السبت   
   20 12 2025   
   29 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 12:57

السيد عمار الحكيم يؤكد أهمية وحدة البيت العراقي وتشكيل حكومة قوية قادرة على الإنجاز

أكد رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم، خلال كلمته في الحفل التأبيني الرسمي بذكرى استشهاد السيد محمد باقر الحكيم، أن الاختلاف السياسي ليس أمرًا مشروعًا فحسب، بل هو حاجة ضرورية، محذرًا في المقابل من تحويله إلى انقسام حاد أو تعطيل للمؤسسات، لما لذلك من أثر في إضعاف الدولة وتقويض ثقة المواطن وفتح المجال أمام التدخلات والضغوط الخارجية، مشددًا على أن الفراغ السياسي أخطر من الاختلاف مهما كانت تداعياته.

وأشار السيد الحكيم إلى أن العراق اليوم بحاجة إلى تماسك داخلي حقيقي، وإلى خطاب سياسي مسؤول يقدّم المصلحة الوطنية العليا على الحسابات الضيقة، ويجعل من التنوع مصدر قوة لا عامل انقسام وتشرذم، مؤكدًا أن العراق ليس بحاجة إلى مغامرات سياسية، بل إلى قرارات محسوبة تحمي شعبه ومستقبل أجياله.

وانطلاقًا من هذه المناسبة، وبناءً على حجم المسؤولية الوطنية، شدد الحكيم على أهمية وحدة البيت العراقي وتقوية أواصر الحوار البنّاء والفاعل، لافتًا إلى أن أهمية الوحدة الوطنية ونتائجها الإيجابية لمسها العراقيون في المنعطفات الحساسة التي مرت بها العملية السياسية خلال العقدين الماضيين.

وأوضح أن العراق، وبفضل تكاتف أبنائه ووعي شعبه، تمكن من تجاوز الكثير من المعوقات، وما زال يسير على المسار السليم لاستكمال منظومة الإصلاح الشاملة في البلاد، مؤكدًا أن تحقيق ذلك لا يمكن أن يتم من دون الوحدة والإصرار على حمايتها من التحديات والمخاطر.

الدولة تحتاج إلى شجاعة في الإصلاح والاعتراف بالخلل ومواجهة الفساد

وقال السيد الحكيم إن العراق يقف اليوم أمام استحقاق وطني كبير يتمثل في تشكيل حكومة قوية وواعية لمتطلبات المرحلة وتداعياتها، حكومة يتشارك فيها الجميع ويتحمل مسؤوليتها الجميع، لتكون حكومة قرار لا تردد، وحكومة مسؤولية لا تنصل، وحكومة قوية لا هشة.

وأضاف أن الشعب العراقي ينتظر حكومة قادرة على تحويل الاستحقاق الانتخابي إلى استقرار فعلي وخدمات ملموسة وفرص عمل واقتصاد منتج، معتبرًا أن قوة الحكومات لا تُقاس بشعاراتها، بل بقدرتها على الإنجاز، وبمستوى الانسجام بين مؤسساتها، وبمدى احترامها للدستور والالتزام ببرنامج واضح يخضع للمحاسبة والمتابعة والتقييم.

وفي هذا السياق، اقترح السيد الحكيم أن يُبنى البرنامج الحكومي على ثلاث مراحل زمنية متدرجة، تبدأ بمئة يوم للإنجازات العاجلة تُقاس خلالها جدية الحكومة من خلال ملفات تمس حياة المواطن اليومية، تشمل الكهرباء والماء والبطالة وانسيابية الخدمات وإجراءات النزاهة وترتيب الأولويات المالية. وتليها مرحلة عام الإصلاح للإدارة والحوكمة، تُستكمل فيها الإصلاحات الهيكلية عبر محاربة البيروقراطية وإصلاح منظومتي الجباية والإنفاق وتطوير الإدارة وتثبيت مبادئ الشفافية في العقود والمشاريع. أما المرحلة الثالثة، فتمتد لأربع سنوات لتحقيق الأثر التنموي المستدام، ويُقاس فيها نجاح الدولة بقدرتها على خلق فرص العمل وجذب الاستثمار وتحسين البنى التحتية وبناء اقتصاد متنوع.

وشدد على أن البلاد لا تُدار بالارتجال ولا بالمجاملة ولا بتأجيل القرارات الصعبة، معتبرًا أن الدولة تحتاج إلى شجاعة في الإصلاح والاعتراف بالخلل ومواجهة الفساد وحماية السيادة، مشيرًا إلى أن الإصلاح الحقيقي لا يكتمل من دون نهضة علمية وتقنية والاهتمام بالرقمنة والحوكمة، باعتبار أن التحول الرقمي لم يعد ترفًا إداريًا بل أضحى طريقًا أساسيًا لمحاربة الفساد وتحسين الخدمة العامة.

العراق مطالب باتباع سياسة خارجية متزنة ومستقلة وواضحة المعالم

كما أكد رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم على ضرورة مواجهة التحديات الإقليمية والدولية بروح وطنية مسؤولة، مشيرًا إلى أن منطقتنا تمر اليوم بمرحلة حساسة تتسم بتصاعد الأزمات وتداخل الصراعات وتغير موازين القوى. وأضاف أن العراق مطالب باتباع سياسة خارجية متزنة ومستقلة وواضحة المعالم، تهدف إلى حماية مصالحه الوطنية ومنع زجه في صراعات تهدد استقراره السياسي والاقتصادي والأمني.

وشدد السيد الحكيم على أن العراق لا ينبغي أن يكون ساحة صراع أو منصة لتصفية الحسابات، بل دولة فاعلة تسهم في الاستقرار وتدير علاقاتها على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وأكد وقوفه مع الحق والعدالة وحماية المدنيين، وإيقاف المآسي الإنسانية أينما كانت، لا سيما ما يجري على أرض فلسطين وما تعانيه المنطقة من أزمات متلاحقة.

وأشار إلى أن العراق ليس دولة عاجزة ولا فاقدة للأمل، وأن لديه إمكانات اقتصادية كبيرة وطاقات بشرية شابة وتجربة سياسية يمكن تصحيح مساراتها وتطويرها. ودعا إلى تعزيز الثقة الواقعية، وممارسة النقد البنّاء دون تحطيم معنويات المجتمع أو إضعاف ثقة المواطن بدولته، مؤكدًا أن بناء الأمل مسؤولية سياسية وأخلاقية لا تقل أهمية عن إدارة الأزمات.

وأكد السيد الحكيم أن سيادة القرار العراقي تمثل جوهر الدولة وعنوان استقلالها وأساس احترامها في محيطها الإقليمي والدولي، موضحًا أن السيادة لا تعني الانغلاق أو القطيعة، بل امتلاك القرار وبناء علاقات متوازنة تقوم على الندية والمصالح المتبادلة لا الإملاءات.

وأضاف أن تعدد مراكز القرار لا يصنع قوة، بل يستهلك الدولة ويفكك وحدتها ويعرضها لمخاطر جسيمة، مشددًا على أن السيادة الحقيقية لا تتحقق من دون اقتصاد وطني قوي، ومؤسسات دستورية فاعلة، وأمن مستقر، ووحدة داخلية صلبة.

وقال السيد إن كل هذه العناصر يجب أن تكون حاضرة في السياسة الخارجية للعراق، لتكون أساسًا لتقوية السياسة الداخلية وتحقيق أهداف التنمية الشاملة المرجوة في البلاد.

ضرورة التعامل بلغة الأولويات والتركيز على استكمال المنجزات الوطنية

أكد رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم على ضرورة التعامل بلغة الأولويات والتركيز على استكمال المنجزات الوطنية، مشددًا على أن الرؤى موحدة نحو إتمام مسيرة النهوض والإعمار في البلاد.

وأوضح أن الاتفاق على مسار واحد تحدده الأولويات الاقتصادية يُعد أساسًا لتجنب التشتت وضياع الوقت، مؤكدًا أن هذه الأولوية تحدد طبيعة السياسة الخارجية ومعايير اختيار المسؤولين، وتضمن أن يكون الحوار الوطني منتجًا وفعالًا في تحقيق الأهداف المرجوة.

وأشار السيد الحكيم إلى أن مجلس النواب، من خلال لجانه الفاعلة والمختصة، يجب أن يركز على إحداث ثورة تشريعية وقانونية تدعم الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في تحقيق الأولوية الاقتصادية.

وأضاف أن بقية مؤسسات الدولة، في سلطاتها التنفيذية والقضائية، مدعوة للتحول إلى قطب بناء وحراك نحو إنجاز هذه الأولوية بأسرع وقت ممكن، مع استثمار جميع الجهود والعلاقات الإقليمية والدولية لضمان مصالح العراق العليا وحماية ثوابته وقيمه المعروفة.

شهيد المحراب الخالد كان حاضرًا في معركة الموقف قبل معركة السلطة والمناصب

وفي كلمته، أكد السيد الحكيم أن شهيد المحراب الخالد كان حاضرًا في معركة الموقف قبل معركة السلطة والمناصب، مؤمنًا بأن خلاص العراق لا يكون بالاستبداد ولا بالإقصاء، بل ببناء دولة عادلة تحتكم إلى إرادة شعبها وتحترم تنوعه وتؤسس لعملية سياسية قائمة على الشراكة والمسؤولية الوطنية.

وشدد السيد الحكيم على أن استذكار هذه المناسبة يحمل رسالة سياسية وأخلاقية مفادها أن الدولة تُبنى بالاعتدال والمنطق، وتحفظها الوحدة الوطنية، ويصونها القرار السيادي المستقل، لافتًا إلى أن أول الدروس المستحضرة من سيرة شهيد المحراب الخالد هو وحدة الموقف الوطني التي تمثل الركيزة الأساسية لأي دولة مستقرة قادرة على الصمود في وجه التحديات.

وأكد السيد عمار الحكيم أن استحضار مسيرة شهيد المحراب اليوم ليس مجرد استذكار لتجربته العظيمة، بل هو تجديد للالتزام بالمسار الذي آمن به، مسار الدولة الموحدة والقرار المسؤول، الذي يضمن حماية مصالح العراق وتعزيز استقراره وسيادته.

المصدر: المكتب الاعلامي للسيد عمار الحكيم