ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة الجمعة لهذا الأسبوع مباشرة على أثير الإذاعة اللبنانية، معتبرا أن “الدين لازم مصلحة الإنسان، الدين تآخ على المحبة، والغوث والخير والتضحية ودفع الظلم وممانعة الفاسد وإغاثة الملهوف ونجدة المكروب، ومقارعة الشر، وتأكيد العدل والاستقامة والأدب والنزاهة ومنع الهوى الفاسد والشراهة السلطوية وتأكيد المعروف وإنكار المنكر ونصرة المظلوم وإعانة المحروم وإنقاذ الحقوق، وخصوصا حقوق الناس من خلال سلطة عادلة قوية أمينة على حقوقهم وآمالهم وثرواتهم وطموحاتهم”.
وقال “من باب النصيحة المأخوذ فيها الإيثار والتضحية، استصرخ ضمير كل متمكن في هذا البلد، أن يعمل على عون أخيه وإنقاذه، بل ومساعدة كل شرائح مجتمعنا التي تئن من التجويع والإفقار والقهر الممنهج، وهذا ما نحاول العمل عليه بكل إمكانياتنا المختلفة كواجب وفريضة وضرورة دين وأخلاق ووطن وإنسانية. لأن أكثرية شعبنا اللبناني اليوم تحت خط الفقر، اللبنانيون بغالبيتهم يعيشون نوعا من الإبادة، واستنزاف تمارسه طغمة حاكمة احتكرت كل شيء، واعتمدت لذلك أبشع أساليب الاستبداد والاستئثار والنهب”.
أضاف “من موقعي الديني ومسؤوليتي الدينية، أجيز لكل من عليه حق مالي أن يبذل هذه الحقوق لشعب هذا البلد المظلوم، بعدما بلغت المجاعة مبلغها، لأن أكبر مصالح الله تكمن بإنقاذ الإنسان ومكونات هذا البلد المنهوب. ومن ضيع الإنسان، ضيع الله، كما أن من ضيع العدل ضيع السلطة، ومن ضيع السلطة نهشه الظلم والفساد والفوضى”.
وأشار المفتي قبلان إلى أننا “اليوم نعيش أسوأ أنواع الأزمات، وسط ارتفاع مخيف بمعدل الجريمة والكوارث الاجتماعية، فيما السلطة بحيتانها وأحقادها بلغت الذروة، بطاقم سياسي حول البلد إلى غارق بالديون وقطاعات مصادرة وثروات منهوبة، ومؤسسات فاشلة وموزعة على أصحاب النفوذ بحجة التوازنات الطائفية، فيما الناس تعاني الجوع والفقر وجنون الأسعار، على يد عصابة تجارية ومالية ونفوذية، لا تعرف أي شيء عن الله والضمير والإنسانية. لذلك، وبكل تأكيد سنخوض معركة حماية شعبنا وبلدنا إلى آخر النفس، ولن نقبل بإبادة أهلنا مهما كلف الأمر، كما لن نقبل بأن تستمر هذه الطبقة الفاسدة أن تتحكم بالناس وبمصير البلد وتأخذ اللبنانيين رهائن في لعبة تأمين المصالح”، داعيا إلى “ثورة قضاء حر وأصوات حرة، وقوى حرة، تعمل بالتكافل والتضامن على تحرير البلد من الفاسدين ومحاكمتهم دون الوقوف عند أي اعتبار طائفي أو مذهبي، فالبلد في المهوار، وإنقاذه لن يتم إلا على أيدي الشرفاء في هذا البلد، الذين لا يساومون ولا يتاجرون بكرامة الناس، بل هم مستعدون أن يقدموا المزيد من التضحيات من أجل لبنان كل لبنان، بمسلميه ومسيحييه، ومن أجل بناء دولة الشرفاء، لا دولة السماسرة وأصحاب البازارات الرخيصة والمشاريع الهدامة”.
وشدد على أن “هذا البلد لن يموت، ولن يزول مهما تعددت الأجندات الإقليمية والدولية، وسينهض من جديد ولن تنال منه كل قوى الشر مع كل حيتان المال والفساد، مهما تآمرت وحاكت من فتن ومارست من ضغوط وفرضت من عقوبات، فلبنان باق بوحدته وقدرة شعبه ومنعة مقاومته شوكة في عيون واشنطن وكل من يدور في أفلاكها، وعصيا على كل محاولات التطبيع والتوطين والخنق، مهما بلغت التضحيات. فاللبنانيون لن يقبلوا بأقل من لبنانهم الواحد الموحد السيد المستقل، رغم كل الصعوبات والتحديات. فالكرامة والوطنية تحتاج إلى تضحيات، وهم أهل لها، وباعهم في هذا المضمار يشهد له، ولن يتخلوا عن هذا اللبنان الذي لا نريده إلا لجميع أبنائه، مواطنين على حد سواء”.
وناشد “كل القوى الوطنية العمل على إنقاذ لبنان وأقول لهم: إياكم واللعبة الطائفية لأنها سلاح الفاسدين، البلد على حافة الارتطام فاتحدوا من أجله، وكونوا على قدر التحدي كما كنتم دائما بعيدين كل البعد عن كل الحسابات الآنية والمصلحية. بلدكم مستهدف أيها اللبنانيون والمرحلة مصيرية ولحظاتها مفصلية، وهناك من يريد لكم الوقوع في الفتنة من جديد، فإياكم ثم إياكم أن تكونوا وقودا لها”.
وعن رفع الدعم، قال المفتي قبلان “نعود ونكرر تحذيرنا ورفضنا لأي خطوة متسرعة وغير مدروسة، لأن النتائج ستكون وخيمة وكارثية، إذا لم يكن هناك ترشيد للإنفاق، وخطة اجتماعية اقتصادية إنمائية تتماشى وظروف الناس المعيشية التي لم تعد تطاق، مع التأكيد على عدم المس بالاحتياطي، وعلى الأقل عن طريق استرداد الأموال العامة المغتصبة وهي تعد بالمليارات”، مشددا على “ضرورة الخروج من لعبة الشروط والشروط المضادة في عملية تأليف الحكومة، فالبلد لم يعد يحتمل، والسقوط بات قاب قوسين أو أدنى. فاحذروا أيها المعنيون بالتشكيل، واعلموا أن النار إذا اندلعت لا سمح الله فستحرق أخضركم قبل يابسكم”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام