أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن تاريخ 2 كانون الثاني 2020 هو تاريخ فاصل لبداية مرحلة جديدة وتاريخ جديد لكل المنطقة، مشيراً إلى أنه يوم حقق فيه الحاج قاسم هدفه وأمنيته، حيث كان الشهيدان قاسم سليماني وابو المهدي المهندس يعشقان ويتوقان للشهادة وخصوصاً في السنوات الأخيرة.
وفي الإحتفال التأبيني الذي يقيمه حزب الله للشهيدين اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما لفت السيد نصر الله إلى أن ليلة الجمعة الماضية كانت نصراً جديداً للمقاومة، فالشهادة هي نصر ومبارك للقائدين وصحبهما، موضحاً تفاصيل العملية “حيث غادر الحج قاسم وصحبه ليلة الخميس مطار دمشق إلى مطار بغداد وهناك كان الحاج أبو مهدي وأخوانه في استقباله، وبعد صعود القادة في السيارات تعرض الموكب إلى قصف بالصواريخ المتطورة من الجو من قبل طائرات أميركية وبشكل وحشي”.
وتابع سماحته “أن وزارة الحرب الأميركية أصدرت بياناً تبنت فيه العملية وأنها كانت بأمر من دونالد ترامب”، مشدداً على أننا أمام جريمة واضحة ولسنا أمام عملية اغتيال مبهمة بسيارة مفخخة أو كمين نحن أمام جريمة شديدة الوضوح وصارخة بأمر من ترامب للجيش الأميركي”.
ورأى ان الاغتيال بشكل علني هو نتيجة فشل كل المحاولات السابقة للاغتيال وآخرها في بلدة الحاج قاسم في كرمان عبر وضع المتفجرات في الحسينية التي يحضر بها مئات الناس، لافتاً الى ان استعراض هذا المشهد يوضح أهداف الاغتيال ويحدد مسؤوليتنا جميعا لمواجهة أهداف الاغتيال.
واشار السيد نصرالله الى انه وبعد 3 سنوات من تولي ترامب الرئاسة الأميركية هناك فشل وعجز وارتباك وليس هناك ما يقدمه للشعب الأميركي على مستوى السياسة الخارجية وهو ذاهب إلى الانتخابات.
في أمريكا وضع هدف أول هو اسقاط النظام الإسلامي في إيران وهذا ما عبر عنه جون بولتون المستشار السابق للأمن القومي الأميركي، حتى وصل الى الهدف الأدنى هو ضبط السلوك الإيراني وبالتالي الوصول إلى إتفاقات جديدة بينما إيران لم تستجب، فخرج ترامب من الإتفاق النووي وفرض عقوبات وقام بمحاولات الحصار والعزل والرهان على الأزمة الاقتصادية والدفع باتجاه الفتنة لكن فشل كل ذلك.
واضاف السيد نصرالله ان كل سياسة ترامب هو أن يأتي بإيران إلى طاولة المفاوضات لكن ستنتهي ولايته ولن تذهب إيران إليه ولن يتلقى إتصال هاتفي.
وأكد سماحته أن الفشل الاخر لترامب هو في سوريا وكان اخر ما حصل هو خيانته لاصدقائه للجماعات الكردية في سوريا، فابقى ترامب جزءاً من القوات الامريكية في سوريا من أجل النفط وجزءاً آخر في التنف بناء على طلب إسرائيل لان سقوط التنف يعني أن كامل الحدود السورية والعراقية باتت مفتوحة.
لبنانياً كان الفشل حليف ترامب بالرغم من كل الأموال التي أنفقت للتحريض على المقاومة، فكل محاولة الضغط على لبنان لم تجد نفعا ، كذلك الحرب في اليمن هناك عجز والقرار في الحرب هو أميركي بالأصل، وفي افغانستان يبحث ترامب عن صيغة الخروج التي تحفظ ماء وجهه ولا يملك أي إنجاز، حتى صفقة القرن التي كان يريد أن ينجزها في السنة الأولى أين هي ومن يتحدث عنها؟ و نتيجة صمود الشعب الفلسطيني والقيادات الفلسطينية رغم ما يتعرضون له لم يستطيع أن يفرض ترامب الصفقة.
اما على المستوى العراقي سأل سماحته ما هو مشروع ترامب الحقيقي؟ فترامب كان واضح جداً وشفاف لأنه مستكبر ولا يرى أحدا أمامه ولا يعترف بدول ومجتمع دولي، في كل الحملة الانتخابية كان يقول نفط العراق هو حقنا ونحن يجب أن نضع أيدينا على نفط العراق، وكان يقول لا يوجد في العراق دولة ونسيطر على حقول النفط من خلال ارسال قوات عسكرية ثم نستخرج النفط ونبيعه للعالم، فمشروع النفط الحقيقي هو السيطرة على الثروة النفطية العراقية وهو لا يريد دولة تمنعه من ذلك ، أراد أن تستمر داعش لسنوات لكي يكون هناك حجة للبقاء في العراق، فمن انتصر في العراق على مستوى الاتجاه السياسي هو الاتجاه الذي لا يخضع للأميركيين، الأغلبية النيابية في المجلس النيابي من الشخصيات الوطنية التي ترفض الخضوع للإرادة الأميركية وعلى ضوئها تشكلت حكومة أزعجت الأميركيين، الحكومة العراقية التي تأسست بعد الانتخابات برئاسة عادل عبد المهدي رفضت أن يكون العراق جزءا من الحملة على إيران، رفضت تأييد صفقة القرن والمساهمة في تصفية القضية الفلسطينية،ذهبت إلى الصين لتقيم عقوداً بمئات مليارات الدولارات بينما أميركا تريد المشاريع لشركاتها، رفضت الحكومة العراقية أن تبقى الحدود مغلقة مع سوريا وأصرت على فتح معبر البوكمال.
واوضح السيد نصرالله ان الأمريكيين احتلوا العراق من أجل السيطرة عليه وعلى خياراته وعندما وجدوا أن الشعب يريد أن يستقل ويتحرر أطلقوا عليه الجماعات الإرهابية التي أسسها الأميركيون، وفي الاونة الاخيرة حاولوا الاميركيون الدفع بالعراقيين إلى الحرب الأهلية وموقف المرجعية والقيادات والعشائر والحشد حال دون ذلك، حاولت واشنطن احداث فتنة بين الشعبين الإيراني والعراقي .
واشار السيد نصرالله الى ان الأمريكيين تصرفوا في الأسابيع الأخيرة بهلع وهم يشعرون أن العراق يفلت من أيديهم، ترامب والادارة الأميركية أمام هذا الفشل والعجز في المنطقة ، ليس لديه انجاز في السياسة الخارجية هو ذاهب إلى انتخابات رئاسية.
في السياسة الخارجية الأميركية يتحدث ترامب عن 3 أمور في خطاباته الانتخابية: 400 مليار دولار التي أخذها من السعودية بسخرية واهانة، عن صفقات بيع السلاح إلى الدول العربية بعشرات مليارات الدولار، قرار نقل السفارة الاميركية من تل أبيب إلى القدس.
واوضح السيد نصرالله ان ترامب والادارة الأميركية باتوا معنيين بالذهاب إلى مرحلة جديدة، فنحن لسنا أمام عملية اغتيال منفصلة بل بداية أميركية في المنطقة، لسنا نحن ذاهبون إلى الاعتداء بل هم بدأوا حربا جديدة في المنطقة، فالأمريكيين بحثوا في تغيير المعادلات وكسر محور المقاومة وإعادة هيبة واشنطن.
وتابع السيد نصرالله أخبرت سليماني قبل اسابيع أن هناك تركيز في الولايات المتحدة عليك وكان الحديث عن أنه الجنرال الذي لا بديل له وهو كان يضحك عن احتمال اغتياله، مشيراً الى انه اينما ذهبت أمريكا واسرائيل في ملفات المنطقة كانوا يجدون رجلا في مواجهتهم في كل مكان في سوريا والعراق واليمن وافغانستان وكل محور المقاومة كانوا يجدون قاسم سليماني، اسرائيل تعتبر أن اخطر رجل على وجودها وكيانها هو قاسم سليماني وكانت لا تتجرأ على قتله فلجأت إلى اميركا لقتله.
واشار السيد نصرالله في خطابه الى ان النقطة المركزية في دول وقوى وفصائل المقاومة كانت تتجسد في قاسم سليماني وبالتالي كان القرار بقتله بشكل علني وهذا كان له أهداف سياسية ونفسية وعسكرية، هم يأملون أن يحصل وهن في العراق وقوى المقاومة وأن تتراجع الصلة المتينة بين محور المقاومة وإيران، يأملون أن تخاف إيران وتتراجع، فهناك مشروعان يتصارعان، مشروع الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة وعلى المقدسات وعلى النفط والغاز والخيرات، أما المشروع الثاني فهو مشروع المقاومة والسيادة والاستقلال والحرية.
واكد السيد نصرالله ان المواجهة مع الجريمة بدأت، ففي إيران كان يأمل ترامب ترهيب طهران واخضاعها من أجل الذهاب إلى المفاوضات وأن لا تقوم بأي رد فعل على الجريمة، فالرد بدأ في إيران من بيان الامام السيد خامنئي الواضح وباقي البيانات والشعب الإيراني الذي نزل بشكل عفوي في كل المدن الإيرانية.
واضاف بومبيو كان يراهن على موقف الشعب الإيراني وكيف سيتعاطى مع الاستشهاد، أقول لبومبيو شاهد التلفاز غدا وتلقى رسالة الشعب الإيراني من طهران وكرمان كما تلقيتها اليوم من مشهد.
واشار السيد نصرالله ان إيران أعلنت أنها سترد وتنتقم وبالتالي الهدف الأول للعملية أسقطه الايرانيون، وفي العراق كان الأمريكي يراهن على ضعضعة الحشد الشعبي والفريق الوطني ويذهب العراق إلى محنة داخلية وتحصل عملية ترهيب لبقية العراقيين، فالرد العراقي بدأ بتشييع الشهداء سوياً، ومن أهم ما حرص عليه الأميركيين فتح كل الجروح وزرع الأحقاد بين العراقيين والإيرانيين بينما في النتيجة كانت تشييع الشهداء صفا واحدا.
فالحراك الشعبي من الخميس إلى اليوم دليل على إنقلاب السحر على الساحر في العراق، اليوم يتطلع العالم كله إلى مجلس النواب في العراق حيث أغلب الكتل أكدت أنها ستصوت رغم الضغوط الأميركية على قرار خروج القوات الأميركية من العراق.
واكد السيد نصرالله ان بند خروج الأمريكي إن لم يسقط في مجلس النواب العراقي فالمقاومون الشرفاء أبناء أبي الفضل العباس لن يبقوا جنديا أمريكيا في العراق، فالقدر المتيقن وأضعف الإيمان في الرد على جريمة قتل سليماني والمهندس هو اخراج القوات الأميركية وتحرير العراق من الاحتلال الجديد، وسيكتشف الأميركيون أنهم خسروا العراق بعد قتل سليماني والمهندس بينما كان هدفهم من قتلهما العكس.
واوضح السيد نصرالله ان الشهيد سليماني كان خلف المقاومة التي حررت العراق من الارهاب ويجب أن يؤدي دمه ودم أبو مهدي إلى التحرير الثاني للعراق من الاحتلال الأميركي، داعياً الى وجوب مواصلة المسير بصلابة في سوريا باتجاه النصر النهائي، فلا يجوز أن يخاف أو يقلق أحد نتيجة استشهاد القائد العظيم، وفي اليمن يجب أن يمضي اليمنيون بشجاعة وبنفس الثقة.
وفيما خص الرد على جريمة اغتيال الشهيد قاسم سليماني والشهيد ابو مهدي المهندس اعتبر السيد نصرالله ان القصاص العادل يعني الوجود الأميركي في منطقتنا، فيجب أن نذهب جميعاً في منطقتنا وأمتنا الى القصاص العادل.
وراى السيد نصرالله انه لا يوجد اي شخصية في موازاة قاسم سليماني وابو مهدي المهندس وحذاء قاسم سليماني يساوي راس ترامب، واعتبر ان القواعد العسكرية والبوارج العسكرية الأميركية وكل ضابط وجندي أميركي على أرضنا وفي منطقتنا هي اهداف مشروعة للرد على جريمة الاغتيال كون الجيش الأميركي هو من قتل وهو من سيدفع الثمن حصراً، ولا نعني الشعب الأميركي على امتداد منطقتنا، فهناك مواطنون أمريكيون لا ينبغي المس بهم لانه يخدم سياسة ترامب ويجعل المعركة مع الارهاب، داعياً الى ان المعركة والمواجهة والقصاص العدل للذين نفذوا وهم مؤسسة الجيش الأميركي الذي ارتكب هذه الجريمة والقصاص يكون ضده في منطقتنا .
وقال السيد نصرالله ان الاستشهاديين الذين أخرجوا أمريكا من منطقتنا في السابق موجودون وأكثر بكثير من السابق، و المجاهدين والمقاومين كانوا قلة قليلة في السابق واليوم هي شعوب وقوى وفصائل وجيوش وتملك امكانات هائلة، وسيخرج الاميركيين مذلولين ومرعبوبين كما خروجوا في السابق، وعندما تبدأ نعوش الجنود والضباط الأميركيون بالعودة إلى الولايات المتحدة ستدرك إدارة ترامب أنها خسرت المنطقة وخسرت الانتخابات.
ودعا السيد نصرالله الى أن يكون هدفنا في محور المقاومة بالرد على دماء سليماني وأبو مهدي هو اخراج القوات الأميركية من منطقتنا، وإذا تحقق هذا الهدف سيصبح تحرير القدس على مرمى حجر وقد لا نحتاج إلى معركة مع اسرائيل، وعندها سيكتشف ترامب الجاهل ومن معه من الحمقى مدى غباء فعلتهم وانهم لا يعرفون ماذا فعلوا والأيام ستكشف لهم.
واوضح السيد نصرالله ان القصاص العادل من أجل قاسم سليماني هو القصاص العادل من أجل عماد مغنية ومصطفى بدر الدين وعباس الموسوي وكل شهداء هذه الأمة، نحن لا نأخذ هذا الخيار من الموقع العاطفي لسنا خائفين أو غاضبين بل نعتبر أن هناك فرصة للتخلص من الهيمنة والاحتلال.
المصدر: موقع المنار