أجرت تركيا بعد قرن على تأسيس الجمهورية، انتخابات رئاسية وبرلمانية. وجرت عملية الاقتراع في أجواء من الاستقطاب الشديد بين المرشحين الرئيسيين، الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان (69 عاماً) وخصمه زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو (74 عاماً) الذي يقود حزباً ديموقراطياً اجتماعياً وعلمانياً.
وأغلقت مكاتب الاقتراع البالغ عددها حوالى 200 ألف في تركيا الأحد عند الساعة 17.00 بالتوقيت المحلي، بعدما استقبلت حشوداً من الناخبين منذ الصباح، لانتخاب الرئيس الـ 13 للجمهورية وتجديد أعضاء البرلمان.
وأظهرت نتائج الانتخابات التركية تقدم مرشح تحالف الجمهور الحاكم في تركيا رجب طيب أردوغان بنسبة 49.35%، وسط ترقب جولة جديدة من الانتخابات في 28 مايو.
وأفادت قناة تي أر تي التركية الحكومية بالنتائج النهائية بعد فرز جميع الأصوات حيث حصل الرئيس رجب طيب أردوغان على 49.35٪، وكيليتشدار أوغلو على 45٪. وبالتالي ستجرى الجولة الثانية من الانتخابات في 28 أيار/مايو، حيث لم يفز أي مرشح بنسبة 50% من الأصوات.
ولم يتمكن أي من المرشحين الأربعة وهم: رجب طيب أردوغان، كمال كيليتشدار أوغلو، سنان أوغان، محرم إنجه الذي سحب ترشيحه، من حسم النتيجة لصالحه بعد فرز أكثر من 100% من أصوات الناخبين، حيث يتقدم أردوغان على منافسيه، لكنه لم يتجاوز 50%، وهي نسبة الأصوات التي يحتاجها ليفوز بولاية رئاسية جديدة لمدة 5 سنوات.
إلى ذلك أعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات التركية أحمد ينار، اكتمال عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعموم البلاد بلا مشاكل. مع حلول الساعة 17:00 عصر أمس الأحد بالتوقيت المحلي.
وقالت مصادر عن المعارضة التركية لوكالة “تاس” الروسية أنه: “وفقا للمعلومات الأولية فقد بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التركية 93.6% على الصعيدين الرئاسي والبرلماني، وهذا رقم قياسي”.
ولم تصرح لجنة الانتخابات التركية المركزية عن بيانات بشأن نسبة المشاركة.
بالفيديو | مشاهد من بدء عمليات الفرز في اسطنبول
ومع فشل أحد المرشحين في اجتياز عتبة الحصول على 50 % + صوتاً واحداً من أصوات المقترعين، فهذا يعني أن تركيا تتوجه لجولة ثانية في 28 أيار/مايو الحالي. وكانت مصادر تركية في حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه إردوغان، وحزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، قد أشارت في وقت سابق من اليوم الإنتخابي، إلى أنه من غير المرجح أن يتخطى أي منهما حد الـ 50 % المطلوبة لتحقيق فوز مباشر من دون جولة ثانية. وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية وفق البيانات الأولية 88.3%.
أردوغان: نحن متفوقون في هذه الإنتخابات لكننا سننتظر النتائج الرسمية
وأمام أنصاره المحتشدين أمام المقر الرئيسي لحزب العدالة والتنمية في العاصمة التركية أنقرة، قال اردوغان فجر الاثنين “نعلم بأننا متفوقون في هذه الانتخابات ولكننا ننتظر النتائج الرسمية التي ستظهر الإرادة الوطنية”، وأضاف أن الأتراك تمسكوا بالديمقراطية من خلال الإقبال على مراكز التصويت.
واعتبر اردوغان ان الفائز بهذه الانتخابات هو الشعب التركي وتركيا من خلال تمسكها بالإرادة الوطنية، لافتاً إلى ان نسبة المشاركة في الانتخابات التركية لا مثيل لها في العالم وهي الأكبر في تاريخنا السياسي.
وأكد اردوغان ان حزب الشعب الجمهوري وبعض رؤساء البلديات حاولوا التشكيك في النتائج لكن ذلك لا يغير الواقع، وأضاف “نحن ننتظر من كل الأطراف إبداء نضج ديمقراطي واليوم أخذ الشعب قراره”، معتبراً أن “تركيا لديها أحد أفضل الأنظمة للانتخابات وليس من حق أحد التشكيك في ذلك ويجب احترام إرادة الناخبين”.
