طَور العلماء بطارية تُشحن بالبكتيريا وتُوضع على قطعة ورقية، ويقولون إنها ستكون مصدر طاقة رخيص وسهل التصنيع لأجهزة الاستشعار الطبية في المناطق النائية والنامية.
البطارية الورقية، القابلة للطي، هي آخر مثال على ما يعرف بالبطاريات الحيوية، التي تخزن الطاقة المولدة من المركبات العضوية. في هذه الحالة، تولِّد الطاقة بكتيريا شائعة التواجد في مياه الصرف الصحي.
يعد التصميم الورقي جزءاً من مجال جديد من الأبحاث يسمى الإلكترونيات الورقية Papertronics، وهي مثلما يشير الإسم، مزيج من الورق والإلكترونيات.
المكونات البسيطة المستخدمة لصنع هذا النوع من الإلكترونيات الورقية ينبغي أن يكون من السهل الحصول عليها في الأجزاء النائية من العالم، إذ يمكن عمل نسخة احتياطية يُعتمد عليها من تلك البطاريات في المناطق التي لا توجد بها شبكة كهرباء أو بطاريات تقليدية.
يقول المهندس سيوخون شون تشوي، من جامعة بينغهامتون، “برزت الإلكترونيات الورقية مؤخراً باعتبارها وسيلة بسيطة ومنخفضة التكلفة لتشغيل نقاط الرعاية في أجهزة الاستشعار الطبية المتاحة”.
لصنع البطارية، وضع الباحثون شريطاً من نترات الفضة على قطعة من الورق اللوني “الكروماتوغرافي”. ووضعوا فوق ذلك طبقة رقيقة من الشمع لإنشاء كاثود – القطب الموجب للبطارية.
في الناحية الأخرى من الورقة، صنع الفريق خزاناً من البوليمر الموصل، الذي يعمل كـ آنود – (القطب السالب)، الذي سبق ملئه ببضع قطرات من سائل مياه الصرف التي تحتوي على البكتيريا، عند طي الورقة ليتلامس القطبان، تُشحن البطارية عن طريق عملية التمثيل الغذائي للبكتيريا، المعروفة أيضاً باسم التنفس الخلوي.
ليست هذه المرة الأولى التي يجرَب فيها الباحثون تصاميم بطاريات مرنة أو غير تقليدية، ففي العام الماضي، عرض فريق من الولايات المتحدة والصين بطارية ليثيوم أيونية لها شكل الأوريغامي تشتمل على “ثنيات طرية” لتتمكن من التمدد والتقلص. بعدها بشهور، طور علماء من السويد شيئاً يسمى “ورقة الطاقة” – وهي ورقة مصنوعة من السليلوز والبوليمر قادرة على تخزين الطاقة.
وفي الشهر الماضي فقط، كشف علماء من المملكة المتحدة عن تصميم بطارية مستوحى من أمعاء الإنسان، تحاكي بطاريتهم المصنوعة من الليثيوم والكبريت النتوءات الشبيهة بالأصابع الموجودة في أمعاء الإنسان والمسماة بالزوائد الدقيقة، لمقاومة الانحلال، إذ تقوم بإمساك أجزاء الكبريت التي تنقطع بمرور الوقت.
فيما يتعلق بالبطارية الورقية الجديدة، كمية الطاقة المُنْتجة تعتمد على عدد الورق الذي تمتلكه وكيفية تكدسه وطيه. مثلما ترى في الصورة أعلاه، كل ورقة قابلة للطي تحتوي على عدد من البطاريات الصغيرة على شكل مربع موضوعة في شبكة كهربية.
استطاع الباحثون في اختباراتهم توليد 31.51 مايكرو وات في 125.53 مايكرو أمبير، باستخدام 6 بطاريات “ثلاث بطاريات في كل صف، تطوى على ثلاثة آخرين)، و44.85 ميكرو وات في 105.89 ميكرو أمبير عند (طي 6 بطاريات على 3 آخرين).
يقرَ الباحثون أن الأداء متغير، وذلك يعتمد على وجود أي اختلال في طبقات الورقة أو الفجوات بينها، ويقولون إن الأداة بحاجة إلى الكثير من العمل للحصول على تيار أقوى من الورقة.
في الوقت الحالي، سنحتاج إلى الملايين من البطاريات الورقية لتوليد طاقة تكفي لإضاءة مصباح 40 وات، لذا ليس مرجحاً أن يكون هذا النوع من التكنولوجيا الحل لتشغيل الإلكترونيات التقليدية في أي وقت قريب.
لكن الباحثين يقولون إن البطارية بشكلها الحالي قوية بما يكفي لتشغيل أجهزة الاستشعار الحيوية البسيطة، مثل أجهزة قياس مستويات الجلوكوز في مرضى السكري أو الكشف عن مسببات الأمراض لدى المرضى، مما سيساعد في تقديم المساعدات الطبية العاجلة للأشخاص الذين يحتاجونها في أماكن ليس بها كهرباء.
يقول تشوي “يمكننا القول إن تكنولوجيا الوقود البكتيرية الورقية أقل أنواع التكنولوجيا الورقية تطوراً بين العديد من البطاريات المرنة والمتكاملة المعتمدة على الورق، ونحن متحمسون لتلك التكنولوجيا لأن الكائنات الميكروبية يمكنها جني الطاقة الكهربية من أي نوع من المصادر القابلة للتحلل، مثل مياه الصرف الصحي، المتاحة بسهولة. أظن أن هذا النوع من البطاريات الحيوية الورقية يمكن أن يكون مصدر الطاقة المستقبلي للإلكترونيات الورقية”.
المصدر: هافينغتون بوست