اعتبر السيد علي فضل الله، في خطبتي صلاة الجمعة ان “هذا اليوم، آخر جمعة من شهر رمضان، اليوم الذي أعلنه الإمام الخميني يوما عالميا للقدس، قد أراد بذلك أن لا ينسى المسلمون القدس، وأن تبقى حاضرة في وجدانهم وعقولهم، وأن يأخذوها بالحساب عندما يخططون للمستقبل، فلا تبقى أسيرة من يعبث بتاريخها ومقدساتها وهويتها. ونحن في هذا المجال، لا خيار لنا إلا أن نلبي هذا النداء ونستجيب له، ونراه واجبا علينا، لأننا معنيون أن نقف مع كل قضية حق وعدل، وأي قضية هي أكثر عدالة من قضية فلسطين فلا يمكن أن نسكت على احتلال بلد أو ظلم شعب أو انتهاك مقدسات.. ولأن القدس ترتبط بتاريخنا وملتقى الرسالات السماوية، فهي مهد السيد المسيح، وفيها المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبيهم محمد، ومنطلق معراجه”.
واضاف “ولأن القدس تعاني وتستصرخنا تستصرخ ضمائرنا وإنسانيتنا، بعد أن أصبح واضحا المخطط الذي يعمل عليه العدو الصهيوني لتهويدها وطمس آثارها وهويتها الإسلامية والمسيحية، إننا معنيون بالقدس، لأننا معنيون باستقرار هذه المنطقة من العالم وتطورها وتحررها، فهي لن تستقر ولن تتطور ولن تتحرر ما دام هذا الكيان يمتلك السيطرة والقوة، ويمسك بزمام هذه المدينة ومعها كل فلسطين”.
واردف “إننا في هذا اليوم، يوم الحرية للقدس ولكل فلسطين، ندعو المسلمين والمسيحيين وكل الأحرار في العالم إلى اعتبار هذه القضية من أولوياتهم وليست على هامشها، رغم وعينا لما يعاني منه كل وطن من أوطاننا، وفي الوقت نفسه نشد على أيدي الشعب الفلسطيني الذي أثبت ويثبت في كل يوم أنه لا ينام على ضيم الاحتلال رغم المعاناة والجراح والحصار يشهد له في ذلك تصديه في هذه الأيام للعدو والمستوطنين في هذه الأيام في حي الجراح وقبلها في باب العمود وقبله الكثير”.
وقال “إننا في يوم القدس مدعوون للوقوف مع هذا الشعب ودعمه للثبات في مواقعه لحماية أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، والوقوف في وجه كل المشاريع التي تخطط للمنطقة على حساب القدس وفلسطين، حتى لا يهون ولا يضعف أمام التحديات التي تواجهه والمؤامرات التي تحاك ضده من الداخل والخارج، وأن نبقى نرى أنهم في انتفاضتهم ومقاومتهم لا يدافعون عن وطنهم فحسب بل عن الأمة كلها.. قد يكون الطريق لعودة فلسطين والقدس إلى أهلها ليس سهلا ولكن مهما طال الزمن فلن تقف أي عقبة أمام شعب قرر أن يأخذ حريته ويستعيد وطنه وحقوقه وأن لا يتراجع.. وكما قال الامام علي “ما ضاع حق وراءه مطالب”.
واضاف “في هذا الوقت تلوح على أرض الواقع بوادر التقارب بين العديد من الدول العربية والإسلامية، والذي نأمل أن يتعزز ويستمر لتعود لغة الحوار هي التي تحكم العلاقات فيما بينها، بدلا من الصراع والتوتر الذي استنزف ويستنزف مواردها وثرواتها، ويسمح للعابثين بأمنها واستقرارها أن يجدوا مجالا رحبا لتنفيذ مآربهم”.
وقال “وعن لبنان الذي يبشر فيه اللبنانيون بقرب الانهيار مع دنو موعد الإعلان عن عدم قدرة المصرف المركزي على الاستمرار بسياسة الدعم للمواد الأساسية وعدم وجود التمويل اللازم للبطاقة التمويلية التي يتم الحديث عنها لتغطية 750 ألف عائلة لبنانية هي تحت خط الفقر التي طرحت كبديل عن الدعم، حيث نخشى من تداعيات ذلك على الصعيد المعيشي والأمني وعلى مستقبل هذا البلد”.
وأسف لان القوى السياسية المعنية ما زالت تتقاذف المسؤوليات والاتهامات والاقصاء، من دون أن يبدي أي منها أي استعداد لتقديم التنازلات لتشكيل الحكومة القادرة على أخذ القرارات المطلوبة، في الوقت الذي لا يزال هناك من ينتظر الخارج لتشكيل الحكومة أو لإيجاد حلول لمشاكل هذا البلد المستعصية. فيما أصبح واضحا أن الخارج لن يمد يد المساعدة إلى هذا البلد إن لم يقرر من هم في مواقع المسؤولية ماذا يريدون هل يريدون وطنا أم كل يريد الوطن على قياسه أو قياس طائفته أو موقعه السياسي”.
وقال: “إننا نخشى أن يكون العالم حتى الذين يريدون الخير لهذا البلد ومعالجة مشاكله، قد ملوا من هذا البلد ولم يعد في واجهة اهتماماتهم بل في آخرها.. وإذا كان من زيارات تجري من المسؤولين العرب أو الغربيين، فهي للاطلاع على حجم الكارثة التي سيشهدها البلد أو لتهديده بعقوبات أو لإسداء آخر النصائح لمريض يرفض أن يأخذ الجرعة الأخيرة من الترياق وهو على شفير الموت”.
واضاف “إننا لا نزال نأمل أن يستفيق المسؤولون من هذا السبات وأن يعملوا لإعادة وضع البلد في مكانه الصحيح، ليشعر الخارج بشيء من مسؤوليته عندما يرى في المشهد الداخلي بداية حقيقية للمعالجة، لأنه لن يقلع أحد أشواك وطنهم إن لم يقلعوها بأنفسهم.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام