وسط تأكيد تراجع تفشي فيروس كورونا المستجد في أوروبا والولايات المتحدة، يتواصل رفع إجراءات العزل عن سكان العديد من دول العالم بسرعات متفاوتة، في حين استعاد سكان إسبانيا السبت فرح ممارسة الرياضة والتنزه.
في مدريد خرج كثير من السكان لممارسة رياضة الجري أحيانا في مجموعات، وكان شرطي بلدية يقول عبر مكبر صوت “أرجو منكم الركض على الأرصفة”. يعيش ماركوس أبيتوا المستشار المالي البالغ 42 عاما في حي شويكا الذي يتسم عادة باجواء احتفالية، وروى أنه استيقظ استثنائيا عند السابعة صباحا وقال “بعد أسابيع من العزل، كنت أرغب كثيرا في الخروج والركض ورؤية العالم، أمس (الجمعة) كنت كطفل عشية عيد الميلاد”.
خوف من الإصابة
المشهد نفسه تكرر في برشلونة على الواجهة البحرية ومدن أخرى في البلاد ما اثار قلق البعض مثل خوسيه انطونيو المتقاعد البالغ 65 عاما والذي قال “اذا اراد الناس أن يصابوا، فليصابوا لكن النتيجة هي انه في غضون 15 الى 20 يوما سيرغموننا على العزل مجددا”.
لكن يفترض احترام فترات زمنية محددة بهدف تجنب الاكتظاظ في الشوارع وكذلك الحفاظ على مسافة آمنة مع الأطفال والمسنين الذين لن يتمكنوا من الخروج أثناء الفترات الزمنية نفسها مع سائر الأشخاص. وأعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز السبت أن وضع القناع سيصبح “الزاميا” في وسائل النقل العام بدءا من الاثنين . مؤكدا أن الحكومة ستوزع ستة
ملايين قناع في أرجاء البلاد كافة وستعطي سبعة ملايين قناع إلى البلديات والمحافظات لتوزعها من جانبها.
وينبغي تخفيف اجراءات العزل الصارمة التي فرضت منذ منتصف آذار/مارس على حوالى 47 مليون إسباني، على مراحل من الآن حتى نهاية حزيران/يونيو، وذلك على غرار دول
أوروبية أخرى تطبق فيها الحكومات تزامنا مع تراجع تفشي الوباء، رفع العزل بشكل تدريجي وحذر لتجنب موجة إصابات جديدة. وبدأ رفع العزل أيضا في ألمانيا والنمسا والدول الاسكندينافية التي لا تزال تفرض قيودا وتباعدا اجتماعيا. هكذا بات بامكان النمساويين التنقل بدون قيود منذ الجمعة.
وتستعد فرنسا وإيطاليا لبدء رفع العزل. في روما حيث سجل ارتفاع في عدد الوفيات اليومية السبت (474 وفاة لكن بينها 282 وفاة خارج المستشفى جرت في نيسان/ابريل ولم تحتسب حتى الآن)، ناشد مسؤول الخلية المكلفة مواجهة الوباء دومينيكو اركوري مواطنيه الى مواصلة التنبه فيما ستطبق اجراءات تخفيف العزل اعتبارا من الاثنين. وقال “تبدأ الاثنين المرحلة الثانية، علينا أن ندرك انها ستكون بداية تحد أكبر” منبها الايطاليين الى أن “الحرية النسبية” التي ستمنح لهم الاثنين سيعاد النظر فيها إذا انتشر الوباء مجددا، وتابع اركوري “علينا أن نحافظ على التباعد الاجتماعي، وعلى درجة قصوى من النظافة الشخصية والكمامات، لقد بذلنا أقصى ما يمكننا على صعيد قدراتنا، اعتبارا من الاثنين، الأمر رهن بكم”.
في فرنسا، قررت الحكومة السبت تمديد حالة الطوارىء الصحية السارية في البلاد منذ 24 آذار/مارس، حتى 24 تموز/يوليو معتبرة ان رفعها سيكون “سابقا لاوانه”.
في بريطانيا، بلغ الوباء ذروته وفق قول رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي وعد بالكشف عن خطة رفع العزل الأسبوع المقبل. وبحسب صحيفة “ذي تايمز” السبت فان أحد الاحتمالات سيكون الطلب من مستخدمي وسائل النقل العام قياس حرارتهم قبل الخروج من منازلهم والبقاء فيها اذا كانت مرتفعة، وهو من أحد عوارض المرض.
وأودى الوباء بأكثر من 240 ألف شخص في العالم منذ ظهوره في كانون الأول/ديسمبر في الصين، وفق تعداد أعدته وكالة فرانس برس استنادا إلى مصادر رسمية ويعتبر أقل بكثير من الأعداد الفعلية.
اعادة فتح المدينة المحرمة
وسجلت رسميا أكثر من 3.3 ملايين إصابة في 195 دولة ومنطقة، بينها 1.5 مليون فقط في أوروبا. والدول الأكثر تضررا من حيث عدد الوفيات هي الولايات المتحدة مع أكثر من 65 ألف وفاة وإيطاليا مع 28236 وفاة، تليها بريطانيا مع 27510 وفيات وإسبانيا مع 25100 وفاة وفرنسا مع 24594 وفاة.
روسيا (1222 وفاة) هي الدولة التي تسجل حاليا أكبر عدد من الإصابات الجديدة يوميا، وأعلن رئيس بلدية العاصمة الروسية أنه بالاستناد إلى نتائج الفحوص، حوالى 2% من سكان موسكو — أي أكثر من 250 ألف شخص – مصابون بكوفيد-19.
في الولايات المتحدة، ورغم من أن أعداد الضحايا ما زالت مرتفعة، تتقدم الولايات الفدرالية على طريق رفع إجراءات الحجر، وسمحت وكالة الغذاء والدواء السلطة الأميركية لضبط أسواق الأدوية بشكل عاجل باستخدام العقار التجريبي “رمديسيفير” الذي يمكن على قولها أن يساعد في شفاء المرضى. ولإنعاش الاقتصاد، بدأت أكثر من 35 من الولايات الأميركية الخمسين رفع إجراءات العزل الصارمة التي فرضتها، أو باتت على وشك القيام بذلك، بينما تتضاعف التظاهرات “لإعادة فتح أميركا” في جميع أنحاء البلاد.
بدأ الصينيون الذين توقفوا عمليا عن إعلان مزيد من الإصابات، عطلهم الحقيقية الجمعة وهي الأولى منذ بداية الأزمة. فقد أعيد فتح المدينة المحرمة، وقالت زائرة شابة معبرة عن سرورها للسماح لها بدخول الموقع “هذا أمر رائع ويمكننا الاستمتاع بالزيارة”. في هونغ كونغ، توجه السكان بكثافة الى المتنزهات للاستفادة من العطلة الطويلة والطقس المشمس.
في البرازيل، أثار الرئيس جاير بولسونارو جدلا واسعا الثلاثاء عندما وجه له صحافي سؤالا يتعلق بوفاة أكثر من خمسة آلاف برازيلي بفيروس كورونا المستجد وكان رده “وإن يكن”، ومنذ ذلك الحين تجاوزت الحصيلة الرسمية أكثر من 6300 وفاة.
حفل افتراضي
في أماكن أخرى في العالم، عبرت سلطات السنغال عن عزمها على مواصلة استخدام عقار هيدروكسيكلوروكين بعد تحليل أولي أثبت تراجعا لمدة بقاء المرضى في المستشفيات فيما تواجه البلاد ارتفاعا في الحالات. وتم الافراج عن حوالى عشرة آلاف سجين في الفيليبين في محاولة لوقف انتشار الفيروس في السجون المكتظة بالبلاد.
في الهند (1218 وفاة) يشارك الممثل الاميركي ويل سميث واسطورة الروك ميك جاغر مع نجوم عالميين اخرين ومن بوليوود في حفل افتراضي الاحد لدعم حملة مكافحة كوفيد-19.
ومدد العزل المشدد الذي فرض في 25 آذار/مارس على 1.3 مليار هندي على الاقل حتى 17 ايار/مايو ما يلحق ضررا بملايين العمال ويوجه ضربة قاسية لثالث اقتصاد في آسيا. من جهتها رفعت تركيا القيود عن تصدير المعدات الطبية، في اجراء يفترض ان يسهل بيع تجهيزات لدول غربية تواجه نقصا.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية