ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 5 تموز 2021، على تصاعد أزمة المحروقات والدواء وانضمام ازمة رغيف الخبز الى ميدان الازمات في لبنان تحت زريعة نقص مادة المازوت… والامور تتجه لترقّب موقف الرئيس نبيه بريّ بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريريّ من الخارج… كما وركزت الصحف على استدعاءات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار فيما خص مسار التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، بينما العيون شاخصة لما سيقوله السيد نصرالله اليوم في مؤتمر “تجديد الخطاب الاعلامي واردادة المواجهة”..
الاخبار
الغرب ينقضّ: الوصاية الآن
تصوّر فرنسا والغرب: «وصفة الكارثة»
ابراهيم الأمين
يروي أحد المصرفيّين البارزين أنه بدأ يتلمّس وجود مشكلة كبيرة في لبنان بعد انضمام روسيا وإيران الى حزب الله في معركة منع سقوط النظام السوري. ويلفت، استناداً الى ما يعتبره معطيات دقيقة، إلى أن الحملة التي انتهت بالحصار الفعلي على لبنان، انطلقت من يومها، ليس فقط لمعاقبة لبنان على عدم منعه حزب الله من التدخل في سوريا، بل لمنع روسيا وإيران من الاستفادة من تطوّرات الأزمة السورية في لبنان.
لا ينفي المصرفي المشكلات الهائلة التي تعيشها التركيبة في لبنان، سياسياً أو اقتصادياً أو مالياً أو نقدياً. لكنه يلفت الى أن لبنان واجه أزمة كبيرة خلال العقدين الأخيرين، ولم يكن هناك تدفّق استثنائي للأموال إلا بقرار سياسي. وعندما تقرّر عزل لبنان، صارت العمليات تحصل بالمقلوب، وانطلقت عملية إخراج الأموال سريعاً، حتى جرى ما جرى في تشرين الثاني 2019. وباعتقاد المصرفي نفسه، فإن عدم القدرة على تأليف الحكومة حالياً، يمثّل امتداداً لهذه المعركة، وأن العنصر الداخلي الذي ساعد الخارج غير الراغب في تحسّن الوضع، هو نفسه العنصر الذي جعل حكومة حسان دياب غير قادرة على العمل بقوة وفعالية، مركّزاً على أن فكرة توزيع الخسائر على جميع اللاعبين كانت ممكنة مع الأشهر الأولى لقيام حكومة دياب، لكن هناك قوة كبيرة جداً في لبنان وخارجه منعت الاتفاق.
المؤسسات الدولية التي واكبت كل هذه المحادثات، لديها الانطباع الأكثر خطورة. وهو أن القوى التي ألّفت حكومة دياب لم تكن متّفقة مطلقاً على برنامج العمل، لأن الرجل، وآخرين في الحكومة، يعرفون أنه كان مطلوباً منهم سلسلة من القرارات السريعة والثابتة التي تمنع التدهور الهائل الذي يراد له أن يكون الآن على شكل تضخّم ينهي قدرة الناس على التفاعل الاقتصادي. وما يساعد أكثر على الأزمة، منع أي إجراء لإعادة إطلاق القطاع المصرفي. وبحسب أحد المشاركين في المحادثات مع المؤسسات الدولية المعنيّة بالوضع في لبنان، فإن الخطوات الأولى التي كان يجب أن تقوم بها الحكومة، كانت معروفة ومتداولة ومجرّبة في كل العالم. من المباشرة التنفيذية لعملية الـ«كابيتال كونترول» وفرض قرارات على مصرف لبنان بضخ خمسة مليارات دولار في المصارف ومنع الأخيرة من الإقفال، ثم الشروع في عملية وضع اليد على هذه المصارف من قبل الدولة كما جرى في معظم دول العالم على إثر أزمة عام 2008. وكانت هذه الإجراءات كفيلة بمنع التوجّه الجماعي صوب الهاوية، وبعدم التلهّي بأمور تخصّ التدقيق والتوافق المسبق على المعطيات أو طريقة احتساب الخسائر، لأن الخطوة الأولى تقتضي حسم رأسمال المصارف بصورة تامة، وإلزامها باستعادة جزء من أموالها الخاصة التي هرّبت الى الخارج، وفرض آليّة عمل على مصرف لبنان.
في هذا السياق، يدخل عامل إضافي، يشير إليه مرجع دبلوماسي غير لبناني، على سبيل الإشارة الى طبيعة الانهيار الذي حصل ويحصل في لبنان، ويقود الى استنتاج واضح: هناك من يرغب في فرض الوصاية على لبنان، ولو من باب الأزمة الاقتصادية.
عند هذا الحدّ، تظهر الخلافات الداخلية حول تأليف الحكومة. سعد الحريري لم يكن يريد تأليفها منذ اليوم الأول. هو يريد تأليف حكومة، لكنه لا يريد أن يشاركه أحد في هذه العملية. ويريد العمل وفق التوصيات الخارجية، لكن ليس تنفيذاً تاماً وحرفياً لتوصيات صندوق النقد الدولي. وهو يريد الاستدانة من جديد، لكنه يريد أن تبيع الدولة معظم ما تبقّى لها من أصول لتغذية صناديق المصارف من أجل إعادة الأموال الى المودعين. ويعتقد أن النظام القائم، بوجهَيه القطاعي (المصارف وأصحابها وكبار المساهمين وكبار المودعين) والسياسي (قادة البلاد من رؤساء ووزراء ونواب وأحزاب وشخصيات لها مصالحها في الدولة) لا يجب أن يدفع الثمن، أو لا يجب أن يكون الضحيّة. وهي نتيجة يتشارك فيها مع آخرين من كبار المسؤولين في الدولة، ممّن لا يقلقهم تحميل الناس النتيجة والكلفة من الآن وإلى جيلَين إضافيّين.
في هذا السياق، انطلق قطار التدخل الخارجي. وبما أن العالم لم يكن يوماً جمعية خيرية، وصارت حسابات السياسة أساسية، فإن التمويل الذي تعوّده اللبنانيون تراجع الى حده الأدنى. لم يكن الأمر يقتصر على بلدان أساسية مثل السعودية والإمارات وفرنسا وأميركا، بل يذكر الجميع أن أحد رجال الأعمال البارزين في قطر عمد إلى التهديد بحرب عالمية إن لم يتمّ تحويل أقلّ من 300 مليون دولار من حساباته الى خارج لبنان نهاية تشرين الثاني 2019، أي بعد اندلاع المواجهات وإقفال المصارف أبوابها.
حصل الكثير منذ ذلك الحين، لكنّ مصدراً في مؤسّسة دولية يلفت الى أن المفاوضات كانت تسير باتجاه اتفاق جدّي قبل عام، وأن انفجار المرفأ أعاد خلط الأوراق، وأطلّت المبادرة الفرنسية بطريقة مثيرة للقلق عند القوى البارزة، وغير مفهومة عند كثيرين في لبنان، ويظهر الغربيون، أو العاملون في الغرب، استغراباً للاندفاعة اللبنانية نحو دور لفرنسا التي لم تعد تملك ما يمكنها من فرض معادلة. الكل يعرف أن فرنسا أضعف من أن تفرض موقفاً سياسياً أو خطوة أو قراراً في لبنان. ثمّة مغفّلون لا يزالون يعتقدون بأن باريس قادرة على فعل الكثير، وهي التي تفشل في حماية أبسط مؤسساتها التربوية في لبنان، وتتصرّف بعقليّة فوقيّة وخلفيّة طائفيّة تجاه اللبنانيين. لكنّ فرنسا، لم تكن لتقدر على الوصول الى لبنان لولا التفويض الأميركي. وهو تفويض انطلق من نظرية «الوقت الضائع»، إذ يعرف الأميركيون أنهم، وحلفاءهم كبريطانيا والسعودية، لا يمكنهم القيام بأي مبادرة في لبنان، وأنّ الحيلة الوحيدة بيدهم هو المهرّج إيمانويل ماكرون وفريقه السياسي والأمني والدبلوماسي. أما شركاء ماكرون الأقوى داخل فرنسا، والذين يتمثّلون بشركات القطاع الخاص، فهم الأكثر حماسة لبرنامج عمل كبير تقوم به فرنسا في لبنان، ويستهدف وضع اليد على مشاريع كبيرة تبدأ بإعادة إعمار مرفأ بيروت ومرافئ أخرى، مروراً بمشاريع الكهرباء والاتّصالات، وصولاً الى برنامج دفاعي يبدأ بالبحر.
