ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 30-11-2019 في بيروت العديد على إنهاء الشركات المستوردة للنفط، أمس، إضراب أصحاب محطات الوقود، من دون أن تظهر المكاسب التي حققتها، والتي أتت بعد يومين من تزايد الغليان الشعبي، والاجتماعات السياسية المتواصلة، وعشيّة فضّ وزارة الطاقة مناقصة استيراد البنزين، التي حاول “الكارتيل” إلغاءها..
الأخبار
بعد المساهمة في افتعال أزمة البنزين… مصرف لبنان يساوي «الدولة» بالقطاع الخاص!
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “أنهت الشركات المستوردة للنفط، أمس، إضراب أصحاب محطات الوقود، من دون أن تظهر «المكاسب» التي حققتها «مافيا النفط». أتت النتيجة بعد يومين من تزايد الغليان الشعبي، والاجتماعات السياسية المتواصلة، وعشيّة فضّ وزارة الطاقة مناقصة استيراد البنزين، التي حاول «الكارتيل» إلغاءها.
أينما حلّ الاحتكار الرأسمالي، تظهر شخصيات شبيهة بـ«مستر بيرنز» (الرجل الثريّ والشرّير في المسلسل التلفزيوني The Simpsons). صاحب محطة للطاقة النووية، جشعٌ، يستخدم ثروته ونفوذه لتحقيق أهدافه، من دون الاكتراث لأيّ عقوبات قد تُفرض عليه. القصّة ليست فقط في انتمائه إلى طبقة تُسيطر على الاقتصاد، وتُسهم في تعميق معاناة الطبقات الأخرى، وتحديداً القوى العاملة، بل أيضاً بسبب اصطفاف «السلطة» السياسية والنقدية إلى جانبه، وتأمينها الغطاء اللازم لحماية مصالحه. يتجسّد «مستر بيرنز» لبنانياً بهيئات عدّة، «كارتيل النفط» وكلّ ما يتفرّع عنه، واحدة منها. هؤلاء لا قيمة لديهم سوى لكميات الدولارات المُكدسة في حساباتهم الخاصة.
في اليومين الماضيين، عادت الشركات المستوردة للنفط وموزعو المحروقات وأصحاب محطات الوقود، إلى ممارسة اللعبة التي يمتهنونها: إذلال المواطنين. لا يوجد كلمة أخفّ وطأة لوصف الطوابير على محطات الوقود، و«ترجّي» الناس لملء سياراتهم بالمادة الحيوية التي تعوّض غياب النقل العام. مناورة بالذخيرة الحيّة، نفذّها «كارتيل النفط» يومَي الخميس والجمعة، واضعاً الفئات الشعبية بمواجهة بعضها البعض، ورافعاً من حدّة الاحتقان والضغط الاجتماعي، في سبيل الحفاظ على مُكتسبات عالية اعتاد تحصيلها، منذ أن بدأت مسيرة احتكاره لسوق المشتقات النفطية. هم ليسوا مُجرّد أسماء شركات استيراد لقطاع خاص، بل واجهات لأحزاب وعائلات إقطاعية. يُعرف من بينهم، أكثر من غيره، النائب السابق وليد جنبلاط، لامتلاكه حصصاً علنية في شركات النفط. حين وجدوا أنّ «امتيازاتهم» في خطر، قرّروا «ليّ ذراع» الحكومة، من خلال أخذ المواطنين رهينة. نقلت الشركات المستوردة وموزعو المحروقات الأزمة من عندهم، إلى أصحاب المحطات، الذين أعلنوا تنفيذ إضراب مفتوح ابتداءً من صباح الخميس. نجحوا في تسعير الأزمة، لتنطلق بعدها الاتصالات والاجتماعات المفتوحة.
