ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء الواقع في 7 تشرين الاول 2020 على الملف الحكومي وملف الحدود البحرية وعلى عداد الكورونا المرتفع والوضع الاقتصادي المزري والحالة الاجتماعية الصعبة التي وصل اليها المواطن اللبناني…
الاخبار
مشروع قانون في الكونغرس يعاقب المصارف «في مناطق حزب الله»: خطوة أميركية نحو تقسيم لبنان؟
يسعى نواب أميركيون الى ابتكار نوع جديد من العقوبات على المقاومة وبيئتها، ذات طبيعة تقسيمية للبنان. وهذه العقوبات، التي لا تزال اقتراح قانون في مجلس النواب الأميركي، تسعى الى «عزل مناطق تابعة لنفوذ الحزب» وجعلها خالية من المصارف، وقطع تواصل أي مصارف عاملة في هذه المناطق مع النظام المصرفي العالمي
يُثير تجدّد الحديث أسبوعياً، عن فرض عقوبات أميركية أو تشديدها على أصدقاء وحلفاء حزب الله في لبنان، تساؤلات عديدة حول المستهدف في المرة المقبلة. لكن ما يجِب التوقف عنده هذه المرة هو طبيعة هذه العقوبات التي يسعى نواب في الكونغرس الأميركي الى تطوير فعاليتها السياسية بما يخدم مشروع العزل الذي تسعى واشنطن إلى تنفيذه بحق المقاومة وبيئتها. فبعد معاقبة عدد من المؤسسات والأفراد، تسعى جهات في الولايات المتحدة الأميركية إلى ابتكار نوع جديد من العقوبات تستهدف هذه المرة كامل البيئة اللبنانية المؤيدة لحزب الله، والمناطق الجغرافية التي للحزب وجود شعبي فيها. فقد تقدّم أخيراً، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي في مجلس النواب الأميركي النائب جو ويلسون، بمشروع قانون بعنوان The Hezbollah Money Laundering Prevention Act of 2020 . يهدف هذا المشروع إلى «وقف أنشطة غسيل الأموال التي يقوم بها الحزب في جميع أنحاء العالم»، محدداً المثلث الحدودي في أميركا اللاتينية، بين البرازيل والباراغواي والأرجنتين. أما خطورته، فتكمن في تحديد منطقة جنوب لبنان «التي يسيطر عليها الحزب». ويشير الاقتراح الى ما يسميه «المصارف الصديقة للحزب في هذه المنطقة» التي ستكون تحت مرمى العقوبات، وهذا يعني أن تصبح منطقة جنوب لبنان خالية من أي مصرف، إذ لن يجرؤ أي مصرف ــــ في حال صدور هذا القانون ــــ على إبقاء فروع له في المناطق التي تصنفها واشنطن مناطق «خاضعة لسيطرة حزب الله»، خوفاً من العقوبات. هذا المشروع يدعمه 12 نائباً أميركياً من الحزب الجمهوري، ويقول ويلسون إنه «يعزل المصارف في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه الجماعة الإرهابية». ولا تكمن خطورة المشروع حصراً في كونه مقدمة لعزل منطقة لبنانية عن باقي المناطق، بل تتعدى ذلك إلى أنه أول إشارة رسمية عن نيات أميركية بتقسيم لبنان، ليس بشكل دستوري أو قانوني، وإنما بالممارسة والتعامل. وهو ما ستوفره المصارف التي لطالما كانت «مَلَكية أكثر من الملك»، إذ لم تكتفِ بتنفيذ العقوبات بحق الأشخاص الذين تقرر أميركا معاقبتهم، لا بل تذهب أكثر في محاصرتهم عبر استهداف عائلاتهم وأقاربهم ومن يمتّ إليهم بصلة، من دون أن يكون مشمولاً بأي عقوبة أميركية.
ومع أن الولايات المتحدة تعرف جيداً أن لا علاقة لحزب الله بالقطاع المصرفي، إلا أنها لم تتوقف عن فرض عقوبات على مصارف بحجة أنها تابعة له. وفي اقتراح القانون الأميركي الجديد، تعبير جديد هو «المصارف الصديقة للحزب». وسيكون هذا الوصف سيفاً مصلتاً على المصارف، لدفعها إلى تقديم المزيد من التنازلات والمعلومات إلى واشنطن. كذلك يسمح هذا التصنيف للولايات المتحدة بتكرار تجربة «جمّال ترست بنك» الذي «أعدمته» وزارة الخزانة الأميركية عام 2019، ما شكّل «صاعقاً» لبدء الانهيار في القطاع المالي، بعدما كانت عوامل هذا الانهيار قد تراكمت على مدى أعوام. وهذا السيف سيكون مشهَراً في وجه المصارف، كما في وجه الدولة اللبنانية برمّتها.
صحيح أن الاقتراح لا يزال بحاجة إلى وقت ومشاورات قبل إقراره، ولا تُعرف بعد صيغته لجهة كون الإدارة الأميركية ملزمة بتطبيقه فوراً أو أن في مقدورها عدم الالتزام به، إلا أن مجرد تقديم الاقتراح، وتبنّيه من قبل 12 نائباً جمهورياً، يدل على وجود نية لدى الممسكين بملف لبنان في واشنطن ببدء ممارسة «الضغوط القصوى» على حزب الله وبيئته، أسوة بالضغوط الممارسة على كوبا وفنزويلا وإيران وسوريا، لجهة إقرار عقوبات جماعية على عموم المواطنين، بذريعة معاقبة جهة سياسية أو شخصيات أو «نظام». فالنائب الذي تقدّم بالاقتراح ليس شخصاً هامشياً في الكونغرس، بل هو عضو في اللجنة الفرعية المختصة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا والإرهاب العالمي، المنبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي. كما أنه رئيس فريق عمل الشؤون الخارجية والأمن القومي في لجنة للنواب الجمهوريين المحافظين.
على سبيل المثال، المقال الذي نشرته مجلّة «فورين بوليسي» بعنوان «التقسيم هو الحلّ الأفضل لمشاكل لبنان المتراكمة» وأعدّه الباحث الرئيس في «مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية» في العاصمة السعودية الرياض، جوزيف كيشيشيان، رأى أنّ «التقسيم خيار جاد من شأنه أن يساعد في تجنب الأخطاء المتكررة التي ميّزت لبنان إلى حد كبير خلال القرن الماضي» (راجع، «الأخبار»، 21 أيلول 2020، مقال ««الحل التقسيمي» في لبنان»). وأضاف إن «من الواضح تماماً أنه بينما يشترك اللبنانيون في السمات المشتركة، إلا أنهم لا يستطيعون الاتفاق على الحريات السياسية والاجتماعية الأساسية، والتي لا يمكن الحفاظ عليها إلا من خلال ميثاق سياسي جديد». ولا شك أن رؤية كيشيشيان للحل ليست تعبيراً عن وجهة نظر مستقلة، وأنّها تعبير عن سياسة جهات معينة، سواء في الإدارة الأميركية، كما في الحُكم السعودي. أما في لبنان، فقد عاد الحديث عن التقسيم من باب السلاح، ولم يعد البعض يجد حرجاً يحول دون التلويح به، وآخرهم النائب السابق بطرس حرب الذي قال في حديث تلفزيوني أخيراً إنه «في حال استمرار بعض الفئات بفرض رأيها بالسلاح أو ببعض القوى أو المحاور، فإن هذه الفئة تدفع فئة من اللبنانيين المتمسكين بلبنان الواحد إلى أن يكفروا به. الاستمرار السياسي بالشكل الذي نسير عليه سيؤدي إلى تقسيم لبنان».
بعلبك – الهرمل تحت حكم العصابات المسلحة: قيادة الجيش غائبة!
منذ استقالة الرئيس مصطفى أديب، لم تُسجّل أيّ حركة باريسية في اتجاه تحريك المبادرة الفرنسية. وبانتظار إعادة إحيائها أو نعيها نهائياً، لا وجود لمؤشرات تشي بولادة حكومة جديدة. وفيما يتهيّأ لبنان لانطلاق المفاوضات على ترسيم الحدود الجنوبية، تعيش منطقة بعلبك – الهرمل تحت حكم العصابات المسلحة، في غياب تامّ لأيّ تدخّل من الدولة، وخاصة الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الجيش
بات سؤال «وينيّي الدولة» في البقاع ممجوجاً، لا بل بات ممجوجاً أيضاً القول إنه ممجوج. لكنه يبقى السؤال الذي يطرحه كل البقاعيين، وخصوصاً أهالي محافظة بعلبك – الهرمل. في تلك المنطقة مئات الآلاف باتوا، حرفياً، رهائن عشرات الزعران وتجّار المخدرات، في منطقة تشكّل البيئة الحاضنة الأساسية للمقاومة. والإشارة الى «البيئة الحاضنة»، هنا، ليست من قبيل «الرطانة» اللغوية، وإنما مؤشّر الى أن الغياب «المقصود» لكل القوى الأمنية لم يعد «مبلوعاً»، بل ربما صار يشجّع على تبنّي نظرية المؤامرة. إذ إن الدولة، بأجهزتها الأمنية المختلفة وبحواجزها ومخابراتها وشعبة «معلوماتها»، موجودة بكثافة في منطقة البقاع الشمالي. لكن من دون قرار جدي بفرض الأمن، وهو ما يترك تلك «البلاد» فريسة لاستباحة الزعران. والنتيجة فلتان أمني وأخلاقي، وتفشّي المخدرات تجارة وترويجاً وتعاطياً، وعصابات تجبي «خوّات» علناً، و«جزر أمنية» تحكمها عائلات وعشائر، و«مافيات» وعمليات ثأر باتت تهدد بانهيار الأمن الاجتماعي، في الخزان الشعبي للمقاومة.