وقائع مداولات الاتحاد الأوروبي حول لبنان: الحاجة إلى فرض الوصاية
على رغم نفي مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، أمام ممثلي البعثات الدبلوماسية، فإن الفرنسيين يروّجون في كواليس لقاءاتهم مع بعثات دبلوماسية دول أخرى لدى الاتحاد الأوروبي، لفكرة الانتداب على لبنان.
ويبدو أن الفرنسيين يروّجون في الأوساط الأوروبية للفكرة بوصفه لبنان «دولة فاشلة» في ظل انتقادات بالجملة من المسؤولين الأوروبيين لممثلي الطبقة السياسية اللبنانية كافة. ويسود شعور في هذه الأوساط أن على اللبنانيين الاهتمام بشؤونهم الداخلية المتفاقمة وعدم الخوض في مسائل وقضايا وأحداث المنطقة من فلسطين إلى ليبيا وسوريا وغيرها.
ويترافق هذا الكلام مع معلومات كشفتها مصادر دبلوماسية مطلعة عن أفكار وردت على لسان مسؤولين مصريين، ويجري التداول بها في أوروبا، تهدف إلى عقد مؤتمر حوار لبناني – لبناني على شاكلة اتفاق الطائف، وهي أفكار لم تصل إلى مرحلة التبني الرسمي. لكن الأوروبيين رصدوا انزعاجاً من حلفائهم الإماراتيين والسعوديين. وهذا الانزعاج يمكن فهمه من خلال الردود التي سمعها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي من ولي عهد السعودية محمد بن سلمان عن رفض الرياض التدخل لحل الأزمة في لبنان ورفضها أي شكل من التعاون مع الرئيس المكلف سعد الحريري.
المصادر الدبلوماسية الأوروبية نقلت تقييماً «إيجابياً» لزيارة بوريل الأخيرة إلى لبنان. وتوقفت عند الشكل والمضمون. إذ إن الجميع كان مرحباً ومستعداً للاجتماع به. لكنها تعتبر أنه رغم أن بوريل سمع ما لم يكن يتوقعه، إلا أنه تمكن من تكوين صورة واقعية عن الأزمة السياسية. وهو عبر عن خيبته من فقدان النور في نهاية نفق الأزمة الدراماتيكية، محملاً المسؤولية لتلك الطبقة مجتمعةً. فالجميع كان يؤيد أمامه فكرة الإصلاحات من دون اعتراض. لكنه لم يلمس من أي من القيادات السياسية أي نوع من الاستعداد للعمل على التطبيق الفعلي لهذه الإصلاحات. ويمكن القول إن التشخيص الأوروبي للعلة المصابة بها الطبقة السياسية اللبنانية هو فقدانها لإدراك الحاجة الملحة للمعالجات السريعة. «no sense of urgency with the political leadership»
بوريل، بحسب المصادر، أعرب للأطراف اللبنانية خلال زيارته عن قلقه البالغ من تدهور الأوضاع. غير أن كل قيادة سياسية كانت لديها اجتهاداتها المتناقضة مع الأخرى، ومن هنا تنبأ بوريل بتداعيات كارثية. لكنه توقف أمام ما قاله قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي حذر بصوت مرتفع من تدهور الوضع الأمني نتيجة تفاقم الأزمة الاجتماعية المعيشية.
الدبلوماسي الأوروبي كان حريصاً على الإشارة إلى أن ورقة العقوبات ليست كما يتخيل البعض. وهو ما قاله أمام دبلوماسيين أوروبيين، شارحاً الموقف على الشكل الآتي: يجب أن يبقى خيار فرض العقوبات على القيادات السياسية وعائلاتهم قيد التداول ليس على لسان المسؤولين الأوروبيين، بل أساساً في أوساط المجتمع المدني والإعلام الأوروبي. لكنه يضيف مستدركاً: «هذا التلويح لا يجب أن يمنع تدفق مساعدات كبيرة في حال تشكيل حكومة تبدأ بتنفيذ فوري لبرنامج إصلاحات حقيقي». وقالت المصادر إن الأوروبيين ينتظرون طريقة تصرف القيادات اللبنانية كافة مع قانون الـ«كابيتال كونترول» وملف «التدقيق الجنائي» ليتقرر ملف المساعدات المشروطة.
الأوروبيون يراقبون كيف ستصرف القيادات اللبنانية مع الـ«كابيتال كونترول» و«التدقيق الجنائي» ليتقرر ملف المساعدات المشروطة
الأوساط المحيطة ببوريل أفادت بأن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ركز على ضرورة مبادرة الأوروبيين إلى تمويل البطاقة التمويلية، وأنه، كما قائد الجيش، حذر من أن نفاد المشتقات النفطية والعجز عن تمويلها خلال شهرين سيقود لبنان إلى كارثة كبيرة وربما إلى فوضى أمنية كبيرة.
ومع أن المصادر تعيد التذكير بمساعي فرنسا لتنظيم مؤتمر خاص بلبنان في الفترة المقبلة، إلا أنها تشير إلى تساؤلات تطرحها البعثات الدبلوماسية لدى الاتحاد الأوروبي حول جدوى المؤتمرات السابقة، بيد أن جواب المفوضية الأوروبية المتكرر: «على الطبقة السياسية اللبنانية تحمل المسؤولية عن شعبها، وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي».
وكانت فرنسا قد نشطت في أواخر حزيران الفائت عبر تحركاتها الدبلوماسية وعلاقاتها الثنائية مع دول الاتحاد الأعضاء لوضع نظام عقوبات أوروبية على لبنان. وصدرت بهذا الشأن، بحسب المصدر، تعليمات لجميع السفارات الفرنسية لدى دول الاتحاد الأوروبي. وبحسب المقاربة الفرنسية فإن نظام العقوبات المفترض سيكون من دون أسماء. NO NAMES NO LISTING وذلك من أجل تحقيق تأثير رادع يتعامل إيجابياً مع الأزمة اللبنانية بحسب الفهم الفرنسي، It meant to have a dissuasive effect on blocking actors. ويتمحور التركيز الفرنسي على المعيار الثالث في ورقة المعايير المتعلق بسوء استخدام الإدارة المالية من تبييض أموال وتحويلات مالية غير قانونية، إضافة إلى اختلاس الأموال العامة، وفشل إصلاح النظام المصرفي. وتشير المصادر الأوروبية إلى أن العقوبات ستكون شاملة من دون تمييز بين طرف وآخر. وصيغت العبارة على الشكل الآتي: « It will focus on the whole spectrum without discrimination»
وتفترض المقاربة الفرنسية أن يبدي الاتحاد الأوروبي تصميمه بقوة، لا سيما أن فرنسا تسعى لحث هذا الاتحاد من جهة، وكذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، على القيام بالإجراءات التي تراها مناسبة في هذا الصدد.
ويفيد تقييم دبلوماسي أوروبي بأن العقوبات ستتناول قيادات الصف الأول، يليهم رؤساء المصارف والمستفيدون ومجموعة كبيرة من رجال الأعمال. لكن المصدر نفسه يقر بصعوبة تطبيق المعايير المطلوبة بسبب الافتقار إلى الأدلة الكافية وسهولة الاعتراض عليها قانونياً لدى محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، إضافة لكثافة الشخصيات المستهدفة.
وبحسب مصادر أوروبية متعددة تأتي إشكالية نظام العقوبات في أنها مفتوحة بغير حدود، Open ended، في ظل غياب آلية خروج منها في المدى المنظور. إذ إن الاتحاد الأوروبي لا يحبذ إقرار نظام عقوبات يضطر إلى التراجع عنه في اليوم التالي، خصوصاً أن معايير تقييم انتهاج الحكومة المنتظرة للإصلاحات المطلوبة غير واضحة. وفي هذه الأجواء يبقى تأثير التلويح بالعقوبات كافياً، بحسب المصدر، لثني أنظار الشركات الدولية عن الاستثمار في لبنان، فالمجتمع الاقتصادي الدولي لن يتورط في المشاركة في إعادة إعمار القطاعات الحيوية كافة. وتفيد المعلومات بأن ما يتم التحضير له هو «وصفة الكارثة».
وفد فرنسي الى بيروت اليوم
علمت «الأخبار» أن وفداً من نقابة أرباب العمل الفرنسيين (MEDEF) سيزور لبنان ابتداءً من اليوم، وقد أعد له جدول أعمال يستمر حتى الخميس المقبل. ويقتصر برنامج عمله على البحث مع كل السلطات المعنية بمرفأ بيروت حول اعادة اعماره، وكذلك مع المؤسسات المالية الدولية، وبينها البنك الاوروبي للتنمية والبنك الدولي.