بلغ الاختناق أمس مستوى مرتفعاً. شعبياً، سُجّلت مواجهات داخل محطات مع مواطنين يريدون الحصول على البنزين. علقت سيارات عدّة على الطرقات بسبب انقطاعها من هذه المادة. اعتصامات لأصحاب سيارات الأجرة، وإغلاق معظم الطرق اعتراضاً على إقفال محطات الوقود… «لتنفرج» مساءً ببدء انفراط عقد الإضراب، مع تعليقه من قبل محطات «الأمانة» (المحسوبة على حزب الله) و«الأيتام» (مؤسسات السيّد محمد حسين فضل الله). واستُكملت السلسلة حين أعلنت «ميدكو» و«فينيسيا» (لصاحبهما مارون الشماس، أحد مستوردي المشتقات النفطية) فتح أبوابهما. قرار الأخير يُمثّل دليلاً على أنّ من اتخذ قرار الإضراب كان الشركات المستوردة وليس محطات الوقود، المملوكة بنسبة منها من قبل أكبر شركات الاستيراد. ويؤكد ذلك، ما قاله نقيب أصحاب المحطات سامي البراكس في اتصال مع «الأخبار» بأنّه ذهب أمس «من قِبلنا نقيب أصحاب الشركات المستوردة للنفط جورج فياض، واجتمع مع الوزيرة ندى بستاني، التي قالت إنّها تملك حلّاً يُقسّم كلفة الخسارة على الجميع. ونحن نظراً إلى الظروف التي تمرّ بها البلاد، وردّة الفعل الشعبية على الإضراب، قرّرنا الموافقة»، علماً بأنّ ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا (المحسوب سياسياً على جنبلاط)، الذي تنقّل أمس من شاشة تلفزيونية إلى أخرى طالباً من اللبنانيين «التفاؤل بالخير»، ردّ على سؤال «الأخبار» عن «المكاسب» التي حصلت عليها المحطات حتى تُعلّق الإضراب، بأنّه «لم نُحقّق شيئاً. كلّو مسخرة بمسخرة». إذاً أنتم غير موافقين على تعليق الإضراب؟ «ما تواخذينا ما بدنا نحكي أكتر الليلة. ماشي الحال». وبحسب معلومات «الأخبار»، أبلغت بستاني، الرئيس ميشال عون، قبل اجتماع بعبدا المالي أمس، أنّه لا يوجد أمامنا سوى حلّين. الأول، «تراجع مصرف لبنان عن تعميمه إيداع الشركات المستوردة 15% من قيمة الشحنات بالدولار». أما الحلّ الثاني، فـ«تقسيم الأكلاف الإضافية بين الشركات المستوردة وموزعي المحروقات وأصحاب المحطات، منعاً لتحميل المواطن أي عبء».
انتهاء الإضراب لا يعني أنّ الصفحة طُويت. فلا شيء يضمن عدم تعرّض الناس للإذلال مرّة جديدة. عند كلّ حادثة مشابهة، يبدأ تقاذف المسؤوليات، فلا يخرج أحد على اللبنانيين يُصارحهم بأصل العلّة. الحكومة، التي يُفترض أن تواجه هذه الأزمات، تعيش في غيبوبة تامة. رئيس حكومة تصريف الأعمال، مشغول بالمناكفات السياسية ولعبة الشارع لتحصيل المكتسبات من خصومه/ شركائه. أما الممثل الآخر للدولة، مصرف لبنان، فأولوياته لا تزال تأمين الدولار لتسديد خدمة الدين العام، والدفاع عن نظام اقتصادي مُنهار، عوض القيام بخطوات تحمي الغالبية العظمى من السكان، وتؤمّن حاجاتهم. قبل أيام، سدّد حاكم «المركزي» رياض سلامة، من احتياطاته بالعملات الأجنبية، كامل قيمة سندات اليوروبوندز مع فوائدها، البالغة 1.58 مليار دولار. ولكن قبل قرابة الشهر، أصدر التعميم 530 الذي فرض على المستوردين إيداع قيمة الشحنات مسبقاً لدى المصارف بمعدل 85% من قيمتها بالليرة اللبنانية و15% من قيمتها بالدولار. عوض أن يكون التعميم «حلّاً» بين الدولة ومستوردي المشتقات النفطية، تحوّل إلى سبب للأزمة الحالية، مع رفض القطاع الخاص تكبّد الأكلاف، وبعدما تبيّن أنّ آلية التعميم غير قابلة للتطبيق. «المصيبة» أنّ مصرف لبنان لا يكتفي بوضع الضغوط النقدية على القطاع الخاص، بل قرّر أن يُسلّط هذا السيف فوق رأس الدولة أيضاً. فقد علمت «الأخبار» أنّ سلامة أبلغ وزارة الطاقة، يوم الخميس، أنّه سيُطبّق عليها نفس الشروط المفروضة على مستوردي المشتقات النفطية، بإجبارها على إيداع قيمة الشحنات بمعدل 85% من قيمتها بالليرة اللبنانية و15% من قيمتها بالدولار، «بعدما كانا قد اتفقا على أن تكون 100% بالليرة اللبنانية».
