كلمة الأمين العام لحزب الله خلال مهرجان “القدس هي المحور” – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

كلمة الأمين العام لحزب الله خلال مهرجان “القدس هي المحور”

السيد نصرالله

فيما يلي كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله ‏ خلال مهرجان “القدس هي المحور” إحياءً ليوم القدس العالمي في مجمع سيّد الشهداء (ع) – الضاحية الجنوبية لبيروت في 29-04-2022‏.

أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم، بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا ونبينا خاتم ‏النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء ‏والمرسلين‎.‎ السَّلام عليكم جميعاَ ورحمة الله وبركاته..‏‎ ‎يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد:‏ بسم الله الرحمن الرحيم “انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ” صدق الله العليّ العظيم.

أُرحب بكم جميعاً في هذا اللقاء المبارك وفي هذا اللقاء الحاشد ولعلَّه أوّل لقاء بهذا الشكل في مجمع سيَّد الشهداء عليه ‏السلام منذ جائحة كورونا وهذا من بركات القدس ويوم القدس.‏

نَجتمع في يوم القدس العالميّ الذي أَعلنه سماحة الإمام الخميني (قده) لنتحدث عن القدس وعن قضيتها وعن معركتها ‏وعن افق هذه المعركة ومستقبلها ومسؤولياتنا جميعاً فيها، لكن لا بد في البداية من توجيه التحية إلى عشرات الآلاف ‏الذين احتشدوا اليوم في صلاة الجمعة في المسجد الاقصى في فلسطين المحتلة في آخر صلاة يوم جمعة من شهر رمضان ‏المبارك، ان نُوجه التحية إلى اخواننا واخواتنا الفلسطينيين الذين لم يُغادروا المسجد الاقصى منذ اليوم الأول في شهر ‏رمضان المبارك ونَخصّ بالذكر أولئك المرابطين والمرابطات ليل نهار في المسجد وفي باحات المسجد الذين واجهوا ‏بأجسادهم وبقبضاتهم العزلاء وروحهم الشجاعة والأبية كل محاولات المستوطنين لتدنيس المسجد والاعتداء على ‏حرمته.‏

يَجب ان نُوجّه التحية أيضاً اليوم لكل الذين يُحيون يوم القدس العالمي تحت عنوان “القدس هي المحور”، لكل الذين ‏اعتصموا او تظاهروا او اجتمعوا او اقاموا الندوات والمحاضرات هذه الأيام، ليس شرط اليوم بل أمس واليوم وغداً تحت هذا العنوان ‏إحياءً لقضية القدس، للذين تكلموا وخطبوا وأصدروا البيانات وأعلنوا المواقف ونظموا الشعر وعبّروا عن هذه المناسبة ‏بكل وسائل التعبير المتاحة خصوصاُ من خلال الوسائل الحديثة والعصرية أيضاً، لكن يجب ان نَخص بالتحية ملايين ‏ومئات آلاف الصائمين الذين خرجوا في المدن الإيرانية والمدن اليمنية، حيث كان لهذين البلدين الاسلاميين الكبيرين ‏الجهاديين المؤمنين حضوراً كبيراً وعظيماً ومميزاً هذا اليوم، طبعاً الإحياء الحمد لله بحسب ما علمت بشكل أو بآخر ‏وضمن أحجام متفاوتة شمل أكثر من 90 دولة في العالم، هذه المناسبة عندما أرادها الامام الخميني بعد انتصار الثورة ‏الاسلامية في إيران أرادها مناسبة من أجل أن تبقى قضية فلسطين وقضية القدس حيّة، ولذلك هي مناسبة للإضاءة على ‏هذه القضية، على حقانيتها، على شرعيتها وعلى مظلومية الشعب الفلسطيني فيها، عندما تذهب حتى الى عناوين هذا ‏الشعب للإضاءة على آلاف الاسرى في السجون وعذابات هؤلاء الاسرى والقصص التي تُحكى عنهم وعن قيودهم وعن ‏صلابتهم وعن آلامهم وعم صمودهم، للحديث عن عذابات عائلات الأسرى وهناك عائلات كل رجالها في السجون، كل ‏أبنائها في السجون حتى ولد واحد خارج السجن لا يوجد، العائلات التي لا تتمكن من رؤية أحبائها وأعزائها لسنوات ‏طويلة، هذا عنوان، عنوان إنساني وأخلاقي ومؤلم ومحزن ويُحمل المسؤولية للجميع، تضحيات هذا الشعب، الشهداء، ‏الجرحى، المُهدمة بيوتهم، المُجرّفة حقولهم، المُقلّعة اشجار زيتونهم، المُحاصرة قراهم ومدنهم، العنوان الكبير حصار ‏غزّة منذ سنوات طويلة أكثر من 15 سنة، هذا كله يجب أن يُخاطب به الضمير الانساني ويجب أن يُخاطب به ضمير كل ‏مسلم وكل حرّ في هذا العالم خصوصاُ المسلمين الذين يصومون شهر رمضان ويقفون بين يدي الله سبحانه وتعالى لا ‏ينسجم على الاطلاق هذا الانتساب وهذا الانتماء مع السكوت عن هذه المظالم الكبرى والهائلة، الظروف الصعبة التي ‏يَعيشها الفلسطينيون داخل فلسطين والفلسطينيون في الشتات في مخيمات اللاجئين، الفلسطينين في كل دول المنطقة ودول ‏الطوق، أيضاً للإضاءة على جهاد وتضحيات ليس فقط المظلومية والآلام، على الجهاد، على الصبر، على الوعي، على ‏البصيرة، على الاستعداد العالي للتضحية، على الارواح الشامخة والقبضات المتماسكة والصمود الاسطوري والعمليات ‏المذهلة التي يُنفّذها أبناء هذا الشعب رجالا ونساءً، شبّاناَ وشابات، هذه المناسبة هي للإضاءة على كل هذه العناوين وكل ‏هذه الملفات وكل هذه التفاصيل. الهمّ الأول للإمام الخميني في يوم القدس كان: كيف تبقى القدس في دائرة الوعي وفي ‏دائرة الأمل وفي دائرة العمل؟ في هذه الدوائر الثلاثة، في دائرة الوعي والذاكرة والوجدان، وفي دائرة الأمل بإمكانية ‏الانتصار وفي دائرة العمل لصنع هذا الانتصار وتحرير القدس. ‏

