قبل 10 أعوام معركة السماء الزرقاء .. يوم قصفت السرايا “تل أبيب” لأول مرة – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

قبل 10 أعوام معركة السماء الزرقاء .. يوم قصفت السرايا “تل أبيب” لأول مرة

السماء الزرقاء

مع بزوغ شروق شمس الرابع عشر من تشرين الثاني، تطل علينا ذكرى الدم والشهادة، ذكرى العزة والفخار والشموخ والانتصار، التي وقف فيها رجال السرايا والمقاومة للعدو الصهيوني بالمرصاد؛ للجمه وللحد من غطرسته وعدوانه ضد شعبنا الفلسطيني.

يوم تاريخي سُطر بمداد من الدم، عندما كانت سرايا القدس هي صاحبة الرد الأول والسريع على اغتيال الشهيد أحمد الجعبري “القائد في كتائب القسام”، وكانت السبَّاقة في قصف مدينة تل أبيب المحتلة لأول مرة في تاريخ المقاومة.

اليوم نقف على ضفاف مجد الذكرى العاشرة لـ”معركة السماء الزرقاء” التي خاضتها سرايا القدس والمقاومة الفلسطينية، مُتوَّجةً بانتصارين كبيرين سياسياً وعسكرياً على العدو الصهيوني.

لقد حققت المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها سرايا القدس، انجازات عسكرية تاريخية باستهدافها مدناً صُهيونية في عمق الكيان (تل أبيب وغيرها) لأول مرة، واستطاعت المقاومة أيضاً أن تُهدد سلاح الجو الصهيوني، وسلاح البحرية بشكل محدود، إلى جانب تمكنها للمرة الأولى من ممارسة الحرب النفسية وتدمير جبهة الاحتلال الداخلية وجيشه المهزوم، بصورة ذكية فاجأت العدو والعالم.

وأدارت المقاومة الفلسطينية المواجهة مع الاحتلال بثبات، وتحكمت بسير المعركة بطريقة أربكت العدو، وشكل عنصر المفاجأة عاملاً أساسياً في ضرب معنويات الجبهة الداخلية للعدو.

قصف “تل أبيب”

تبنت سرايا القدس، عملية قصف مدينة “تل أبيب” المحتلة وسط الكيان الصهيوني بصاروخ “فجر 5:، ومدينة “بيت يام” بصاروخ “فجر 3″، في إطار توسيعها لنطاق الرد على العدوان الصهيوني المتصاعد ضد قطاع غزة، ضمن عملية “السماء الزرقاء”.

وسادت حالة من الصدمة الشديدة في مدينة “تل أبيب” -التي تبعد 75 كيلو متراً شمالي غزة-، بعد أن طالتها صواريخ سرايا القدس، حيث أجبرت رئيس وزراء العدو “نتنياهو” وقادة جيشه الجبان على النزول والهروب للملاجئ؛ خوفاً من صواريخ السرايا.

وقالت صحيفة معاريف الصهيونية، على موقعها الالكتروني آنذاك، إن حالة من الصدمة الشديدة سادت مدينة “تل أبيب” المحتلة، لافتةً إلى أن الصهاينة عاشوا فيها حالةً من الرعب والقلق بعد قصف السرايا لها.

ونقلت عن صهيوني قوله: “متنا من الخوف!”، وثانٍ يقول: “صداع وضغط وبكاء نتيجة ضرب تل أبيب”، وآخر: “أنا أشعر بالخوف الشديد”.

فيما أوضح صهيوني آخر للصحيفة: “القصف مخيف، إنني أسكن في الطابق التاسع، واضطررت أن أنزل 3 طوابق لأختبئ؛ لأنه لا يوجد مكان محصن في شقتي”.

وأضاف: “أول مرة يحصل هذا لي، وأتمنى أن يكون آخر صاروخ، الأمر مخيف للغاية، عجزت عن التحرك، وأصبح جسمي يرجف”.

حصاد المعركة

وأعلنت سرايا القدس عن دك حصون المحتل خلال “معركة السماء الزرقاء” الجهادية بـ 620 صاروخ وقذيفة من بينها صاروخي فجر ( 3،5)، وصاروخ (كورنيت)، وصواريخ مضادة للبوارج الحربية، وصواريخ C8K، بالإضافة إلى صواريخ جراد و107 وقدس وهاون، في المقابل اعترف العدو الذي لا يزال يتكتم على حقيقة خسائره، بمقتل 3 جنود وضباط صهاينة، وإصابة نحو ( 19) جندياً وضابطاً قي مغتصبة “أشكول” الصهيونية، وإصابة العشرات من المغتصبين الصهاينة وُصفت جراحهم بالمتوسطة والخطيرة، إلى جانب تدمير شبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية بـ”تل أبيب” وتضرر العديد من المباني والممتلكات الصهيونية بصورة شبه كاملة، حيث قدرت الخسائر الصهيونية المباشرة بمئات ملايين الدولارات.