ورغم ان المقاربة الفرنسية تغلب عليها الاعتبارات الجيوسياسية والجيواقتصادية، فإن باريس تظهر خشية من مساع حثيثة تقوم بها روسيا والصين وحتى المانيا لتولّي الإشراف على عملية اعادة اعمار المرفأ ومشاريع اخرى في قطاعات المياه والكهرباء والنقل. وتتصرف فرنسا على انها «الأحق» بهذه المشاريع، نظراً إلى علاقاتها «التاريخية» مع لبنان. وهي تراهن على هذا الدور لتعزيز موقعها في المنافسة القائمة على شرق المتوسط، الذي كان حتى الامس القريب بحيرة غربية، لكنه يصبح أكثر تدويلاً اليوم مع دخول منافسين جدد كالروس والصينيين والاتراك. ويتصرف الفرنسيون بعقلية «السطو» على مرفأ بيروت بالتحديد، لتعزيز موقعهم في المنطقة، إضافة الى الارباح الاقتصادية البديهية الناجمة عن اعادة الاعمار.
مفاوضات قمة السبع: تأييد الوصاية
توصلت الاطراف المشاركة في قمة الدول السبع، وتحديداً فرنسا والولايات المتحدة والسعودية، الى تقدير موقف مشترك حيال الأزمة اللبنانية ومسبباتها، مفادها أن الطبقة السياسية اللبنانية بمكوناتها كافة، هي المسؤولة عن حال الشلل التام التي وصلت اليها البلاد، والتي أدخلت كل مؤسسات الدولة واداراتها في مسار انحلال متسارع واحتضار، وتهدد باتجاه البلاد نحو فوضى عارمة وغير قابلة للضبط، مع ما يتمخض عن ذلك من تهديد للاستقرار الاقليمي والدولي ولمصالحها ومصالح حلفائها. يشبّه هؤلاء النظام اللبناني بالتركيبة الكيميائية التي أصبحت مكوّناتها لا يتفاعل بعضها مع بعض، وان المطلوب لتفعيلها إدخال مركّب جديد. يستخدم هؤلاء المثل العربي «الضرب بالميت حرام»، بعد ترجمته الى الانكليزية، للإشارة الى العجز الكامل للقوى السياسية السائدة عن إخراج البلد من مأزقه. يقولون إن الرئيس ميشال عون غارق في سبات عميق، ويتم إيقاظه بين الفينة والاخرى لإطلاق تصريحات لا فائدة منها، وإن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هو من يدير القصر الجمهوري. أما حزب الله، فهو متفرغ لحروبه الاقليمية، وسعد الحريري لم يعد مرشحاً مقبولاً لرئاسة الوزراء، وإن بقية الاطراف السياسيين التقليديين لا يمتلكون وزناً جدياً ليؤثروا في مجرى الأحداث.
هذه المقاربة الفرنسية تدفع باريس وجهات أوروبية أخرى الى البحث في فكرة الاشراف على اعادة صياغة النظام وادخال المكونات الجديدة، التي ستكون المحرك الكفيل بتفعيل آليات عمله، عبر استخدام أدوات الوصاية على مؤسسات ومرافق حيوية. مصادر مطلعة أشارت الى أن هذا التوجه يتقاطع مع ذلك الذي تعتمده الدبلوماسية الفاتيكانية التي تعمل هي الاخرى على تدويل حل الازمة اللبنانية. المصادر نفسها تضيف ان هناك اتصالات للجهات المذكورة سالفاً مع روسيا. هذه الاخيرة ترى ان بمقدورها لعب دور خاص في لبنان بحكم صلاتها المميزة بالأطراف الاقوى فيه، وبحكم الصلة العضوية بينه وبين سوريا التي أضحت موسكو لاعباً مركزياً فيها. وهي تقول للاميركيين إن منع الانهيار مصلحة مشتركة، وبما أنهم يشرعون في تخفيض «تورطهم» في الشرق الاوسط، فإنها قادرة على المساهمة الحاسمة في مهمة منع الانهيار.
الجيش: 120 مليون دولار نقداً بتصرّف القائد
يعتقد دبلوماسي غربي في بيروت أنه في ظل فشل القوى السياسية في إنتاج حل، وضعف قوى المجتمع المدني وعجزها عن تقديم بديل، فإن الجيش اللبناني لا يزال الجهة الوحيدة التي تحظى بدعم غالبية اللبنانيين، وان الجيش بات الحصان الاخير الذي يمكن للعالم الاتكال عليه. لكن الدبلوماسي يستدرك: «المشكلة الان هي في ان هذا الحصان يحتاج الى علف بصورة دائمة لكي يتمكن من المشاركة في اللعبة والفوز بالسباق»، لافتاً الى ان قرار دعم الجيش صدر اساساً عن الولايات المتحدة التي ألزمت دولاً عربية وغربية بإعداد برامج دعم سريعة له.
اللافت هنا انه، ومنذ وقت غير بعيد، يجري التداول في الاوساط الغربية بفكرة ان للجيش دوراً مركزياً في عملية «إنقاذ» لبنان من خطر الانهيار والتفكك، وان في مقدوره ان يكون رافعة لعملية التغيير المنشودة عبر تكامل دوره مع دور نخبة جديدة يدعم وصولها الى بعض مواقع القرار على الاقل. وبعدما عجزت قوى 14 آذار عن القيام بالوظيفة الموكلة اليها – وهي في الحد الادنى – بالتضييق على المقاومة والحد من قدرتها على التأثير في القرار الداخلي، فإن هذه القوى الغربية باشرت العمل على سيناريوات الوصاية وإقحام الجيش في السياسة الداخلية، وتحاول إعادة إنتاج ١٤ آذار جديدة، تختلف مكوناتها عن تلك السابقة، ولكنها تؤدي الدور نفسه.
وفي هذا السياق، كشفت المصادر الغربية عن تلقّي الجيش اللبناني مساعدة مالية نقدية من الولايات المتحدة تصل قيمتها الى 120 مليون دولار اميركي، وضعت في حساب خاص في مصرف لبنان، تجري إدارته من قبل مكتب قائد الجيش حصراً، ومن دون ضوابط. حتى إن السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا التي أكدت الامر قالت إن لقائد الجيش الحرية الكاملة في التصرف بالمبالغ، بما في ذلك إنفاقها لتحسين رواتب العسكريين ومواجهة حالات الفرار المتزايدة في صفوف جنوده كما في صفوف بعض الضباط.
أزمة المحروقات مستمرة… وتتمدّد إلى الأفران
إحصاء الأزمات التي يعاني منها الناس في لبنان صار أمراً شاقاً. الطوابير تحوّلت إلى عادة، ولذلك بعد فشل ترقيع أزمة البنزين، يخشى أن تنتقل الطوابير إلى الأفران. القطاع الاستشفائي يتنفس بصعوبة والكهرباء مقطوعة والجوع يزداد، لكن الخبر اليوم هو «زيارة» الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، وتسبقه أخبار ممجوجة من نوع: أسبوع حاسم، هل يعتذر أم يطرح تشكيلة جديدة على رئيس الجمهورية؟
تتزاحم الأزمات التي تؤدي جميعها إلى الانهيار. صامت السلطة لأسابيع، ثم نطقت كفراً. الحل الذي خرجت به لأزمة البنزين، لم يؤد سوى إلى رفع السعر. أما الزحمة والانتظارات الطويلة على المحطات، فلا تزال قائمة وتشكل معاناة للآلاف، وسط تزايد سيطرة السوق السوداء، التي لا يُعفى أحد من المسؤولية عنها، من الشركات إلى الموزعين إلى المحطات… وحكماً المستهلكين، الذين ولد بينهم بائعو الغالونات. سعر الصفيحة تخطى في السوق السوداء الـ200 ألف ليرة، وهو ما يعني، إذا استمر الشح في البنزين، انتفاء الغاية من التهريب، طالما أن السعر في لبنان لم يعد بعيداً عن السعر في سوريا.
إضافة إلى طوابير البنزين، بدأ أصحاب الأفران يحذرون من طوابير الخبز. وحتى بعدما زادوا الأسعار وقلّصوا وزن الربطة، صاروا يحذرون من إمكانية توقف المخابز عن العمل. حجتهم أنهم لا يجدون المازوت الكافي لتشغيلها.
المستشفيات، بدأت تحذر من التوقف عن العمل أيضاً، بسبب فقدان المازوت. نقيب أصحاب المستشفيات طالب بإعطاء الأولوية لها، داعياً أيضاً إلى تخصيص المستشفيات بدعم المازوت على سعر 1500 ليرة.
وفيما تحولت الأدوية إلى أثر بعد عين، بدأت مظاهر التضامن الاجتماعي تنتج مبادرات لشراء الأدوية من الخارج لمن يحتاجها، لكنها مبادرات لا يمكن أن تعوض النقص الهائل، والذي يطاول أدوية لا يمكن الاستغناء عنها، مثل أدوية الأمراض المزمنة. المشكلة أنه مقابل المبادرات المحدودة، بدأت تظهر مؤشرات إلى دخول صيادلة على خط البيع في السوق السوداء. ومن بوابة السعي إلى مساعدة المريض الذي لا يجد دواءه، صار بعض الصيادلة يعرض تأمين هذا الدواء أو ذاك بأسعار مضاعفة وبالدولار، بحجة أنها مستوردة.
«ألفاريز» توافق على قبض مستحقاتها على ثلاث دفعات
كل ذلك، يضاف إلى أزمة الكهرباء المستمرة. القطاع انهار تماماً. وحتى في بيروت بالكاد تصل الكهرباء إلى المنازل لساعتين يومياً. أما المولدات، فإن كان بعضها لا يزال قادراً على تعويض الفارق، إلا أن أغلبها بدأ تقنيناً قاسياً لعدم توافر المازوت ولعدم قدرة المولدات على تحمّل الضغط. وحتى المعلومات التي تشير إلى أن مصرف لبنان سيفتح اعتماد باخرة الفيول المتوقفة في مرفأ بيروت منذ 28 حزيران الماضي، فإن ذلك لن يكون سوى تأكيد أن الانهيار لا يعالج بالمفرق. جل ما سيحصل هو زيادة 150 ميغاواط إلى الإنتاج بما يعني بالكاد زيادة ساعة على التغذية.
الواقع يشير إلى أن المؤسسات كلها سقطت. الجلسة العامة لمجلس النواب نموذجاً. نقاشات قد تجري بين مجموعة من المخلوقات القادمة حديثاً من كوكب آخر، لكنها حكماً لا تمت إلى الواقع اللبناني بصلة. غرق في تفاصيل لا تسمن ولا تغني من جوع (حرفياً). ذلك الجوع الذي يجتاح كل المناطق، بأرقام صادمة لن تكفي المساعدات الانتخابية – الاجتماعية، لتخفيفها.
أما حكومة تصريف الأعمال، فـ «لا تندهي ما في حدا». بالكاد يتحدّث الوزراء مع رئيس حكومتهم. الخلافات الشخصية تسهم في عدم التعاون بين الوزارات أو بينها وبين رئاسة الحكومة. كلٌ يغني على ليلاه، وكل يعطي الأولوية المطلقة لحساباته الشخصية. وزير يعد نفسه برئاسة الوزراء، وآخر بدأ جولاته الانتخابية، وزميل له يغلق باب مكتبه على نفسه ولا يفتحه إلا عندما يغادر، فيما آخرون بالكاد يزورون وزاراتهم. كل ذلك يضاف إلى إصرار من رئيس الحكومة على رفض كل الدعوات لتحمّله المسؤولية، فقط لأنه لم يتخط بعد كيف أن الطبقة السياسية قد «استقالته» في ليل، ولأنه يرفض أن يكون كبش فداء لها، ولرياض سلامة الذي يتجاهله.
كل ما سبق في كفّة، وتشكيل الحكومة في كفّة. الخبر اليوم هو عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت. الخبر الأدق أن الحريري «يزور» بيروت. فهو منذ كلف تشكيل الحكومة لم يقم في بيروت بقدر ما أقام خارجها. وطبعاً السبب دائماً هو مصلحة لبنان التي يدور على عواصم العالم لضمانها، متناسياً أنه عندما تسلّم التكليف كان الدولار بسبعة آلاف ليرة، وها هو يقفز عشرة آلاف إضافية بمعيّة مساعيه إلى ضمان الدعم الدولي – السعودي فعلياً، قبل تشكيل الحكومة. لكن على الطريق، ولتمويه نبل مسعاه، لم يكن أمامه سوى أن يفتعل معارك وهمية، لا وظيفة لها سوى شراء الوقت، ريثما يصل الوحي السعودي، تشكيلاً أو اعتذاراً أو حتى تحيةً. من يريد أن يُشكّل فعلاً، ومن يعتقد أن خصوم اليوم حلفاء الأمس يعرقلون مسعاه، ما عليه إلا أن يحاول، ليل نهار، ابتداع الحلول وتفكيك العقد، حتى لو اضطره الأمر إلى المرابضة في قصر بعبدا.
اجتماع اليوم للجنة الوزارية المكلفة وضع معايير المستفيدين من البطاقة التمويلية
هكذا يبقى التشكيل معلقاً على مصالح شخصية، وعلى أخبار من نوع «أسبوع حاسم في ملف التشكيل»، أو «هل يعتذر الحريري؟»، فيما الناس لم تعد قادرة حتى على إحصاء أزماتها، التي تأتي البطاقة التمويلية لتلعب دور المخدّر فيها، علّها تشفع في تأخير الانفجار الاجتماعي. ولما أصدر مجلس النواب القانون، وترك آليات التنفيذ للجنة حكومية، فقد دعا الرئيس حسان دياب وزراء المالية والشؤون الاجتماعية والاقتصاد إلى جلسة تعقد لهذه الغاية، علماً أنه صار معلوماً أن معايير الحصول على البطاقة ستؤدي إلى استثناء غالبية الشعب اللبناني، فيما كانت الغاية منها قبلاً، على ما اقترح حاكم مصرف لبنان، أن تكون حقاً لكل اللبنانيين، بما يؤدي تلقائياً إلى استثناء اللاجئين السوريين والفلسطينيين، بحجة أنهم يستفيدون من برامج دعم أخرى. ومع افتراض أن نحو 20 في المئة من اللبنانيين لن يتقدموا إلى البطاقة، تكون النتيجة حصول ثلثي اللبنانيين على بطاقة هي، للتذكير، ليست مخصصة للأكثر فقراً، بل هدفها تعويض الارتفاع الهائل في الأسعار، بعد تخلي مصرف لبنان عن تمويل الاستيراد على السعر الرسمي. بما يعني بالتالي، أن البطاقة ليست دعماً بمفهوم الدعم الاجتماعي، بل هي خطوة تريد منها السلطة النقدية وقف تسرّب الدولارات، بعدما كانت هي نفسها تصر على دعم المحتكرين وكبار التجار والمهرّبين، فيما تحجب هذا الدعم عن القطاع العام على سبيل المثال.
إلى ذلك، لا يزال مصرف لبنان متحرراً من أي تدقيق في حساباته، بالرغم من أن القرار اتخذته الحكومة في آذار 2020، لكن من دون أن تتمكن من تنفيذه، بسبب الكم الهائل من العراقيل التي وضعت في طريقه.
المتابعون للملف والذين لم يكفّوا عن بث التفاؤل، يتوقّعون أن تصل هذه العراقيل إلى نهايتها هذا الأسبوع، على أن يُتوّج ذلك بتوقيع عقد جديد مع شركة «ألفاريز ومارسال». فبعدما كانت هيئة التشريع والاستشارات قد دعت وزارة المالية إلى التفاوض مع الشركة مجدداً، في ما يتعلق بالتعديلات التي طلبتها، وأبرزها طلبها دفع قيمة العقد كاملاً عند التوقيع، يبدو أنها تراجعت عن هذا الشرط. وبحسب مصادر وزارة المالية، وافقت الشركة على الحصول على مستحقاتها على ثلاث دفعات. وفيما لم تشر المصادر إلى توزيع النسب، أكدت أنها تسعى للحفاظ على نسب العقد السابق، أي 40 في المئة عند بدء نفاذ العقد، ثم دفعتين كل منهما 30 في المئة. وفيما يفترض أن ترسل الوزارة المسودة الأخيرة من العقد إلى هيئة الاستشارات اليوم، رجحت المصادر أن لا يتأخر الوزير بتوقيع العقد، فور ورود رأي هيئة الاستشارات. فهو لم يعد بحاجة إلى قرار من الحكومة، بعدما حصل على قرار استثنائي يطلب منه التفاوض مع الشركة وتوقيع العقد. هل هذا يعني أن التدقيق سيسير نحو التنفيذ بعد أكثر من سنة على إقراره وبعد ستة أشهر على إقرار قانون رفع السرية لغاية التدقيق الجنائي؟ تشير مصادر متابعة إلى أن لا شيء تغيّر في موقف المنظومة الحاكمة، وهي ليست مستعدة لإطلاق النار على نفسها، من خلال التدقيق الجنائي. وعليه، يدعو المصدر إلى انتظار أرانب جديدة تفرمل «حلم التدقيق».