أيها الأخوة والأخوات، منذ بداية تأسيس هذا الكيان الغاصب لفلسطين المحتلة عمل رعاته وسادته وحركته الصهيونية – ‏أي أمريكا والغرب وفي ذاك الوقت بريطانيا – والحركة الصهيونة وكل من تعاون معهم في العالم من أجل تثبيت ‏وترسيخ وحماية هذا الكيان وتحويله الى المحور والمفتاح في هذه المنطقة والقوة الاولى والاساسية في هذه المنطقة، ‏عملوا على مسارات عديدة منذ اليوم الأول منذ 1948، منها مسار النسيان يعني ان يجعلونا ننسى، أن يجعلوا الشعب ‏الفلسطيني والشعوب العربية والاسلامية تنسى، لأنه يجب ان نُؤكد دائما ان مسألة فلسطين والقدس هي مسألة كل ‏الشعوب العربية والاسلامية وليس مسألة الشعب الفلسطيني فقط. أن ننسى، راهنوا على الوقت، 10 سنوات، 20 سنة، ‏‏50 سنة، 60 سنة، وفي الآخر الناس ستنسى، اليوم من خلال احداث هذه السنة واحداث السنوات الماضية نُؤكد ومن ‏خلال إحياءات اليوم في كثير من دول العالم نؤكّد ان هذا المسار سقط، ان مسار النسيان سقط، أن الرهان على الوقت ‏لينسى الفلسطيني أرضه وقريته ومقدّساته ولينسى العرب والمسلمون تلك الارض المباركة السليبة وتلك المقدسات ‏المغتصبة، هذا المسار سقط. اليوم فلسطين والقدس في الذاكرة في الوجدان في العقل في القلب في الثقافة في الوعي في ‏الارادة في العزم في الحب في العشق في الامل في التطلع الى المستقبل، من هذه المسارات ان يجعلونا نيأس، مسار ‏التيئيس، أن يأتي وقت ييأس الشعب الفلسطيني من إمكانية استعادة فلسطين من البحر الى النهر، ان تَصل الأمة الى نقطة ‏الاحساس باليأس في أن تستعيد القدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية، وفي نهاية المطاف يَقبل هؤلاء ببعض الفُتات ‏في دولة غزّة وحكم ذاتي إداري في بعض أنحاء فلسطين التاريخية وأن تُصبح مدينة القدس مدينة مدوّلة ومفتوحة أمام ‏العالم، هذ هو بقية الفتات المطروح، مسار التيئيس أيضا منذ العام 1948 عملوا عليه، المجازر الرهيبة التي لم تتوقف لا قبل ‏‏48 ولا الى اليوم، المجازر الاسرائيلية الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، بحق اللبنانيين وبحق شعوب المنطقة، الهزائم ‏العسكرية العربية المتلاحقة من النكبة الى النكسة الى ما بعدها، ‏الخذلان الرسمي العربي لفلسطين وللشعب الفلسطيني على مدى عشرات السنين خطابات وشعارات دون أي عمل، بل ‏تواطؤ خلف السّتار، دعم الكيان الصهيوني ليكون المتفوق أمنياً وعسكريا ولا يجرؤ أحد على مواجهته فضلاً عن إزالته، ‏حجم التأييد السياسي والدبلوماسي والعالمي والأميركي والغربي لإسرائيل، خروج بعض الدول العربية من المعركة مثل ‏مصر، خروجها من المعركة شكل هزّة معنوية ونفسية هائلة جداً في العالم العربي والإسلامي، خروج بعض الدول ‏ودخولها في الصّلح مع إسرائيل مصر والأردن، مسار التطيبع الذي يُعمل له منذ سنوات طويلة وتم تفعيله في السنوات ‏الأخيرة، إذاً هذا من أهدافه التيئيس، انكم يا شعب فلسطين ويا شعوب المنطقة انتم ماذا تظنون؟ وماذا تنتظرون؟ خلص. العرب كانوا ‏يقولون التطبيع بعد الصلح، الآن التطبيع قبل الصلح وقبل تأمين الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية وقبل المبادرة العربية ‏للسلام التي طُرحت في مؤتمر بيروت هذا انتهى، أُنظروا أين أنتم تعيشون؟ في أي عالم تعيشون؟ هدفه التيئيس، الصراعات العربية ‏البينية، الصراعات بين الدول العربية والدول الاسلامية، الاحداث الداخلية في الدول العربية والاسلامية هذه كلها تصب ‏في خدمة مسار التيئيس، المهم مسار التيئيس كان هدفه منذ البداية ان يقول للشعب الفلسطيني انه لا أمل لديك ولا افق ‏لديك ولا مستقبل لديك، لا يوجد معك أحد في العالم العربي والاسلامي، الجميع تخلوا عنك والكل خذلوك وها هم يقفون في ‏صف التطبيع دولة بعد دولة، “إسرائيل” قوة عسكرية عظمى في المنطقة، انت شعب أعزل تمتلك امكانيات محدودة لن ‏تستطيع ان تفعل شيئاً وليس عليك سوى ان تقبل بالفتات وتستسلم.

هذا الرهان وهذا المسار أيضاً سقط ويسقط في كل يوم، ‏في كل يوم نَشهد فيه مظاهرة في فلسطين في أي ارض من فلسطين وخارج فلسطين، في كل يوم يُنفذ فيه شاب فلسطيني أو شابة فلسطينية ‏عملية جهادية في داخل فلسطين المحتلة، في كل يوم يَنطلق فيه صاروخ او مسيرة، في كل يوم يرفع فيه الفلسطينيون ‏استعداداتهم للمواجهة المقبلة، في كل يوم تَرتفع فيه قبضات الفلسطينين عند باب العامود او في المسجد الأقصى، في كل ‏يوم تُشرّع فيه البنادق في الضفة وفي مخيّم جنين ومدينة جنين، كل هذه الرصاصات والبنادق والقبضات ودماء الشهداء في ‏فلسطين تَقول للعالم كله ان بعد عشرات السنين مسار التيئيس قد سقط، وأنّ الشعب الفلسطيني لم ييأس، ولن ‏ييأس، بل هو اليوم أكثر أملا وأشدّ يقينا بمستقبل الانتصار والتحرير الآتي إن شاء الله، لكن هذا ‏مسار شغل عليه. ومسار لم يشغل به فقط على الفلسطينيين مسار عمل عليه أيضًا على شعوب ‏المنطقة على الشعب اللبناني والشعب السوري والشعب الأردني والشعب المصري، هذه شعوب ‏دول الطوق وشعوب المنطقة بقية الشعوب العربية والإسلامية، ولكل الذين يقفون مع المقاومة ‏ويدعمون المقاومة سياسيًا وإعلاميًا واجتماعيًا، ولكلّ من يقدّمون المال للمقاومة لحركات ‏المقاومة، ولكلّ من يقدّمون السلاح لحركات المقاومة، ولكلّ من يتحمّلون أعباء وتبعات دعم ‏حركات المقاومة في المنطقة لتيئيس هؤلاء اليوم، هؤلاء يقولون لا نحن نثق بهذه المقاومة، ونثق ‏بحركات المقاومة، نثق بقدرتها على الإنجاز وعلى الانتصار.‏

ومن هذه المسارات مسار الإنهاك الضغوط المتواصلة المستمرّة الحصار في داخل فلسطين، وفي ‏داخل داخل فلسطين الحصار خارج فلسطين على كلّ حركة مقاومة، وعلى كلّ دولة في محور ‏المقاومة. العقوبات القاسية والشديدة على كلّ دولة وعلى كلّ شعب، وعلى كلّ حركة مقاومة ‏الضغوط الاقتصادية والمالية، ولوائح الإرهاب، والأسوأ فرض الحروب على هذه الدول، وعلى ‏هذه الشعوب وعلى هذه القوى الحروب المسلحة لاستنزافها كما حصل في سوريا، وكما حصل في ‏العراق، وكما حصل مع إيران في حرب السنوات الثمانية، وكما يحصل اليوم أيضًا في اليمن وفي ‏أكثر من بلد في منطقتنا.‏

مسار الإنهاك، أيضًا مسار الإنهاك هذا اليوم لم يستطع أن يحقّق هدفه على الإطلاق رغم كلّ ‏الظروف الصعبة والعقوبات والحصار والحروب المفروضة وجماعات الإرهاب الفلتانة في أكثر ‏من بلد من هذه الدول. وبرغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة لم يستطيعوا أن يأخذوا لا ‏من هذه الدول ولا من هذه الحركات ولا من هذه الشعوب ولا من هذه القوى المقاومة، لم ‏يستطيعوا أن يأخذوا منها لا كلمة ولا موقفًا ولا التزامًا، ولم يستطيعوا أن يروا في وجوهها لا ‏ضعفًا ولا وهنًا لأنّ كل الهدف أيّها الأخوة والأخوات من هذه العقوبات ومن هذا الحصار ومن هذه ‏اللوائح لوائح الإرهاب ومن هذه الاجراءات، ما هو؟ هو أن تتخلوا أن نتخلّى جميعًا عن القدس، ‏عن فلسطين، عن حقوقنا عن مياهنا عن نفطنا عن غازنا، وأن يتخلّى اللبنانيون عن تضامنهم مع ‏فلسطين وكثير منهم متضامنون مع فلسطين، وأن يتخلوا عن حقوقهم الطبيعية في مياهها الاقليمية ‏وعن بقية أرضهم المحتلة، وأن يتخلّى الشعب السوري عن فلسطين، وعن القدس وعن الجولان ‏وأن تتخلّى بقية دول المنطقة عن القدس وعن فلسطين وعن شعوبها وإخوانها وأخواتها في لبنان ‏وفلسطين وسوريا. ولكن تصوّروا مثلًا اليوم الجمهورية الإسلامية في إيران لو بدل الخطاب الذي ‏ألقاه اليوم سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي (دام ظله الشريف) لو خرجت إيران وقالت لأمريكا في ‏فيينا أو في غير فيينا، وقالت لها نحن نعم نحن سنلغي سفارة فلسطين ونعيدها سفارة لإسرائيل في ‏طهران نحن سنعترف بإسرائيل، نحن نقبل مسار التطبيع مع إسرائيل، نحن سنوقف أيّ شكل من ‏أشكال الدعم لحركات المقاومة، هل كانت إيران لتعاني هذا طبعًا من الأسباب الجوهرية، وليس ‏السبب الوحيد، لكن من أهمّ الأسباب الجوهرية هل كانت إيران لتعاني كلّ هذا الحصار، وكلّ هذه ‏العقوبات، وكلّ هذه الضغوط وكلّ هذه المؤامرات أكيد لا. ولكنه سماحة الإمام القائد اليوم يقول ‏موقفه الواضح والالتزام الجاد والقطعي بدعم فلسطين وشعب فلسطين وحركات المقاومة في ‏المنطقة، وهذا ليس كلام خطابي ككلام أغلب النظام الرسمي العربي خلال عشرات السنين. لا، ‏هذا كلام يترجم بالدبلوماسية في السياسة، في التعبئة العقائدية والثقافية ويترجم في الدعم المالي ‏ويترجم في تقديم السلاح والصواريخ الدقيقة والمسيرات ونقل خبرة التصنيع والإكتفاء الذاتي و و ‏والخ.‏

اليوم تصوّروا لو أنّ القيادة السورية مثلًا تقف وتقول نحن يا أخي خلص بلا الجولان شو هذه ‏القصة نتخلى عن الجولان، أو نقبل أن نؤجّر الجولان لـ 99 عامًا، وهذه قصة الجولان ننتهي منها، ‏ونقيم صلحًا مع إسرائيل ونقيم تطبيعًا مع إسرائيل ماذا كان يكون وضع النظام في سوريا اليوم لو ‏قال ذلك أو فعل ذلك؟ طبعًا هذا أحد الأسباب الجوهرية لما جرى في سوريا، وليس السبب الوحيد، ‏ولكن تصوّروا لو فعل ذلك. اليوم في اليمن لو وقفت قيادة أنصار الله خلافًا لما قالت وفعلت ‏وتظاهرت اليوم ومعها الشعب اليمني العزيز وقف، وقال نحن جاهزون أن نعترف بإسرائيل أن ‏نكون جزءًا من نظام سياسي يمني يقيم صلحًا مع إسرائيل ويطبّع مع إسرائيل، وإذا كان لدينا ‏صاروخ أو مسيّرة تقلق إسرائيل نحن حاضرون أن ننتهي منها كما فعلت بعض الأنظمة العربية. ‏ماذا كان يمكن أن يكون مصير اليمن اليوم؟ ومستوى التدخل الأمريكي والغربي لوقف الحرب ‏على هؤلاء اليمنيين المظلومين.‏

على كل حال مسار الإنهاك لم يؤدِ إلى نتيجة، نعم نحن شعوبنا تتألم تعاني هذا لا يجوز أن نتنكر ‏له يعانون نعاني جميعًا هناك معاناة حقيقية على المستوى المعيشي على المستوى الحياتي على ‏المستوى الأمني، على مستوى الضغوط النفسية. ولكن هذا جزء من الجهاد والمقاومة والصمود ‏والتضحية في سبيل الله بالأنفس والأموال، هذا شكل من أشكال الجهاد، بل هو من أعظم اشكال ‏الجهاد لأنّ هذا الصمود هو الذي يبقي البيئة الحاضنة لاستمرار المقاومة التي يعوّل عليها في ‏تحرير فلسطين والقدس إن شاء الله.‏

إذًا هذه مسارات مشت، لكن هذه المسارات كلّها اليوم في يوم القدس يمكننا أن نقول بواقعية وليس ‏بخطاب حماسي ولا بخطاب شعارات نقول هذه المسارات سقطت لن ننسى، ولن نيأس ولن نسقط ‏أمام الضغوط.‏

فمسار النسيان، مسار التيئيس، مسار الانهاك لا يمكن أن يؤدّي إلى نتيجة. لماذا؟ ببساطة لأنّ ‏مسألة فلسطين ومسألة القدس هي بالنسبة لأمتنا وشعوب أمتنا، وهذا ما لا يدركه الأمريكيون ‏والغربيون وأصحاب المشروع الصهيوني وبعض المتخلين في العالم العربي الذين تخلّوا حتى عن ‏عقديتهم وعن دينهم أصبحوا في مكان آخر. ببساطة لأنّ مسألة فلسطين والقدس هي جزء من ديننا ‏هي جزء من عقيدتنا هي جزء من إيماننا هي جزء من كرامتنا من عرضنا، ونحن أمة لا يمكن ‏أن تتخلّى لا عن دينها ولا عن عقيدتها ولا عن كرامتها ولا عن عرضها. ولذلك تبقى هذه القضية ‏دائمًا على قيد الحياة وتبقى هذه الأمة حية، قد تستنزف، قد يتمّ إشغالها في الكثير من المعارك ‏والأحداث، ولكنّها تعود إلى البوصلة الصحيحة إلى الهدف الصحيح، وإلى الميدان الصحيح.‏

أيّها الإخوة والأخوات اليوم عندما نقول إنّ هذه المسارات سقطت هي لم تسقط إلا بسبب العمل ‏والفعل المتواصل منذ ما قبل 1948 إلى اليوم ما يجري اليوم لأنّ الجزء الثاني من خطابي سأتحدّث عن ‏هذه السنة. ما يجري اليوم هو ليس منفصلًا عمّا جرى منذ البدايات، هو تواصل حركة متواصلة، ‏المقاومة لم تبدأ لا بالـ 78 ولا بالـ 82 ولا بالـ 2005 والـ 2006 ولا قبل عام، لا المقاومة بدأت ‏منذ البدايات قبل سنة 1948. اليوم عندما نتحدث عن العمل والفعل يعني نقول إنّ سقوط مسار النيسان ‏والتيئيس والإنهاك شارك فيه كل من كان يعمل في مشروع المقاومة سواء بالكلمة، لا تستهينوا ‏بشيء أبدًا الكلمة الخطاب، أمّا فتوى مراجع المسلمين من الشيعة والسنة هذا مؤثّر جدًا كان.‏

المواقف المعلنة، والمواقف السياسية العمل الثقافي في هذا الاتجاه كل ما يرتبط بالفن شعر وأدب ‏ورسم وفيلم ومسرحية وصورة وتخطيط، وكذلك الصمود والتحمّل لشظف العيش كل هذا كله كله ‏كلّه أدّى إلى هذه النتيجة، ولكن يأتي في رأس الأسباب التي منعت النسيان، والتي منعت اليأس، ‏والتي أسقطت الإنهاك والتي فتحت الأمل يأتي في مقدّمها المقاومة العسكرية المسلحة العمليات ‏الجهادية الفدائية الاستشهادية العمليات المضحية هذا يأتي في الرأس. القتال مع هذا العدو سواء ‏في إطار المقاومة أو في إطار حروب حصلت سأشير إليها. والعمليات الجهادية الفدائية، والقتال ‏مع هذا العدو من الـ 48 إلى اليوم من نسمّيه اليوم محور المقاومة، وكان محور المقاومة في ‏الحقيقة يمكن كانت له أسماء مختلفة لم يكتفِ بالموقف السياسي وبالرفض وبالمنبر وبالكلمة ‏وبالفتوى وبالموقف وبالعمل الاجتماعي لا.‏

ذهب إلى المواجهة المسلحة من العمليات الأولى في فلسطين قبل الـ 48 وبعد الـ 48 في فلسطين ‏ولبنان والمنطقة، هذه العمليات وما حصل فيها من إنجازات وما قُدّم فيها من تضحيات ومن ‏شهداء، يعني اليوم عندما نقول القدس وفلسطين في الوعي والذاكرة والوجدان، القدس في دائرة الأمل والأفق ‏المفتوح على النصر، القدس في دائرة الصمود، أهم الأسباب هذه من بركات دماء الشهداء، هذه النتائج ‏من بركات دماء الشهداء، عشرات آلاف الشهداء الذين قضوا في هذا الطريق، في فلسطين ولبنان ‏ودول المنطقة، شهداء من الرجال والنساء والأطفال وكبار السن، من المقاتلين والجنود والضباط ومن ‏القادة، من القادة الكبار في حركات المقاومة وفي قيادات محور المقاومة، وآخرهم كان الشهيد القائد ‏الكبير الحاج قاسم سليماني (رضوان الله تعالى عليه). ‏

الخط الجهادي العسكري جعل هذه القضية حيّة، الجهاد العسكري، المواجهة العسكرية أَثبتت أن “‏إسرائيل” تُقهر وأن “إسرائيل” ليست قدراً وأن “إسرائيل” ليست هي المتفوقة بالمطلق، تتفوق في ساحات ‏ونتفوق في ساحات ويمكن أن نُلحق بها الهزيمة تلو الهزيمة وأَلحقنا بها الهزيمة تلو الهزيمة على مدى ‏العقود الماضية، هذا حصل في حرب تشرين 1973 على يدي الجيش السوري والجيش المصري، هذا ‏صنعته حركات المقاومة في لبنان في عام 2000 و 2006 وحركات المقاومة في فلسطين في محطات ‏متعددة منها تحرير غزة وفي كل الحروب التي فُرضت على غزة. أثبتت المواجهة العسكرية قدرتنا ‏على صنع الانتصارات وإلحاق الهزيمة بالعدو وبعثت الأمل. هذا المسار هو الذي يجب أن يستمر، ‏وأيضاً الانتفاضات الشعبية، يعني المقاومة المسلحة والانتفاضة الشعبية، في لبنان التجربة مازجت ‏بين المقاومة المسلحة والانتفاضة الشعبية، وفي فلسطين هذا الذي كان يحصل منذ البدايات، انتفاضة ‏شعب، رجال ونساء وقبضات وحجارة ونار وزيت وعُصي، وأيضاً مقاومة مسلحة، وهذا المسار هو ‏الذي يجب أن يستمر. ‏