وتابع أردوغان “نحن ننتظر من كل الأطراف إبداء نضج ديمقراطي واليوم أخذ الشعب قراره”، وأضاف “مهما كانت نتيجة الانتخابات فأنا أتوجه بالشكر إلى 56 مليون مواطن تركي بصرف النظر عن اختياراتهم”، وأوضح “حسب نظام الفوز في الانتخابات في تركيا، ما زلنا لا نعرف ما إذا كان السباق قد حسم أم ليس بعد”.
وقال أردوغان “إذا قرر الشعب استكمال هذه الانتخابات في جولة ثانية فنحن جاهزون لذلك ومدركون لفوزنا”، داعياَ كل المراقبين والمسؤولين إلى الإبقاء على اليقظة حتى انتهاء فرز كل الأصوات. وأضاف الرئيس التركي “نرى أن “تحالف الجمهور” حقق الفوز في الانتخابات البرلمانية، ولا نعرف إن كنا بحاجة لجولة ثانية من الانتخابات”، وتابع “تحالُفنا قطع وعودا في الحملات الانتخابية بالوحدة والقوة والثبات وهو ما تحقق”.
وفي تصريح خلال عملية فرز الأصوات، انتقد أردوغان، إسراع المعارضة في إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وقال في تغريدة على تويتر: “في حين أن الانتخابات جرت في أجواء إيجابية وديمقراطية وبالتزامن مع استمرار فرز الأصوات، فإن محاولة إعلان النتائج على عجل (من قِبل المعارضة) تعني اغتصاب الإرادة الوطنية”.
بالفيديو | مشاهد من محيط مقر حزب العدالة والتنمية حيث القى اردوغان كلمته
وأضاف أن جريان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على شاكلة عيد ديمقراطي كبير يسوده السلام والهدوء، هو تعبير عن النضج الديمقراطي لتركيا. وأردف: “أطلب من جميع أصدقائي وزملائي البقاء في صناديق الاقتراع مهما حدث، حتى يتم الإعلان عن النتائج رسميًا. واستطرد: “أهنئ جميع المواطنين الذين صوتوا باسم الديمقراطية وشاركوا في العمل الانتخابي، وأعبر عن امتناني لكل واحد منهم”.
وبعد إغلاق صناديق الإقتراع، دعا اردوغان، مواطني بلاده إلى الدفاع عن إرادتهم لحين صدور النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت اليوم في عموم تركيا. وقال عبر حسابه على تويتر عقب انتهاء التصويت، إن عملية الاقتراع في عموم تركيا انتهت “بشكل يليق بديمقراطيتنا”.
وأردف: “الآن وكما هو معتاد، حان وقت صون إرادتكم والحفاظ على صناديق الاقتراع”. ودعا الرئيس التركي مواطني بلاده إلى “حماية إرادة الشعب لحين صدور النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية”.
كيليتشدار أوغلو: مستعدون للجولة الثانية وسنفوز في هذه الإنتخابات
وبدوره، قال المرشح الرئاسي كمال كيليتشدار أوغلو فجر الاثنين، إن أردوغان لم يصل إلى نسبة الأصوات التي كان يرغب فيها ولا يمكن الفوز بالانتخابات من الشرفة، مؤكداً عزمه الفوز في هذه الإنتخابات. واعتبر أن النتائج الأولية كشفت أن أردوغان لم ينل ثقة الشعب التي كان يرغب فيها، مشيراً إلى أنه إذا قرر الشعب الذهاب إلى جولة ثانية فنحن مستعدون وسنفوز في هذه الانتخابات.
وفي تصريح سابق له، ندد زعيم المعارضة التركية كمال كيليتشدار أوغلو بما أسماه “إعاقة فرز الصناديق” في مناطق مناصرة له، مطالبا هيئة الانتخابات بألا تعيق إرادة الشعب، على حد قوله. وأضاف “باقون هنا حتى إحصاء آخر صوت في الانتخابات”.
ونشر مرشح المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو تغريدة ثانية، قال فيها إلى أن نسبة الأصوات التي حصدها منافسه، الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب إردوغان، بدأت عند 60 % مساء السبت وتراجعت “إلى دون الـ50 % حالياً”. وحث كيليتشدار أوغلو مسؤولي الانتخابات على البقاء في حالة تأهب وعدم التخلي عن مناصبهم في بقية المساء.