استحقاق ربيع 2022: انتخابات أو فراغ؟
لم يعد مؤكداً أن الوقت المتبقي للوصول إلى الانتخابات النيابية المقبلة سيكون كافياً لإتمام مهمة حكومة إصلاحات لم تؤلف بعد، ولا أحد يعرف متى وبمَن؟ إذ تنتهي ولايتها فور انتهاء الانتخابات. من تسعة إلى 11 شهراً هو الزمن الفاصل لإتمام استحقاق… إذا حصل!
مكتوب على حكومة الرئيس حسان دياب أن تسجّل سابقة تلو أخرى: أن يسقطها وزراؤها من الداخل قبل رئيسها لتفادي المثول أمام مجلس النواب من غير أن يتسبّب البرلمان نفسه ـ أو غالبيته ـ بإطاحتها، أن يعمّر تصريفها الأعمال أكثر بكثير من عمر اضطلاعها بالحكم، أن لا يلتقي رئيس الجمهورية ورئيسها إلا إلى طاولة اجتماعات طارئة مكتفيين بتبادلهما من بعد الموافقات الاستثنائية، أن تطلب من مجلس النواب – غير المعني بهذا الاختصاص في الأصل – أن يشرّع لها جواز اجتماعات مجلس الوزراء فيما الصلاحية لرئيسها فقط ووحده.
سابقتها المقبلة المرجحة، هي الحكومة المستقيلة، أن يعهد إليها في الإشراف على الانتخابات النيابية ما بين آذار وأيار المقبلين، ما دام تعذّر تأليف الحكومة متواصلاً. لا حكومة قبلها تحمّلت وزراً كهذا وهي تصرّف أعمال، وليس لها أن تهمل استحقاقاً دستورياً خطيراً سيكون هذه المرة انتخابات نيابية عامة – ليست فرعية – مسؤولة عن إجرائه. الأدهى أنها تعرف – كما سائر الأفرقاء والكتل الكبرى – أن دون انتخابات 2022 فراغاً كاملاً في السلطة الاشتراعية، لا تصريف أعمال فيها سوى – وحصراً – في هيئة مكتب مجلس النواب بإزاء ما يتصل بشؤون إدارية ليس إلا. يفترض ذلك سلفاً الظن بأن تمديد ولاية البرلمان الحالي ليس حتمياً، ويصعب هضم التفكير فيه حتى، في الداخل والخارج على السواء.
مع أن جهود تذليل العراقيل من أمام تأليف الحكومة لا تزال مستمرة، بيد أنه لم يعد داهماً لأحد، أو مصدراً لإقلاقه، أو أن يتوقع فعلاً أن الحكومة المقبلة ستكون حكومة إصلاحات من خلال الطبقة السياسية نفسها التي قادت إلى الانهيار. بل تكمن المعضلة الفعلية في السؤال الآتي: تجرى انتخابات 2022 أم يتعيّن على السلطة الاشتراعية أن تجبه فراغاً حقيقياً كاملاً سيكون الأول في تاريخها، دونما تمكنها من استدراكه بتمديد الولاية؟
مبرر طرح السؤال بضعة معطيات:
أولها، أن الأفرقاء جميعاً، في السلطة وخارجها وفي هيئات المجتمع المدني، يريدون إجراء انتخابات 2022 في موعدها، كأنهم في سباق معها على حصان رابح سلفاً. الطبقة السياسية المدانة بالفساد وتدمير الدولة، قبل سواها، ودونما أوهام مسبقة بأنها ستخسرها على نحو ما يظنه خصومها، هي أكثر المستعجلين عليها. ينطبق ذلك على فريقي الغالبية والأقلية معاً يداً بيد، بلا تمييز هذه عن تلك. كلاهما، الجشع والجائع، يحتاج إلى انتخابات 2022 من أجل تأكيد استمرار حيثيته الشعبية في الشارع، بمذاهبهما كلها. تالياً دحض أي طعن في الشرعية التمثيلية التي باتت تسمعها الكتل الكبرى، ورؤساؤها خصوصاً، من سفارات نافذة لا تخفي حماستها بدورها إلى إبصارها الانتخابات النيابية تجرى في موعدها.
تمديد ولاية البرلمان ليس حتمياً، ويصعب هضم التفكير فيه في الداخل والخارج
ثانيها، ما دامت الطبقة السياسية متيقنة من حظوظها في انتخابات 2022 على صورة انتخابات 2018 – وإن في ظل القانون الحالي للانتخاب النافذ – وما دامت أكثر وثوقاً بأن قواعدها الشعبية لن تخذلها أياً تكن وسائل اجتذاب هذه، يصبح مغزى الاستحقاق المقبل استعادة الطبقة السياسية الاعتراف الدولي بها، وبأن لا بديل منها للاستمرار في السلطة وإدارة البلاد واستيعاب أزماتها ومشكلاتها، معوّلة على الاقتراع الشعبي المتجدد، المحرَّض مذهبياً في صلبه، لها.
في مقلب معاكس، يسمع بعض السفراء المؤثرين في لقاءاتهم الدورية بممثلي المجتمع المدني وهيئاته أن المرجّح توقّعه في الانتخابات المقبلة حصول تغيير كبير في تكوين كتل المجلس، كما في دخول وجوه جديدة لا تمت بصلة إلى أحزابه وتياراته الحالية القابضة – بتوازناتها الثابتة الصلبة – على البرلمان منذ انتخابات 1992.
ذهب المحدّثون اللبنانيون هؤلاء إلى القول للسفراء النافذين، إلى حد الجزم، أن ثلث البرلمان سيتغير في المحافظات المختلفة، معوّلين على كمّ كبير من السلبيات المدمرة راكمها الانهيار الداخلي، بدءاً بما حدث منذ 17 تشرين الأول 2019 وتعاقب الأزمات النقدية والمعيشية والاقتصادية، مروراً بانفجار مرفأ بيروت، وليس انتهاء بما آلت إليه نزاعات الطبقة السياسية الحالية المنقلب بعضها على بعض، حلفاء وخصوماً.
ما قيل للسفراء أيضاً – وهو ما يفصح عنه هؤلاء أمام بعض زوّارهم بغية التحقق من صدقيّة التكهنات والرهانات المدلى بها أمامهم – ترجيح الطامحين إلى الترشح في الانتخابات المقبلة من هيئات المجتمع المدني والأحزاب المعارضة تفكك الكتل الكبرى إلى ما يشبه تفتيتها إلى أحجام صغرى، على نحو مشابه لما حدث بعد انتخابات 1972، الوحيدة مذذاك، بنشوء كتل نيابية صغيرة أكبرها لا يزيد على عشرة نواب، يكثر من حولها المستقلون. يضاعف وثوق هؤلاء بتقديراتهم أن حلفاء انتخابات 2018 أضحى بعضهم خصوم بعض، وتحللت فرص تحالفاتهم القوية السابقة الناجمة بدورها عن التسوية الرئاسية عندما أدخلت الأفرقاء جميعاً، بحسابات مدروسة سلفاً، في فلك قانون الانتخاب الحالي المقر عام 2017 بخسائر بسيطة غير مؤلمة.
ثالثها، لم يعد من السهل الظنّ إلى حدّ اليقين بأن تمديد ولاية مجلس النواب يسهل إمراره قبل الوصول إلى موعد انتخابات ربيع 2022، أياً تكن الذرائع المفترضة. بعد محاولات تمديد ثلاث توالت أعوام 2014 و2015 و2017 بحجج واهية وتواطؤ مشهود، بات الاستحقاق المقبل تحت مراقبة المجتمع الدولي وتهديد دوله النافذة بفرض عقوبات صارمة على رعاة أي تلاعب به. إذ لم تعد انتخابات 2022 استحقاقاً داخلياً يقتصر على أفرقائه القادرين على إمراره، أو على كونه مقيّداً بمهل دستورية، واجب لتداول السلطة وانتقالها الطبيعي. بل يقارب من الآن، بإشارات صريحة غير مرمّزة وليست خافية على أي من الأفرقاء الداخليين، على نحو مماثل لما رافق انتخابات 2005. حينذاك أرادها المجتمع الدولي نتيجة حتمية مكمّلة لانقلاب موازين القوى المحلية بخروج سوريا من لبنان.
بتطابق لذاك، تُشخَّص الأنظار إلى الاستحقاق المقبل على أنه جزء لا يتجزأ من نتائج الانهيار الداخلي، في شقيه الاقتصادي والنقدي كما في شقه السياسي، توطئة لحقبة جديدة لدى بعض الغرب اعتقاد أن في الإمكان الرهان عليها، خصوصاً بعدما أضحت الطبقة السياسية الحالية سيئة السمعة، سياسياً وأخلاقياً، الموصوفة بالخادعة، من فرط الاتهامات المساقة إليها في ملفات الفساد وإهدار المال العام وإخفاء الأدلة على انفجار المرفأ وتدمير النقد الوطني وإفقار المجتمع وتحلل الدولة.
طبقة سياسية كهذه، مترهّلة بمرور ثلاثة عقود على الأقل، لم تعد تصلح – كما في مطلع عهدها بعد انتخابات 1992 – لأن يأوي الغرب إليها.
اللواء
أسبوع القرار: التأليف والإعتذار على طاولة برّي – الحريري غداً
كرة الأزمات في ملعب المركزي.. و«المتحور الهندي» يشغل الصحة والطاقم الطبي
من المرجح، وفقاً لمصادر معنية بملف التأليف، ان يبين هذا الاسبوع الخيط الابيض من الاسود على هذا الصعيد. ذلك لأن الاستمرار في المنطقة الرمادية من شأنه ان يدفع الامور من تدهور إلى آخر، بانتظار نقطة اللارجوع من انهيار لا يمكن بعده الخروج، وفقاً لما هو مطروح من الازمة الخطيرة والمدمرة.
وحسب صحيفة «اندبندنت» في تقرير حديث لها عن الاثار المروعة للأزمة، والتي «لا يمكن للعالم تجاهلها» والتي وصفها البنك الدولي بأنها أسوأ أزمة مالية في تاريخ لبنان، واصفاً الأزمة بأنها «كساد مقصود»، محملاً النخبة الحاكمة المسؤولية، بعدما فقدت الليرة 90% من قيمتها، وتجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء 17700 ليرة لبنانية.
ولم تغفل الصحيفة الاشارة إلى ان التوترات تزداد عندما تصبح الحياة صعبة بشكل يهدد باندلاع حرب جديدة.
واذا كان العالم لا يدير ظهره بالكامل للوضع في لبنان، وفقاً لصلاة الفاتيكان، ومشروع الاتحاد الأوروبي، بدءا من فرنسا بفرض عقوبات على شخصيات لبنانية، بدءا من عدم اعطاء «فيزا شينغن» أو سحبها، فإن الانظار تتركز على الداخل، بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري، وانتظار ما سيقدم عليه وسط تأكيدات على ان علاقته بالرئيس نبيه بري خط احمر.
وتوقعت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان ينطلق الحراك السياسي ابتداء من اليوم، لاعادة تفعيل الاتصالات والمشاورات لتشكيل الحكومة من جهتين، الأولى مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت، حيث من المرتقب ان يجري سلسلة لقاءات واتصالات لهذه الغاية، تشمل لقاء مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رجحت المصادر موعده يوم غد الثلاثاء ولقاء مع رؤساء الحكومات السابقين ونواب كتلة «المستقبل» وسفراء وشخصيات، يتركز البحث خلالها على موضوع تشكيل الحكومة، والخيارات المطروحة لايجاد حل لازمة التشكيل المعقدة. وتوقعت المصادر ان يتناول اللقاء مع بري، نتائج الاتصالات التي اجراها حزب الله مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بخصوص تنفيذ مبادرة بري والاستفسار عن اسباب عرقلة هذه المبادرة وكيفية تجاوزها، لتسريع الخطى لتشكيل الحكومة. لانه لم يعد بالامكان بقاء لبنان من دون حكومة جديدة تتولى مهمة انقاذ البلد مما يتخبط فيه من أزمات ومشاكل.
وتوقعت المصادر ان تؤشر نتائج اللقاء المرتقب مع بري الى الاتجاهات التي يسلكها ملف تشكيل الحكومة، والخيار الذي سيعتمده الرئيس المكلف بهذا الخصوص. اما من الجهة الثانية، تتركز الانظار على التحرك الذي سيباشره، البطريرك الماروني بشارة الراعي نحو كبار المسؤولين والزعماء السياسيين المعنيين بعملية تشكيل الحكومة كما اعلن من روما، والافكار والتوجهات التي سيبلغهم اياها، في ضوء زيارته الفاتيكان وما تبلغه من البابا فرنسيس عن نتائج اللقاءات التي عقدت في روما بين وزراء خارجية الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والسعودية بخصوص لبنان. واذ تجنبت المصادر الكشف عن الخيار الذي سيتخذه الحريري من عملية التشكيل، اوضحت ان أي خيار يرسو عليه توجه رئيس الحكومة المكلف، ينطلق من المصلحة العامة للبلد وليس لمصالح شخصية، كما هي خيارات بعض الاطراف ولاسيما الفريق الرئاسي الذي يمعن بوضع العراقيل والشروط والمطالب اللامعقولة لتعطيل التشكيل.
واشارت ان الترويج عن توجه الرئيس المكلف للاعتذار عن تشكيل الحكومة بعد عودته الى بيروت، مصدره الفريق المذكور للايحاء بأن سبب الازمة الحالية ومتفرعاتها رفض الرئيس الحريري الاعتذار خلافا للواقع والحقيقة، ومحاولة ممجوجة ومكشوفة للتهرب من مسؤولية التعطيل المتعمد لتشكيل الحكومة التي اصبحت متلازمة وحتى من اساسيات الممارسة السياسية للفريق الرئاسي ومعروفة من الجميع بالداخل والخارج معا. وذكّرت المصادر انه في اعقاب استقالة حكومة الرئيس الحريري بعد أحداث ١٧ تشرين الاول عام ٢٠١٩، ثم اعتذاره بعد ذلك عن تشكيل الحكومة اللاحقة، اطلقت يد الفريق الرئاسي المذكور مع حزب الله بتشكيل حكومة حسان دياب المستقيلة، بامها وابيها، وتساءلت ماذا كانت النتيجة؟ الفشل الذريع وحالة الخراب والانهيار وتفكك المؤسسات وتحلل الدولة. وختمت المصادر بالدعوة الى التوقف عن مسلسل الأوهام والاكاذيب التي لا توصل الى تشكيل حكومة اخصائيين غير حزبيين، بل إلى استفحال الأزمات التي تضغط على اللبنانيين بقوة.
دولياً، ما تزال فرنسا بشكل خاص وبعض دول الاتحاد الاوروبي بشكل عام تتحدث عن ضرورة إحداث تغيير ما في العملية السياسية اللبنانية وإن امكن في النظام السياسي ككل، وذلك عبر طرق ديموقراطية اولها واهمها الانتخابات النيابية، لكنها في الوقت ذاته تلوّح بشدة بفرض عقوبات على من تصفهم معرقلي العملية السياسية والحلول.
وقد قال سفير الاتحاد الاوروبي في مصر كريستيان برجر امس الاول في حديث تلفزيوني: «لقد بدأنا مساراً قانونياً لفرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية في لبنان، والعقوبات وسيلة لتحسين الاوضاع وهدفها المساعدة وليس مجرّد العقاب».
واضاف: ان النظام السياسي في لبنان بحاجة ماسة إلى شرعية جديدة. وأكدت مصادر فرنسية ان الاليزيه لم يسقط من حساباته تأليف الرئيس الحريري للحكومة، وإلا فلا بد من الاتفاق معه على تسمية شخصية مقبولة لأنه من غير الممكن الاستمرار على هذا النحو.
سياسياً، طالب رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان بتوفير الدعم للقاضي طارق بيطار.
وتوقع ان لا تتوقف الحصانة عن النواب الذين طلب المحقق العدلي الاستماع اليهم، على ان يحيل القاضي لمحكمة التمييز الطلب لتحيله إلى المجلس النيابي، على ان يعرض الأمر في نهاية الأمر على الهيئة العامة لاتخاذ قرار رفع الحصانة من عدمه.
وطالب عدوان بحكومة، على رأسها شخصية كالسفير مصطفى أديب، لتأليف حكومة انتخابات، تجريها لإعادة تكوين السلطة.
الكرة في ملعب المركزي
والشأن الثاني، المهم هذا الاسبوع، بعدما تجمعت الازمات في كرة كبيرة، قذفت إلى ملعب مصرف لبنان، معرفة مسار فكفكة العقد أو الاستجابة للطلبات المطروحة.
وكشفت مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان ان تقلص ساعات التغذية سببه تأخر مصرف لبنان بفتح اعتمادات لشراء الغاز اويل، بعد نفاد المادة وتوقف معمل الزهراني عن العمل، وبقاء معمل دير عمار بطاقة ضئيلة.
وفي نهاية الأسبوع، بقيت طوابير البنزين في كل مكان، من بيروت، إلى الجنوب والشمال والبقاع والجبل، على الرغم من ان دولار 3900 لم ينجح في التخفيف من آثار الأزمة المدمرة، وبقيت الكلمة الأولى للسوق السوداء.
وسجل ان المصرف المركزي أخلّ للاتفاق مع وزارة الصحة لجهة توفير المال اللازم لاستيراد الأدوية والمعدات الطبية، بعد ان أقدمت أقسام الأطفال في عدد من المستشفيات إلى الاقفال.