منذ أيام، تعيش المنطقة حالة حرب بين مجموعات مسلحة تنسب نفسها إلى عشائر. يُخطف فرد من عائلة في الهرمل، ويطلب الخاطف من الدولة التزام الحياد لأنّ المسألة العالقة بينه وبين أحد أقارب المخطوف هي «ثمن كوكايين»! أفراد ينتسبون إلى عشيرة آل جعفر، يقتلون شخصاً من آل شمص، بزعم الثأر لمقتل أحد أبناء العشيرة الأولى على يد أحد أبناء العشيرة الثانية. استنفار واستنفار مضاد، وسط شائعات عن التحضير لهجوم عسكري من هذه العشيرة أو تلك. يصدر بيان باسم عشيرة آل جعفر، لينفي مسؤوليتها عن بيانات التصعيد، وللتعبير عن الاستعداد للتسوية والتهدئة. أما في الميدان، فعراضات مسلحة لعشرات الشبان المدجّجين بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وجولات سيّارة بالعتاد الحربي الكامل!
أيام عصيبة تعيشها منطقة بعلبك الهرمل، وسط صمت حزبي ونيابي ورسمي. وكما هي العادة، الجيش والأجهزة الأمنية يقفون على الحياد. قيادة الجيش تتعامل كما لو أن المؤسسة العسكرية عشيرة من العشائر: «تدخل في الصلحة»، وعندما يقع قتيل في اشتباك بين الجيش ومطلوبين (علماً بأن يد الجيش «ثقيلة» في تلك المنطقة)، يدفع الجيش «الديّة»، ويصالح العشيرة التي سقط منها ضحايا. هذا الأداء ليس من بنات أفكار القيادة الحالية، بل هو أشبه بـ«عرف» متوارث في المؤسسة العسكرية. واليوم، قررت القيادة الوقوف على الحياد بين مسلحي آل جعفر ومسلحي آل شمص.
الأجهزة الأخرى لا تقلّ «حياداً» عن الجيش. كل قطعات قوى الأمن الداخلي أعجز من تنفيذ تبليغ في البقاع الشمالي، باستثناء «فرع المعلومات» الذي لا ينفّذ في بعلبك – الهرمل سوى عمليات «خاطفة»، لا يتدخّل هو الآخر. هو أصلاً أعجز من الدخول في نزاع كالذي تشهده المحافظة البقاعية حالياً. وفي القضايا اليومية، يتجنّب العمل الأمني هناك، بذريعة أن أهل المنطقة «عدائيّون تجاه «المعلومات» ولا نريد لعسكرنا أن يُقتلوا، فيما كل الدولة تلجأ إلى الصلح كلما سقط لها شهيد». هذا الكلام يتكرر منذ عام 2005 في قوى الأمن الداخلي. لكنّه، كما أداء الجيش، يخفي قراراً بترك المنطقة تشتعل بالأزمات، لأهداف سياسية.
الحكومة في انتظار باريس
على صعيد آخر، تتدافَع السيناريوات حولَ مآل الأزمة الحكومية التي تعيشها البلاد، وسطَ عدم بروز مؤشرات إلى أنّ الأسابيع الأربعة المتبقيّة من المهلة التي حدّدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (في خطابه يوم 26 من الشهر الماضي) قد تكون كافية لاستيلاد حكومة، في ظلّ الصراع على تشكيلة وزارية بمعيار تكنوقراطي صرف أو مطعّم بتمثيل سياسي. وفيما ساد المشهد في اليومين الماضيين حديث عن فتح قناة تواصل بين حزب الله وحركة أمل ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير السابق جبران باسيل، ترمي إلى بلوغ تفاهُم على الحكومة الجديدة وفقَ معادلة حكم الأغلبية، وسطَ ضخ معلومات عن دعوة عون الأسبوع المقبل إلى استشارات نيابية، أكدت مصادر سياسية بارزة أن «فريق الأكثرية لن يذهب إلى هذا الخيار حالياً»، وهو يسمَح بمزيد من الوقت، إذ لم يُسقِط من حساباتِه بالكامل أن تٌفضي المبادرة الفرنسية الى حل في النهاية، ولو أن المبادرة يبدو نجاحها حتى الآن مُستبعداً أو صعباً.
وإذ جرى البناء على هذه الاتصالات – من زاوية أن المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل لوّح بخيار الأكثرية النيابية – إلا أن المصادِر أكدت أن «ما بُني عليها ليسَ دقيقاً»، وذلِك لعدة أسباب:
الأول، هو استمرار المبادرة الفرنسية، على الرغم من تراجع زخمها. فهذه المبادرة في جوهر نصّها تقوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تضمّ كل الأطراف الذين اجتمعَ معهم ماكرون على طاولة قصر الصنوبر. وبالتالي لن يُصار الى فرض حكومة من لون واحد، قبلَ اتضاح مصير المبادرة، وخاصة أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أعلن في خطابه الأخير الانفتاح عليها.
ثانياً، حتى اللحظة يتقدّم خيار التوافق مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على اسم رئيس الحكومة العتيد، لكن هذه المرة تحت سقف التلازم بين التكليف والتأليف. فمن غير الوارِد تكرار تجربة السفير مصطفى أديب، والسماح لفريق الحريري ورؤساء الحكومات السابقين بتلغيم المبادرة مرة أخرى ووضع شروط لتنفيذ انقلاب ضد الأكثرية.
ثالثاً، وفي ظل غياب وسيط محلّي قادِر على المبادرة، هناك انتظار لجواب من الإليزيه، بعدَ وعد باريسي باستئناف النقاش مع المملكة العربية السعودية بشأن ترؤس الحريري للحكومة العتيدة. لكن حتى الآن لا خبر. فإمّا أن نتيجة التواصل كانت سلبية، وإما أنّ المسعى لم يُستكمَل بعد.
الاتفاق على الحكومة تحت سقف التلازم بين التكليف والتأليف
وتقول المصادر إنه منذ كلام السيد نصر الله واللقاء الذي جمعَ مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله الحاج عمار الموسوي بالسفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه، لم يحصل أي تواصل مع الفرنسيين، ولم تصِل منهم أي إشارة. وفي ظل غياب الوسيط المحلّي القادر على تحريك المياه الراكدة، يبقى أنّ على الفرنسيين إما إعادة إحياء المبادرة أو إعلان سقوطها لكي يبنى على الشيء مقتضاه. ولفتت المصادر إلى أن «الطرح الذي تقدّم به الرئيس السابق نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة تكنو – سياسية، مؤلفة من عشرين وزيراً: 6 وزراء دولة سياسيين و14 وزيراً اختصاصياً، هو طرح مقبول، ولا يعني ذلك أن يكون هو على رأس الحكومة، حتى إن أحداً لم يفاتح فريق الأغلبية بهذا الشأن».
وإذ يجري رصد للمقابلة التي سيطلّ بها الحريري يومَ الخميس المقبل على شاشة «أم تي في» في برنامج «صار الوقت»، لمعرفة الاتجاه الذي سيسلكه في شأن الحكومة، وعمّا إذا كانت هناك متغيرات في الموقف الإقليمي وصلته قبلَ الجميع، وهو ما سيظهر في حديثه، اعتبرت أوساط سياسية أن «رئيس تيار المُستقبل غير موفق في التوقيت، فأيّ هجوم على الثنائي والتيار الوطني سيُصعّب التفاوض معه، وأيّ إشارة الى التعاون ستُحرجه أمام الرياض، إلا إذا كانت ثمة معطيات لا نعلم بها». في السياق، أشار «اللقاء التشاوري» الى أن «المواطنين استبشروا خيراً من المبادرة الفرنسية، ولكن بدا أخيراً كأنّ هذه المبادرة انحرفت عن مسارها وأهدافها وأضافت تعقيدات وتناقضات جديدة للواقع اللبناني». ورأى اللقاء، في بيان، إثر اجتماعه الدوري في منزل النائب عبد الرحيم مراد، أن «على الأطراف والقوى المعنية بالمبادرة، الإسراع في تشكيل حكومة لا تثير هواجس سياسية، أولويّتها معالجة الواقع الاقتصادي والمالي والسير بالإصلاحات».
جعجع يهيّئ القوّات لـ«الساعة الـصفر»
منذ أشهر، يعمل حزب القوات اللبنانية على خلق حركة موازية لـ«17 تشرين»، يقودها رئيس الحزب شخصياً ولا تضمّ سوى حزبيّيه ومناصريه. تنشط هذه «الخلايا» في عين الرمانة والأشرفية، في انتظار «ساعة صفر ما»، وبهدف إعادة استنهاض شعبية معراب
لم تكن جولة رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، في الأشرفية عقب انفجار 4 آب، خطوة تضامنية وتفقدية حصراً. السير في ساحة ساسين، ولو لبضعة أمتار لا غير، أرادها جعجع رسالة الى باقي الأحزاب بأنه ليس واحداً من «كلّن يعني كلّن». يومها، كان ثمة محتجون في وسط بيروت، لكنهم مُنِعوا، وفق ما قالوا، من ملاحقة رئيس القوات وطرده، باستثناء إحدى المواطنات التي أطلّت من شرفتها صارخة في وجهه: «يا مجرم طلاع من هون (…) استقيل». وبالفعل، بدا جعجع على وشك الاستقالة، فقد أعلن من ساحة ساسين أن استقالة نواب القوات «في جيبهم»، مضيفاً إن «الاتصالات جارية مع كل القوى السياسيّة، بهدف تجميع عدد كبير من الاستقالات من المجلس النيابي خلال اليومين المقبلين». كان الموقف مربحاً له وخصوصاً أن من كان يصف الاستقالة بالعمل الساذج، بات يراها ضرورة بعد الانفجار، ولا سيما في أوساط المجتمع المدني. فالمجموعات الرافضة تماماً لانتخابات نيابية مبكرة بالقانون نفسه الذي يعيد الطقم نفسه في غياب أي ائتلاف معارض جدّي يشكّل بديلاً من السلطة، أصبحت في ليلة وضحاها مؤيدة للطرح. لكن ارتباطات رئيس القوات داخلياً وخارجياً، حالت دون إكماله «المفاجأة الكبيرة» التي وعد بها الناس بعد ثلاثة أيام على زيارته الأشرفية، بل زايد على نفسه بالطلب من النواب المستقيلين العودة عن استقالاتهم. وللمرة الأولى، تحدّث البعض يومها عن نزوح قواتي الى بيوت الكتائب وإلى المجموعات المدنية، نتيجة غضب المناصرين وخيبة أملهم. هكذا، قطع جعجع ما كان يمكن أن يجعله وجهاً مقبولاً في أوساط بعض المنتفضين.
فشل خطة جعجع في الإبقاء على قدم له بين المجموعات وقدم أخرى في السلطة، لم يؤثّر فعلياً على جمهوره باستثناء بضع حالات تعدّ على اليد الواحدة، يقول أحد المسؤولين القواتيين. ورغم أن رئيس القوات، «اندسّ» في الانتفاضة الشعبية بعد مضيّ أقل من 24 ساعة على اندلاعها، إذ دعا، يوم 18 تشرين الأول 2019، «محازبي حزب “القوات اللبنانية” ومناصريه للمشاركة بالتحركات الشعبية الجارية وفق منطق هذه التحركات وأجوائها، أي من دون شعارات وأعلام حزبية»، يؤكد المسؤول القواتي أن جعجع لم يكن يعوّل يوماً على «الانضمام الى شارع 17 تشرين»، بقدر ما تتركّز خطته على خلق 17 تشرين خاص به يقوم على «حماية الأمن المسيحي». وذلك تماماً ما دأب على فعله على مدى أشهر، إذ يرابط بعض الشباب على خط عين الرمانة – الشياح يومياً كما لو أنّ خطوط التماس لم تندثر يوماً. فيما يؤثر بعضهم افتعال المشكلات مع المنطقة المجاورة، لفرض وجودهم على الأرض وأمام السكان. الأمر نفسه يتكرر في ساسين. نصب القواتيون خيمة تزامناً مع انفجار المرفأ، الغرض منها بحسب ما يقول مسؤول جهاز الإعلام والتواصل في القوات شارل جبور، «متابعة الأمور الميدانية وتطمين الأهالي ومساعدتهم، كما أنها تلبي متطلبات العمل الذي تقوم به جمعية «ground zero» لإعادة ترميم الشقق المتضررة». فوجود القوات في عين الرمانة والأشرفية «غير مصطنع» وفقاً لجبور، بل هو «امتداد لوجود تاريخي قائم، وذلك أمر بديهي وخصوصاً في عين الرمانة، حيث يشكّل الحزب جزءاً لا يتجزأ من الأهالي، والمنطقة تاريخياً قوات». حجّة لا تستسيغها المصادر العونية. فمشروع معراب أكبر من مجرد عمل إنساني أو حراسة لمنطقة، لكنه تحضير لساعة صفر مفترضة يتم فيها اختلاق حادث أمني على الأرض، فيؤدي الشباب الدور المطلوب منهم وقتذاك. ليس تفصيلاً «تسكير ساحة ساسين عدة مرات منذ الانتفاضة، وقطع أوصال المنطقة بحيث يصبح الخروج منها والدخول إليها مستحيلاً، ولا المشكلات المفتعلة في عين الرمانة وما رافقها من توترات على الأرض وتأجيج للخلافات الطائفية». في خلفية التيار، دور القوات المطلوب أميركياً يقتصر على المنحى الأمني، فيما تستخدم بعض المجموعات المدنية لمآرب أخرى. وحتى اللحظة، نجحت معراب في إعادة تعويم شعبيتها في الأشرفية التي أسقطت مقولة الحزب الشهيرة خلال الانتخابات الماضية بأن «الأشرفية قوات».
«كورونا» في صيدا القديمة: «الموت حق»!
أمس، سجلت في مدينة صيدا أربع وفيات بسبب فيروس «كورونا»، أضيفت إلى خمس وفيات سجلت خلال الأسبوع المنصرم. الموت الذي لم يعد شبحاً فرض حال طوارئ في المدينة، تعمل خلالها البلدية صيدا والجمعيات الأهلية على رفع الوعي تجاه الجائحة التي لا تزال بالنسبة إلى كثيرين مجرد «رشح» لا يحتاج إلى كل «هذه الهيصة»!
«بلدية صيدا مفلسة وتحتاج إلى الدعم. لذلك أعلنت أن المدينة منكوبة بالكورونا لتحصل على الأموال». خلاصة توصل إليها الشاب الذي يعمل في شركة تنظيفات، ما يمكّنه من دخول بيوت المدينة ومحالها بشكل يومي. هو، كالكثيرين من أقربائه وجيرانه في صيدا القديمة، لم يقتنع يوماً بتدابير الوقاية، كارتداء الكمامة أو التعقيم. أمام دكان جارته، يدخل مع آخرين في نقاش حول الجائحة، ينتهي بتباين حاد في الآراء بين موافق ومعترض على وجودها وعلى الوقاية منها. تنفث الجارة دخان نرجيلتها على من حولها قبل أن تقول بثقة: «إنه كريب (رشح) قوي ليس جديداً علينا»، فيما تتبنّى شقيقتها نظرية المؤامرة، إذ إن «المستشفيات تعمد إلى تصنيف المرضى والوفيات كمصابين لتقبض من الدولة أموالاً عن كل حالة»، رافضة، بحدة، «الادعاءات» بانتشار الفيروس. عدّدت أسماء عديدين قيل إن فحوصات الـ PCR التي خضعوا لها جاءت إيجابية، مصرّة على التشكيك في إصابتهم: «عندما انتشر جنون البقر، حظينا بتناول اللحم بسعر رخيص. وعندما شاعت أنفلونزا الطيور، أتخمنا بالدجاج. وعندما حذروا من تلوث البحر، تلذذنا بكل أنواع السمك. ولا نزال بخير». صاحب محل الحلاقة المجاور لا ينكر وجود الفيروس، إلا أنه لم يقتنع بجدوى وضع الكمامة رغم احتكاكه بالعشرات في محل لا تزيد مساحته على مترين. الكمامة، بالنسبة اليه، ليست حلاً. «الحل بالإقفال العام… لكن هذا مستحيل لعدم قدرة الدولة على تأمين معيشة الناس في حال توقفوا عن العمل».
في أحد الأزقة الضيقة التي تشق حواري صيدا البلد، يخرج العجوز من بيته نحو المسجد لأداء صلاة الجماعة، كما اعتاد يومياً. بين بيته والمسجد لا يرى ضوء الشمس الذي تحجبه الأبنية المتهالكة التي يسند بعضها بعضاً و«كابلات» الكهرباء المتشابكة. يتلوى جسده النحيل الذي تلامسه أجساد المارة من حوله. نصحه أحدهم بارتداء الكمامة لأنه يعاني أمراضاً مزمنة. أخرج قطعة بيضاء يميل لونها إلى الرمادي بسبب اتساخها. وضعها على فمه وهو يتمتم: «الكورونا عندي في البيت»، في إشارة إلى الرطوبة التي تأكل الجدران والسقف. سمع العجوز بأن كثيراً من الإصابات في صيدا انتقلت بالعدوى داخل المساجد. «أصلي وأنا جالس على الكرسي في إحدى الزوايا بعيداً عن المصلين»، قال باطمئنان.
تلك «الاجتهادات» لا تقتصر على «العامة» فقط. أحد المخاتير الذين تستعين بهم وزارة الداخلية والجمعيات لرفع مستوى الوعي تجاه الفيروس، يؤكد أن هناك «تضخيماً لأعداد الاصابات، والأرقام أقل من ذلك بكثير». أما الوفيات بسبب كورونا، فربطها بأن «الموت علينا حق. الناس تهاب شهر شباط لاعتقادها بأنه يحصد أرواح العجائز. والآن باتت تهاب كورونا للسبب نفسه. من هنا، تعددت الأسباب والموت واحد»!
يبدو التعامل مع كورونا في صيدا القديمة معقداً. ليس بسبب استهتار البعض بخطورته وبتدابير الوقاية منه فحسب، بل بسبب معوقات بنيوية ومجتمعية تجعل من ضبطه مهمة مستحيلة. على مساحة كيلومترات قليلة، يقيم الآلاف، وسط كثافة سكانية مرتفعة وظروف غير صحية في مساكن ضيقة تضربها الرطوبة بسبب ملاصقتها للبحر. فكيف السبيل إلى تحقيق التباعد الاجتماعي أو الحجر الإلزامي أو الوقائي في مكعبات متراصة؟
تتحاشى السيدة الجالسة في الزقاق التفكير باحتمال إصابتها هي أو ابنها بالفيروس. إمكانياتها البسيطة تسمح لها فقط بارتداء الكمامة. أما في ما عدا ذلك، كالتعقيم والتباعد، فلا قدرة لها عليه. تسكن مع ابنها في منزل كان في الأساس بهواً صغيراً تحت قنطرة سدت جوانبه بالحجارة، فصار منزلاً من غرفة واحدة وحمام. «كل الناس على باب الله. لا أحد يتحمل أحداً»، في إشارة إلى استحالة أن يغادر أحدهما المسكن في حال أجبر على الحجر.
يصعب التقيد بالتدابير الوقائية ليس بسبب الاستهتار فقط، ولكن بسبب الكثافة السكانية والظروف غير الصحية في مساكن متراصّة
في منزل لا تزيد مساحته على سبعين متراً، أصيبت عائلة كاملة بالفيروس. التقط أفرادها العدوى من قريب يسكن بجوارهم ويمضون وقتاً طويلاً معه، ولا سيما في تناول النرجيلة. أحدهم كانت عوارضه الأصعب. «مات وعاش. يبست أطرافه والتهبت رئتاه وارتفعت حرارته، ما استدعى دخوله المستشفى»، قالت والدته. الأخيرة أصيبت أيضاً هي وزوجها وأولادها وكنّتها باستثناء واحد تشدد في الوقاية، لأنه يعاني من مرض. رغم شفائهم، لم تقلع العائلة عن عاداتها القديمة. في يوم العطلة، يتجمعون في المنزل الصغير، يتناولون الطعام والنرجيلة ويتنزهون ويتجوّلون بين الناس أحياناً من دون كمامة، لاعتقادهم بأنه باتت لديهم مناعة ضد كورونا!. أكثر ما آذاهم من تلك الجائحة، ليس انقطاع النفس أو آلام العظام والحرارة، بل تجنّب الجيران والأقرباء لهم حتى بعد شفائهم. «كأننا نعاني من الإيدز»، تشكو الوالدة.
1150 حالة في صيدا
بحسب رئيس وحدة إدارة الكوارث والأزمات في بلدية صيدا، مصطفى حجازي، بلغ عدد الإصابات التراكمي في صيدا وضواحيها 1343 حالة حتى نهاية الأسبوع الماضي. أما مجموع الحالات النشطة، فقد أقفل أمس الثلاثاء على حوالى 1150، فيما الحالات الجديدة التي سجلت في صيدا، خلال الأسبوع الأخير، بلغت 200، في مقابل 41 في مخيم عين الحلوة و 175 في ضواحي صيدا. أما عدد الوفيات منذ بدء الأزمة فقد بلغ 15 شخصاً. يربط حجازي ازدياد العدد باستهتار الناس واستمرارهم في ممارسة أنشطتهم الاعتيادية من العمل إلى المناسبات الاجتماعية وارتياد المطاعم والملاهي الليلية. ولفت إلى أن الشرطة البلدية لا تملك صلاحية لضبط المخالفات وإجبار الناس على الالتزام، لكن يلزمها غطاء ومؤازرة من الأجهزة الأمنية.
محجورون… وعائدون من الحجر
في غرفة نوم بناتها الثلاث، تمضي منى (50 سنة) فترة حجرها الإلزامي بعد تشخيص إصابتها بكورونا قبل أيام قليلة. بين الغرفة الصغيرة والحمام المجاور، تنعزل في البيت المؤلف من طبقتين، تقيم فيه مع أسرتها وعائلة زوجها. حتى الآن، لم يثبت إصابة أحد من المقيمين معها، رغم أنهم يشتركون في جميع الأنشطة، من تناول الطعام إلى السهرات. أسرتها التي نجت من عوارض الجائحة، تعاني من الإرباك بسبب غياب ربة المنزل. «العائلة كلها عاجزة والبيت مخروب»، تقول في اتصال مع «الأخبار». شقيقتها تؤمن لها الأطعمة الكفيلة برفع مناعتها كالفواكه المجففة وشوربة الخضر. أما زوجها، فيعمل على توفير حاجياتها ويضعها أمام الباب.
لكنّ سنية (22 عاماً) لم تحمل هم تدبير أمور منزلها بعد إصابتها بالفيروس. لم تغادر غرفتها التي تسكنها بمفردها في الأساس. في بداية الحجر الذي استمر 11 يوماً، شعرت بأنها مسجونة في زنزانة ضيقة، قبل ان تبدأ باكتشاف غرفتها وأغراضها التي لم تنتبه إلى كثير منها «لأنني كنت أمضي معظم الوقت خارج المنزل بين عملي والتنزه والسهر». أبرز ما أعادت اكتشافه، آلة الرياضة التي كان قد علاها الغبار. مارست الرياضة والرقص وأمضت وقتاً في الغناء ومشاهدة الأفلام. والمهم أنها امتلكت وقتاً كافياً لمراسلة أصدقاء وأقرباء انقطعت عنهم منذ مدة طويلة. لكنها اشتاقت إلى «الكزدورة» بين غرفتها والبراد الذي كانت تقصده بقدر حبّها للطعام. بعد التثبت من شفائها، تحرّرت من سجنها الصغير لتخرج إلى السجن الكبير. «بعض أصدقائي تجنّبوا رؤيتي بعد شفائي لأكثر من أسبوعين».
الإمارات ليكس – تابع: هكذا أرادت أبو ظبي أسرلة اليمن
وثائق مِن زمن علي عبد الله صالح: هكذا حاولت الإمارات جرّ اليمن إلى التطبيع
تبدو الإمارات مثل طبقات سميكة من القشور، ما إن تُزٍل واحدةً حتى تتكشّف أخرى، بلا نهاية! هذا ما قد يُستنتج من متابعة الدور الذي لعبته أبو ظبي في تطبيع العلاقات بين دول خليجية وكيان العدو. دورٌ تضاف إليه، من بين مهمّات الإمارات العديدة، محاولة جرّ اليمن إلى المستنقع نفسه. كيف لا وهي البيت المضيف لصديق محمد بن زايد الإسرائيلي، الذي عمل على ذلك بصمت منذ ثلاثين عاماً؟ «الأخبار» اطّلعت على وثائق سرّية تمثّل دليلاً على تورّط أبو ظبي في ما كان يُحاك لليمن
«المعركة اليوم هي معركة مصيرية، والوقوف في وجه العدوان هو وقوف في وجه المخطّطات الإسرائيلية». بوضوحٍ غير قابل للتأويل، ربط المتحدّث باسم القوات المسلحة اليمنية، يحيى سريع، قبل يومين، العدوان الذي تقوده السعودية منذ خمسة أعوام على بلاده، بإسرائيل. لعلّ في كلام العميد اليمني، هذه المرّة، ما هو أبعد بكثير من قراءة المؤشّرات الدالّة على اتباع جيش آل سعود، وحلفائهم، استراتيجيات عسكرية ابتكرها جيش العدو الإسرائيلي خلال حروبه على الفلسطينيين وشعوب المنطقة، عمادها إبادة المدنيين العزّل، وسحق عمران بلادهم وحضارتهم، ونسف كلّ الأوجه الضامنة للحياة الكريمة لهم، بشكلٍ ممنهج ومستمر كما تفعل السعودية باليمنيين؛ إذ أعلن سريع امتلاك القوات اليمنية «أدلّة على المشاركة العسكرية الإسرائيلية في العدوان على اليمن»، مؤكداً أنه «سيُكشف عنها في الوقت المناسب».
