حفلت القنوات اللبنانية بمفارقات كبيرة وتباينات هائلة في تغطية عودة الجنوبيين إلى قراهم، التي كانت قوات الاحتلال تتمركز فيها منذ نهاية عدوانها على لبنان في 27 تشرين الثاني من العام الماضي.
وتناولت وسائل الإعلام اللبنانية هذا الحدث وفق مستويات عدة، تراوحت بين المؤيد واللامبالي، وبين من تعاطى معه بأسلوب استفزازي يخدم أجندته السياسية والحزبية.
وفي هذا السياق، أشار رئيس لجنة الإعلام والاتصالات في مجلس النواب اللبناني، النائب إبراهيم الموسوي، إلى إمكانية تصنيف تغطية وسائل الإعلام لحدث الانسحاب “الإسرائيلي” من الجنوب، الذي جاء نتيجة ضربات المقاومة وصمود الأهالي، إلى ثلاثة مستويات:
المستوى الأول: وسائل الإعلام المُقصّرة، وهو ما وصفه الموسوي بـ”المضحك المبكي”، مشيرًا إلى أن هذا التقصير كان جليًّا في اليوم الأول من الانسحاب. وأوضح أن قناة “تلفزيون لبنان” الرسمي كانت تبث رسومًا متحركة، وكأنها غير معنية بالحدث، في الوقت الذي كان فيه شهداء يسقطون على الحدود برصاص العدو الصهيوني.
وأضاف الموسوي أنه تواصل حينها مع وزير الإعلام، الأستاذ زياد مكاري، الذي أعرب عن استغرابه من هذا التقصير وسارع إلى معالجته.
المستوى الثاني: وسائل الإعلام التي تعاني من “فقدان المناعة الوطنية”، وفق تعبير الموسوي، والتي غطّت الحدث بطريقة تخدم أجندة العدو، من خلال التركيز على حجم الدمار الذي خلّفه الاحتلال في بعض القرى، ما أعطى انطباعًا بأن المقاومة كانت سببًا لهذه المأساة.
المستوى الثالث: الإعلام الموضوعي، الذي التزم بالهوية الوطنية وعكس الصورة الحقيقية لصمود المقاومة الأسطوري، وثبات الأهالي والتفافهم حول خيار المقاومة.
تقرير مصور |
ورأى الموسوي أن هذه التباينات في التغطية تحتم على الجهات الرسمية القيام بواجبها لحماية الوحدة الوطنية والهوية اللبنانية. وأضاف: “نحن لا نعارض التباين في الآراء، ولكن عندما يتعلق الأمر بقضية وطنية كبرى كهذه، ومع عدو تاريخي مارس العدوان والاحتلال منذ عام 1948، لا يمكن التعاطي معه بخفة”.
وأشار إلى أن بعض الجهات حاولت نشر الإحباط والتوهين عبر “بروباغندا” متماهية مع خطاب العدو، لكنها فشلت في التأثير على صلابة اللبنانيين. وأكد أن أبناء الجنوب تحركوا تلقائيًا دون انتظار أي توجيه، مقدمين التضحيات تأكيدًا لتجذر خيار المقاومة في وجدانهم.
وجدد الجنوبيون دعمهم للمقاومة بعد عودتهم إلى قراهم الحدودية، فارضين على العدو الانسحاب من عدة مناطق، رغم إعلانه نيته البقاء فيها، متجاوزًا اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي يوم الأحد الماضي، احتشد أبناء المنطقة الحدودية عند مداخل بلداتهم، حاملين أطفالهم وكبارهم، إلا أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار عليهم، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى. غير أن هذا الإرهاب لم يثنِ الأهالي عن دخول قراهم التي هجّرتهم منها الحرب منذ 15 شهرًا، مع بداية معركة “طوفان الأقصى”.
يُذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الماضي، نصّ على انسحاب القوات الصهيونية خلال 60 يومًا، بالتزامن مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل” في المنطقة الحدودية.
المصدر: موقع المنار