نجح مانويل فالس بالترشح للدورة الثانية من الإنتخابات التمهيديّة لليسار الفرنسي، بعد أن نال أكثر من 31% من الأصوات في الدورة الأولى. وسينافس فيها بنوا هامون الذي تصدر الجولة الأولى بأكثر من 36% الأصوات. وفاز مرشح اليسار مانويل فالس بالترشح إلى الدورة الثانية من الانتخابات التمهيدية لليسار الفرنسي التي سينافس فيها بنوا هامون لاختيار أحدهما لتمثيل الحزب الاشتراكي لخوض غمار الانتخابات الرئاسيّة في نيسان/أبريل وأيار/مايو 2017.
من هو مانويل فالس وما هو برنامجه الانتخابي؟
ولد مانويل فالس في مدينة برشلونة الإسبانية في 13 أغسطس/آب العام 1962، من أم سويسرية وأب رسام إسباني من كاتالونيا وحصل على الجنسية الفرنسية العام 1982. دخل باكرا عالم السياسة والتحق بالحزب الاشتراكي الفرنسي في السابعة عشرة من العمر لتأييد ميشيل روكار رئيس الوزراء الأسبق والذي عمل لحسابه بين عامي 1988 و1991. يعد فالس واحدا من أهم رموز الجناح اليميني في الحزب الاشتراكي خاصة فيما يتعلق بالمسائل الاقتصادية والأمنية.
فالس رئيسا للحكومة – “أنا القائد”
عين رئيسا للحكومة نهاية مارس/أذار 2014 رغم الهزيمة الكبيرة التي مني بها الحزب الاشتراكي في الانتخابات البلدية وهزيمته الشخصية في الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي العام 2011، فلم ينجح في إقناع الكثيرين بتموضعه على يمين الحزب، واقترابه من أصحاب العمل، فخرج من السباق منذ الجولة الأولى بعد أن حصل على 5,63 بالمئة من الأصوات. ثم قال بعد تعيينه رئيسا للحكومة خلفا لإيرولت في نفس العام “إن القائد يجب أن يعرف كيف يقود، لهذا أنا القائد”، بيد أنه عاد وعدل خطابه في الآونة الأخيرة لتوسيع قاعدته الانتخابية.
ومع توليه هذا المنصب غادر أنصار البيئة الحكومة منددين، من بين أمور أخرى، بتصريحاته حول الغجر. لكن فالس لم يهتم بكونه لا يعجبهم، وبدأ تطبيق الخط الجديد الاشتراكي الليبرالي للرئيس هولاند (خفض الضرائب على الشركات، إصلاح قانون العمل …)، وغادرت شخصيات أخرى مهمة الفريق الحكومي.
حصيلة عامين ونصف في السلطة
وفي خلال عهدته ضرب الإرهاب باريس مرتين في عام واحد؛ العام 2015. المرة الأولى في يناير/كانون الثاني حيث هوجم مقر صحيفة شارلي إيبدو الساخرة وسقط فيه 12 صحفيا قتيلا، كما هوجم محل أطعمة في الوقت ذاته. وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني شنت سلسلة هجمات في باريس وسان دوني أدت إلى سقوط 130 قتيلا. كما أن فالس أحد القلائل في المعسكر الاشتراكي الذين صوتوا لحظر البرقع في الشارع. وهو ينتقد بانتظام غطاء الرأس لدى المسلمات ويصفه بأنه “أمر ديني طائفي شمولي”.
كما عرف فالس بموقفه المتشدد تجاه المعارضة المنظمة للتغييرات التي أدخلتها وزيرة العمل مريم الخمري على قانون العمل، وهو ما أثار موجة ضخمة من الإضرابات والمظاهرات في الشارع الفرنسي، تشدده ذهب به إلى الضرب عرض الحائط بديمقراطية الحوار وتمرير القانون بالقوة في الجمعية الوطنية ودون نقاش ثلاث مرات عبر استخدام المادة الاستثنائية 49-3، وهو ما كلفه عداوات قوية داخل حزبه الاشتراكي. وبعد أن كان مدعوما من وزير اقتصاده إيمانويل ماكرون (38 عاما) الذي يتبنى أيضا الخط الإصلاحي الليبرالي في مجال الاقتصاد، قام الأخير بالاستقالة من الحكومة ليبدأ منفردا مغامرة الانتخابات الرئاسية.
برنامجه الانتخابي
تحت شعار “جمهورية قوية وفرنسا عادلة”، كشف رئيس الحكومة الفرنسية السابق مانويل فالس، عن الخطوط العريضة لبرنامجه الانتخابي في الثالث من الشهر الجاري بـ”دار الكيمياء” بباريس.
رفع ميزانية وزارة الدفاع 2 بالمئة
وعد مانويل فالس بخلق ألف منصب شغل إضافي في صفوف الشرطة والدرك في كل سنة من عهدته الرئاسية وتخصيص 2.5 مليار يورو لتحديث التجهيزات والمعدات التي تستخدمها قوات الأمن في حال فاز بالرئاسيات. بالإضافة إلى هذا، اقترح فالس رفع ميزانية وزارة الدفاع بـ2 بالمئة لغاية 2025 وخلق 10.000 زنزانة جديدة في السجون الفرنسية. وأعلن أنه سيفرض ضريبة جمركية على كل المواد التي لا تحترم المعايير الاجتماعية والبيئية المعتمدة من قبل فرنسا والاتحاد الأوروبي.
فالس يدافع عن “مجتمع يؤمن بالعمل”
أعلن فالس أنه سيلغي الضريبة المفروضة على ساعات الشغل الإضافية والتي غالبا ما يلجأ إليها العديد من الموظفين والعمال الفرنسيين من أجل رفع مستوى رواتبهم الشهرية. وتعهد برفع رواتب النساء وتقليص الفارق الذي يفصلها عن مداخيل الرجال، إضافة إلى منح دخل فردي أدنى (حوالي 800 يورو) لجميع الفرنسيين الذين يتلقون من الدولة مساعدات مالية.
واقترح فالس القيام بخدمة وطنية مدنية إجبارية خلال ستة أشهر بالنسبة لجميع الشبان الفرنسيين، إضافة إلى منح مليار يورو سنويا للجامعات لكي تحسن ظروف التعليم فيها وتواكب التطورات العلمية، فضلا عن رفع رواتب المدرسين وتخصيص ما بين 400 و500 ساعة تدريب لكل الشباب العاطل عن العمل أو أولئك الذين يرغبون في تغيير مسارهم الوظيفي.
خطة استثمارية أوروبية واسعة النطاق
على المستوى الأوروبي، دعا فالس إلى وضع حد لسياسة انضمام دول جديدة إلى الاتحاد ورفض بصورة نهائية مشروع انضمام تركيا إلى هذا الفضاء. كما وعد بالضغط من أجل إطلاق خطة استثمارية واسعة النطاق على المستوى الأوروبي إضافة إلى الاعتماد على حد أدنى للراتب لا يقل عن 60 بالمئة من الراتب المتوسط المتعامل به في أوروبا.
في الشأن المؤسساتي
وفي الشأن المؤسساتي، وعد مانويل فالس بتقليص عدد البرلمانيين ورفع راتب المنتخبين المحلين، فضلا عن الحد من استخدام قانون 49/3 الذي يسمح للحكومة بتمرير القوانين دون أن يصادق عليها البرلمان.
وبعدما دافع عندما كان رئيسا للحكومة عن مبدأ «الأرثوذكسية المالية” وضرورة إدارة اقتصاد أموال الدولة عبر زمرة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، غير فالس فجأة مواقفه حيث أصبح يروج لأفكار يسارية بحته. ومن بين هذه الاقتراحات الجديدة عدم تقليص نفقات الدولة بل العكس التكلف بكل احتياجات الفرنسيين لا سيما المادية والدفاع عن راتب لا يقل عن 800 يورو لكل موظف أو عامل، إضافة إلى إلغاء قانون 3/49 الذي يسمح للحكومة بتمرير القوانين دون تصويت من البرلمان.
فالس ضد رفع العقوبات على روسيا
بالنسبة إلى السياسة الخارجية، لم يغير فالس موقفه إزاء روسيا داعيا هذا البلد “الكبير إلى تحمل مسؤولياته بصفته قوة عظمى” في سوريا، ورافضا “رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه”.
بشأن الأزمة السورية، اعتبر فالس أن مستقبل البلاد سيكون حتما دون بشار الأسد، داعيا في الوقت نفسه إلى “المزيد من البراغماتية إزاء هذا الملف وإلى إشراك الأسد في المحادثات الدولية”.
المصدر: فرانس 24