في حين، زفت سرايا القدس، إلى علياء المجد والخلود 14 من خيرة مجاهديها وقادتها الميامين، الذين ارتقوا في عمليات استهداف صهيونية منفصلة في قطاع غزة، وأبرزهم الشهيد القائد رامز نجيب حرب “مسؤول الإعلام الحربي في لواء غزة”، والشهداء: (أيمن اسليم “لواء غزة” – محمد ياسين “لواء غزة” – محمد اشكوكاني “لواء غزة” – سيف الدين صادق “لواء خان يونس” – محمود شعت “لواء خانيونس” – محمد بدر “لواء الوسطى” – تامر الحمري “لواء الوسطى” – محمد أبو عيشة “لواء الوسطى” – حسن الأستاذ “لواء الوسطى” – مصطفى أبو حسنين “لواء الوسطى” – محمد شملخ “لواء غزة” – إبراهيم شحادة “لواء الشمال” – محمد عبيد “لواء الشمال”).

ستبقى سرايا القدس كابوساً يلاحق قادة العدو ومغتصبيه، وستخرج لهم بعزيمة أقوى وقوة أكبر بعد كل جولة، وأثبتت للجميع الجولات والمعارك الأخيرة التي خاضتها سرايا القدس كعملية الوفاء للشهداء مروراً بعملية وعد الأوفياء ومروراً بعملية ثأر تشرين ومروراً بجحيم عسقلان ومروراً بمعركة حمم البدر ومروراً بمعركة صيحة الفجر وصولاً إلى معركة سيف القدس، وحتى يومنا هذا ما زالت سرايا القدس تلقن العدو درساً تلو الأخر دفاعاً عن أبناء شعبنا وأرضنا ومقدساتنا والتي كان آخرها معركة “وحدة الساحات” التي خاضتها السرايا رداً على اغتيال الشهيدين القائدين تيسير الجعبري وخالد منصور، واستخدمت صواريخ البراق والبدر3 المطور وغيرها في دك المدن والبلدات المحتلة بمئات الرشقات الصاروخية المتنوعة، كما استهدفت طائرات العدو بصاروخ مضاد للطيران في أجواء جنوب القطاع.


حركة حماس: ماضون على درب المقاومةِ
وفاءً للشهداء ودفاعاً
عن شعبنا

وأكدت حركة المقاومة الإسلامية ” حماس ” أن معركة حجارة السجيل ستظل علامة فارقة في تاريخ صراعنا مع العدو الصهيوني، ومحطة مهمّة من محطات الانتصار عليه، أثبتت فيها المقاومة الباسلة وحاضنتها الجماهيرية أنَّ التمسّك بخيار المقاومة الشاملة هو السبيل لردع الاحتلال وانتزاع الحقوق وتحرير الأرض والمقدسات وقالت حركة حماس في بيان صحفي في الذكرى العاشرة لمعركة حجارة السجيل: “إن العدو قد ظن واهماً أنَّ إقدامه على ارتكاب جريمة اغتيال القائد الشهيد أحمد الجعبري، ستوهن من عزيمة شعبنا، أو تضعف من قوّة المقاومة وتكسر من إرادتها، أو تحقّق له نصراً موهوماً، بل كان ارتقاء القادة الشهداء ملهماً لمزيد من إعداد القوّة والإثخان في العدو وإرباك حساباته الخاطئة، وسنبقى الأوفياء لعهد الشهداء حتى زوال الاحتلال عن أرضنا”.

صواريخ المقاومة في غزة
صواريخ المقاومة في غزة

وشددت الحركة على أن مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك كانت في صلب المعارك البطولية التي خاضتها الحركة ضدّ العدو الصهيوني منذ وطئت أقدامه أرضنا التاريخية، فهما محرّك الثورات ومنبع الانتفاضات، مبينةً أن المساس بالقدس والأقصى خط أحمر، وسنبقى حماة مدافعين عنهما بكل الوسائل، ولن تفلح جرائم الاحتلال الاستيطانية والتهويدية المتصاعدة في طمس معالمهما التاريخية وهُويتهما الفلسطينية.

