أكد وزير الري في دولة جنوب السودان مناوا بيتر قاركوث على أهمية التوصل لاتفاق قبل الملء الثاني لسد النهضة، مبدياً استعداد بلاده للعب دور الوسيط تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وفيما نفى انحياز بلاده لأثيوبيا في تلك الأزمة، فقد شدد على ضرورة توافر إرادة قوية لحل تلك الأزمة”. وأكد قاركوث، في مقابلة حصرية مع سبوتنيك على ضرورة توصل الأطراف الثلاثة للأزمة، [مصر والسودان وأثيوبيا]، لاتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد.
وقال “كما قلت موقفنا من تلك الأزمة واضح، ويتمثل في ضرورة أن يصل الأطراف الثلاثة إلى اتفاق ملزم ومرضي بخصوص ملء السد وتشغيله”. وأضاف “نعم هناك بعض التخوفات المشروعة من الجانبين المصري والسوداني من عملية ملء السد وتشغيله، نظرا للآثار المترتبة على تلك العملية ولأن مصر والسودان يعتمدان بشكل رئيسي على المياه من النيل الأزرق، لذلك ندعو الدول الثلاث إلى تغليب المصلحة العامة للمنطقة وتفعيل مبادئ القانون الدولي التي تحكم العلاقات وإدارة المياه العابرة بين الدول، فلو توفرت الإرادة السياسية والنية الجادة قد يصل أطراف النزاع إلى صيغة مثلى حول السد”.
وشدد قاركوث على عدم انحياز جنوب السودان لأي طرف في الأزمة وأوضح “بكل أسف كانت هناك تصريحات غير حقيقية نسبت لي ولم أدل بها، وقد أصدرنا نفيا لتلك التصريحات، ويبدو أنها جاءت في ظل الصراع الحادث في الإقليم بشأن سد النهضة، بعض الناس استغلت التصعيد الإعلامي والتصريحات المتضاربة بين الدول الثلاث، لذا قد يكون البعض أراد إحداث بلبلة وإقحام جنوب السودان في الأزمة من أجل إدخال لاعبين دوليين آخرين، خاصة وأن هناك شد وجذب بين الدول الثلاث”.
وتابع قاركوث مؤكدا “بالنسبة لنا في جنوب السودان، موقفنا واضح من البداية بأننا لسنا مع أي طرف من الأطراف لأن سياستنا الخارجية قائمة على احترام سيادة الدول على أراضيها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ودعونا الجميع إلى الاحتكام إلى صوت العقل والسعي لتحقيق تسوية سلمية لتحقيق الاستقرار في المنطقة، فهناك علاقات تاريخية بين مصر والسودان وإثيوبيا، رغم ذلك ظلت مفاوضات سد النهضة لمدة 10 سنوات فشلت خلالها في التوصل إلى اتفاق يرضي كل الأطراف”.
وأعرب وزير الري في دولة جنوب السودان عن استعداد بلاده للوساطة في الأزمة بين الأطراف الثلاثة بما لها من علاقات عميقة بكل الأطراف، وأضاف “نحن حقيقة كدولة جنوب السودان وبالأخص وزارة الري التي تعد القسم الفني المختص بإدارة المياه طرحنا مبادرة بإمكانية تدخلنا كوسيط بين الدول الثلاث، خاصة أن دولة جنوب السودان علاقاتها تاريخية مع السودان بحكم أننا كنا جزء منه وأيضا مع مصر وإثيوبيا، لذا تعد جنوب السودان الدول الوحيدة في شمال أفريقيا والمنطقة المؤهلة لكي تلعب دور الوساطة بين الدول الثلاث وهو وضع متميز بالنسبة لنا”.
وتابع قاركوث “لكن اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه في الخرطوم عام 2015، نص على أن أزمة سد النهضة يتم معالجته من خلال الحوار بين الدول الثلاث دون إدخال أطراف إقليمية أو دولية، لكن الآن وبعد فشل كل المساعي، أصبح الحديث عن عدم تدخل خارجي لا يجدي لأن الدول الثلاث فشلت في التوصل لاتفاق حول كيفية تشغيل وملء السد”.
كما أشار إلى جاهزية بلاده للوساطة بهدف الوصول لاتفاق بين الدول الثلاثة قبل الملء الثاني لسد النهضة، قائلا “قبل الملء الثاني يجب أن يتوصل الأطراف الثلاثة إلى اتفاق، وقد طرحنا رؤية للوساطة، وإذا ما وافقت الأطراف الثلاثة سوف نطرح مبادرة ونعرضها على أطراف الأزمة، وحال موافقتهم سنقوم بتقديم مقترح يساعد في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث”.
وأضاف قاركون “وقد تحدثت مع وزير الري المصري واستمعت لوجهة نظره وسألتقي الوزير السوداني واستمع له، بعد ذلك سأعقد اجتماعا مع الجانب الإثيوبي، وبعدها تقوم اللجنة الفنية في وزارة الري وتقترح أنسب السبل وتبلور موقف رسمي لدولة الجنوب بعد أن نطرحه كمبادرة، في الوقت ذاته ندعم الوساطة الأفريقية في وجود الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية في جولة المفاوضات الحالية والقادمة”.
وأكد قاركوث “أعتقد الآن أن الأزمة أصبحت خارج نطاق قدرة الدول الثلاث في التوصل إلى اتفاق، وبالتالي أصبحت في حاجة لمساعدة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ودول الترويكا، ونحن ندعو الدول الثلاث إلى التعاون تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، حيث أنهم جميعا جزء منه، حتى لا يفشل في حل أزمة سد النهضة، لأن فشله يشكك في مصداقيته أمام المجتمع الدولي لأنه فشل في حل مشاكل أعضاءه، وبالتالي يسبب أزمة داخلية في أفريقيا، وبالتالي على الاتحاد أن يضغط على الأطراف الثلاثة للتوصل إلى اتفاق”.
وجدد وزير الري في دولة جنوب السودان حرص بلاده على حل الخلافات بين دول الجوار، موضحا “الخلاف حول سد النهضة يؤثر على دولة جنوب السودان من الناحية السياسية، لأن أثيوبيا والسودان دول جوار لنا، وأي خلاف بين الدولتين فإن الدولة المتضررة بشكل أكبر هى جنوب السودان، فقد كنا جزء من دولة السودان ولنا علاقات استراتيجية وتاريخية معها ومع مصر، وفي نفس الوقت لدينا علاقات جيدة مع إثيوبيا، وأي خلاف يؤثر علينا، لذلك طرحنا مبادرة للحل السلمي للأزمة لتجنيب الإقليم الخلافات السياسية في المستقبل القريب”.
المصدر: سبوتنيك