كثيرا ما نواجه مشكلات في المذاكرة، والفهم، واستعادة المعلومات التي قرأناها. وهو ما يولد لدينا مشاعر الشك الذاتي، والقلق في مواجهة الاختبارات، وربما اللقاءات الشخصية، وأمام رؤسائنا.
ومع أننا نبذل قصارى جهدنا في الاستذكار، والدراسة، ونستخدم الكثير من حيل الذاكرة حتى نسترجع أجزاء بعينها، إلا أننا نفاجأ بأن الذاكرة تخذلنا في أكثر المواقف احتياجا إليها، أمام الرؤساء أو الممتحنين أو حتى أثناء مناقشة أحد الموضوعات بين المتخصصين أو حتى الأصدقاء.
لحسن الحظ، هناك أسلوب ابتكره عالم الفيزياء الشهير، والحاصل على جائزة نوبل، ريتشارد فينمان، وهو أسلوب معروف للدراسة والتعلم.
تستند فلسفة هذا الأسلوب إلى مبدأ بسيط للغاية، وهو أن العجز عن شرح الأشياء بأبسط الكلمات، ليس سوى جهل بهذا الشيء، أو عدم إلمام به وفهمه للنهاية. يستخدم هذا الأسلوب في النظريات الرياضية والعلمية، إلا أنه أسلوب رائع يصلح لكل المجالات، حيث يعتمد بالأساس على الاستدعاء النشط، والفهم وليس الحفظ.
ابتكر ريتشارد فينمان هذا الأسلوب المبتكر للدراسة والتعلم أثناء سنوات عمله في جامعة برينستون، وكان يوصف دائما بـ “الشارح العظيم”، لقدرته على استخدام أبسط الألفاظ في وصف أعقد الأمور.
اكتشف فينمان أنه إذا عجز عن شرح شيء ما ببساطة، فيعني ذلك أنه لا يفهمه حق الفهم. وقام أثناء وجوده بالجامعة بملئ دفاتر بأكملها بالموضوعات التي يريد دراستها، وكان يفككها إلى أجزاء صغيرة، ويفهم كل جزء على حدة، حتى يستطيع استيعاب المفاهيم بأكملها. انتشرت هذه الطريقة، وأصبحت تعرف بأسلوب فينمان.
ويتيح هذا الأسلوب للمتعلمين الفرصة لرؤية المناطق الغامضة في موضوع الدراسة، حيث تجد نفسك عالقا في المنتصف، لا تتمكن من شرح بعض الأجزاء لعدم توفر المعلومات الكافية، أو قد تلجأ لاستخدام مصطلحات أو لغة معقدة.
هل لاحظت أن بعض الأشخاص يحاولون أن يظهروا أكثر ذكاء من خلال استخدام كلمات أشد بريقا، أو ربما من خلال استخدام لغات أجنبية؟ يعود ذلك ببساطة لأنهم يعتقدون أن ذلك يظهرهم أكثر ذكاء ومعرفة. في واقع الأمر، هم يحتاجون إلى استعادة مادة الدراسة، والتبحر فيها أكثر، حتى يمكنهم تجنب الكلمات المعقدة، واستخدام الكلمات البسيطة. فكلما تمكنت من استخدام كلماتك ولغتك الخاصة لشرح شيء ما، كنت تستوعب الموضوع بشكل أعمق.
كيف نفعل ذلك؟
اختر الموضوع الخاص بك. قرر ما تريد أن تتعلمه، حيث يستخدم هذا الأسلوب بشكل أفضل في الموضوعات التي تتطلب التفكير النقدي والفهم.
حاول أن تشرح لطفل أو لشخص لا يمتلك أي خلفية عن الموضوع، وهو ما سيضطرك لتفتيت الموضوع لأبسط ما يكون، واستخدام أسهل لغة على الإطلاق.
يمكنك القيام بذلك بصوت عال لنفسك، أو كتابته إذا لم يكن لديك شخص آخر للمساعدة.
حدد أماكن المعرفة المفقودة، تلك التي لم تتكمن فيها من شرح الموضوع ببساطة، ولجأت إلى استخدام الألفاظ والمصطلحات المعقدة، لاحظ كذلك الأماكن التي لا يمكنك فيها تذكر المعلومات. عاود القراءة حتى تتمكن من تفسير تلك المصطلحات، و”تكسيرها” إلى أبسط أجزائها، وتذكر الأجزاء التي لم تتمكن من تذكرها حينما حاولت الشرح.
كرر تلك المحاولة عددة مرات، حتى تتمكن في النهاية من شرح الموضوع بأبسط العبارات، وجعله مفهوما بالكامل.
فوائد أسلوب فينمان
يعمل هذا الأسلوب على زيادة القدرة على التفكير النقدي والتحليل، والفهم الشامل البسيط للمفاهيم مهما بلغت درجة تعقيدها، وهو الأمر المفيد للغاية في كتابة المقالات والتقييمات. ويساعد الأسلوب على التعلم الشامل والفهم الحقيقي للمواضيع في مختلف المجالات.
المصدر: روسيا اليوم