اللافت في الحديث المتقدّم ليس امتلاك أدلّة عليه فقط، بل في أن توقيته يتزامن مع تظهير الحلف بين كيان العدو وبعض دول الخليج، وفي مقدّمتها الإمارات. وفي هذا الإطار، اعتبر سريع أن «تطبيع العلاقات بين أنظمة وسلطات دول العدوان وبين الكيان الإسرائيلي المشارك في العدوان على بلادنا يؤكد أننا بالفعل في الموقف الصحيح»، ليعود ويحذّر، بناءً على وثيقة سرّية، من خطرٍ يُهدّد الأمن القومي اليمنيّ من جرّاء مشروعٍ إسرائيلي لإعادة توطين عشرات آلاف الإسرائيليين في اليمن.
طلب وفد «هيئة التراث اليهودية» إعادة تجنيس عشرات آلاف الإسرائيليين بالجنسية اليمنية
الإسرائيليون الذين يحذّر منهم العميد، اعتُبروا حتى خمسينيات القرن المنصرم جزءاً من النسيج الاجتماعي اليمني، قبل أن تنشط الوكالة الصهيونية في تهجيرهم من صنعاء إلى تل أبيب (كانت آخر دفعة هجّرتها إسرائيل، في عملية سرّية، من اليمن، عام 2017)، ليصبحوا جزءاً لا يتجزّأ من المجتمع الإسرائيلي. وعلى رغم الظلم الذي لحق بهم من قِبَل السلطات الإسرائيلية، وفي مقدّمة وجوهه بيع أكثر من 5000 آلاف من أطفالهم للتبنّي للعائلات الإشكنازية والأميركية، ومعاملتهم أقلّ من أقرانهم اليهود الغربيين، إلا أن أبناءهم انخرطوا في جيش العدو، وسرعان ما تحوّلوا إلى مواطنين إسرائيليين وشركاء فعليين في قتل الفلسطينيين والعرب.
إذاً ما تفاصيل هذه القضية؟ ولماذا كشف عنها العميد سريع الآن فقط؟ ألأن الوثيقة التي تحدّث عنها وصلت إلى أيدي القوات اليمنية مؤخراً؟ أم لأن ثمّة ارتباطاً مباشراً بين إعلان التطبيع، وتنفيذ هذا المشروع الذي هو ليس إلّا حلقة في سلسلة من المشاريع التي تستهدف اليمن وأمنه؟
«عين» الإمارات في صنعاء
اطّلعت «الأخبار» على وثيقتين سرّيتين: الأولى تحدّث عنها العميد سريع في خطابه الأخير، وهي صادرة عن سفارة دولة الإمارات في صنعاء؛ والثانية عبارة عن برقيّة مرسَلة من قِبَل جهاز الأمن القومي اليمني إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وفي التفاصيل، تحمل الوثيقة الأولى الرقم 1/1/4-11، وهي مؤرّخة بتاريخ 3/3/2004، ومرسَلة من سفير الإمارات لدى اليمن، حمد سعيد الزعابي، إلى وكيل وزارة الخارجية الإماراتية. وفيها يفيد السفير بأنه «زار اليمن مؤخراً وفدُ هيئة التراث اليمني اليهودية، والتقى العديد من المسؤولين اليمنيين، بِمَن فيهم الرئيس علي عبد الله صالح». ويتابع أنه «تأتي زيارة الوفد المكوّن من يحيى مرجى من يهود إسرائيل، وإبراهيم يحيى يعقوب من حاملي الجنسية الأميركية، وسليمان جرافى، في إطار الجهود الصهيونية للتطبيع بين الدولة اليهودية واليمن». ويذكر أن الوفد تَقدّم بعدّة مطالب للمسؤولين اليمنيين شملت : «1- بناء متحف للتراث اليهودي في صنعاء. 2- تسوير قبر الشبزى، وهو أحد حاخامات اليهود في تعز. 3- تسوير مقابر اليهود في عدن ورادع ومختلف المناطق التي عاش فيها اليهود. 4- إعادة تجنيس 45 ألف يهودي من إسرائيل، و15 ألف أميركي يهودي بالجنسية اليمنية. 5- إنشاء معبد ومدرسة في ريدة». ووفقاً للسفير الإماراتي، فإن “هيئة التراث اليمنية” بعثت برسالة إلى رئيس الوزراء اليمني، تطلب فيها «بناء المتحف، موضحة أهميته وأسبابه، وحتى الآن لم يرد رئيس الوزراء على الطلب منتظراً ربّما تعليمات من الرئيس». وللدلالة على العلاقة التي كانت تربط بين الهيئة والمسؤولين اليمنيين السابقين، ولا سيما الرئيس، تلفت الوثيقة إلى أن «الرئيس صالح وعدهم ببناء المعبد والمدرسة في ريدة، وهي البلدة التي ولد فيها أبراهام، واستطاع أن يبني فيها فيلا أثناء زياراته لليمن، كما بنى أخ له اسمه سليمان، المقيم بإسرائيل، فيلا كذلك». إضافة إلى صالح، «التقى هؤلاء بنائب وزير الداخلية اليمني، اللواء مطهر المصري، الذي استقبلهم بحفاوة بالغة، ويبدو أنه على معرفة سابقة بهم، وذكر أنه سبق له أن زار إسرائيل بناءً على ترتيب منهم». كما «التقوا قائد المنطقة الشمالية – الغربية ورئيس مصلحة الجوازات، العميد علي محسن الأحمر، وطلب منه يحيى مرجى أثناء المقابلة تجنيس أولاده وأمهم المقيمين بإسرائيل». لا توضح الوثيقة سبب اهتمام السفير الزعابي بهذا اللقاء، وإن كان الهدف منه إطلاع وكيل وزارة الخارجية على الدور الذي يراد لصنعاء أن تلعبه في إطار ما سمّاه «التطبيع اليهودي اليمني»، والذي يندرج ضمن «مخطّط أكبر ترسمه الولايات المتحدة للمنطقة».
برقية جهاز الأمن القومي اليمني: بروس كاشدان قال إن مكان إقامته شبه الدائم في دبي
مع ذلك، ثمّة تفاصيل لافتة تَرِد في الوثيقة الثانية ربما تُفسّر ذلك الاهتمام؛ فتحت عنوان «سرّي للغاية»، يرسل رئيس جهاز الأمن القومي اليمني، علي محمد الآنسي، إلى الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، برقية يعود تاريخها للعام 2007. أمّا موضوعها فهو : «المدعو / بروس كاشدان – المستشار الخاص لوزير الخارجية الإسرائيلي». وفيها يشير الآنسي إلى أنه «يودّ الجهاز أن يطلع فخامتكم بأن المذكور (كاشدان) زار بلادنا من 14/7/2007-16/7/2007 وأنه قد تمّت متابعة زيارته من قِبَل الجهاز بناءً على توجيهاتكم الرشيدة بتاريخ 2/2/2005 والتي تقضي بالانتباه عند تكرار زيارته إلى بلادنا». بحسب هذه البرقية، فإنه «خلال هذه الزيارة، عرّف المدعو/ كاشدان عن نفسه أثناء اللقاء (مع مسؤولين يمنيين بينهم أقرباء الرئيس صالح) بأنه يعمل مستشاراً خاصاً لوزير الخارجية الإسرائيلي، وأن مكان إقامته هو في دبي، وأنه يعتبر منسّقاً بين الحكومة الإسرائيلية وحكومة دبي. كما أشار إلى أنه يتنقّل في العديد من دول المنطقة، ومنها السعودية واليمن وجيبوتي، تحت غطاء رجل أعمال، وأنه يحمل جواز سفر أميركياً». وردّاً على استفسار حول دور كاشدان في اليمن، كان قد تَقدّم به وكيل جهاز الأمن القومي لقطاع العمليات الخارجية، العقيد عمار محمد عبد الله صالح، خلال اللقاء، أجاب الأول بأن «نشاطه في الجمهورية اليمنية لا يزال محدوداً جداً، وذلك بسبب تحفّظ الحكومة اليمنية على علاقاتها بإسرائيل، مشيراً إلى أنه قد التقى بالعديد من الشخصيات السياسية، مثل عبد الكريم الإرياني، وبعض المسؤولين في وزارة التخطيط، كما أنه التقى أيضاً بالعديد من رجال الأعمال اليمنيين». أمّا بالنسبة إلى الأهداف التي رغب كاشدان في تحقيقها من خلال زياراته المتكرّرة لليمن، فهي بحسب الوثيقة: «توسيع النشاط الاقتصادي الإسرائيلي في اليمن، والذي بدوره سيدير العجلة السياسية لاحقاً». إضافة إلى ذلك، يشير الآنسي إلى أن كاشدان «يرغب في تعزيز التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، وضمان أمن البحر الأحمر. وكذلك في المجال العسكري في تطوير وتحديث المعدات العسكرية وخفر السواحل. وأيضاً في المجال الزراعي والمياه». على هذه الخلفية، قَدّم جهاز الأمن القومي، في البرقية ذاتها، عدداً من التوصيات للرئيس؛ ومن بينها «الاكتفاء بالمقابلة التي عُقدت بين وكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية وكاشدان، وعدم عقد أيّ مقابلات معه بصفته مستشار وزير الخارجية الإسرائيلي، من أيّ جهة رسمية داخل بلادنا»، إضافة إلى «حصر مسألة التعامل الإسرائيلي مع بلادنا في إطار العلاقات غير الرسمية بين المذكور والشخصيات التي تَعرّف عليها من مواطني بلادنا، ورصد هذه اللقاءات والتحركات بدقّة ومتابعتها استخبارياً وتوثيق الأدلّة المتعلقة بها أولاً بأول».