اليوم أيها الأخوة والأخوات يأتي يوم القدس ونحن في موقع استراتيجي عندما نتحدث عن البيئة ‏الاستراتيجية لهذا الصراع في موقع استراتيجي متقدم جداً. ‏
لأدخل إلى الواقع الحالي، هذا الجزء الآخر من الخطاب. هذه السنة منذ يوم القدس في العام الماضي ‏إلى يوم القدس في العام الحالي، تطورت مسارات من جهتنا – هناك تحدثنا عن مسارات العدو – ‏تطورت مسارات من جهتنا، من جهة المقاومين وحركات المقاومة، يخشاها العدو ويعمل على ‏تفكيكها وعلى إنهائها ونحن في المقابل يجب أن نعمل على تثبيتها وتقويتها وتطويرها وتصعيدها. ‏المسار الأول، هو مسار العمليات الجهادية في داخل 48 وفي داخل الضفة – غزة مستمرة على كل ‏حال، نتحدث عن مسار جديد وقوي – وخصوصاً في الأسابيع الماضية الأخيرة وبالأخص العمليات ‏المنفردة، هذه العمليات التي أحدثت هزة عنيفة في الكيان، هذا مسار، مسار العمليات وخصوصاً ‏العمليات المنفردة، أقصد بالعمليات المنفردة عندما يَخرج الشخص لوحده هو يَأخذ القرار وهو يُخطط ‏وهو يَستطلع وهو يُنفذ وهو يستشهد ويمكن أن لا يستشهد، هذه العمليات المنفردة. هذه العمليات ‏المنفردة التي تجري الآن على أرض فلسطين هي من أخطر ما واجهه الكيان، هذا تصاعد خطير ومهم ‏جداً ونوعي جداً في مسار المقاومة في فلسطين، حصلت عمليات داخل الكيان ولكن كانت تُديرها ‏فصائل جهادية وعقول عسكرية وقيادات عمليات وتوفر لها إمكانيات هائلة كالعمليات الاستشهادية ‏الكبرى التي هزت القدس وتل أبيب عام 1996 واستدعت زعماء العالم كله إلى شرم الشيخ إذا ‏تذكرون وبعدها كانت عناقيد الغضب في لبنان، لكن في نهاية المطاف هذه العمليات كانت تُديرها ‏فصائل وتوفر لها الإمكانيات. العمليات المنفردة هي تطور نوعي خطير جداً لماذا؟ لأن هذا لا يحتاج ‏إلى قيادة عمليات ولا إلى غرف عمليات ولا إلى فصائل تقوده وتديره وإلى إمكانيات هائلة وإنما يحتاج ‏إلى أن يشتري مسدساً أو رشاشاً أو سكيناً يأتي به من بيته ويذهب إلى ميدان العمل، شخص لوحده. ‏هذا ما اعترف به قادة كيان العدو جميعهم، بعد العمليات التي حصلت في الآونة الأخيرة خرج رئيس ‏حكومة العدو وأيضاً وزير حرب العدو، الاثنين تحدثوا نفس اللغة، لماذا؟ لأنه يريدون أن يُوضحوا ‏للشعب الاسرائيلي المحتل، خطين تحت شعب اسرائيلي، يُريدون أن يعملوا له توضيحاً: لماذا الفشل الأمني؟ ‏الأجهزة الأمنية التي فشلت جميعها، أصلاً الكيان الصهيوني هو نظام أمني مخابراتي أكثر مما هو ‏جيش مسلح، لماذا فشلتم؟ قالوا لهم لأنه عندما شخص لوحده – هذا الذي قلته سابقاً هم قالوه – فلسطيني ‏سواءً من أهل 48 أو من أهل الضفة، شخص فسلطيني لوحده يأخذ القرار ويخطط ويحدد أين ينفذ ‏العملية وهو يستطلع وهو يؤمن السلاح – يعني هو الدعم واللوجيست – وهو الميدان وهو الذي يسير ‏وهو الدليل وهو الذي ينفذ، هذا أمر لا يمكنه أن تكتشفه الأجهزة الأمنية ولا التطور التكنولوجي ‏والتقني في العالم ولا أجهزة التنصت ولا أي شيء على الإطلاق هذا قدر يجب أن يواجه بالاجراءات ‏وبالاحتياط، هذا مسار مهم جداً. ‏

بكلمة سريعة، هذه العمليات المنفردة في الأسابيع الأخيرة إلى ماذا أدت؟ أدت إلى كشف مستوى الأمن الهش ‏والضعيف لهذا الكيان، عجز الأجهزة الأمنية الاسرائيلية وعجز الجيش عن اكتشاف هؤلاء المجاهدين ‏ونوايا هؤلاء المجاهدين، هزت بقوة ثقة الاسرائيليين بجيشهم وأجهزتهم الأمنية وحكومتهم كما كانت ‏نتائج الحروب العسكرية سواءً في عام 2006 أو في معركة سيف القدس العام الماضي. عندما يهتز ‏الأمن ويفقد الاسرائيليون ثقتهم بالأمن هذا له انعكاسات خطيرة جداً، هذا له انعكاس على مشروع ‏الهجرة إلى فلسطين لمن يقال لهم تعالوا إلى البلد الآمن، هذا ليس بلداً آمناً، هذا له انعكاس على إرادة ‏بقاء الصهاينة في فلسطين، الذين يفكرون وهم يملكون الجنسية الثانية كيف يغادرون إلى بلد آمن، هذا ‏يُعزز القلق الوجودي عند هؤلاء الصهاينة، هذا ينعكس على الاقتصاد وعلى الاستثمار، هذه العمليات ‏أعادت فلسطين والقدس وقضية الشعب الفلسطيني إلى الرأي العام العالمي وإلى الإعلام في العالم ‏ووسائل الإعلام في العالم ولو من بوابة القتلى والجرحى الصهاينة، هذه العمليات تُعبر عن مستوى ‏غضب الشعب الفلسطيني الذي كانوا يراهنون على تدجينه، هذه العمليات دفعت بكيان العدو إلى ‏الاختباء والانكفاء أكثر وراء الأسوار والجدر، لأنه عاد يريد أن يُحيي الجدار ويعزز الأسوار مع ‏الضفة الغربية، والكيان الذي يختبئ خلف المزيد من الجدر وخلف المزيد من الأسوار ماذا يمكن أن ‏يكون مستقبله!؟ وما هو انعكاسات هذا الاختباء حتى على الثقة الشعبية بقدرته وتفوقه وأمنه؟ خطورة ‏ما حصل في العمليات المنفردة أنها حصلت في مناطق جغرافية متعددة وليست في مكان واحد، وأنها ‏جاءت من فلسطينيين من أماكن متعددة، من الضفة، من داخل فلسطين 48 وهذا رسالته خطيرة جداً ‏للعدو، أهم إنجاز تحقق ويتحقق اليوم هو ما يلي: أن المشروع الصهيوني ومستقبل كيان العدو قائم ‏على معادلة الجمع بين الاحتلال والأمن، أنه يمكن أن تحتلوا فلسطين وتحصلوا على الأمن، هذه ‏المعادلة كانت تسقط على مدى السنوات، في الأسابيع القليلة الماضية سقطت بقوة واهتزت بقوة وقال ‏لهم الفلسطينيون لا يمكن، لا يمكن الجمع بين الاحتلال وبين الأمن. ‏

أيها الأخوة والأخوات، “إسرائيل” دولة مختلفة لأنها دولة شاذة، لأنها دولة اصطناعية، لأنها ليست دولة ‏طبيعية وليست دولة حقيقية، في دول العالم قد يختل الأمن، قد تحصل حرب أهلية ولكن لا يسقط ‏الكيان ولا تسقط الدولة ولا تلغى الدولة من الجغرافيا، ولكن دولة “إسرائيل” لأنها دولة طارئة، لأنها دولة ‏مصطنعة، لأنها دولة غير حقيقية، لأنها دولة أُوتي بها من أنحاء العالم، لأنها دولة شذاذ الآفاق لا يمكن ‏أن تبقى بلا أمن. إذاً هذه هي نقطة الضعف، تحرير فلسطين قد لا يحتاج إلى جيوش عظيمة جداً وإلى ‏أقوى أسلحة جو في العالم، تحتاج إلى المجاهدين الاستشهاديين الذين يسلبون الإسرائيليين أمنهم ‏وعافيتهم وسلامتهم على مدى سنوات، هؤلاء يجمعون ثيابهم وحقائبهم ويرحلون، هؤلاء جاءوا ‏بأكذوبة ترتبط بالأرض في فلسطين، كانت أكذوبة وإلا لماذا كانوا يناقشون أنه نأتي إلى فلسطين أو ‏أوغندا أو الأرجنتين أو نذهب إلى أوكرانيا، كان هناك عدة خيارات مطروحة أمامهم، لو كانت المسألة ‏عقائدية وإيمانية ودينية لم تكن الخيارات الأخرى لتطرح، هؤلاء جيء بهم إلى فلسطين بوعد اللبن ‏والعسل والأمن ولا طعم للبن والعسل إن لم يكن هناك أمن. ‏

إذاً هذا المسار هو الذي يجب أن يستمر، وهذا المسار يجب أن يُدعم، يعني يحتاج إلى دعم، إلى دعم ‏سياسي، إلى دعم معنوي، إلى دعم إعلامي، إلى دعم مالي، إلى دعم تسليحي، لا أن نقف الآن ونقول ‏أن هذا المسار يجب أن يستمر. ماذا يعني أن تقوم دول عربية وإسلامية بإدانة هذه العمليات في ‏فلسطين المحتلة؟ وأن تقوم دول عربية وإسلامية بتعزية رئيس الكيان الغاصب بقتلى وجرحى هذه ‏العمليات الجهادية العظيمة؟ هذا تخاذل، هذا تخلي، بالمقابل كلا، هذه العمليات تحتاج أن العلماء ‏والقوى السياسية والأحزاب وحركات المقاومة والنخب والمثقفين ووو.. والشعوب كلها تصدر بيانات ‏تبريك وتأييد ومساندة في مقابل حملة الادانة التي تحصل في العالم لهؤلاء المجاهدين ولعائلات هؤلاء ‏المجاهدين، هذا يحتاج إلى دعم معنوي وسياسي وإعلامي، يحتاج أيضاً إلى دعم مادي، هؤلاء يُنتقم ‏منهم اليوم، من عائلاتهم، تشرد عائلاتهم، تفقد فرص العمل إن كانت لها فرصة عمل، يدمر بيوتهم إن ‏كان لهم بيت يملكونه، هؤلاء يحتاجون إلى الدعم المالي وإلى الدعم الاجتماعي. لكن هذا المسار يجب أن ‏يستمر. ‏

المسار الثاني الذي تحقق في العام الماضي ومستمر إلى اليوم وفي شهر رمضان الحالي تأكد وتثبت، ‏هو مسار ترابط الساحات الفلسطينية وهذا ما عبّر الاسرائيليون عن خشيتهم منه، مسار ترابط ‏الساحات الفلسطينية، يعني في السابق عملوا على تفكيك الساحات، غزة لوحدها والضفة لوحدها و48 ‏لوحدها وتبقى القدس غريبة وحيدة، معركة سيف القدس ثبتت هذا الترابط، اليوم هذا الترابط قائم بقوة، ‏في معركة القدس الانتفاضية التي حصلت في الأسابيع الماضية كانت غزة حاضرة والضفة حاضرة ‏و48 حاضرة وهذا الترابط بين الساحات الفلسطينية يجب أن يبقى قوياً والاسرائيلي أخذه بقوة في عين ‏الاعتبار، فهم الخطوط الحمراء للمقاومة في غزة وفي الضفة وعلم جيداً أنه لا يستطيع أن يتمادى ‏طويلاً ولذلك منع مسيرة الأعلام ومنع الكثير من الخطوات التي كان يذهب إليها المستوطنون. ‏

المسار الثالث، هو ترابط ساحات محور المقاومة، واسمحوا لي هنا أن أعود لأؤكد وأدعو مجدداً إلى ‏فكرة المعادلة الاقليمية لحماية القدس ولحماية المسجد الأقصى، هذا الكلام لم يكن كلاما نقوله بعد معركة سيف ‏القدس إنطلاقا من العاطفة، وإنما إنطلاقا من المسؤولية، في محور المقاومة هناك ‏إيمان وإعتقاد بهذه المعادلة، عبّر عنه الكثيرون في محور المقاومة، قادة وحركات ‏وأطر، ونحن اليوم في يوم القدس نُريد أن نُعيد التأكيد على هذه المعادلة المهمة، بل ‏ندعو اليها بقية الدول العربية، والجيوش العربية، حتى التي عقدت صلحا مع ‏”إسرائيل”، ندعو مصر، قيادتها وجيشها وشعبها وندعو الاردن، قيادته وجيشه ‏وشعبه، وندعو كل دول وشعوب المنطقة أن يُوجهوا رسالة واضحة للصهاينة ‏ولحكومة العدو تقول لهم: أن التأمر على المسجد الاقصى، وعلى المقدسات ‏الاسلامية والمسيحية في القدس، أن زوال القدس والمسجد الاقصى والمقدسات ‏الاسلامية والمسيحية يعني زوال “اسرائيل”، أن يقال للصهاينة من قبل كل العالم ‏العربي والاسلامي أن هذا أمر لا يمكن أن تسكت عنه شعوبنا ولا دولنا ولا ‏حكوماتنا ولا جيوشنا، لكن في الحد الادنى نحن نقول اليوم في يوم القدس العالمي ‏هذا أمر لا يمكن ان يسكت عنه محور المقاومة لا دوله ولا حكوماته ولا جيوشه ‏ولا شعبه ولا حركات المقاومة فيه، لا يمكن. في هذا المسار يجب مواصلة العمل ‏لبناء القدرات والامكانات، القدرات البشرية والتسليحية والعسكرية في كل ‏الساحات، في فلسطين في لبنان، في كل دول المنطقة المعنية بهذا المحور، وكل ‏الضغوط التي تأتي لمنع إزدياد هذه القدرة، منع الصواريخ الدقيقة، منع المسيرات، ‏منع تطوير القدرات والكفاءات والامكانات هذا سيفشل، هذا أمر يحصل وسيحصل ‏ويستمر، بدأه بقوة وفعله بقوة الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني وهو مستمر الآن، ‏والجمهورية الاسلامية تدعمه بقوة، وسورية تدعمه وتسانده وتسهله أيضا بقوة، ‏وحركات المقاومة في كل المنطقة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وكل المنطقة، ‏هي تصعد في كفاءاتها وقدراتها وامكاناتها بانتظار هذا اليوم الذي يجب ان نتحمل ‏فيه جميعا المسؤولية، ولكن هذه المسارات الثلاثة يجب تثبيتها وتدعيمها وهي التي ‏تمثل بالنسبة لنا الأمل والافق المفتوح.