وأشارت إلى أنّ استراتيجية الوفاء للأسرى التي تبنّتها الحركة، بكل أشكال العمل المقاوم، لتحريرهم من سجون الاحتلال، ستبقى راسخة وحاضرة على رأس أولوياتها، وما إنجاز صفقة وفاء الأحرار التي تنسّم خلالها ثلة من أبناء شعبنا الأسرى عبق الحرية على أرض الوطن، إلاّ محطّة ستتبعها محطّات وفاء قادمة، بإذن الله، حتى تحرير جميع أسرانا البواسل وأسيراتنا الماجدات.

ودعت حركة حماس جماهير شعبنا في كل ساحات الوطن وخارجه إلى تعزيز قيم الوحدة والتوافق والشراكة الوطنية من أجل تمتين الجبهة الداخلية القادرة على مواجهة الأخطار والتحديات، ومجابهة الاحتلال والعدوان بحق أرضنا ومقدساتنا.

كما دعت أمتنا العربية والإسلامية إلى مواصلة دعمها لصمود شعبنا ونضاله المشروع، انتصاراً للقدس والأقصى، وكسراً للحصار المفروض على قطاع غزّة.

في حجارة السجيل.. قُصفت “تل أبيب”
وحُطّمت معادلاتها
الوهمية

 

قصف تل أبيب
قصف تل أبيب

مع كل معركة تخوضها المقاومة الفلسطينية دفاعا عن الشعب الفلسطيني  ومقدساته، تفرض معادلات جديدة هي نتاج سنوات طويلة من الإعداد والتجهيز والتدريب، وقدمت المقاومة في سبيل ذلك العديد من الشهداء، وبذلت الكثير من الجهد والوقت كخطوة على طريق تحرير فلسطين.

زمن فرض العدو لمعادلاته وشروطه على المقاومة ولى إلى غير رجعة، ففي معركة “حجارة السجيل” لم تمض بضع ساعات فقط على اغتيال الاحتلال قائد أركان المقاومة الشهيد أحمد الجعبري في الرابع عشر من نوفمبر 2012 حتى جاء رد كتائب القسام ما يراه العدو لا ما يسمعه وعلى غير ما يتوقع ويستعد.

تغيير قواعد الاشتباك

صبت المقاومة نار صواريخها على تل أبيب، في تغير جذري لقواعد الاشتباك وفرض معادلات جديدة كان العالم كله شاهدا عليها، فهي المرة الأولى في تاريخ الصراع مع الاحتلال الصهيوني التي تقصف فيها “تل أبيب” عاصمة سيادة الاحتلال المزعومة.

وخلال معركة حجارة السجيل التي استمرت ثمانية أيام كشفت كتائب القسام عن صاروخ M75 الذي قصفت به تل أبيب وسمته تيمنا بالشهيد القائد المفكر إبراهيم المقادمة والذي بلغ مداه 75 كيلو مترا.

نوعية الرد على اغتيال الجعبري وسرعته أصابت قادة العدو بالذهول، واعترفت استخباراته بفشلها في امتلاكها أي معلومات عن الصاروخ الذي صنعته القسام محليا وقصفت به تل أبيب بشكل غير متوقع.

فرض المعادلات

وبعد قصف تل أبيب في حجارة السجيل، اتضح مسار المعادلة جولة بعد أخرى، وجرت العادة أن تكون المدينة تحت وطأة نيران الصواريخ في كل مواجهة تخوضها المقاومة مع الاحتلال.

وفي صيف عام 2014 وخلال معركة “العصف المأكول” أعلنت القسام لأول مرة عن قصف تل أبيب بصواريخ من طراز J80 “محلية الصنع” الذي أسمته تيمنا بالشهيد القائد أحمد الجعبري، وتحدت العدو من اعتراض هذا الجيل من الصواريخ.

وفي فرض معادلة جديدة، حددت كتائب القسام الساعة التاسعة مساءً موعداً لقصف تل أبيب وتحدت الاحتلال من اعتراض صواريخها، ودعت في الوقت ذاته وسائل الإعلام إلى رصد صواريخها في سماء تل أبيب.

وعند الساعة التاسعة مساءً انهمرت الصواريخ على تل أبيب أمام بث شاشات التلفاز دون أن تتمكن منظومات الاحتلال من اعتراضها، لتتضح حجم المعادلة التي سطرتها المقاومة والفشل الكبير الذي مُني بها الاحتلال.

مراكمة الإنجازات

راكمت المقاومة بعد معركة “العصف المأكول” الإنجازات وعززت معادلاتها، وطورت قدراتها التي شهدت قفزة نوعية في الأداء متقدمة خطوة إضافية في الصراع مع العدو عبر تثبيت قواعد اشتباك جديدة على طريق التحرير والعودة.

وخلال جولات المواجهة مع العدو عام 2019، أكدت القسام معادلتها بأن مدن العمق الصهيوني ستبقى تحت نيرانها ما دام الاحتلال يواصل جرائمه وانتهاكاته ضد شعبنا، فقصفت مدينة “هشارون” شمال تل أبيب بعدة صواريخ.

جاء القصف ردا على اعتداء وحدات القمع الصهيونية على الأسرى الفلسطينيين في سجن النقب عام ٢٠١٩، كما كشفت “القسام” عن ذلك خلال برنامج ما خفي أعظم في نوفمبر عام 2021.

وفي معركة سيف القدس في مايو 2021، كان لتل أبيب النصيب الأكبر من الضربات، فبعد أقل من ساعتين من استهداف أول برج سكني في غزة وجهت كتائب القسام أكبر ضربة صاروخية ثقيلة تتعرض لها تل أبيب في تاريخ الصراع، فقصفت المدينة وضواحيها بـ 130 صاروخا.

وخلال هذ الاستهداف، الذي سبقه تحذير المقاومة للاحتلال بأن أي استهداف للأبراج سيكون الرد قصف تل أبيب، ثبتت كتائب القسام معادلة جديدة وهي القصف بالقصف، وتوعدت بالرد باستهداف تل أبيب على ارتكاب الاحتلال أي حماقة أو استهداف أي منزل سكني في غزة.

ضربت المقاومة الفلسطينية المنظومة الأمنية الصهيونية في مقتل، فلم يعد الاحتلال في مأمن في مدن العمق ذات الأهمية السياسية والاقتصادية الكبيرة بالنسبة للاحتلال.

أثبتت المقاومة أنها ند للاحتلال، وقادرة على طرده من أرضنا عبر فرضها للكثير من المعادلات الصعبة، فالتاريخ سجل ولأول مرة في صراعنا مع العدو الصهيوني وفي ثلاث معارك مختلفة تمكن المقاومة من قصف تل أبيب وتدمير نظرية أمن العمق الصهيوني التي طالما تغنى بها الاحتلال، ليصبح قرار قصف تل أبيب أسهل على المقاومة من شربة الماء.

جثث جنود محترقة في الشجاعية..
ذكريات آلمت الاحتلال
الاسرائيلي

 

وتركت “معركة الشجاعية” التي تصدت فيها المقاومة الفلسطينية في مقدمتها كتائب القسام، لقوات “لواء غولاني” في جيش الاحتلال خلال محاولتها اجتياح الحي الشرقي لمدينة غزة، أثناء العدوان العسكري الموسع على القطاع الساحلي صيف 2014، مشاهد مروّعة في أذهان الجنود “الإسرائيليين”.

وكانت تلك المعركة دامية وشهدت اشتباكات عنيفة، تفحمت فيها جثث جنود الاحتلال، وتناثرت أشلائهم يمنة ويسرى، حتى أن قائد لواء غولاني آنذاك، قال إن الاشتباكات بغزة تختلف كليًا عن الاشتباكات مع حزب الله، وعملية السور الواقي ضد المقاومين بالضفة، وكذلك حرب غزة 2008.

قوات الاحتلال الصهيوني
قوات الاحتلال الصهيوني

بسالة نخبة كتائب القسام في ميدان القتال، تزامن معها قصف متواصل لقلب الكيان المزعوم “تل أبيب”، ورشقات صاروخية تلو الأخرى، حوّلت ليل المدينة المحتلة إلى نهار، وأجبرت ساكنيها المستوطنين على النزول إلى جحورهم المسماة بـ”الملاجئ”.

وحاول الاحتلال الإسرائيلي جاهدًا التستر على عدد ضحاياه وعما دار في ليالي “الشجاعية”، لكنّ الحالة النفسية الصعبة التي عاشها جنوده عقب الحرب ولا تزال عالقة في أذهانهم حتى الآن، أجبرتهم على الإدلاء عن بعض ما رأوه من جحيم، لوسائل الإعلام.

“جثث عالقة في ذهني”

إيريز الكاباتس، قائد كتيبة 13 في لواء غولاني والذي أوعز بدخول القوة إلى حي الشجاعية، كشف في مقابلة منذ أيام مع القناة 12 العبرية، عن بعض مما يستذكره في الليلة السوداء للواء “غولاني” في الشجاعية شرق مدينة غزة.

وقال العقيد الكاباتس “لا تزال تدوي في رأسي أصوات الحرب، ولا زلت أتخيل ساحة المعركة أمامي طوال الوقت، لا زلت أسمع الصراخ والنداءات والانفجارات، أنا ببساطة أرى المعركة أمام عيني مباشرة وعيناي مفتوحتان، يمكنني سماع الانفجارات، والصواريخ المضادة، ونيران المدافع الرشاشة أسمعها طوال الوقت – لا أنام جيدًا في الليل”.

وأضاف: “يومها عبرنا السياج الحدودي، وفي غضون ثوان قليلة أصيب ضابط تحت إمرتي بجروح خطيرة، لدينا طاقم دبابة آخر انقلبت دبابته، وتم إطلاق النار علينا من جميع الاتجاهات باستخدام الهاون، والصواريخ المضادة، وأسلحة القناصة”.

وتابع: “أقل من 20 دقيقة أول شيء أراه أمام عيني هو عربة مدرعة محترقة سرت باتجاهها وعند مدخلها أرى صورة لا أرغب في أن يراها أحد، لجنود محترقين، هذه صورة عالقة في رأسي حتى يومنا هذا”.

“حولتهم إلى مرضى نفسيين”

 

من ناحيتها، نقلت صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، شهادات حية لجنود “إسرائيليين” اشتركوا في “معركة الشجاعية” التي قالت إنها حوّلتهم إلى مرضى نفسيين، غير قادرين على العودة للحياة الطبيعية.

أحد هؤلاء الجنود لايزال يعاني من صدمة نفسية بعد أن تركه رفاقه وحيدًا بالمعركة، ورفضوا إدخاله للمدرعات بذريعة عدم وجود أماكن، قائلاً: “لم أتوقع يومًا أن يتصرف معي رفاقي في السلاح بهذه الطريقة التي كادت أن تودي بحياتي”.

وقالت الصحيفة في تقرير ضم شهادات أخرى، إن قائد كتيبة المدفعية قال: “ما جرى بالشجاعية يوازي معركة بنت جبيل بجنوبي لبنان خلال حرب 2006 بـ “8 أضعاف”، لقد عشنا في الشجاعية 8 بنت جبيلات، بل إن معركة الشجاعية تشبه حرب أكتوبر 1973”.

وأضافت أنّ “أحد الجنود يحاول حتى اليوم عدم المبيت في الطوابق الأرضية خشية الاختطاف، وفي حال اضطر للمبيت يغلق النوافذ الحديدية، تحولت حياته مع عائلته إلى جحيم، يكثر فيها الصراخ والبكاء”.

“ما بعد ليلة الشجاعية”

 

حالة الردع التي شكلتها شجاعة جنود نخبة القسام، في التصدي لهجوم الاحتلال البري على القطاع، جعلته يحسب ألف حساب حال ما أراد الدخول برًا مرة أخرى.

وفرضت ليلة الشجاعية تحديدًا قواعد اشتباك جديدة بين المقاومة الفلسطينية في غزة وجيش الاحتلال، حيث لم يجرؤ الاحتلال على مهاجمة القطاع برًا، منذ تلك المعركة؛ خشيًة وقوع أسرى وقتلى وجرحى. يذكر أن معركة “العصف المأكول” عام 2014، سجلت تقدمًا نموذجيًا فريدًا في أداء المقاومة، مكنها من صد العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وإلحاق هزيمة مدوية بجيش الاحتلال كانت بمثابة مقدمة للهزيمة الكبيرة التي مُني بها في معركة “سيف القدس”.

وخلال المعركة التي استمرت 51 يومًا استطاعت كتائب القسام إسقاط نظرية الجيش الذي لا يُقهر، من خلال استخدام استراتيجيات عسكرية عدة لم يكن يألفها الاحتلال في تجاربه السابقة مع قطاع غزة، ما كان له الأثر الكبير في تكبده خسائر بشرية ومادية فادحة. واستهلت القسام المعركة بتنفيذ عملية إنزال خلف خطوط العدو في قاعدة زيكيم العسكرية في ثاني أيام العدوان، تبعتها عملية إنزال خلف الخطوط في موقع صوفا شرق رفح، ثم تلتها عدة عمليات إنزال في كل من موقع أبو مطيبق، وموقع 16 العسكري، وموقع “ناحل عوز”، ثم أسر الجنديين “شاؤول أرون” و”هدار غولدن”.

وتكبد الاحتلال خسائر موجعة خلال المعركة، فاعترف بمقتل 64 جنديًا وسبعة مستوطنين، وإصابة العشرات، عدا عن الخسائر الاقتصادية والمادية والتي قدرت بملايين الدولارات وفقًا لتقرير أعده مراقب الكيان “يوسف شبيرا” حول إخفاقات “حرب غزة” صيف 2014م.

المصدر: وكالات فلسطينية