مع ذلك، لم يكن رأي جهاز الأمن القومي اليمني حاسماً في شأن تطبيع العلاقات مع كيان العدو؛ إذ أوصى الرئيس صالح بـ«دراسة أوجه التعاون التي اقترحها المذكور من حيث إيجابياتها وسلبياتها ومدى خدمتها لصالح بلادنا وتأثيرها على مصالحها للخروج برؤية استراتيجية، وفقاً لما تقدّم، مع تحديد نقطة التواصل مع المذكور في محل إقامته شبه الدائمة في دبي، إذا ما تمّ تحديد أيّ تعاون مستقبلي حول ما ذُكر».
إذاً، تتقاطع الوثيقتان عند كون الإمارات لعبت دوراً مهمّاً في إطار محاولة تطبيع العلاقات بين العدوّ واليمن، والدليل على ذلك يبرز في الاهتمام الذي أبداه السفير الإماراتي لدى صنعاء بزيارة “هيئة التراث اليهودية” إلى اليمن، وفي استضافة الإمارات، كاشدان، «بطل» تطبيع العلاقات الإسرائيلية – الخليجية، على أراضيها، منذ سنوات طويلة سبقت أصلاً زيارته لليمن!
اللواء
تيار العهد يهدر الوقت .. ونفاذ إحتياطي«المركزي» يهدّد بكارثة مدمّرة!
الدولار على عتبة 10.000 ليرة.. وعداد الكورونا يقترب سريعاً من 50 ألف إصابة
بعد نحو من إثني عشر يوماً من تقديم الرئيس المكلف مصطفى أديب اعتذاره، وإعلان بعبدا ان الرئيس ميشال عون قبله بقي الترقب سيّد الموقف، فتراخت صفة العجلة عن إنجاز تأليف حكومة جديدة، وثابر الفريق الحاكم، يوزع المواعظ، ويحدد المسؤوليات في ما خص ترنح مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون، ويعزي السبب، لا إلى الإدارة الخاطئة أو الضالة لهذا الفريق، واعتبار ان المشكلة تكمن في سعي تيّار المستقبل إلى فرض اعراف جديدة في التكليف والتأليف، اما مباشرة، أو عبر نادي رؤساء الحكومات السابقين، بهدف الاستئثار بالسلطة، وكذلك تكمن في سعي «الثنائي الشيعي» إلى فرض اعراف جديدة، عبر المطالبة بوزارة المال، والتمسك بتسمية الوزراء العائدين للشيعة، أو كتلتي «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة».
ولاحظت مصادر سياسية، ان التيار الوطني الحر، الذي يستعد للاحتفال بذكرى 13 ت1، يعيش حالة من الانفصام عن الواقع، عبر إعلان الشيء ونقيضه، عبر اقتراح الاتفاق على كل شيء، قبل تسمية الرئيس المكلف، ثم تحديد مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليفه بمرسوم رئاسي لتأليف الحكومة.. من غير ان يعبء بالمخاطر المحدقة عن التأخير لجهة المخاطر المحدقة برفع الدعم عن المحروقات والدواء والخبز، والتي يلوّح بها المصرف المركزي، إذ ان كل يوم يمضي من دون الوصول إلى حل أو إصلاحات، يخسر المركزي المزيد من احتياطي العملات الصعبة، فمؤسسة كهرباء لبنان تحتاج إلى مليار دولار لاستيراد الفيول في الشتاء، حسب تحقيق «للاندبندنت» البريطانية.. ولا قدرة للحصول عليه من أية جهة..
وكان الدولار مضى صعوداً أمس فبلغ سقف الـ9000 ليرة لبنانية.
وأمس ضخت دوائر بعبدا معلومات تتعلق بأمرين: الأوّل يتعلق باستبعاد تعويم الحكومة المستقيلة، التي تصرف حالياً الأعمال.. والثاني يتصل بأن الرئيس وانطلاقاً من صلاحياته، يستعد لحسم امره، وتحديد مواعيد الاستشارات الملزمة، وربما يتجه إليه لاجراء مشاورات مع رؤساء الكتل النيابية، مع العلم ان «داتا المعلومات» متوفرة من جولة المشاورات الماضية، وان الكتل ما زالت هي هي، والوقائع هي هي.. وبالتالي فلا جديد تحت شمس الأجوبة، وفقاً لمصادر نيابية متابعة.
لكن مصادر سياسية كشفت ان كل ما يقال عن التحضير للدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة، ليس صحيحا، بل يهدف الى محاولة التغطية عن عجز الرئاسة الاولى المناط بها دستوريا تحديد موعد الاستشارات واستقطاع الوقت دون جدوى ، تارة من خلال القول بوجوب حصول توافق مسبق على اسم الرئيس الذي سيكلف وتارة اخرى بالتفاهم على شكل وتركيبة الحكومة، وكل ذلك مخالف لنص الدستور ولا يبرر التاخير المتواصل بالدعوة للاستشارات فيما البلاد تغرق الى قعر الهاوية.
البناء
حردان للأسد: لا تزال سورية تواجه بقوة الحق منذ حرب تشرين المستمرّة بوجه الإرهاب والتطبيع
استحقاق التفاوض حول الترسيم بعد أسبوع يسابق استحقاقَيْ التكليف والتأليف
ميقاتي غير مرشّح دون أن يسمّيَهُ الحريري… غير المرشح… ولن يسمّي أحداً
كتب المحرّر السياسيّ
يقع احتفال سورية في ذكرى حرب تشرين 1973 في توقيت سوري وعربي تتأكد فيه أهمية الإنجاز الذي كتبته دماء الضباط والجنود الذين اجتازوا ببطولة وشجاعة تحصينات جيش الاحتلال، وصاغته إرادة وعزيمة جسدهما الرئيس الراحل حافظ الأسد القائد الفعليّ لهذه الحرب التي ظهرت صورة الثقة بالجيوش التي هزمها سوء الإدارة عام 1967، فاستردّت معادلة الصراع مع كيان الاحتلال قدراً كبيراً من التوازن، سواء في القدرة على اتخاذ قرار الحرب أو شنّ الحرب أو تحقيق الإنجازات فيها، بما أسّس لإنجازات زمن المقاومة التي حققت الانتصارات وألحقت الهزائم المتتالية بجيش الاحتلال، بينما واصل كيان الاحتلال محاولات محو آثار إنجازات تشرين، سواء عبر اللجوء إلى حروب الإرهاب كبديل يعوّض عجز جيشه عن تحقيق الانتصارات، أو عبر اجتياح الدول النفطيّة وفي مقدمتها الخليج لتحويل النفط الذي كان سلاحاً استراتيجياً في مواجهة الكيان في حرب تشرين، إلى سلاح معاكس في زمن التطبيع.
هذه المعاني تضمّنتها برقية التهنئة بذكرى الحرب التي وجهها رئيس الكتلة القومية في مجلس النواب اللبناني النائب أسعد حردان للرئيس السوري بشار الأسد، معتبراً أنّ سورية تخوض حرب تشرين ثانية في حربها مع الإرهاب، وأنّ سورية تواصل الإنجاز بقوة الحق في وجه محاولات فرض “القوة” في زمن التطبيع والإرهاب.