وقال كيليتشدار أوغلو “يجب ألا يغادر مراقبو صناديق الاقتراع ومسؤولو الانتخابات أماكنهم. لن ننام الليلة يا شعبي. أحذر اللجنة العليا للانتخابات بأن عليها تقديم البيانات من المقاطعات”.
الهيئة العليا للانتخابات في تركيا: تم إدخال 69.12% من البيانات الانتخابية ولا تأخير في معالجتها
وكشفت الهيئة العليا للانتخابات في تركيا عن أنه تم إدخال 69.12% من البيانات الانتخابية، مؤكدة أنه لا تأخير في معالجتها. وسبق أن أكد رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تركيا أحمد ينار -في تصريح صحفي- أن الهيئة لم تتأخر في إدخال بيانات فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإنها تتشاركها باستمرار مع الأحزاب، وفقا للقانون.
وبدأت معركة الأرقام مساء الأحد في تركيا بعد فرز جزئي لبطاقات الاقتراع في الانتخابات الرئاسية، بين الرئيس رجب طيب إردوغان الذي تفيد وسائل الإعلام الرسمية بتقدّمه، ومنافسه كمال كيليتشدار أوغلو الذي يقول إنه حصل حتى الآن على النسبة الأكبر من الأصوات.
لمن صوّت الأتراك المقيمين في الخارج؟
بعد فرز 39.72% من أصوات الأتراك في الخارج، تشير النتائج إلى تقدم الرئيس التركي رجب أردوغان بنسبة 56% من هذه الأصوات مقابل 40.5% لصالح كيليتشدار أوغلو، و2.3 % لسنان أوغان و1.3% لمحرم إنجه. وبلغت نسبة المشاركة في الخارج نحو 51.37%، بحسب وكالة الأناضول التركية. بعض البلدان مثل ألمانيا هي تقليدياً معاقل لمؤيدي الرئيس رجب طيب إردوغان، بينما في دول أخرى مثل المملكة المتحدة، صوتوا تقليدياً للمعارضة.
حالياً بعد فرز نحو 39% من الأصوات، بلغت النسب في بعض الدول حول العالم كالتالي.
بريطانيا: 79.3% لصالح كيليتشدار أوغلو و18.6% لصالح اردوغان
فرنسا: 35.7% لصالح كيليتشدار أوغلو و62% لصالح اردوغان
ألمانيا: 32.6% لصالح كيليتشدار أوغلو و65.2% لصالح اردوغان
إيطاليا: 71% لصالح كيليتشدار أوغلو و26% لصالح اردوغان
الولايات المتحدة: 78.4% لصالح كيليتشدار أوغلو و17.8% لصالح اردوغان
وتصدر حزب العدالة والتنمية في الإنتخابات التشريعية العامة، بحصوله على نحو 50% من أصوات المقترعين. وخرج انصار الحزب في الشوارع للإحتفال، خصوصاً في العاصمة أنقرة.
العدالة والتنمية: تركيا قدمت اختبارا جيدا في الديمقراطية
وقال علي إحسان ياووز، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، الأحد، إن تركيا مرت بمرحلة مهمة وقدمت اختبارا جيدا للديمقراطية. وأكد ياووز المسؤول عن شؤون الانتخابات بالحزب، في تصريح للصحفيين، انعكاس الإرادة الوطنية في صندوق الاقتراع، وأنه لا توجد مشكلة في تركيا فيما يتعلق بأمن الانتخابات.
ولفت إلى أنه “حتى الساعة 15:00 من يوم الثلاثاء المقبل، سيتمكن كل حزب من الاعتراض على نتائج صناديق الاقتراع، والتصويت الصحيح والباطل وغير ذلك”. وأضاف: “حسب المعطيات الموجودة لدينا، يمكنني القول إن الرئيس أردوغان متقدم وكذلك تحالف الجمهور في عموم البلاد”.
وقد أغلقت مراكز الاقتراع الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي وبدأ فرز الأصوات بعد ذلك مباشرة. وتعد هذه الانتخابات من بين الأكثر أهمية في تاريخ تركيا الحديث الممتد على مدى 100 عام.
وكانت مراكز الاقتراع قد فتحت أبوابها أمام المواطنين الأتراك الساعة 8:00 بالتوقيت المحلي. وأدلى الأتراك بأصواتهم في أكثر من 191 ألف صندوق اقتراع في 81 ولاية من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد لمدة 5 سنوات، واختيار أعضاء البرلمان البالغ عددهم 600 نائب. ويبلغ عدد الذين يحق لهم التصويت 60 مليونا و697 ألفا 843 ناخبا، منهم 4 ملايين و904 آلاف و672 ناخبا سيصوتون لأول مرة.