إذا ما أصرّ رياض سلامة على شرطه، فسيكون مُتهماً في عرقلة استيراد الدولة للبنزين، وافتعال أزمة الوقود. سبب الأزمة الثاني، هو الشركات المستوردة للنفط وموزعو المحروقات، «المُهدّدون» بمنافسة الدولة لهم. يوم الاثنين المقبل، تُفضّ أسعار المناقصة العمومية لاستيراد مادة البنزين من قبل منشآت النفط. «هي المرّة الأولى التي تُمسّ فيها حصّة كارتيل النفط. صحيح أنّ منشآت النفط ستستورد 10% من حاجة السوق فقط، لكنّها مع ذلك خسارة للشركات الخاصة التي تتخبط بين بعضها البعض حول من سيتحمّل مسؤولية تراجع الأرباح. نقلت الشركات المشكلة إلى المحطات، لتُرمى بعدها على المواطن من خلال طلب تعديل جدول الأسعار، الأمر الذي لن نقوم به في الوزارة»، لذلك تعتقد مصادر «الطاقة» أنّ المناقصة هي واحد من أسباب الإضراب. وتُخبر أنّ هدف الشركات «كان منع دخول أي منافس محتمل إلى السوق، وخاصة أنّنا سنبيع المُستهلك بالليرة اللبنانية من دون تكبيده أكلافاً إضافية، فهدفنا ليس الربح. بالنتيجة، كلّ القطاع تضرّر، وكلّه يتظاهر اليوم ضدّ الوزارة».
في شباط الماضي، لُزّم تأجير خزانات النفط المملوكة من الحكومة، إلى شركة «روسنفط» الروسية، التي سيحقّ لها أن تبيع الكميات المخزنة للشركات التي تملك مصبّاً بحرياً، وللقطاع العام مباشرة. كانت تلك الضربة الأولى التي تلقاها «كارتيل النفط». الضربة الثانية، بدأت أمس مع قبول الشركات بتقسيم «جبنة الخسارة» في ما بينها، من دون أن تنجح في إلغاء المناقصة أو تعديل جدول الأسعار. أما بالنسبة إلى إلغاء إيداع قيمة الشحنات مسبقاً لدى المصارف بمعدل 15% من قيمتها بالدولار، فلم تظهر نتيجته بعد. يبقى أنّ هذه «المافيا» قوية جدّاً ومُتغلغلة في أعماق النظام. الآن بدأت المواجهة معها.
اللواء
لا نتائج لإجتماع بعبدا المالي.. ولكن «الإنهيار تحت السيطرة»!
شروط باسيل تعيق الإتفاق على شخصية الرئيس المكلف.. و«الطوابير» تعيد البنزين إلى المحطات
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “عشية الأسبوع الأوّل من كانون أوّل 2019، وسلسلة الأزمات التي كشفها حراك 17 ت1 الماضي، انفجرت أزمة جديدة تتعلق بامتناع غالبية محطات توزيع المحروقات، الأمر الذي حول المواطنين إلى طوابير امامها، طلباً لكميات قليلة من الليترات «بالغالونات» و«القناني» قبل ان تسفر اتصالات الليل، عن بداية تفاهم على إعادة تسليم الحروقات عن البيع وبالسعر الرسمي، تجنباً لتداعيات، قد تفجر الشارع، أو تحرق «الاخضر واليابس»، لأن أزمة من هذا النوع من شأنها شل البلد، وتعطيل مصالح النّاس، في القطاعات كافة.