في الداخل اللبناني يسابق استحقاق انطلاق الجولة الأولى لترسيم الحدود البحرية للبنان، استحقاقَي تكليف رئيس جديد لتشكيل الحكومة وتأليف حكومة جديدة، فيما تُجمع القيادات السياسية والنيابية، على أهميّة مضاعفة لوجود حكومة تحمي ظهر المفاوض العسكريّ اللبنانيّ الذاهب لتفاوض غير مباشر صعب ومعقّد وشائك، بمثل الأهميّة المضاعفة لتكون الحكومة، وفقاً لمصادر متابعة للملف الحكومي في الغالبية النيابية، تعبيراً عن الوحدة الوطنيّة اللبنانيّة بما يضمن شراكة أوسع ألوان الطيف السياسيّ فيها، بعدما أضيف إلى مهام الحكومة، بل بعدما تصدّر هذه المهام، دور الحكومة في رعاية التفاوض الذي يشكل بذاته مسألة سياسية شائكة ومعقدة، لا يمكن أن تلبي شروط توليها حكومة تكنوقراط مهمتها الإصلاحات الاقتصادية حصراً، كما كان هو الحال مع انطلاق المبادرة الفرنسية، بما أعاد إلى الواجهة الصيغة الأولى للمبادرة الفرنسية بالدعوة لحكومة وحدة وطنية، وفقاً للمشاورات التي جرت بين العديد من القوى السياسية المعنية بالملف الحكومي والكتل النيابية الكبرى، بما جعل خيارات مثل حكومة اللون الواحد مستبعَدة، وجعل نقطة البداية الحكومية عند الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، لانطلاق مسعى توافقي يجمع المعنيون أنه هو المطلوب، ويبدو الرئيس الحريريّ مستقيلاً من دوره المرجعيّ، بعدما استنفر هذا الدور المرجعيّ في وجه حكومة الرئيس حسان دياب، وفي مواكبة مشاورات الرئيس المكلّف مصطفى أديب الذي اعتذر عن المهمة قبل أسبوع، ويقول اليوم إنه غير مرشح ولن يسمّي أحداً.
المبادرة الوحيدة التي عاشت في التداول لأيام قليلة كان مصدرها الرئيس السابق نجيب ميقاتي بالدعوة لحكومة تكنوسياسية عشرينية، مضيفاً لمن سألوه حول فرضية توليه مهمة قيادتها كرئيس مكلّف، أنه يرشح الحريري للمهمة، وإذا اعتذر عنها الحريري فهو لن يقبل المهمة من دون أن يقوم الحريري بتسميته.
حردان: سورية ستبقى رأس حربة المواجهة
أكد رئيس الكتلة النيابية القومية الاجتماعية النائب أسعد حردان أن سورية بخياراتها القومية المقاومة ستبقى رأس حربة في مواجهة العدوان مهما تعاظمت التحديات.
موقف حردان جاء خلال برقية تهنئة وجهها إلى رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد، في ذكرى حرب تشرين التحريرية.
وجاء في البرقية: «باسمي وباسم الكتلة النيابية القومية الاجتماعية، أقدّم لسيادتكم التهاني بذكرى حرب تشرين التحريرية، التي خاضها الجيش العربي السوري بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد رحمه الله، والتي شكّلت محطة فاصلة في تاريخ الصراع، وأنتجت معادلة جديدة عنوانها رسوخ قوة الحق بمواجهة «حق» القوة، والتأكيد على الارادة المصممة لتحرير كل شبر من تراب بلادنا السورية. وكلّي ثقة بأن قيادتكم الحكيمة والشجاعة لنهج الصمود والمقاومة، والتشبث بمبادئ السيادة والكرامة، إنما تقود شعبنا إلى تثبيت حقه وحقيقته في مواجهة الاحتلال «الاسرائيلي» والارهاب والاستعمار».
وأضاف حردان: «إن سورية تخوض منذ تسع سنوات ونيّف، حرب تشرين ثانية ظافرة ضد الارهاب ورعاته، وقد أثبتت للعالم أجمع، بأنها أقوى وأصلب وأمنع من أن تهتز أمام حجم التحديات التي تتعرض لها، وبأنها عصية على كل محاولات التطويع والحصار وآفات التطبيع. وإنّ سلسلة الانجازات والانتصارات التي حققها جيشنا الباسل على مدى السنوات التسع الماضية، هي استعادة للإنجازات والانتصارات التي حققها في حرب تشرين التحريرية».
وتابع: إنّ سورية بقيادتكم، تسجّل وقفات عز مشرّفة، بالثبات على مواقفها ومبادئها وباحتضان ودعم المسألة الفلسطينية ومقاومتها البطلة وكل قوى المقاومة في أمتنا التي تقاوم الاحتلال والإرهاب. وسورية بخياراتها القومية المقاومة، ستبقى رأس حربة في مواجهة العدوان، مهما تعاظمت التحديات. وإن تهافت بعض الأنظمة العربية للتطبيع مع العدو الصهيوني، والانصياع بالكامل للإملاءات والشروط والمشاريع الأميركية ـ «الاسرائيلية»، لن يثنيا سورية عن حمل قضية فلسطين والأمة. « كما وجه حردان تحية اكبار للجيش العربي السوري وشهدائه الأبطال، ولكل شهدائنا الأبرار، وأكد عهد الوفاء والثبات على مواصلة مسيرة المقاومة حتى بلوغ النصر والتحرير. لأننا نؤمن بأن فينا قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ.. وقد فعلت».
الاستشارات مطلع الأسبوع
ولم يسجل الملف الحكومي أي مستجدات باستثناء عزم رئيس الجمهورية ميشال عون الدعوة إلى الاستشارات النيابية مطلع الأسبوع المقبل لتكليف رئيس جديد للحكومة فيما لم تتضح مواقف الكتل النيابية ولا الرئيس سعد الحريري ولا نادي رؤساء الحكومات السابقين الذين يعتصمون بالصمت إلا الرئيس نجيب ميقاتي الذي رمى مبادرته في سوق التداول السياسي والحكومي ولم تصدر منه مواقف جديدة على هذا الصعيد. كما لم يعرف ماذا يحضر رئيس المجلس النيابي نبيه بري من مساعٍ وأفكار ومبادرات لحلحلة العقد التي برزت خلال مرحلة تكليف السفير مصطفى أديب.
وأفادت مصادر متابعة للملف الحكومي أن الرئيس عون يتجه إلى اتخاذ قراره قبل نهاية الأسبوع لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة الأسبوع المقبل.
وبحسب المصادر، فإذا كانت تسمية رئيس الحكومة المكلف عند رؤساء الحكومات السابقين، وفي ظل طرح ميقاتي الذي لم يقابله أي اعتراض، بما أن الترشيح سيكون منهم، يكون ميقاتي أحد الأسماء المرجّحة. وسألت المصادر: هل سيرشح رؤساء الحكومات السابقون اسم رئيس الحكومة المكلف أم رؤساء الكتل؟ وإذا كانت كرة التسمية عند رؤساء الحكومات، فهل ما زالوا متفقين أم أصبح هناك تباعد بينهم ظهر في بيان ثلاثة منهم (السنيورة وميقاتي وسلام) عقب اعتذار مصطفى أديب من دون الحريري الذي كان له بيان منفرد، كما ظهر ذلك بذهاب الثلاثة الى الكويت للتعزية وبذهاب الحريري بمفرده؟
وأكدت المصادر أن موضوع تعويم حكومة الرئيس حسان دياب غير مطروح ومن الأفكار المطروحة أن يقوم الرئيس عون بمشاورات سريعة من خلال بعض الاتصالات تمهيداً للاستشارات النيابية.
ودعا اللقاء التشاوري خلال اجتماعه أمس، الى تشكيل حكومة لا تثير الهواجس أولويتها الواقع الاقتصادي والإصلاحات، مشيراً الى أن إعلان اتفاق الاطار لترسيم الحدود لا يعني التطبيع مع العدو الإسرائيلي.