وتنافس على منصب الرئاسة كل من الرئيس التركي مرشح تحالف “الجمهور” رجب طيب أردوغان الذي يطمح إلى الفوز بولاية ثانية وأخيرة بعد تحول البلاد إلى النظام الرئاسي، ومرشح تحالف “الشعب” وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، ومرشح تحالف الأجداد سنان أوغان.
وكان مرشح حزب البلد محرم إينجه قرر الخميس الانسحاب من السباق الرئاسي، في حين يتنافس 24 حزبا سياسيا على مقاعد البرلمان. وأوضحت الهيئة العليا للانتخابات أن الأصوات التي يحصل عليها إينجه ستحتسب أصواتا صحيحة في الجولة الأولى.
ويخوض 24 حزبا سياسيا و151 مرشحا مستقلا السباق الانتخابي في الانتخابات التشريعية. بينما دخلت بعض الأحزاب السياسية الانتخابات في تحالفات بلغت خمسة مختلفة، هي تحالف “الجمهور”، وتحالف “الشعب”، وتحالف “الأجداد”، وتحالف “العمل والحرية”، و”اتحاد القوى الاشتراكية”.
واتخذت الهيئة العليا للانتخابات التركية تدابير مختلفة في الولايات الـ11 المتضررة من زلزال 6 فبراير/شباط 2023، لإجراء الانتخابات بشكل سليم في مراكز مسبقة الصنع مخصصة لذلك، وفق ما أعلنت وكالة الأناضول.
ملفات خارجية ساخنة بانتظار الرئيس التركي المقبل
وبمعزل عن هوية الفائز في الانتخابات الرئاسية التركية التي شهدتها البلاد الأحد، فسيكون من نصيب الرئيس المقبل التعامل مجموعة من الملفات الدولية الساخنة، يفرضها على تركيا واقعها الجغرافي بكل بساطة.
ففي الصيف الماضي (تموز/يونيو 2022)، أدت وساطة تركية قادها الرئيس المنتهية ولايته، رجب طيّب إردوغان، في الحرب الروسية – الأوكرانية، مع الأمم المتحدة، إلى إيجاد صيغة سمحت لأوكرانيا بالاستمرار بتصدير محاصيلها ومنتجاتها الزراعية. سمّي ذلك الاتفاق باتفاق اسطنبول.
وقبل ذلك حاولت أنقرة جمع مسؤولين من كييف وموسكو من أجل مفاوضات سلام ولكن العملية باءت بالفشل. فتركيا حتى الآن حافظت على دور متوازن في الحرب: دعمت أوكرانيا من جهة، ولكنها رفضت فرض العقوبات على روسيا. وقال إردوغان نفسه “واقعنا الجغرافي يفرض علينا اتباع هذه السياسة”.
وأيضاً، سيكون الملف السوري أيضاً أحد الملفات الساخنة والجاهزة على طاولة الرئيس. لقد بدأت أنقرة منذ أشهر بعملية بطيئة من تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية بعد قطيعة دامت سنوات. وجرت لقاءات بين مسؤولين أتراك وسوريين برعاية روسية. ويمس الملف السوري طبعاً بالمسألة الكردية ومن هنا ربما يمكن فهم الرغبة التركية بإيجاد مخرج. كما أن هذا الملف يخص ملايين اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا حالياً.
التوتر مع أثينا ووراءها الاتحاد الأوربي أيضاً أحد الملفات الجاهزة. لقد ساءت العلاقة بين بروكسل وأنقرة تدريجياً منذ محاولة الانقلاب العسكري في تركيا عام 2016 وما تلاها من حملة تطهير داخلية قادها إردوغان. ورغم أن العلاقات تحسنت تدريجياً بعد شيء من الغليان بسبب “شرق المتوسط” والاحتكاكات التركية الفرنسية اليونانية، إلا أنها تبقى أعسر مما كانت عليه في العقد الماضي. ربما يكون موقف إردوغان من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عامل أساسي في فتور هذه العلاقة.
وتلعب تركيا أيضاً دوراً مهماً في المناوشات شبه المستمرة بين أرمينيا وأذربيجان بسبب إقليم ناغورنو قره باغ. وتمون أنقرة على باكو وتدعمها عسكرياً. ولكن أنقرة أيضاً تدفع، عبر تواصل دائم مع موسكو، إلى صيغة دائماً للسلام بين يريفان وباكو.
المصدر: مواقع