لم ينس المغاربة بعد تصريح وزيرتهم للأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، التي وجدت نفسها في مواجهة سيل من الانتقادات عندما قالت “إن من يجني 20 درهماً (أقل من دولارين) في اليوم الواحد لا يعاني الفقر الحاد”، حتى خرج المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء في البلد المجاور -تونس- ليصرح بأن المواطن التونسي الذي ينفق أكثر من 1085 ديناراً في السنة (ما يعادل 2500 دولار) بمعدل 90 ديناراً (214 دولاراً) في الشهر، لا ينتمي إلى فئة “الفقراء”.
الهادي العبيدي قال على أمواج إذاعة “شمس إف إم”، إن عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في تونس بلغ مليون و694 ألف مواطن، مشيراً إلى أن نسبة الفقر تتفاوت من جهة إلى أخرى.
ويمثل مبلغ 1085 ديناراً، مجموع النفقات في السنة، الحد الأدنى في المدن الكبرى، بينما لا يتجاوز 1050 ديناراً في السنة في المناطق البلدية في حين يبلغ 952 ديناراً في المناطق غير البلدية، بحسب النسخة المغاربية من هاف بوست.
وأشار العبيدي إلى غياب منهجية حقيقية يقع الاستناد إليها في تحديد مختلف الطبقات الاجتماعية، وأوضح أن هذا التصنيف يختلف من بلد إلى آخر، وذلك وفقاً لما تعتبره تلك البلدان طبقة وسطى أو طبقة الأغنياء أو الفقراء.
قال مدير مديرية الإحصاء أنه “منذ أن بدأنا احتساب خط الفقر في تونس، اعتمدنا معيار الفقر المادي، كما هو الحال في جميع البلدان الشبيهة بنا، مع العلم أن هذه المنهجية تعد المتبعة من قبل البنك الدولي”، وتجدر الإشارة إلى أن عدد الفقراء في المناطق البلدية، وفقاً لما ذكره المعهد الوطني للإحصاء، يبلغ 775 ألف نسمة، بينما يصل في المناطق غير البلدية إلى حدود 919 ألف نسمة.
خلافاً لذلك، انخفض معدل الفقر في تونس مقارنة بسنة 2010، خاصة وأن الإنفاق الاستهلاكي للفرد الواحد في السنة قد بلغ 3871 دينار في سنة 2015، مقابل 2601 دينار في سنة 2010، أي بزيادة قدرها 48.8 بالمائة خلال هذه الفترة. وقد انخفض معدل الفقر من 20.5 بالمائة في سنة 2010 ليصل 15.2 بالمائة سنة 2015، بينما وصل معدل الفقر في المناطق غير البلدية إلى 26 بالمائة. وقد أثارت هذه الأرقام التي أعدها المعهد الوطني للإحصاء جدلاً كبيراً منذ أن نشرت في سنة 2015، إلى درجة أن فاضل بن عمران، العضو في نداء تونس، اتهم المعهد الوطني بتضليل الرأي العام. من جهته، نفى مدير المعهد هذه الادعاءات بشكل قطعي، مؤكداً على استقلال المؤسسة وموثوقية الأرقام المقدمة.
وعلى عكس ما أكده الهادي العبيدي، يعتمد البنك الدولي والعديد من المؤسسات الأخرى على معيار مختلف لتحديد نسبة الفقر، وذلك بالاستناد على الإيرادات وليس النفقات، ووفقاً لدراسة أجراها البنك الدولي في سنة 2015، قدر خط الفقر المدقع بنحو 1.9 دولار للشخص الواحد في اليوم، أي ما يعادل 4.580 دينار تونسي في اليوم أي 137 ديناراً في الشهر. قد لا تحيل هذه المعطيات بالضرورة إلى أن خط الفقر في تونس تحت المعدل العالمي، حيث تختلف المعايير الحسابية المعتمدة من قبل الطرفين.
حسب الأمم المتحدة، يعيش 800 مليون شخص حول العالم تحت خط الفقر المدقع. وقد كشفت إحصائيات المديرية العامة للمفوضية الأوروبية “يوروستات”، أن خط الفقر في فرنسا يعادل 994 يورو للشخص الواحد في الشهر، أي ما يعادل 2942 ديناراً تونسياً، أي ضعف معدل خط الفقر في تونس بنحو 32 مرة، بالعودة إلى ما أورده المعهد الوطني للإحصاء.
تعتبر رومانيا أكثر البلدان الأوروبية فقراً، وذلك وفقاً لما ذكرته اليوروستات، حيث يبلغ خط الفقر هناك 396 يورو للشخص الواحد في الشهر، أي ما يعادل 1172 ديناراً تونسياً، يعني ضعف خط الفقر في تونس بما يقارب 13 مرة، بالاعتماد على ما صرح به المعهد الوطني للإحصاء.
بينما يتم احتساب عتبة الفقر في الولايات المتحدة الأميركية انطلاقاً من الإيرادات السنوية للفرد. وقد أورد مكتب تعداد الولايات المتحدة أن خط الفقر في الولايات المتحدة في سنة 2016، قد وصل إلى 12 ألفاً و82دولاراً في السنة، أي حوالي 33 دولاراً للشخص الواحد في اليوم، ما يقرب 2940 ديناراً تونسياً، ويمثل هذا الرقم ضعف ما صرح به المعهد الوطني للإحصاء بحوالي 32 مرة.
أما على الصعيد القاري، فقد أجرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في سنة 2016 دراسة شملت 4500 أسرة، من أجل تحديد نسبة الجزائريين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
واعتمدت الدراسة على معدل فقر يساوي 1.25 دولار في اليوم، مع اعتماد سعر صرف “تعادل القوة الشرائية”، الذي يحدد القدرة الشرائية انطلاقاً من مبلغ معين في بلدان مختلفة، ما يسهل مقارنة الإيرادات بين مختلف البلدان.
وقد أثبتت هذه الدراسة أن واحداً من بين كل ثلاثة جزائريين يعيش تحت خط الفقر، أي بأقل من 1.25 دولار في اليوم، ما يعادل 90 ديناراً تونسياً في الشهر، أي المبلغ الذي أشار إليه المعهد الوطني للإحصاء في تونس.
أما في المغرب، يساوي خط الفقر 1.25 دولار للشخص الواحد في اليوم، ما يعني أن مغربياً من بين عشرة مواطنين يعيش بأقل من دولارين في اليوم، أي أقل من 4.800 دينار تونسي، وذلك وفق تقرير الأمم المتحدة لسنة 2015.
المصدر: هافينغتون بوست