احتلت الهواتف النقالة والأجهزة اللوحية المكان الأكبر في حياة المستخدمين، الأمر الذي جعلهم يهملون الاعتناء بالقدرات الحسابية.
ويرى “مايك إليكوك” الرئيس التنفيذي لجمعية “ناشيونال نيوميرسي” الخيرية المعنية بتعلم المهارات الحسابية “أن كل ما نحتاجه في حياتنا اليومية هو القواعد المبسطة للرياضيات لا أكثر”، غير أنه يقول إن “المرء يحتاج كذلك إلى بلورة مفاهيم ذات طابع ذهني وتصوريٍ تنطبق على المواقف المعقدة”.
فإن الإدراك للأعداد والأرقام يشمل أموراً مثل أساسيات علم الحساب، والكسور والنسب المئوية والرسوم البيانية، وعمليات التقريب، وأيضاً الفهم الفراغي المتعلق بفهمك للعلاقة مع الأشياء المحيطة بك، لكن علم الحساب لا يماثل بالضبط تلك الرياضيات التي تدرسها في صفك الدراسي، وإنما هو الكيفية التي يمكن لنا من خلالها أن نترجم معارفنا الحسابية والرياضية للعالم من حولنا، ونطبقها عليه كذلك.
فعلى الشاكلة التي حلت فيها الآلات الحاسبة محل البشر في التعامل مع مسائل القسمة المطولة، ربما تنهي أجهزة الكمبيوتر في يومٍ ما الحاجة للإنسان للقيام بمهام الاستدلال الكيفي كذلك.
وبأوجهٍ عدة؛ تبرز أهمية أن يتحلى المرء بالمهارة الشديدة في التعامل مع الأرقام، بفعل كون الإحصائيات – التي تُعد في الغالب باستخدام الكمبيوتر – متوافرةً في كل مكانٍ.
فمع أن أجهزة الكمبيوتر تتمتع بالكفاءة على صعيد إجراء عمليات حسابية سريعة، وتحديد النزعات والتوجهات، فإن البشر يتفوقون في إصدار الأحكام ورصد الأشياء الخفية والدقيقة للغاية. فعلى سبيل المثال، قد يسلمك النادل في أحد المطاعم فاتورةً خاطئةً لا تتضمن القيمة الصحيحة لما تناولته من طعامٍ أو شراب، وهو ما يعني أنك ستحتاج إلى معرفة قواعد علم الحساب، للتحقق مما إذا كان المبلغ المطلوب منك دفعه صحيحاً أم لا.
وفي واقع الأمر، سنبقى دائماً بحاجة إلى اكتساب عادات رقمية مُحكمة، من أجل الانتفاع بأقصى قدرٍ ممكن من التكنولوجيا التي نستخدمها، كما أنه حتى كفاءة أكثر أجهزة الذكاء الاصطناعي تطوراً ترتبط بمدى دقة البيانات التي استُخْدِمتْ في التدريبات التي خضعت لها.
وختاماً ينبغي أن نقاوم الرغبة الملحة في الاعتماد على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر اللوحية، ونعمل بدلاً من ذلك على إجراء العمليات الحسابية الأساسية إما في عقولنا أو على الورق، ويتطلب الأمر بعض الجهد والممارسة، لكن اكتسابك لعادات مفيدة سيساعدك على التعرف على الأخطاء، وبلورة تقديرات وتخمينات أكثر دقة في المواقف التي يكون ذلك مهماً فيها بالفعل.
كما تتمثل النصيحة الأخيرة في ضرورة توخي الحذر والنظر دائماً بعين التشكك والريبة، فمن الأهمية بمكان أن تتفاعل مع الحقائق وتعتمد عليها، حتى يتسنى لك استخدام الأرقام والبيانات، ويعني ذلك في بعض الأحيان أن نستخدم أسلوب التحليل الكمي لتمحيص ما يُقال لنا إنه صحيح. باختصار يمكن القول في نهاية المطاف إنه بدون وجود علم الحساب؛ لن يتسنى لنا ببساطة رؤية الصورة كاملة.
المصدر: وكالة تسنيم