أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، أن “واجبنا الشرعي والوطني والإنساني أن نكون شراكة بكل شيء وضمن حدود تعزز إمكانياتنا وتقوي عزيمتنا وتمكننا من الثبات والصمود في معركة مكشوفة يقودها حلف دولي إقليمي، تستهدف البلد والناس على طريقة مصالح تل أبيب والتوابع. لذا علينا أن نعي حقيقة الصراع ودوافعه، هو ضرورة سياسية ودينية، بل وجودية، لمعرفة كيفية إدارة المعركة التي هي ليست معركة رغيف ودواء فحسب، بل هي معركة قيم ومبادئ تستعمل فيها كل الأدوات القذرة، بما فيها الحصار واحتكار الأسواق والتلاعب بالدولار”.
وأشار الى أنه “بالحق والعدالة تقوم الأوطان، وما تسلل الفساد إلى بلد إلا وحوله مزرعة صفقات وفريسة خراب، فكيف بنظام قام أصلا على الطائفية، وهو عين الواقع المر والأليم الذي نعاني منه اليوم، حيث نشهد أسوأ انهيار اقتصادي ومالي وحياتي يهدد بأفظع وأفدح العواقب. فالليرة أصبحت بلا قيمة والكوادر الطبية هجرت والبطالة عمت والإفلاس غير مسبوق والسلطة غائبة وغير موجودة، البلد غارق في العتمة والمؤسسات مشلولة حتى من الورق والحبر، حتى إخراجات القيد غير متوافرة في دوائر النفوس. البلد منكوب بكل معنى الكلمة وتحول فريسة للمحتكرين والتجار والسماسرة ولأصحاب النفوذ”.
ولفت الى اننا “أمام كارثة موصوفة، والسلطة في خبر كان “خشب مسندة”، لا حياة لمن تنادي، سلطة همها علفها، همها مصالحها، همها مناصبها، همها حصصها على حساب طوائفها، “بضل البلد، بيخرب البلد، ما حدا فارقة معو وكلو على قاعدة اللهم نفسي وعيلتي”، وقال: “هذا هو مختصر حالنا في هذا البلد، لا حكم ولا حكومة، والدولة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من السقوط، وكل ما يجري من حراك الآن لتأليف حكومة، ما هو إلا عملية تمرير وقت. حتى ولو بسحر ساحر تشكلت حكومة، فهي لن تكون قادرة على فعل أي شيء، لأن المشكلة صارت أكبر من بلد وأكبر من حكومة، المشكلة مشكلة خيار، مشكلة قرار، يبدأ بفك الارتهان لهذا الغرب الذي مارس ويمارس علينا أبشع وأسوأ أنواع التعسف والخنق والحصار”.
أضاف: “يكفينا شحادة، يكفينا إذعانا وذلا، كفانا رضوخا، وهذا الخبز المسموم من واشنطن وأتباعها لا نريده، ومن العار على لبنان أن يقبل وعودا بـ300 مليون دولار عبر مؤتمر دولي مشبوه، يريد تمرير مشاريع خراب البلد من خلال جمعيات مستأجرة، فيما مليارات الدولارات تدفع من أجل النازحين السوريين. هذه الدول التي تدعي حرصها على لبنان وعلى سيادته واستقلاله هي من خربته ودمرته وهي من خرب سوريا ودمرها وهجر شعبها. هذه الدول تقتل القتيل وتمشي في جنازته، هذه الدول قتلتنا ودمرتنا، والان تبكي على أطلال بلد وأشلاء شعب باسم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان”.
وشدد على “ضرورة أن تدفع هذه الدول الثمن، وليس الشعب اللبناني المضطهد من الداخل والخارج. هذه الدول لا تفهم إلا بالقوة وما علينا إلا أن نتعامل معها كأردوغان، وذلك بأن نفتح البحر باتجاه أوروبا أمام النازحين السوريين وليكن ما يكون. فالكيل طفح وسياسة المراءاة والمزايدات والمساومات آن لها أن تتوقف، لنبدأ بسياسة وضع النقاط على الحروف ومواجهة الباطل مهما غلت الأثمان ومهما بلغت التهديدات”.
وأكد أنه “لا بد من أخذ الموقف الحازم والقرار الوطني الذي يخرجنا من هذه اللعبة الدولية الإقليمية، فبلدنا ليس سلعة ولن يكون لقمة سائغة في أي بازار دولي أو إقليمي، ولن نقبل بأن تأخذ إسرائيل بالسلم ما خسرته بالحرب. ومن غير المسموح لأي كان، استغلال الصراع السياسي في البلد وتحويله إلى فتنة سنية شيعية، فهذا أمر مرفوض وغير مقبول، ولا يمكن أن يمر رغم كل ما يخطط من مكائد ويدبر من كمائن، وما جرى في خلدة، تمويله معروف والجهة التي تقف خلفه معروفة، ولكن يبقى القوي من يحفظ بلده ويصون شعبه ويبني دولته ويمنع نار الفتنة. وعليه ندعو إلى قيام حكومة قادرة بأسرع وقت، حكومة كرامة وطنية، حكومة خيار تاريخي ينقذنا من هذه التبعية القاتلة والمدمرة”.
وتابع: “ونحن في ذكرى انتصار تموز، وقد شهدنا أمس وكما كل مرة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان برا وجوا وبحرا، وهذا أمر لا يمكن أن نكتفي به إدانة ورقية من مجلس الأمن، بل العين على جهوزية المقاومة والمعادلة الاستراتيجية الجيش والشعب والمقاومة، وهذا برسم السياديين والحياديين الجدد”.
وختم مؤكدا “حق المقاومة بالرد، بل رد الصاع صاعين، والإسرائيلي – كما علمنا التاريخ – لا تردعه البيانات ولا البكاء على الأطلال ولا باستجداء مجلس الأمن الخاوي. فالأوطان تصان بالقوة والردع وليس باستجداء الحماية، وخصوصا ممن حولوا فلسطين كيانا للصهاينة فوق أشلاء شعب فلسطين المظلوم”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام