تحل الذكرى الـ17 لحرب تموز – آب 2006 التي شنها العدو الاسرائيلي على لبنان واستمرت 33 يوما، وعلى الرغم من ارتكاب الصهاينة جرائم فظيعة بحق المدنيين واستخدامهم القوة المفطرة لإحداث تدمير هائل في البنى التحتية والابنية السكنية في مختلف المناطق لا سيما الضاحية الجنوبية لبيروت وقرى الجنوب والبقاع، رغم كل ذلك خرجت “اسرائيل” بأكبر هزيمة في تاريخها، تصديقا للمرحلة الجديدة في أمتنا التي أعلن عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وعنوانها “ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات”.
هذه الانتصارات التي ما انقطعت عن الامة منذ تحرير الجنوب اللبناني في العام 2000، وقد حاول العدو ترميم صورة جيشه المنكسر على أعتاب بنت جبيل ومارون الرأس وعيتا الشعب عام 2006، وجراء ذلك خاض العديد من التجارب العدوانية الفاشلة ضد قطاع غزة إلا ان الهزيمة كانت تلاحقه في كل مرة وتسقط هيبة صنعها الاعلام لجيش قيل في يوم من الايام إنه “لا يُهزم”.
ومؤخرا جاءت الانتكاسة الاسرائيلية الجديدة من أرض الضفة الغربية الأبية والصامدة، حين عجز جيش العدو بكل ما يملكه من قدرات عسكرية واستخباراتية ولوجستية من الدخول والسيطرة على منطقة لا تتجاوز كيلومترات عدة في مدينة جنين ومخيمها، مع توغل اكثر في تهشيم الصورة المتصدعة للجيش الاسرائيلي الذي فقد القدرة على الردع وباتت مجموعة صغيرة في مدن وقرى الضفة توجه له الصفعة تلو الاخرى عبر العبوات المصنعة محليا او عبر الصواريخ التي تدخل تدريجيا في المعادلات الجديدة للمقاومة بردعها للعدو، ناهيك عن اهتزاز الكيان من الداخل سواء عبر العمليات المنفردة والمنظمة التي ينفذها أبطال الشعب الفلسطيني، او عبر التصدعات والخلافات الصهيونية الحادة في الداخل والتي تشكل التظاهرات المستمرة أحد مظاهرها.
ولا شك ان الحصار الذي بات يعاني منه كيان العدو سواء عبر محور المقاومة والنار المصوّبة باتجاهه من عدة ساحات والتي ستحرقه في يوم من الايام، او عبر الازمات الداخلية المتواصلة دون توقف في الداخل تضع مصير الكيان على المحك، وتبين ان هذا الشيء المصطنع في منطقتنا غير قابل للحياة وان مصيره الزوال في وقت أقرب بكثير مما كان يتوقعه صانعوه.
وحول كل ذلك، قال المتخصص بالشأن الصهيوني أيمن علامة إنه “من المسائل التي تقلق العدو هو ربط الساحات، وهو ما توضح اكثر خلال معركة جنين الأخيرة مع عدم وجود أي أفق سياسي للعملية”. وتابع إن “المحللين الصهاينة أجمعوا على تبادل الاتهامات حول الإخفاق في معركة جنين، وطرح السؤال ماذا لو ترابطت الساحات؟ وماذا عن وضعنا في أي حرب مقبلة متعددة الجبهات؟”.
وأشار علامة في حديث لموقع قناة المنار الى “تقرير أصدره معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب يتحدث عن أن الممارسات الإسرائيلية الحالية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية تُشكِّل أرضا خصبة لتعاظم روح المقاومة الفلسطينية”. وتابع التقرير إن “إدارة إسرائيل للصراع وفق مفهوم جز العشب يوشك على استنفاد أدواته، وربما يؤدي إلى انفجار عنف واسع يُشكِّل تحديا واسعا لإسرائيل”. واوضح علامة ان “العدو يخشى من نشوب انتفاضة فلسطينية جديدة”.
من جهة ثانية، لفت علامة الى ان “العدو يخشى التظاهرات التي يشهدها الكيان للأسبوع الثامن والعشرين”. واضاف إن “هذه المشكلة ليست هي المشكلة الرئيسية لما يحدث، بل إن الكيان الصهيوني يعاني من مشكلة جوهرية ممتدة من أول نشوئه حتى يومنا هذا تتعلق بالبُعد الديمغرافي والاجتماعي ما بين يهود الشرق ويهود الغرب، وأيضا بين التيار العلماني والتيار المتشدد”. وذكر ان “تأثير هذه الاحتجاجات التي بدأت تأخذ شكلا عنفيا على الوضع والتماسك الاجتماعي وأيضا تحذير البنوك من هروب الأسهم الأجنبية من الداخل الإسرائيلي، لكن القلق الأكبر هو وصول تداعيات هذه الاحتجاجات إلى المؤسسة العسكرية وخاصة الجيش، بما نلاحظه من تمرد قوات الاحتياط والقوات الجوية وأيضا القوات التكنولوجية”.
وعن خطر الازمة الداخلية على مستقبل الكيان الغاصب، قال علامة إن “القادة الصهاينة باتوا يحذرون من هذه الازمة التي تؤدي الى عدم التماسك الداخلي مما يؤثر على عمل الجيش في البيئة الخارجية للكيان، كما بدأت التحذيرات عن عمر الكيان بعبارة لإيهود باراك، حيث تساءل: هل نكمل الثمانون سنة؟ وهو ما سماه بلعنة العقد الثامن..”. وتابع “ناهيك عن تصنيف الأزمة الداخلية في الكيان بالأزمة الوجودية، وذلك في التقرير الأخير لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي”.
وأشار علامة الى ان “رئيس الأركان السابق غادي ايزنكوت أكد أن الردع الاسرائيلي في المنطقة تراجع إلى مستوى لا أذكر مثله من عشرات السنين”. وتابع “كما حذر رئيس الموساد تامير باردو: أننا أمام مفترق طريق للوصول إلى الحرب الأهلية”. واعتبر انه “بحسب الرواية الإسرائيلية فإنه أمام هذا الواقع ينظر أعداء إسرائيل أنها مردوعة وضعيفة، فكيف اذا شنت حرب متعددة الجبهات؟”.
وهنا من المفيد الاشارة لكلام سابق للسيد نصرالله تحدث فيه عن الحرب الكبرى، حيث لفت الى ان “محور المقاومة يناقش فتح مختلف الجبهات معا”. واكد أن “الحرب الكبرى إذا وقعت ستكون نتيجتها زوال إسرائيل وأحد أشكال الردع هو التحضير للحرب الكبرى”. واشار الى أنه “قد تنتهي إسرائيل بتغير الظروف التي قامت على أساسها من دون أن نحتاج إلى حرب وهذا سيناريو واقعي، ومحور المقاومة في موقع قوة”.
المصدر: موقع المنار