أكد وزير الاشغال العامة والنقل الدكتور علي حمية أن “إطلاق المناقصة العالمية العمومية لادارة محطة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات هي بمثابة رسالة إصلاحية للعالم أجمع ضمن عملية تفعيل عمل المرفأ واعادة اعماره”، مطمئنا “الأهل في جوار مرفأ بيروت، بأن إعادة إعماره لن تكون على حسابهم مطلقا، وهي بالتأكيد، لن تكون إلا لخدمة الصالح العام، وفي مقدمها المحافظة على بقائهم في أماكن سكنهم حيث هم”. وأكد “للبنانيين جميعا، أن لا بيع لأصول الدولة مطلقا، وحسن النوايا يجب أن يكون مع الدولة والناس معا”.
وقال حمية “من هنا من قلب بيروت النابض بالحياة، ومن على ركام مرفئها العصي على الموت، ومن على مقربة من منازل أهلها التي تأبى السقوط رغم فداحة وهول الكارثة التي أصابتها. من هنا، ومن عزم أهالي الشهداء والجرحى، والذين نستمد منهم عزيمة البقاء والاستمرار، ومن إرادة الحياة لبيروت، درة الشرق ونقطة الوصل مع الغرب، يسرني أن أطل عليكم اليوم لإطلاق المناقصة العالمية العمومية لإدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات في مرفأ بيروت”.
أضاف: “منذ اليوم الأول لتسلمي مهام الوزارة، عكفت على وضع خطة عمل لتفعيل وإعادة إعمار المرفأ، والذي يعد شريانا رئيسيا من شرايين الإقتصاد اللبناني، وخصوصا بعد أن تعرض هذا المرفق الحيوي الهام في الرابع من أب العام الماضي لأبشع جريمة دمرت معظم أركانه. وخطة العمل هذه أظهرت وبشكل جلي، أمرين رئيسيين: مكامن الضعف ونقاط القوة في هذا المرفق الإستراتيجي الحساس، لا بل أن الرؤية الوظيفة والمحورية والتي يجب أن تتبناها الدولة اللبنانية، هي تلك المرتكزة على التطلع إليه لأخذ دوره المركزي بين أقرانه على ساحل المتوسط، وذلك نظرا لموقعه الجغرافي المتميز من بين المرافىء الأخرى في المنطقة”.
وتابع: “إنطلاقا من هذه الرؤية، لا بد أن تكون النظرة إلى هذا المرفق ودوره المستقبلي ضمن إطار جيوسياسي، يجعله كما هو المفروض، رافعة تنموية لها الأثر المحوري في نمو الإقتصاد اللبناني وتعافيه مجددا. والسير بهذه الخطة سيكون حتما ضمن مسارين متوازيين، لا يقل أحدهما أهمية عن الآخر: التفعيل وإعادة الإعمار”.
وقال: “إن رؤيتنا لتفعيل العمل في مرفأ بيروت، تنطلق من قناعة راسخة بأننا لا يمكن تركه رهينة انتظار الدراسات والاستراتيجيات، متوسطة كانت أو طويلة الأجل، فالظروف التي يمر بها الوطن والمواطن لا تسمح لنا بذلك مطلقا، على الرغم من أن هذه الدراسات والرؤى الإستراتيجية لا بد لها أن تسير جنبا إلى جنب مع عملية تفعيل العمل به، لأن هذه العملية هي الضمانة التي من خلالها، تبقي المرفأ على قيد الحياة، ومن دون أن تدخله في أتون الضمور لاحقا لا سمح الله”.
أضاف: “إن التفعيل الذي نتحدث عنه، تمثل ويتمثل في الكثير من الإجراءات التي أضحت منفذة أو هي قيد التنفيذ، فلقد كان هناك إصرار على إنجاز مشاريع عاجلة، والتي كان سيؤثر تأجيلها وعدم تنفيذها سلبا على عمل المرفأ ككل. من هنا، فقد تمت الموافقة على العرض الذي تقدمت به شركة كهرباء فرنسا EDF والمتمثل بإعداد دراسة كهبة مقدمة منها، لإنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية، تكون صديقة للبيئة. كذلك تم تمديد العقد لصيانة المباني الإدارية ومصاعد المنطقة الحرة، إضافة إلى العمل على صيانة محطة المحروقات التي تضررت جراء الإنفجار، وكذلك الأمر بالنسبة لدفاعات الأرصفة وخاصة A61 و B61 التي تمت صيانتها بعد أن كانت مهددة بالسقوط”.
وتابع: “وفي موضوع إهراءات القمح، أعطيت التوجيهات لعزل المنطقة المحيطة بها بكتل خرسانية، إلى حين اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الجهات المختصة. بالإضافة إلى وضع دراسة للتوجه لإعادة النظر بالتعرفة الخاصة بالمرفأ لتصبح بالدولار، وذلك لزيادة إيرادات المرفأ، فضلا عن أن مشروع الرقمنة الذي يترافق مع إعادة الإعمار، سيكون له الأثر في تحسين كفاءة العمل والتشغيل وضمان الجودة”.
