لم يكن ليُمحى من الذّاكرة، مشهد محاولة أهالي بلدة أرنون اللبنانية عام 1999 تحريرها، بعد أن دخل إليها أهلها عزّلاً، رغماً عن الاحتلال الصهيوني.. شعب استمد القوة من مقاومته.. فتجرع الشجاعة يومها ليأخذ واحدة من أهم الخطوات في تاريخه، حينها زاد أمل الشعب اللبناني وثقته بأن الجنوب كله سيتحرر، خاصة أن ضربات المقاومة كانت تزيد وتتكثف ضد العدو الصهيوني وعملائه في الجنوب.
استمر هذا المشهد حديث الناس، إلى أن جاء أيار عام 2000 وكانت الأمور أصبحت ناضجة بعد إنهاك المقاومة لعدّوها، طبعاً كانت المقاومة الإسلامية حينها في ذروة عملها، وكان لسورية دورها المشهود في دعم المقاومة طوال تلك الفترة.
في ذكراها الرابعة والعشرين، استضاف موقع قناة المنار شخصيات كانت شاهدة على تلك المرحلة عن كثب، استذكرت المرحلة كاملة منذ بداية العدوان الصهيوني على لبنان واجتياح ال1982 وما تأسس خلال تلك السنوات وصولاً إلى التحرير، الذي كان نتاجاً لتراكمات العمل المقاوم في لبنان من أحداث جرت، ليكون بعدها عمل المقاومة من دفاعي إلى ردعي فهجومي.
ضيف موقع المنار خالد أحمد جبريل الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، تحدث عن تاريخ طويل أسس للمرحلة المفصلية في تاريخ لبنان، مبيّناً أهمية الدور السوري في تلك المرحلة، وكيف ساهم الجيش السوري آنذاك في دعم المقاومة الإسلامية حتى الوصول إلى التحرير والمتابعة في الانتصارات المتتالية كداعم وشريك.
الخوض في الحديث عن المقاومة والتحرير يحتاج وصفاً منطقيّاً عن ظروف نشوء المقاومة آنذاك واستراتيجية الرؤية السورية، وكيف برز المحور ووقوفه إلى جانب المقاومة في اللبنانية في تنظيمها ودعمها بشكل كبير.
التراكمات المرحلية في الإنجازات التي برزت مباشرة بعد تأسيس المقاومة على شكلها الذي حرر لبنان من الكيان وعملائه، وصفها اللواء المتقاعد في الجيش السوري الدكتور حسن أحمد حسن وهو الخبير العسكري والاستراتيجي وكان شاهداً عن قرب عن تلك المراحل وصولاً إلى يومنا هذا.
الانتصارات اليوم من نتاج انتصار أيار 2000، ولاحقاً انتصار تموز 2006 ومن ثم مراكمة العمل خلال السنوات اللاحقة التي أثبتت فيها المقاومة مدى قوتها، وصولاً إلى اليوم، وما جاء في طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، حين بدأت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والثانية التي تلتها مباشرة من جنوب لبنان بمكاملة دور حزب الله كجبهة دعم واسناد.
ووصف حسن الدور السوري بشكل واضح في دعمه المقاومة إلى جانب الجمهورية الإسلامية في إيران باعتبار أن البلدين شكلا محور المقاومة، إلى جانب حركات المقاومة في المنطقة.
ذروة التوسع للمشروع الصهيوني كانت عام 1982، وهنا يمكن القول أن المقاومة الإسلامية والجيش السوري وضعا حداً منعَ استمرار توسع الكيان القائم على الاحتلال، جاء 25 أيار عام 2000. وشكل اندحار الاحتلال من لبنان، بداية مرحلة التآكل للكيان الصهيوني وانتقاله من مرحلة التوسع، وما كان يصوره على انه انتصارات، إلى مرحلة التراجع والهزائم التي تلاحقت عليه مرة تلو أخرى. والشاهد الأحدث ما يجري اليوم في الجليل من ضربات تلحقها المقاومة بالاحتلال في الجليل الأعلى شمال فلسطين المحتلة، وهذا ما يؤكد أهمية انتصار أيار 2000.
قطار انتصارات المقاومة يكمل سيره الذي توَّجَهُ الانتصار العظيم قبل 24 عاماً، معلناً جنوب لبنان أرضاً محررة بعد احتلال العدو الصهيوني لها 18 سنةً، طيلة تلك الأعوام كانت سورية كما هي اليوم جنباً إلى جنب مع المقاومة ليس فقط بالموقف السياسي، إنما في كل عوامل الدفاع والمقاومة طيلة تلك السنوات.
المصدر: موقع المنار