ولفتت مصادر مطلعة في قوى الأغلبية النيابية لـ»البناء» إلى أن «الأغلبية لم تتلقَ أي اقتراحات جدية حتى الساعة وكل ما يرمى في الإعلام ليس سوى محاولات لجس النبض ورصد ردّات الفعل وبالتالي الأمور تراوح مكانها ولم تلحظ أي تقدّم في ظل المشاورات التي تجريها الكتل النيابية كل على حدة لا سيما ثنائي أمل وحزب الله مع الحلفاء استعداداً لتظهير موقفها بعد دعوة رئيس الجمهورية الكتل للاستشارات الملزمة»، لكن بحسب المصادر فإن رئيس الجمهورية سيجري مروحة مشاورات مع القوى السياسية قبيل الدعوة إلى الاستشارات الملزمة، واستبعدت مصادر «البناء» نجاح مبادرة الرئيس ميقاتي إذ لا توافق حوله من نادي رؤساء الحكومات قبل معرفة ما إذا كانت قوى الأغلبية النيابية توافق أم لا، خصوصاً أن الرئيس الحريري يرفض الترشح حتى الساعة بحسب مصادر مستقبلية ويرفض أيضاً تسمية أحد، فهل ستسمي قوى الأغلبية ميقاتي بلا موافقة الحريري؟ وهل يترشح ميقاتي أصلاً بشكل منفرد عن الحريري ونادي رؤساء الحكومات السابقين علماً أنه وبحسب مصادر «البناء» فإن الثنائي أمل وحزب الله «يفضل الحريري في رئاسة الحكومة على أي اسم آخر لسبب أن وجوده في هذا الموقع يضمن أمرين أساسيين: تغطية المراجع السياسية والطائفية في الطائفة السنية حوله ويفتح نافذة على المجتمع الدولي».
ودعت المصادر إلى عدم انتظار الانتخابات الأميركية وعدم ربط الملف الحكومي بهذا الاستحقاق لسبب بسيط وهو أن مرحلة الانتخابات وانتقال الحكم والوصول إلى الاستقرار في الولايات المتحدة يمكن أن يمتد الى شباط المقبل إذا فاز المرشح جو بايدن؛ وهذا في حالة حصول انتخابات، فماذا لو لم تحصل في ظل الوضع الصحي الخطير لترامب والانقسام السياسي والاجتماعي في الولايات المتحدة وخطر الانزلاق إلى الحرب الأهلية وتطيير الانتخابات، بحسب ما يتخوف محللون وخبراء بالشأن الأميركي. وتراهن مصادر سياسية على تحريك ملف ترسيم الحدود وانطلاق المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والعدو الاسرائيلي في أن يدفع الملف الحكومي قدماً ويسهل العقدة التي تعترض ولادة الحكومة والمتمثلة بواشنطن والسعودية.
وتترقب الأوساط السياسية الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى لبنان في 29 الشهر الحالي حيث سيلتقي المسؤولين اللبنانيين.
مفاوضات الترسيم
وتتجه الانظار إلى مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي منتصف الشهر الحالي ومن المتوقع أن يتناول الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هذا الملف في اطلالته مساء اليوم. فيما اشارت مصادر «البناء» الى ان كلمة السيد نصرالله سيغلب عليها الطابع الديني وطبيعة المناسبة من دون التطرق الى الملفات السياسية التفصيلية باستثناء ملف الترسيم الا اذا حصلت مستجدات حتى مساء أمس تفرض نفسها على جدول كلمة السيد. وبحسب المعلومات فإن الوفد اللبناني عبارة عن لجنة عسكرية فيها خبيران في تقنيات ترسيم الحدود وآخر قانوني ستتولى مفاوضة العدو الإسرائيلي برعاية الأمم المتحدة ووساطة مسهلة من واشنطن.
وأعلنت الأمم المتحدة أمس، أن «المحادثات اللبنانية الإسرائيلية المزمع عقدها منتصف تشرين الاول في بلدة الناقورة ستكون بحضور الوفدين في قاعة واحدة».
وتشير مصادر قانونية الى ان مفاوضات ترسيم الحدود سيحصل وفق القانون الدولي (قانون البحار) الذي يشجّع على مفاوضات مباشرة او غير مباشرة برعاية أممية لحل النزاعات الحدوديّة بالطرق السلمية وبالتالي لا تعتبر مفاوضات سياسية لعقد اتفاقية أبعد من ترسيم الحدود البحرية. واوضحت ان نتائج المفاوضات ستعرض على مجلس الوزراء وعلى مجلس النواب اذا كانت لها مفاعيل ومترتبات مالية.
باخرة «جاغوار اس»
أما في ملف باخرة البنزين «جاغوار اس» التي تم توقيفها قبالة منشآت الزهراني، بناء على اشارة النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان كما اوقف كل من الوكيل البحري لباخرة «jaguar s» وقبطانها على ذمة التحقيق، وذلك على خلفية دخول الباخرة المياه الاقليمية اللبنانية قبالة الزهراني جنوب لبنان وهي محملة بمادة البنزين، حيث تبين انها لم تأتِ بناء على طلب أي جهة رسمية او اي شركة خاصة.
وبحسب المعلومات، فإن التحقيقات في قضية باخرة البنزين المحجوزة قبالة الزهراني تتركز حول ما اذا كانت بواخر سابقة زورت المانيفست للإيهام أن وجهتها لبنان.
وكان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم وصل الى قبرص، حيث أجرى مباحثات ثنائية مع وزير الداخلية القبرصي حول ملف المهاجرين غير الشرعيبن وقضايا الهجرة واللجوء غير الشرعيين. وأشارت وسائل الإعلام القبرصية الى ان وزير الداخلية القبرصي نيكوس نوريس، عقد اجتماعاً ثنائياً مع اللواء ابراهيم ناقشا خلاله تعاون البلدين في إدارة تدفقات الهجرة وقضايا أمنية مشتركة.
تحقيقات مرفأ بيروت
على صعيد قضائي آخر، أحالت النيابة العامة التمييزية الى المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان التحقيقات التي أجرتها السلطات القضائية الأردنية بموضوع الباخرة «روسوس» التي حملت مادة «نيترات الأمونيوم» الى مرفأ بيروت، وذلك بعد أن أرسل النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات استنابة دوليّة طالباً فيها من السلطات الأردنية التحقيق مع الأشخاص الذين ساهموا ببقاء «روسوس» في ميناء بيروت وتعرضها لأضرار منعتها من المغادرة. وتبين أن النائب العام في عمان استمع الى إفادات جميع الأشخاص المعنيين بالملف. وبالتزامن، تنتظر النيابة العامة رداً من السلطات المعنية في الموزمبيق على الاستنابة الدولية التي أرسلتها التمييزية في الملف عينه.
كما استمع القاضي صوان الى إفادتي شاهدين، هما مسؤولان في قسم البارود في وزارة الداخلية، على ان يستمع اليوم وغداً الى خبيرين كيميائيين وخبيري متفجرات وخبير مفرقعات بصفة شهود.
رفع الدعم والبطاقة التموينيّة
في غضون ذلك، تتفاقم الأزمات المعيشية والاجتماعية بشكل تدريجي في ظل توجه المصرف المركزي الى رفع الدعم عن السلع الأساسية كالمحروقات والأدوية والقمح وسط توقعات لخبراء اقتصاديين أن يؤدي ذلك الى انفجار اجتماعي لا حدود له هذه المرة، مشيرين لـ»البناء» الى أنه اذا كان رفع تعرفة الواتسآب فجر انتفاضة 17 تشرين الماضي فماذا سيكون عليه الحال إذا تمّ رفع الدعم؟ لكن مصادر «البناء» أوضحت الى أن الدعم سيرفع ضمن شروط وضوابط وتأمين بدائل للمواطنين لتخفيف حدة الأزمة وأهم هذه الضوابط رفع تدريجي وليس دفعة واحدة واعتماد البطاقة التموينية للسلع الأساسية والمحروقات. وطرح خبراء آلية فرز السيارات من مصلحة تسجيل السيارات بين السيارات المسجلة على أسماء شركات وهذه ترفع عنها الدعم بالمحروقات والسيارات المسجّلة باسم أفراد تمنح شرائح دعم كما يمكن الفرز على اساس نوع السيارة وثمنها. وأوضحت مصادر «البناء» أن رفع الدعم ليس من اختصاص مصرف لبنان بل من صلاحيّة الحكومة الحاليّة، كاشفة أن مجلس حاكمية مصرف لبنان أرسل رسالة الى حكومة تصريف الأعمال يبلغه فيها ضرورة رفع الدعم والاتفاق على الآليّات إلا أن رئاسة الحكومة لم تردّ على الرسالة حتى الآن.
وطالب رئيس مجموعة البراكس للبترول جورج البراكس وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، خلال لقائهما، إعادة النظر في جعالة المحطات إذ لا يجوز بقاؤها على معدلها الحالي واقترح رسمياً تشكيل لجنة تضمّ ممثلين عن وزارتيّ الطاقة والاقتصاد، مصرف لبنان، الشركات المستوردة، ونقابة أصحاب المحطات لتنكبّ فوراً على تحضير آلية التعاطي في ما بينها من جهة ومع المستهلك من جهة أخرى، في حال تم رفع الدعم عن المحروقات.
على صعيد صحيّ، أعلنت وزارة الصحة تسجيل 10 وفيات و1261 إصابة جديدة بفيروس كورونا.
المصدر: صحف