وأردف: “إن إطلاق المناقصة العالمية العمومية لإدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات، ومن هنا، من على أرض المرفأ، هي بداية، رسالة إصلاحية إلى العالم أجمع، وتاليا بمثابة إعلان صريح عن الإرادة والتصميم والعزم على بث الحياة من جديد في المرفأ، فضلا عن أنها في قلب عملية التفعيل التي نتحدث عنها”.
وشدد حمية على أن “هذه المناقصة العالمية العمومية، ترتكز بشكل أساسي على دفتر شروط يراعي الشفافية المطلقة، والتي تمثلت بإرسالها إلى إدارة المناقصات، ووافقت عليها دون أي تعديل، والتي تسمح لأي كان، ومن أي دولة، باستثناء العدو الإسرائيلي، يستوفي هذه الشروط بالتقدم إليها، ومن دون أي ثغرة قانونية لإمكانية محاباة أحد، أيا كان، فالقاعدة الثنائية التي يتم مراعاتها فقط، ترتكز على تحسين الخدمات من جهة، وزيادة الإيرادات من جهة ثانية”.
ولفت الى أن “محطة الحاويات التي تعد ركنا أساسيا من أركان الحركة التشغيلية في المرفأ، تراجع العمل فيها في حزيران الماضي، إلى ثلاث رافعات فقط من أصل ستة عشرة، ولكنها اليوم وبفعل الارادة والعزم والتصميم والإيمان بنظرية التفعيل، تستعيد روحها رويدا رويدا، وليرتفع عدد الرافعات المشغلة فيه إلى عشرة، والعمل مستمر لرفع هذا العدد إلى ثلاث عشرة، من اليوم وحتى نهاية كانون الأول المقبل”.
وأوضح أن “هذه المحطة تشكل ما يقارب ال 85% من حركة المرفأ الإجمالية، حيث استقطب هذا الأخير كبرى شركات الملاحة الدولية، الأمر الذي جعله مرفأ إقليميا بامتياز، فقد استقبل في فترة سابقة، حوالي 1300000 كونتينر في العام 2018، قبل تشرين الاول من العام 2019، وجائحة كورونا، والإنفجار المشؤوم في الرابع من آب من العام الماضي”.
وأشار الى أن “عملية إعادة إعمار مرفأ بيروت تتم ضمن ثلاثة مسارات متوازية مع بعضها البعض، وتحديد الهوية القانونية للمرفأ أول هذه المسارات لما يعنيه ذلك من تشريع وقوننة لإطار جديد له، عبر طرح الحلول المناسبة كالشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع ضمان الحفاظ على سيادة الدولة وزيادة الإيرادات للخزينة العامة وتحسين الخدمات وجلب الإستثمارات. أما ثاني المسارات، فيتمثل بإعداد رؤية استراتيجية ترتكز على مبدأ التناغم والتكامل بين المرفأ وسائر المرافىء اللبنانية لتنافس المرافىء غير اللبنانية. وثالث المسارات يتمثل بإنجاز الدراسات التقييمية للوضع الحالي في المرفأ، وإعداد المخطط التوجيهي العام له، والذي يعد ركنا أساسيا للبدء بمشاريع محددة ومقسمة وفقا للأولويات والإعتمادات المتوفرة والإستثمارات المطروحة، وآلية طريقة التنفيذ”.
وقال: “إن زيادة الإنتاجية التي نتطلع إليها جميعا في مرفأ بيروت، سترتفع حتما إذا ما تم إنشاء سكة للحديد، تنطلق من هنا من المرفأ إلى كل لبنان، وصولا إلى سوريا، فالعمق العربي. إذ أن تلك السكة ستجعل من المرفأ ممرا للعبور بين البحر المتوسط وعمق لبنان العربي ودول غرب آسيا”.
أضاف: “من الناس أتيت، وإلى الأهل في جوار مرفأ بيروت أطمئنهم بأن إعادة إعمار المرفأ لن تكون على حسابهم مطلقا، وهي بالتأكيد، لن تكون إلا لخدمة الصالح العام، وفي مقدمها المحافظة على بقائهم في أماكن سكنهم حيث هم، وللبنانيين جميعا أقول بأن لا بيع لأصول الدولة مطلقا، وحسن النوايا يجب أن يكون مع الدولة والناس معا، فإطلاق المناقصة العالمية العمومية لإدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات ما هي إلا البداية، ونحن اليوم في المرفأ، وفي مقبل الأيام في مطار رفيق الحريري الدولي، وفي كل المرافق اللبنانية المولجة بالأشغال والطرق والمباني والتنظيم المدني ومصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، إضافة إلى النقل البري والبحري”.
وختم: “إن الغاية الأساس التي تحكم استراتيجيتنا وتوجهاتنا دائما، هي تفعيل القطاعات وتحسين خدماتها وزيادة إنتاجيتها، وذلك وحده، برأيي المتواضع، هو المعبر الرئيس لإنقاذ لبنان من أزماته التي يتخبط بها، وذلك ضمن حكومة معا للانقاذ إن شاء الله تعالى”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام