حقيقةٌ انتظرَها العالمُ من انقرة، فأتت من الرياض.. بأنَ قتلَ الخاشقجي جريمةٌ مُقيتةٌ ولا يمكنُ تبريرُها، والسعوديةُ في ازمة. هذا ما قالَه وزيرُ النفطِ السعوديُ خالد الفالح من فندقِ الريتز كارلتون. هو يعرف انه نزيل الفندقِ نفسِه الذي احْتَجَزَ فيه محمد بن سلمان امراءَ ومسؤولين، لكنه اطمأنَ على ما يبدو الى انَ يَدَي اميرِه مكبلتانِ وسعودَه القحطانيَ في ورطة، ولن يستطيعَ ان يعتديَ عليه بالضربِ والتوبيخ، او ان يُجبرَه على الاستقالةِ من منصبِه كما فعلَ معَ آخرين .. فقالَ حقيقةً يعرفُها العالمُ كلُّه، لتكونَ اقوى الاشاراتِ على بدءِ الاحتجازِ السياسي والاقتصادي لابن سلمان الذي بَشَّرَ به مستوى الحضورِ الى مؤتمرِ دافوس الصحراء الذي عُقد في الريتز كارلتون في الرياضِ وسطَ قطيعةٍ عالميةٍ كبرى ..
وفي انقرة لم يقطع الرئيسُ التركيُ رجب طيب اردوغان مسافةً كبيرةً نحوَ الحقيقةِ في قضيةِ مقتلِ الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لكنه بدا كمن يحملُ مظروفاً في داخلِه رسالةٌ خطرة، ولا يُظهرُ منها الا بعضَ الكلمات، فلوّحَ بها للسعودي والاميركي معَ تأكيدِه انه يعرفُ من قتلَ جمال الخاشقجي ولماذا.. ولانَ غباءَ التنفيذِ المحَ بسهولةٍ الى جهةِ التخطيط، فانَ اجاباتٍ كثيرةً قدَّمَها اردوغان في معرِضِ سؤالِه عَمَّن أمرَ فريقاً سعودياً من خمسةَ عشرَ شخصاً بالقدومِ الى تركيا، ولماذا لم يَسمحوا بتفتيشِ القنصليةِ السعوديةِ في ذاتِ اليوم؟ مضيفاً اسئلةً كثيرةً عن التصريحاتِ السعوديةِ المتضاربةِ رغمَ انَ الجريمةَ واضحة. وبعدَ تأكيدِه انَ العمليةَ مدبرةٌ وليست شجاراً، ختمَ اردوغان السؤال: اينَ جثةُ جمال الذي اعتُرفَ رسمياً بمقتلِه ؟
نحنُ لن نَطمئِنَ وكذلك المجتمعُ الدوليُ بأنْ تُلقى المسؤوليةُ على عاتقِ رجالِ امنٍ ومخابراتٍ قال اردوغان، مطالباً بلجنةِ تحقيقٍ محايدة، واَن يحاكمَ المتهمونَ السعوديونَ الثمانيةَ عشرَ في اسطنبول..
في بيروتَ لا محاكمةَ سياسيةً للمعطلينَ الحكوميين، ولا جديدَ يذكرُ سوى اصرارِ الرئيسِ المكلفِ على انَ عمليةَ التأليفِ لم تُجمَّد، وانه سيعاودُ حراكَ التأليفِ فورَ عودتِه من دافس الصحراء المنعقدِ في الريتز كارلتون في الرياض..