هناك مساران آخران يجب ان نُواجههما، ‏المسار الاول هو مسار التطبيع، والذي قلنا أنه دخل في إطار التيئيس وفشل، ‏العلاقات بين بعض الدول العربية وبين الكيان المؤقت لن تؤدي الى أن نيأس، لا ‏الفلسطيني سييأس ولا شعوب المقاومة في المنطقة ستيأس، هدفهم انتهى، هذا مسار ‏التطبيع يجب ان يواجه، بالكلمة بالموقف بالقول بدون خجل وبدون حسابات، ‏وبدون تمييز، كل من يطبع مع العدو الاسرائيلي كائنا من كان يجب ان يدان، ‏ويجب أن يتخذ منه الموقف اللازم والمتناسب مع خيانة بهذا المستوى، هناك ‏مُطبعون وقحون وقَبيحون وبَشعون، من أبشع وأقبح التصريحات التي سمعتها في الاسابيع ‏القليلة الماضية هي تصريحات مسؤولين في البحرين، وزير خارجية البحرين، ‏أصلاً وقحين وبشعين الى حد كبير، يعني في إرتمائهم في أحضان الصهاينة ولم ‏يبقى لديهم أي شيء لا من الشرف ولا من الخجل ولا من الحياء وهم يتحدثون عن ‏تطبيع العلاقات مع “اسرائيل”، من ابشع النفاق الذي يقال في هذه الايام عندما تقف ‏دول عربية واسلامية وتقول، أسمعوا هذا النفاق: “نحن نقيم علاقات مع “اسرائيل” ‏من أجل خدمة القضية الفلسطينية ومن أجل خدمة الشعب الفلسطيني” هل يوجد ‏وقاحة ونفاق وإستحمار وإستغباء لشعوبنا ولأمتنا مثل هذا المستوى؟ لماذا تقيمون ‏علاقات مع “اسرائيل”؟ يقولون: “هذا من أجل خدمة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ‏والقدس”، حسناً هذه علاقاتكم التي لكم لم نراها لا أخرجت آلاف الاسرى من السجون ولا حمت ‏المسجد الاقصى ولا منعت هدم بيوت الفلسطينيين وتجريف حقولهم، ولا رفعت ‏الحصار عن غزة ولا أعادت الفلسطينيين من الشتات الذين يعيشون في أصعب ‏الظروف في مخيمات اللاجئين الى ديارهم والى حقولهم، ماذا نقصد بالشعب ‏الفلسطيني والقدس غير هذا؟ هذا مسار التطبيع يجب أن يواجه، طبعا أعود وأقول ‏في رأس مواجهة مسار التطبيع هو العمليات في داخل فلسطين المحتلة، اكبر رد ‏كان على اللقاء التطبيعي الخياني في النقب كانت العمليات التي حصلت في تل أبيب ‏وفي فلسطين المحتلة، جواب قاسي وحاد وحاسم، الرسالة التي تُقدمها العمليات هنا ‏للصهاينة: أن تطبيعكم مع هذه الدول العربية لن يحميكم، كما أن الرسالة لهذه الدول ‏العربية تقول: أن علاقتكم مع اسرائيل لن تحميكم، أريد أن أقول لكم معلومة، أيضا ‏لوسائل الاعلام، بعد أن قام الصهاينة الموساد بالإعتداء على الجمهورية الاسلامية ‏انطلاقا من اربيل من العراق، وقامت الجمهورية الاسلامية بقصف مقر الموساد في ‏أربيل ب 12 صاروخ فاتح 110، بالصواريخ التي كانت اصاباتها دقيقة، وجهت ‏ايران رسالة واضحة علنية، وأريد أن أضيف الى الرسالة العلنية رسالة غير ‏علنية، لقد علمت أن الجمهورية الاسلامية أبلغت دول المنطقة التي طبعت مع ‏”اسرائيل” وأقامت علاقات مع “اسرائيل” وقد تفتح قواعد لإسرائيل عندها، أن أي ‏إعتداء على ايران انطلاقا من هذه الدول سترد عليه ايران على هذه الدول على ‏القواعد الاسرائيلية في هذه الدول، ايا كانت هذه الدولة التي أنطلق منها العدوان ‏على الجمهورية الاسلامية في ايران، هذه الرسالة وصلت الى هذه الدول المطبعة ‏والى الكيان الاسرائيلي المؤقت ايضا، ونحن نتقدم خطوات الى أمر آخر، أريد أن ‏أقوله لكم أيضا، الجمهورية الاسلامية يتطور الآن موقفها الميداني العسكري الى حد ‏أنها قد تُقدم في حال استمرار العدوان الاسرائيلي على الوجودات الايرانية في ‏المنطقة، قد تُقدم على ضرب “اسرائيل” مباشرة، هذا الموقف يتطور ومقدماته تكبر، ‏والمسألة تقف عند السلوك الاسرائيلي والحماقة الاسرائيلية والغباء الاسرائيلي، لقد ‏قال المسؤولون في الجمهورية الاسلامية: لقد أنتهى الزمن الذي نأتي فيه بشهدائنا ‏ونقيم لهم مراسم العزاء، نحن سننتقم لشهدائنا، هذا تطور مهم. اذا في مسار التطبيع ‏يجب أن يواجه بالكلمة، يجب أن يواجه ايضا بتواصل العمليات في فلسطين الذي يقول ‏للصهاينة: ان التطبيع لن يحميكم.

المسار الآخر الذي يجب أن نستمر فيه هو مسار ‏الصمود، هذا الكلام للفلسطينيين وللبنانيين وللسوريين ولليمنيين وللعراقيين ‏وللإيرانيين ولكل شعوب المنطقة والبحرانيين ولكل المتعاطفين، اليوم في شمال ‏أفريقيا وفي أفريقيا وفي نيجيريا وفي باكستان وفي افغانستان وفي كثير من مناطق ‏العالم هناك متعاطفون، حسنا هذا الضغط المتواصل من أجل الخضوع لأميركا ‏ولشروط أميركا واسرائيل، الضغوط الاقتصادية والمعيشية، هذا الأمر يجب ان ‏يُواجه، في موضوع التطبيع هناك مسؤولية خاصة على العراق، العراق بلد يُطرح ‏فيه التطبيع بقوة، ويجب أن يواجه فيه التطبيع بحسم وبجدارة، والأخوة في العراق ‏هم لائقون وجديرون بمستوى هذه المسؤولية التاريخية.

أيها الاخوة والاخوات ‏التطورات التي تحصل في العالم فقط اشارة، ايضا هي تفتح امامنا هذا الافق، ‏الهزيمة الاميركية في افغانستان، بايدن يُحاول الآن أن يُنسي العالم ما جرى في ‏افغانستان، لكن في أميركا يذكرونه على الدوام بذلك، الهزيمة الاميركية في ‏افغانستان أقلقت الكيان الاسرائيلي، وتذكرون كلمات مسؤولي الكيان، واقلقت حلفاء ‏أميركا في المنطقة، اليوم أيضا الحرب الروسية الاوكرانية، والنتائج التي يمكن ان ‏تصل اليها، ايضا هي مقلقة للكيان، وقد تضع العالم أمام نظام عالمي جديد متعدد ‏الأقطاب، ينهي سيطرة القطب الواحد “القطب الاميركي” هذا ايضا يفتح أمامنا ‏الكثير من الآفاق، نحن أمامنا آفاق مفتوحة، نحن مستقبلنا هو مستقبل التقدم ‏والتطور والقوة والانتصار والتحرير، مستقبلهم هم هو مستقبل الهزيمة تلو الهزيمة والانكفاء تلو ‏الانكفاء، والانسحاب تلو الانسحاب والاختباء خلف الجُدر والاسوار.

هنا يجب أن ‏أقف أيضا أمام نقطة لها علاقة بلبنان في الموضوع الاسرائيلي، في شهر آيار في العام ‏الماضي كان من المفترض أن يقيم العدو مناورات كبرى على مستوى كل الكيان، ‏ويومها حذرنا، وأريد أن أكرر وأعيد اليوم في شهر أيار ومتزامن ذلك مع ‏الانتخابات، يعني في الاسبوع الاول من شهر ايار، لا زالوا لم يعلنوا يوما رسميا، ‏سوف تبدأ مناورات كبرى في كيان العدو، المرة الماضية ألغوها بسبب معركة ‏سيف القدس، والانتصار الفلسطيني، هذه السنة يبدو يريدون أن يقيموا مناورات، ‏والتي يشارك فيها سلاح القوة البحرية وسلاح الجو والقوات البرية والاجهزة الامنية ‏والجبهة الداخلية وقوات الاحتياط، وتستمر لمدة شهر، هي شهر مناورات، أنا أريد ‏أن أقول للصهاينة اليوم: أنه أولاً: هذا الأمر نحن لا يُخيفنا ولكن يَدعونا الى الحذر، ‏دائما يجب أن نأخذ بعين الاعتبار في زمن المناورات من هذا النوع وجهوزية عالية ‏صهيونية من هذا النوع قد يَرتكب الاسرائيلي حماقة معينة، يضرب هدفاً أو يغتال ‏شخصية أو يقصف، لا نعرف ماذا يفعل، ويفترض أنه كوننا نَعلم بأن “اسرائيل” في ‏حالة جهوزية وفي حالة مناورة كبرى سننكفىء ونخاف ونتراجع، أنا أقول للعدو: أولاً: بانتظار مناوراتكم، وهنا اللبنانيين سيتفاجؤون، نحن خلال الاسابيع القليلة ‏الماضية في الوقت الذي كانت فيه ماكيناتنا الانتخابية تشتغل انتخابات، كانت ‏تشكيلاتنا الجهادية تشتغل مناورات صامتة، حتى يمكن لم يشعر بها الكثير من ‏الناس، مناورات على كل السيناريوهات، وعلى كل الفرضيات، وعلى كل الأسلحة ‏المتوفرة لدينا، وأنا أُعلن اليوم عندما تبدأ المناورات الاسرائيلية، سواء بدأت قبل ‏الانتخابات أو بعد الانتخابات، من أجل أن لا يتفاجىء أحد، ولكن طبعا لن ير أي ‏أحد شيئاً بعينيه، وهذه واحدة من ميزات المقاومة في لبنان، عندما تبدأ ‏المناورات الاسرائيلية نحن المقاومة في لبنان ستكون في أعلى درجات الاستنفار ‏والجهوزية، هذا أمر بُلغ به الأخوة ويقومون بالتحضير له، حتى لا نأخذ على حين غفلة، ‏وأقول للعدو الاسرائيلي: لا تراهنوا على تعبٍ هنا أو مللٍ هناك، على جوعٍ هنا أو ‏فقرٍ هناك، على خوفٍ هنا أو ترددٍ هناك، أي خطأ أي حماقة أي عمل عدواني ‏صغير أو كبير يمكن أن يُقدم عليه العدو الاسرائيلي سيتم الرد عليه سريعاً ومباشرةً، ‏ولن تسمعوا نحتفظ لأنفسنا نحق الرد في المكان المناسب والزمان المناسب، مناوراتكم ‏الكبرى هذه لا تُخيفنا ولن تَمنعنا من ان نُثبت معادلات الردع التي حمت لبنان حتى ‏الآن، ولا تُفكرون بأننا مشغولين في الانتخابات، لا الانتخابات تشغلنا عن الجهوزية ‏ولا الانتخابات تشغلنا عن الرد على العدوان وحماية بلدنا الذي هو الهدف الأصلي ‏والأساسي.

اذاً أيها الأخوة أطلنا عليكم وانتم صائمون والعالم تنظر الى الساعة، ان ‏شاء الله تلحقون وتصلون الى اماكن الافطار، نحن في يوم القدس العالمي نُجدد مع ‏الامام الخميني (رضوان الله تعالى عليه)، نُجدد مع الشعب الفلسطيني مع القدس ‏مع المقدسات الاسلامية والمسيحية مع المسجد الاقصى وكنيسة القيامة مع المسجد ‏الابراهيمي مع كل مقدساتنا في فلسطين، نُجدد وقفتنا وبيعتنا وإلتزامنا ومسؤوليتنا ‏كجزءٍ من هذه الأمة، نُؤمن بوحدة المصير بوحدة المستقبل بوحدة المعركة وكل ما ‏يُسمع أو يُقال من هنا وهناك هي أُمور صغيرة وهي أُمور أعجز من ان تمنع هذا ‏التطور هذا التقدم هذا التصاعد هذا العنفوان هذا الايمان هذا الأمل، هذه الثقة الكبيرة التي يمتلكها ‏محور المقاومة لِصنع الأمل والانتصار والتحرير، إن شاء الله هذا الجيل وهذه ‏الأجيال ستصلي في القدس، سنصلي جميعاً في القدس، إنهم يرونه بعيداً ونراه ‏قريباً، وقريباً جداً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ‏

المصدر: العلاقات الإعلامية

البث المباشر