وعلى وقع ارتفاع عاد ليصيب اعداد الاصابات بكورونا محليا، وفي ظل دخول سلالة دلتا الاراضي اللبنانية، حذّر مدير مستشفى بيروت الحكومي فراس أبيض عبر حسابه على تويتر، من أن «بالنسبة لمعظم المستشفيات في لبنان، فإن الهم الرئيسي حالياً ليس متحور دلتا، ولا نقص الإمدادات. مصدر القلق الرئيسي الآن هو الكهرباء، التي بدونها لا يمكن تشغيل المعدات الطبية. إذ لا يمكن للمولدات القديمة الاستمرار في العمل دون توقف، وعندما تنهار، ستكون الأرواح في خطر».
ودق عضو لجنة متابعة وباء كورونا مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية الدكتور وليد الخوري جرس الإنذار بالنسبة إلى متحور دلتا وقال في تصريح لـ«اللواء» صحيح أن عداد كورونا في لبنان لا يزال يسجل أرقاما مقبولة انما هناك خشية من انتشار المتحور الجديد في لبنان بشكل سريع ما لم تتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة داعيا الوافدين من الخارج إلى الالتزام بالحجر ريثما تصدر نتائج فحوصات الـpcr حتى وإن أجروا قبيل وصولهم إلى لبنان الفحص نفسه وانت النتائج سلبية .
ولفت الدكتور خوري إلى أن المؤشر المتعلق بكورونا في الأيام الماضية عاد وارتفع وهناك خشية من أن يرتفع أكثر ما قد يشير إلى الانتشار القوي مركزا على أهمية الحذر بسبب سرعة إصابة بمتحور دلتا. وقال أن لجنة كورونا تتابع الموضوع.
وأضاف: لا نريد العودة الى ما شهدته البلاد في بداية العام من تفش للوباء ولا نريد أن نضيع ما تحقق لناحية التزام الجميع بالإجراءات الوقائية، مشيرا إلى أن اغلبية مستشفيات اقفلت أقسام كورونا كما أن هناك مشاكل تتصل بالتيار الكهربائي وغير ذلك.
وابدى الدكتور خشيته من أن يحصل الانتشار في المناطق التي لم تشهد حماسة من قبل مواطنيها على اللقاح، مع العلم ان العدوى قد تحصل في مناطق تم فيها اللقاح.
وكرر دعوته إلى ان تحصل جميع الفئات العمرية ولا سيما تلك الأشد خطورة على اللقاح.
545570 إصابة
صحياً، طرأ تطوّر خطير على الموقف، فبعد انخفاض ملحوظ، فسجلت وزارة الصحة إصابة 207 أشخاص بالفايروس، مع حالتي وفاة في الساعات الـ24 الماضية. ليرتفع العدد التراكمي إلى 545570 اصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.
اللواء إبراهيم إلى لندن
وبعد أقل من 28 ساعة على طلب المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، وورد اسمه بين قادة الأجهزة الأمنية التي طلب إعطاء الاذن بالادعاء عليها.
أعلنت المديرية العامة للأمن العام ان اللواء عباس إبراهيم غادر إلى لندن، في زيارة تلبية الدعوة من نظيره البريطاني.
ونفت مصادر مقربة من القاضي طارق البيطار كل ما تردّد عن تزويد الإمارات للمحقق العدلي بحسابات مصرفية لـ «اللواء» إبراهيم، معتبرة ان ما ينقل باسمه مُعيب ومسيء ومفبرك.
وكانت المصادر إياها نقلت ما نسب إلى المحقق العدلي عن التوصّل إلى تورط إبراهيم مع ضباط سوريين في تهريب الامونيوم.
وبعد يومين من صدور طلب المحقق العدلي، الاستماع إلى عدد من النواب والوزراء السابقين وقادة الأجهزة الأمني، نفذ أهالي شهداء تفجير مرفأ بيروت وقفة امام البوابة رقم 3 للمرفأ، وقد شارك فيها جرحى التفجير وذوو الإحتياجات الخاصة.
واعتبر المتحدث باسم أهالي تفجير مرفأ بيروت في كلمة له، بان استدعاءات المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار جاءت كضربة معلم بالشكل والمضمون واثلجت قلوب عوائل الشهداء، وتوجه للقاضي بيطار بالقول: «امض بطرق الحق والعدالة وسنكون سيفك الصارم».
تحرك طلابي
وعشية استعداد اللجنة الطلابية الرافضة لاجراء الامتحانات الرسمية لتنظيم اعتصام حاشد غداً امام وزارة التربية والتعليم العالي في الأونيسكو، دافع وزير التربية طارق المجذوب عن قراره باجراء الانتخابات.
وقال ان القرار لا ينسجم مع الاجواء الشعبية، وان الامتحانات خفضت المناهج لطلاب الشهادة الثانوية، لإعطاء الطلاب شهادة يفتخرون بها، وليس افادة يعانون من جرائها..
البناء
استهداف القوات الأميركيّة في حقل العمر بالصواريخ… وسانا: استمرار تهريب القمح والنفط
أزمة المحروقات والدواء تتصاعد… هل يشتري المصرف المركزيّ دولاراته من السوق؟
ترقّب لموقف بريّ بعد عودة الحريريّ واستدعاءات بيطار… والسيد نصرالله اليوم لتجديد الخطاب
كتب المحرّر السياسيّ
تلاحقت التقارير التي تتحدّث عن انهيار سريع للجيش الأفغاني الذي قرّر الأميركيون تسليمه قواعدهم، حيث قام آلاف الجنود بالهروب الى باكستان، ما أربك الخطط الأميركيّة بالانسحاب، والتي كانت تتوقع انهيار الحكم الذي أنشأته بعد رحيلها، لكنها كانت تأمل أن يصمد شهوراً على الأقل بعد الرحيل، وأن يمنحها فرصة الانسحاب الآمن والهادئ، وبدت الصورة وفقاً للتقارير الواردة من كابول تنبئ بمشهد شبيه بالانسحاب الأميركي من فيتنام، ما يجعل الانسحاب فضيحة كبرى للتدخل الذي مضى عليه عشرون عاماً، وكلف تريليونات الدولارات وآلاف القتلى.
في سورية تواصلت الهجمات الصاروخيّة باستهداف القواعد الأميركيّة في حقل العمر النفطيّ، في تعبير عن بدء مقاومة منتظمة للاحتلال الأميركيّ. فالهجمات تكرّرت بصورة تنفي كونها مجرد رد فعل على الغارات الأميركيّة على مواقع عراقيّة وسوريّة على خط الحدود بين البلدين، فيما واصلت وكالة أنباء سانا الرسميّة في دمشق نشر المزيد من التقارير التي تكشف حجم سرقات القمح والنفط التي تقوم بها القوات الأميركية، مشيرة الى 37 صهريجاً محملاً بالنفط تمّ رصدها تخرج من حقل الرميلان السوريّ باتجاه الأراضي العراقية بحماية القوات الأميركيّة عن طريق معبر الوليد، بينما شوهدت عشرات الشاحنات المحمّلة بالقمح السوريّ المسروق في موكب آخر تسلك الطريق نفسه.
لبنانياً، استمر فقدان المحروقات والدواء من الأسواق وسط تصاعد الغضب الشعبيّ، وتنامت مخاوف تحدّثت عنها تقارير مالية من أن يكون المصرف المركزي يشتري دولاراته من السوق، متسبباً برفع السعر، ومفسّرة بذلك الارتفاع الأخير، وأن هذا هو السبب بتباطؤ المصرف المركزي في الإفراج عن المستحقات التي وعد بتحريرها لتأمين تفريغ بواخر المحروقات، وتسديد فواتير الأدوية المستوردة. وقالت المصادر إن كلام المصرف عن أن سقف ما لديه من مخزون من العملات الصعبة هو 400 مليون دولار، يؤكد هذا الاستنتاج، بحيث يصير المصرف المركزي يطبع الليرات ويضخّها في الأسواق لشراء الدولارات، ما ينذر بانهيار سريع لسعر الصرف، وينبئ بكارثة وشيكة في سعر الليرة، ويكشف كذبة الدعم الوهميّ.
في الشأن السياسيّ تتجه الأنظار نحو عين التينة، لترقّب كيفية تعامل رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الملف الحكوميّ بعد عودة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وما إذا كانت هناك آفاق لمواصلة مساعي الوساطة التي تجمّدت بسفر الحريريّ، أم أن اعتذار الرئيس المكلف سيعود كخيار إلى واجهة المشهد السياسي، ومن عين التنية أيضاً ينتظر الوسط السياسي والقضائي معرفة موقف الرئيس بري من استدعاءات القاضي طارق بيطار، وطلبات رفع الحصانة عن ثلاثة نواب، بينما كانت الاستدعاءات قد ترافقت مع حملة تسريبات وشائعات استهدفت المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قال المحامي كريم بقرادوني بوكالته عن اللواء إبراهيم إنه سيتم الادعاء على مطلقيها، بينما نقلت قنوات تلفزيونيّة عن القاضي بيطار وصفه لمقربين منه ما ينقل عنه أنه “معيب ومسيء ومفبرك”.
في الشأن الإعلامي ينعقد بعد ظهر اليوم المؤتمر الإعلامي المخصص لتجديد الخطاب الإعلامي بحضور شخصيات إعلامية وأكاديمية، ويفتتحه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بكلمة ينتظر أن تتضمّن مواقف ورؤى لخوض المعركة الإعلاميّة في مواجهة الآلة الإعلاميّة المناوئة لمشروع المقاومة والموزعة بين داعمي كيان الاحتلال ودعاة التطبيع، في ضوء الوقائع التي أرستها معركة سيف القدس.
أمّا وقد عاد الرئيس المكلّف سعد الحريري الى بيروت، فإن حركة سياسية واسعة سوف يشهدها لبنان في الساعات المقبلة، حيث سيجري جولة مشاورات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورؤساء الحكومة السابقين قبل حسم مسألة اعتذاره أو طرح تشكيلة حكومية جديدة على رئيس الجمهورية ميشال عون. وبحسب المعلومات لا موعد محدّد حتى الآن مع بري الذي ما يزال يصرّ على عدم اعتذار الحريري، في حين أشارت مصادر عين التينة لـ «البناء» الى ان المساعي الحاصلة تفرض تشكيل حكومة وفق مبادرة الرئيس بري، مشيرة إلى أن الرئيس بري خلال لقائه الحريري سوف يطرح عليه النتائج التي توصل اليها حزب الله من لقاء مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، معتبرة أن الرئيس بري على موقفه من أهمية ترؤس الحريري للحكومة العتيدة وفق المبادرة الفرنسية، مشيرة الى ان بري مقتنع بأن الوقت لا يحتمل المكابرة وأن سقوط البلد لن ينجو منه احد. ورأت أوساط عين التينة أن ما يهم الرئيس بري المحافظة على التوازنات والميثاقية والشراكة ومبادرته تصبّ كلها في هذا الإطار.
وأشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» الى ان الرئيس بري قد يقبل باعتذار الحريري شرط أن يسمّي الأخير شخصية سنية تحظى بتأييد وقبول من الأطراف السياسيّة الأساسيّة ومن المرجعية السنية، وصولاً الى حصوله على تعهّد من القوى السياسية كافة وعلى وجه الخصوص مَن عطّل التأليف لحسابات شخصية، تسهيل عملية التأليف. وفي هذا الإطار تشير المصادر الى ان الصورة لا تزال سوداوية وهناك شبه اقتناع أن لا حكومة في الأفق وان هناك اتجاها بدأ يتضح أكثر يوماً بعد يوم ويدعو إلى إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال.
الى ذلك انعكس لقاء روما على عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي اعتمد يوم أمس في كلمته لغة هادئة، خاصة أن بعض المعلومات اشارت الى ان البابا فرنسيس لم يكن على الخط نفسه مع البطريرك الراعي ولم يؤيده في الكثير من أفكاره التي طرحها، لا بل اكثر من ذلك فقد كان البابا فرنسيس أكثر ميلاً الى طروحات البطاركة يوحنا العاشر يازجي ويوسف العبسي وأمام الأول كيشيشيان معتبراً إياها أكثر واقعية ومنطقية وتثبت المسيحيين في لبنان.
وأكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن كلمة قداسة البابا فرنسيس في ختام يوم التفكير بشأن لبنان، والصلاة من أجل السلام فيه، ونداءاته تشكل لنا جميعاً خريطة الطريق للخروج من مختلف الأزمات التي نعاني منها.
واعتبر أن مسار حلّ القضية اللبنانية، ومصير الوطن الرسالة، يمرّ حتماً بلقاء اللبنانيين على وحدة دولة لبنان في ظلّ الديمقراطيّة والتعددية واللامركزية والحياد الإيجابي الناشط ووحدة القرار الوطني والانتماء العربي وتنفيذ جميع القرارات الدوليّة. وصار واضحاً مدى حاجة لبنان في ظل هذا التمزّق والانهيار إلى مساعدة الأشقاء والأصدقاء عبر مؤتمر دولي يُخرج لبنان من أزمته المصيرية. لقد وجّه قداسة البابا فرنسيس نداءات بصيغة الواجب، بالتوالي: «إلى كل من بيده السلطة: أن يضع نفسه نهائيا وبشكل قاطع في خدمة السلام، لا في خدمة مصالحه الخاصة. كفى أن يبحث عدد قليل من الناس عن منفعة أنانية على حساب الكثيرين! كفى أن تسيطر أنصاف الحقائق على آمال الناس! كفى استخدام لبنان والشرق الأوسط لمصالح ومكاسب خارجيّة! يجب إعطاء اللبنانيين الفرصة ليكونوا بناة مستقبل أفضل، على أرضهم ومن دون تدخلات لا تجوز. ودعا القادة السياسيين لإيجاد حلول عاجلة ومستقرة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحالية».
وكتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في تغريدة عبر حسابه على «تويتر»: «كفى الهروب من ضرورة تشكيل الحكومة التي وحدها تستطيع وقف التدهور ومعالجة المشاكل وفي مقدّمها التفاوض مع المؤسسات الدولية. الباقي هروب إلى الأمام وتنظيرات مدمّرة للوطن. أما الانتخابات فمن الأفضل صرف الأموال المرصودة لجمعيات المجتمع الأهلي وللمستشفى الحكومي وللجيش ولمؤسسات معروفة».
وأضاف في تغريدة ثانية: «وكي لا تفسّروا موقفي أنه ضد الانتخابات أوضح بأنني سمعت بأنّ دولاً ستصرف مليار دولار على أندية المجتمع المدني المتعددة. أفضل إعطاء هذا المال للمستشفيات الحكوميّة وللجيش وقوى الأمن وللمؤسسات المعروفة مثل المقاصد، عين وزين، الجامعة الأميركية وغيرها من المؤسسات التربوية والاستشفائية».
الى ذلك يعقد اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان بعد غد الأربعاء، لدرس قيمة الدعم للدواء، بعدما أبلغ حاكم المصرف رياض سلامة المسؤولين في بعبدا ان كل ما يملكه لدعم المواد الاولية، ومن ضمنها الادوية 400 مليون دولار.
وقالت نقابة مستوردي الأدوية في لبنان إن البنك المركزي لم يفِ بتعهداته بتوفير المبالغ المالية بالدولار لتسديد قيمة المستحقات المتراكمة والمترتبة لصالح الشركات المصدّرة للأدوية، والتي تجاوزت 600 مليون دولار منذ كانون الأول، وإن المستوردين لا يستطيعون فتح اعتمادات جديدة.
في موازاة ذلك، لا تزال أزمة المحروقات على حالها تدور في مراوحة بين أصحاب المحطات والشركات المستوردة ووزارة الطاقة، الأمر الذي انعكس استمراراً لطوابير السيارات على المحطات رغم التسعيرة الجديدة للمحروقات، علماً أن نقيب موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، طمأن أن اليوم سيحمل معه حلولاً جزئية، قائلا ثلاث بواخر أفرغت حمولاتها من المحروقات، والسوق ينتظر أن تفرغ البواخر الثلاث المتبقية مخزونها.
في الشأن الصحيّ واصل عداد كورونا أمس الارتفاع حيث أعلنت وزارة الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال أمس، تسجيل 207 إصابات جديدة وحالتي وفاة.
وحذر رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي من أن متحوّر دلتا ينتقل خلال ثوانٍ فقط، بينما الفيروس الذي ظهر منذ عام كان بحاجة الى 15 دقيقة من التواصل كي ينتقل من شخص لآخر. وأوضحت مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية بترا خوري أنه يجب التحصين ضدّ «دلتا» من خلال تسريع عملية التلقيح وعبر الالتزام بارتداء الكمامة، مشددة على أن المتحور دلتا ينتشر في خلال 10 ثوان بين شخص وآخر. وهذا الانتشار السريع للمتحور سيؤدي الى دخول المستشفى بشكل أكبر، وكشفت خوري أن هناك أقل من 100 شخص مصاب بمتحور «دلتا» في لبنان.
المصدر: صحف