدراجة، بل وحتى استعمال لوح التزحلق! ذلك كله لأنه استطاع تطوير مهارة “الرصد بالصدى” التي تملكها حيوانات كثيرة في الطبيعة مثل الدلافين والحيتان والخفافيش والتي تسمح بتحديد الحواجز والتعرُّف على المحيط الخارجي من خلال الصوت وارتداد الصدى.
في البداية ظن الأطباء أن الأمر يتعلق فقط بحاسة سمع قوية طوّرها الفتى لتحل محل حاسة البصر التي فقدها، لكن بعد إجراء عدة اختبارات تم التوصل إلى أنه يملك حاسة سمع عادية، ما جعل الأمر محيراً جداً لذلك تم عرضه على باحثين من جامعة كاليفورنيا. وقد أجرى باحثو جامعة كاليفورنيا بدورهم عدة اختبارات كانت نتيجتها مذهلة، ذلك أنه استطاع معرفة أحجام الأشياء، وتحديد الأجسام المتشابهة من بين عدة أجسام تم عرضها أمامه، كل هذا دون أن يرى أو يلمس أي شيء.
وهو ما أدى إلى استنتاج أن عقل بين وصل إلى درجة يستطيع معها تحويل الذبذبات الصغيرة في الهواء إلى معلوماتٍ مرئية، وبالتالي فقد استحق لقب “المراهق المعجزة” بجدارة، إلا أنه للأسف فارق الحياة عام 2009 بعد أن عاد مرض السرطان مرة أخرى ليختطف منه حياته هذه المرة.
3- رجل الثلج:
ويم هوف رجل في الخمسينات من عمره، يملك القدرة على تحمل أدنى درجات الحرارة وفي أكثر الوضعيات قساوة، حيث يستطيع المكوث عارياً داخل حوض مليء بمكعبات الثلج من قدميه إلى رقبته لأكثر من 90 دقيقة (علماً بأن الشخص العادي سيفقد وعيه في غضون دقائق).
كما يستطيع السباحة لمسافاتٍ طويلة تحت نهرٍ من الجليد، بالإضافة إلى كونه قد استطاع تسلُّق كل من جبل إيفريست وجبل Le Mont Blanc مرتدياً ملابس صيفية فقط، وهو الأمر الذي جعل منه شخصيةً شهيرةً على الصعيد العالمي حيث يُعرف باسم “رجل الثلج”. ويستقطب أعداداً كبيرة من الأشخاص الذين يقصدونه بغية التمتُّع بنفس قدراته التي يقول إنه اكتسبها بالتمارين والتدريب المستمر، وأنه مستعدٌّ لمساعدة أي شخص ليتمكن من الوصول لنفس درجة مهاراته، كما ألّف كتاباً يشرح فيه تجربته الفريدة.
4- الكاميرا البشرية:
ننتقل إلى ستيفان ويلتشير وهو فنان بريطاني متوحِّد يملك قدرة هائلة تتمثل فيما يسمى”الذاكرة الفوتوغرافية”، بمعنى أنه يستطيع تذكر ورسم أصغر التفاصيل المتعلقة بشيء ما بعد مشاهدته مرةٍ واحدةٍ فقط بدقة عالية وكأن عقله قام بالتقاط صورة لما شاهده ثم احتفظ بها في ذاكرته.
ربما لن يعتبر البعض هذه الميزة “قوة خارقة” لأن العديد من الأشخاص يتمتعون بها، لكن ماذا لو علمنا أن هذا “الشيء” الذي رسمه الفنان البريطاني هو عبارة عن مدن بأكملها!
5- الرجل الذي لا ينام:
يقال إن الإنسان يستطيع البقاء على قيد الحياة دون طعام بمعدل 3 أضعاف عن المدة التي يستطيع فيها النجاة دون نوم، فمن المعروف أن النوم يعتبر حاجة هامة جداً لبقاء الإنسان، تماماً كالأكل والشرب والتنفس.
ولعل من أشهر التجارب في هذا المجال محاولة طالب يُدعى راندي غاردر سنة 1960 تحطيم الرقم القياسي العالمي لأطول مدة يظل فيها الإنسان مستيقظاً، ليواجه في مدة لم تتجاوز 11 يوماً مشاكل في الرؤية، وفي الكلام وفي تذكر أبسط الأشياء ثم بدأ ينساق شيئاً فشيئاً إلى الهلوسة ليقترب من الجنون قبل أن يتم إيقاف التجربة.
لكننا هنا نتحدث عن شخصٍ يدعى تاي انغوك، لم يذق طعم النوم منذ ما يقارب 40 سنة بعد أن كان قد أصيب بحمَّى شديدة حرمته النوم بضعة أيام، لكنه عندما شفي وجد نفسه غير قادر على العودة للنوم أبداً، والغريب هنا هو تمتُّع الرجل بصحةٍ عقلية وجسدية جيدة جداً، وهو الأمر الذي أكده العديد من الأطباء الذين قاموا بزيارته (للتأكد من مزاعمه). يُذكر أن زوجته حاولت مرات عديدة تنويم زوجها من خلال إعطائه عدة مشروبات مسكرة ومواد مخدرة لكن دون فائدة.
المصدر: هافينغتون بوست