تتصدر منشأة “فوردو” النووية الإيرانية المشهد الإعلامي الغربي، حيث يحاول الأميركيون والصهاينة تصويرها كأحد المفاتيح الكبرى لحسم المواجهة مع إيران، بادّعاء أن استهدافها يشكّل ضربة قاضية للمشروع النووي الإيراني، بل ويمنح “النصر” لواشنطن في أي حرب مقبلة. لكن، هل هذه الرواية مبالغة دعائية أم واقع استراتيجي؟
أنشأت إيران منشأة “فوردو” كبديل محصّن عن منشأة “نطنز”، نظرًا لكونها غير آمنة أمام أي استهداف محتمل. وقد شُيّدت فوردو عميقًا في جبال بين قم وطهران، بتصميم يُراعي أعلى معايير الحماية من الهجمات، وخصوصًا من الولايات المتحدة الأميركية.
في عام 2015، أُغلقت المنشأة بموجب الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية، إلا أن طهران أعادت تفعيلها عام 2018، ردًا على انسحاب واشنطن من الاتفاق. ومؤخرًا، جُهّزت المنشأة بأجهزة طرد مركزي من الجيل السادس، وبدأت عمليات التخصيب فيها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في أعقاب العدوان الصهيوني على إيران وردّ الأخيرة عليه، عاد التركيز مجددًا على “فوردو”، وذهب المسؤولون الصهاينة إلى القول إن الأميركيين وحدهم يملكون القدرة على تدميرها، نظراً لحصانتها، وما يتطلبه ذلك من ضربات غير تقليدية أو حتى عمليات اقتحام برّية.
بهذه الصورة، يحاول الأميركيون والصهاينة تضخيم أهمية فوردو، لتحويل أي استهداف لها إلى “نصر استراتيجي” أو “نقطة حسم” ينهون بها الحرب – كما يظنون.
لكن الحقيقة مختلفة تمامًا: فوردو، رغم أهميتها، خالية حاليًا من المواد النووية المخصّبة، التي نُقلت إلى مكان آمن. كما أعلنت طهران قبل العدوان عن إنشاء منشأة بديلة أكثر أمنًا، كانت في صدد إبلاغ الوكالة الدولية بها، قبل أن يعرقل العدوان هذا الإعلان.
وبحسب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رفاييل غروسي، فإن البرنامج النووي الإيراني واسع النطاق وعميق البنية، ولا يختزل في منشأة واحدة.
من هنا، فإن استهداف “فوردو” لن يكون كافيًا لتقويض المشروع النووي الإيراني، الذي لا يُبنى فقط على منشآت تحت الأرض، بل على معرفة متجذرة في عقول العلماء الإيرانيين. وعِلم العقول لا يموت.
المصدر: موقع المنار