خلال العقود الماضية، كان الأفراد أكثر ذكاء، وذلك وفقاً لما أكدته اختبارات نسبة الذكاء. ومنذ سنوات، تغير هذا المعطى، لا سيما أن دراسة جديدة قدمت تفسيرات وحقائق جديدة في الصدد.
وبحسب موقع Welt الألماني لا يعتبر الذكاء ميزة طبيعية لدى الإنسان على غرار بعض الخصائص التي يولد بها. وفي الواقع، يشتمل دماغنا على مجموعة من القدرات الذهنية التي نعمل على تطويرها قصد فهم العالم. وفي هذا الصدد، حاول العديد من العلماء تقديم وصف دقيق لهذه القدرات الذهنية، وذلك من خلال تحديد مجموعة من الاختبارات، الكفيلة بقياس نسبة الذكاء، وفقاً لنماذج معينة.
وفي هذا الإطار، علينا أن نطرح التساؤل التالي: هل سنزداد ذكاء أم غباء على مر الأجيال؟
أجرى فريق من الباحثين في كلية كينجز بلندن، تحت إشراف الباحث روبن موريس، دراسة كشفت أن أداء الأشخاص أصبح أسوأ في اختبارات نسبة الذكاء، منذ عام 1972، وخاصة في اختبارات الذاكرة العاملة. وفي الوقت نفسه، حقق الأشخاص تحسناً فيما يتعلق باختبارات الذاكرة قصيرة الأمد.
تجدر الإشارة إلى أن فريق الباحثين حلل 174 عينة اختبار نسبة الذكاء مع التركيز على الذاكرة العاملة والذاكرة قصيرة الأمد، وذلك بهدف المقارنة بينها.
والذاكرة قصيرة الأمد هي القدرة على الاحتفاظ بعدد محدود من المعلومات في الذهن فترة قصيرة من الزمن، على غرار رقم هاتف جديد، حيث نعمد إلى تكراره عدة مرات حتى لا ننساه. أما بالنسبة للذاكرة العاملة، فتمثل القدرة الذهنية الأكثر تعقيداً، علماً أنها لا تحافظ على عدة أجزاء من المعلومات الدقيقة بشكل فعال فحسب، وإنما تعمل على التصرف فيها.
فعلى سبيل المثال، عندما نقصد أي متجر لاقتناء بعض مستلزمات العشاء، فإننا نجمع المعلومات من الذاكرة فضلًا عن المحيط من حولنا، ثم نُمعن التفكير فيها ونتخذ القرار المناسب.
ولم تثر الذاكرة القصيرة في الدراسة استغراب الباحثين، حيث تتشابه إلى حد ما مع تأثير فلين، الذي أكد أن متساكني المناطق الصناعية كانوا أكثر ذكاء على مر الأجيال في اختبارات نسبة الذكاء إلى حدود التسعينيات، وذلك نتيجة تحسُّن التعليم والتغذية والرعاية الصحية.
من جهة أخرى، يعتبر تراجع تأثير فلين منذ التسعينيات موضع خلاف. وقد تطرق الباحث موريس وزملاؤه إلى هذه المسألة في إطار دراستهم، التي أثبتت أن الأشخاص، الذين تجاوزت أعمارهم الستين، باتوا يشاركون بكثافة في اختبارات نسبة الذكاء بمرور الوقت.
عموماً، تعتبر الذاكرة العاملة من الوظائف الذهنية التي تتراجع قدراتها بمفعول تقدُّم العمر، مما قد يؤثر تبعاً، على نتائج الذاكرة قصيرة الأمد. علاوة على ذلك، كشفت دراسة أخرى أن نسبة الذكاء ما فتئت تتراجع في المناطق الصناعية.
المصدر: هافينغتون بوست