وبموازاة هذه الأزمة، التي يتوقع ان تنتهي اليوم، ألقى الاجتماع المالي، الذي ترأسه الرئيس ميشال عون في بعبدا بحضور وزيري المال والاقتصاد وتكنولوجيا المعلومات، وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف سليم صفير ورئيس هيئة الرقابة على المصارف سمير حمود، ومستشار الرئيس سعد الحريري للشؤون المالية والاقتصادية نديم المنلا، والمدير في القصر الرئاسي انطوان شقير، تبعات الأزمة المالية – النقدية على الطبقة السياسية التي عليها الإسراع بتشكيل الحكومة لاتخاذ القرارات السريعة، عبر التشريع، أو إصدار التعاميم المفيدة على صعيد توفير السيولة.
وحسب البيان الرسمي، فالاجتماع خصص للتداول في الاوضاع المالية والمصرفية التي تمر بها البلاد، والتي اصبحت تؤثر سلبا على معظم القطاعات الاقتصادية والمنتجة.
بعدما عرض فخامة الرئيس اقتراحات عدة للخروج من الازمة، تداول بها الحاضرون، تم تكليف حاكم مصرف لبنان اتخاذ التدابير الموقتة اللازمة بالتنسيق مع جمعية المصارف لاصدار التعاميم التي اقترحها الحاكم، ورفع بعض الاقتراحات التي تحتاج الى نصوص قانونية او تنظيمية، وذلك في سبيل المحافظة على الاستقرار والثقة بالقطاع المصرفي والنقدي كما على سلامة القطاع وحقوق المودعين، دون اي انتقاص.
واخيرا، اكد المجتمعون اهمية المحافظة على الاوضاع النقدية والنظام الليبرالي الذي لطالما تميز به لبنان. تجدر الاشارة الى ان لبنان التزم، كما فعل دائما، بدفع المتوجبات المرتبطة باصدار اليوروبوند الذي استحق امس».
وردا على سؤال حول اجراء الـCapital Control، قال: «سبق وقلنا اننا لن نعتمد هذا الاجراء». والواضح وفقاً لمصادر اقتصادية فالإجتماع بقي من دون نتائج عملية، تعيد الثقة للأسواق، وتخفف من عبء الأزمات المعيشية وسط مؤشرات بالغة الخطورة عن هبَّة غير محسوبة أيضاً تتمثل بارتفاع أسعار سلع غذائية وضرورية تتعلق بطعام المواطن وغذاء اطفاله. وتخوفت هذه المصادر من سيناريو مرسوم لانهيار في كل القطاعات، ولكن تحت السيطرة لالحاق الأذى وزعزعة الاستقرار، وإبقاء القلق سيّد الموقف، بانتظار ترتيبات التموضعات الجديدة في صراعات المنطقة والتوازنات اللبنانية.
وحسب المصادر فإن الاجتماع المالي في بعبدا أكد على الأمور التالية:
أولا: ليس هناك من أي تفكير في عملية اقتطاع من الودائع او ما يعرف بـ hair cut وأن سلامة الودائع في المصارف مؤمنة.
ثانيا: ليس هناك من تشريع لوقف التحويلات إلى الخارج او ما يعرف بـ capital control رغم أن هذه الحالة تطبق اليوم وفرضتها الظروف الراهنة.
ثالثا: لا حل جذرياً إلا بتشكيل حكومة سريعا وبأن يترافق ذلك مع خطة إقتصادية مالية نقدية واضحة.
رابعا: جرى الطلب من المصارف رفع السقوف لما يمكن للمواطنين أن يسحبوه من المصارف بالدولار وبالليرة اللبنانية وأن يتم وضع ضوابط تنظيمية للطريقة التي تتعاطى فيها المصارف مع زبائنها اليوم وفي هذا الإطار ستكون هناك بعض التعاميم من مصرف لبنان بعد الاتفاق عليها مع جمعية المصارف.
خامسا: جدد مصرف لبنان الطلب من جمعية المصارف أن تزيد المصارف رأسمالها وأن تؤمن في هذا الإطار ٤ مليارات دولار من ودائعها في الخارج ومن المساهمين ٢ مليار دولار قبل نهاية هذا العام و٢ مليار دولار العام المقبل.
سادسا: طلب وزير الاقتصاد منصور بطيش توسيع مروحة القطاعات التي يمكن أن تستفيد من تحويلات بالدولار من أجل تأمين حاجيات المواطنين ولكن لم يكن هناك من جواب حاسم في هذا الموضوع.
سابعا: بالنسبة لسعر صرف الدولار لدى الصرافين، جرى نقاش في الحد من السيولة بمبالغ كبيرة بالليرة اللبنانية لبعض الزبائن والتي يمكن أن تستخدم في المضاربة وشراء الدولار من السوق الموازية وتؤدي إلى ارتفاع سعر الدولار واستبدال هذه السيولة بشيكات وبطاقات مصرفية بالليرة اللبنانية.
المصادر القريبة من الحكم، تحدثت عن ايجابيات للإجتماع المالي لجهة التأكيد على المحافظة على الودائع بحيث لا خوف على الودائع النقدية والأستثمارية ولا خوف على حقوق المودعين في ظل النظام الليبرالي الحر. وافادت ان جمعية المصارف اتخذت بعض التدابير الأحترازية بحيث طلبت من حاكم مصرف لبنان اعطاءها طابعا تنظيميا وسيصدر تعميم في هذا الشأن ولا مشكلة في ذلك مؤقتا الى حين اعادة الثقة الى المودع ولا سبب يدفع المودع الى الخوف وهذا ما قاله الحاكم وما تم الأتفاق عليه.
وعلم ان الرئيس عون اقترح تنظيم عمل المصارف اي ان التدابير التي تتخدها المصارف تتسم بالتنظيم ومتوافق عليها وتطبق في جميع المصارف فلا تكون هناك استنسابية بعيدا عن الجمود والتعاطي مع العملاء بتفهم حول المعاملات المصرفية. وقالت المعلومات ان سلامة طالب بالمساعدة الحكومية لجهة رفع سقف ضمان الودائع وهو امر يحتاج الى قانون، وقد اكد وزير المال خلال الإجتماع جهوزية ذلك وتم انجاز امر من هذا القبيل حول رفع سقف ضمان الودائع من 5 مليون ليرة الى 50 مليون ليرةولكن الضمانات كلها موجودة.
وكشفت ان الرئيس عون شدد على ضرورة اعتماد سعر الصرف الرسمي وافادت ان مطالعة عون كانت حاسمة ورد الحاكم بتأكيده انه سيصدر تعاميم تنظم هذه المرحلة الصعبة ولا علاقة لها بالسيولة والملاءة للقطاع المصرفي وقد فسر سلامة تعميمه عن الرسملة وزيادتها في هذه السنة وفي السنة المقبلة وتقسيم ال85 من اصل 100 بالدولار و15 بالمئة في الليرة اللبنانية للمواد الأولية والقمح والأدوية والبنزين. وفهم ان الوزير الخليل امن للدولة استحقاقها الأول والثاني لا مشكلة به والدولة تلتزم بإستحقاقاتها. وقد تم فهم المواضيع الشائكة التي يعاني منها المواطن بإنتظار التعاميم التي تجعل الأمور اكثر انسيابا اي التدابير المؤقتة التي تصدر بتعاميم عن الحاكم.
الملف الحكومي
لم يطرأ تطوّر بارز على الملف الحكومي، وان بقيت الأنظار تتجه إلى الاثنين أو الثلاثاء، كموعدين محتملين للاستشارات النيابية. وتوسعت مروحية الأسماء المرشحة لتأليف الحكومة في حال تمسك الرئيس سعد الحريري بالابتعاد عن السلطة في هذه المرحلة، ما لم تتوافر له الضمانات المطلوبة لتحمل مسؤولياته، من دون عوائق وعقبات، لإخراج البلد من الأزمات القاتلة. ومن الأسماء التي دخلت بقوة إلى التداول، النائب بهية الحريري، وفؤاد مخزومي، ورئيس هيئة الرقابة على المصارف سمير حمود والمهندس سامي الخطيب.
واشارت مصادر متابعة لعملية اختيار شخصية لتتولى رئاسة الحكومة الجديدة، أن هذه العملية تراوح مكانها بسبب اشتراط رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فرض تسمية اربعة وزراء للتيار ليكونوا ضمن التشكيلة الجديدة إذا كانت الحكومة مؤلفة من ٢٤وزيرا و٣ وزراء إذا كانت من١٨ وزير وان تكون حكومة مختلطة أي تكنوسياسية. كما يصر باسيل على احتفاظ وزراء التيار بحقائب الخارجية أو الداخلية يتولاها هو شخصيا، الطاقة لندى البستاني،البيئة لسليم جريصاتي والدفاع للوزير الياس ابو صعب. وقالت المصادر نفسها ان هذا الشرط المسبق ادى الى رفض كل الشخصيات التي جرى الحديث معها لتولي رئاسة الحكومة وكلها رفضت واعتذرت عن قبول ما عرض عليها ومن ثم تم حرقها تباعا اما من قبل باسيل شخصيا اومقربين منه،وهذا ما يحصل حاليا مع المهندس الخطيب. واكدت المصادر المتابعة أنه جراء هذا الاسلوب المتمادي، ماتزال عملية تشكيل الحكومة الجديدة تراوح مكانها محتجزة في بعبدا، بالرغم من كل ما يروج لتقدم من هنا اوهناك وهذا التعثر المفضوح يترجم عمليا في استمرار الفريق الرئاسي بتأخير تحديد موعد إجراء الاستشارات النيابية الملزمة ويخترع أسبابا غير مقنعة لهذا التأخير فيما تزداد المشاكل وتتراكم وتنذر بتداعيات خطيرة على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وتهدد كل الناس.
من زاوية أخرى، رجحت مصادر سياسية ان الخطيب كمرشح للتكليف ما يزال ثابتاً وتُشير الاتصالات باتجاه البحث بشكل الحكومة وتوزيع الحقائب السياسية لا سيما السيادية منها، ولا زال المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم عاملا على خط التواصل وتقريب وجهات النظر.
وقد التقى امس، الرئيس سعد الحريري والمرشح الخطيب وهو الثاني بعد لقائهما الاول الثلاثاء الماضي، فيما استمرت الاتصالات مع «حزب الله»، وافادت المعلومات ان الخطيب التقى ايضا أمس الاول وزير المال علي حسن خليل، لكن يبدو أن التفاصيل المتعلقة بتوزيع الحقائب لازالت تأخذ مداها. وسط معلومات عن اصرار الرئيس ميشال عون وثنائي امل وحزب الله على تكليف الحريري او تسهيل مهمته بتزكية الخطيب. وفي حال انتهت الاتصالات الى نتائج ايجابية رجحت المصادر المتابعة الدعوة الى الاستشارت النيابية الملزمة يوم الاثنين المقبل لتسمية الرئيس المكلف. خاصة ان الرئيس عون لا يريد الانتظار الى ما لا نهاية.
تحذيرات الجيش
على ان اللافت في سياق التحرّك لاحتواء الأزمة جولة قائد الجيش العماد جوزيف عون يرافقه مدير المخابرات طوني منصور والتي شملت الرئيس برّي والحريري وحاكم المصرف المركزي رياض سلامة. وفهم ان الموقف الذي نقله العماد عون إلى الرئيسين برّي والحريري والحاكم سلامة، شدّد على الإسراع بإيجاد الحل، لأن الوضع على الأرض لم يعد محتملاً، لا سيما بالنسبة للضغوطات على القوى المسلحة المكلفة حماية الأمن والاستقرار.
تعليق الإضراب
وأكّد رئيس نقابة أصحاب المحطات سامي البراكس اتخاذ القرار بتعليق إضراب محطات الوقود، اعتباراً من الليلة الماضية بعد اتفاق مع وزارة الطاقة. ولفت البراكس في بيانه إلى ان بعد المشاهد المؤلمة التي شهدها الوطن اليوم (امس) وتحديدا في محيط محطات المحروقات والتي ترجمت حجم معاناة المواطنين نتيجة عدم توفر المشتقات النفطية ولا سيما البنزين. ولما تبلغنا مساء امس بتوجيهات الرئيس عون وتأكيده خلال الإجتماع المالي في قصر بعبدا على ضرورة السعي الى توفير الحل المناسب والمتاح، ولما كانت وزيرة الطاقة ندى بستاني قد باشرت اتصالاتها لتوفير المخرج النهائي لما نعانيه، وشعورا منا وتضامنا مع اهلنا في كل لبنان ومن اجل افساح المجال امام ما يمكن توفيره من حل مرض وقابل للتنفيذ.
قررت النقابة تعليق الاضراب افساحا في المجال لانجاح المفاوضات على ان تعقد النقابة اجتماعا موسعا قبل ظهر يوم الإثنين المقبل لاتخاذ الموقف المناسب وفق المعطيات الجديدة. وكانت محطات الأيتام، باشرت تسليم محروقات بناء على طلب من السيّد علي فضل الله تلتها تباعاً محطات «مدكو» وفينيسيا.
الجمهورية
الإحتجاجات تتصاعد .. والبلد مشلول والسلـــطة لا ترى .. والإستشارات في مربّع الفشل
صحيفة الجمهورية كتبت تقول “صار ما تبقّى من الاسبوع الجاري ميتاً بالمعنى السياسي، وقبع اطراف الأزمة، كل في زاويته يجمع اوراقه تمهيداً لمنازلة سياسية جديدة الاسبوع المقبل، يصعب من الآن تحديد ما ستؤول اليه بالنظر الى التباين الواضح في أجندة كل طرف. فيما أجندة المواطن يجري تذخيرها من قِبل هذه الاطراف مجتمعة، بما يشبه حرب استنزاف متعمّدة للمواطن، بكل ما يضغط عليه ويزيده عوزاً ووجعاً، واستهدافه الاخير يتبدّى جلياً بأزمة المحروقات التي اطلّت في توقيت مريب، وإقفال محطات البنزين فتشلّ البلد، وتفتح المجال لفلتان السوق السوداء وتجّار «الغالونات» لابتزاز الناس ورفع سعر صفيحة البنزين الى حدود الـ50 الف ليرة. وفي غياب الراعي المسؤول واستقالة السلطة من مسؤولياتها وواجباتها، لن يكون مفاجئاً إن تبدّى كل يوم مظهر من مظاهر تحلّل الدولة وفلتان العابثين بها وبالناس.
الاسبوع الجاري، والى جانب المشاهد الكريهة التي عرضها جسر الرينغ وبكفيا وما بين عين الرمانة والشياح، تحوّل في جانب منه الى «محرقة» أتت على مجموعة اسماء تمّ تداولها كبديل للرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، بما أرجع الملف الحكومي إلى مربّع الفشل، وأبقى بعض الاسماء المرشحة لرئاسة الحكومة معلّقة على مزاجيات بعض السياسيين، وأبقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في موقع المطالب بتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، وأبقى من جهة ثانية الرئيس الحريري في موقع المطالب بحسم موقفه، إن لجهة القبول بالعودة الى تشكيل الحكومة، او لجهة القبول بمنحه الغطاء السياسي والسنّي لشخصية بديلة.
3 عقد
المناخ السياسي العام، يشي بانسداد كامل على الخط الحكومي، وعلى هذه الصورة سيفتح الاسبوع المقبل على هذه العقدة المتمركزة وسط الملف الحكومي، بالتوازي مع تحضيرات متجدّدة للحراك الشعبي، لفرض مزيد من الضغط على الطبقة الحاكمة والدفع في اتجاه تشكيل حكومة نظيفة على الشكل الذي طالب به. ووفق الاجواء المحيطة بهذا الإنسداد، فإنّ الاطراف السياسية ثابتة على شروطها المانعة للانفراج الحكومي، وعلى حدّ توصيف معنيّين بحركة الاتصالات التي استمرت في الساعات الاخيرة، فإنّ هذا الملف ما زال جامداً عند ثلاث عقد:
الأولى، انّ التحضيرات للدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة منجزة تقريباً، وجدول لقاءات رئيس الجمهورية مع الكتل النيابية بات جاهزاً وينتظر تحديد الموعد فقط، الّا انّ رئيس الجمهورية ليس في وارد الدعوة الى هذه الاستشارات من دون التوافق المسبق على اسم الشخصية التي ستشكّل الحكومة، وكذلك على شكل ومضمون الحكومة الجديدة، التي سبق لرئيس الجمهورية ان تبنّى الحكومة التكنوسياسية، بلا «فيتوات» على أحد، وليس حكومة تكنوقراط.
الثانية، انّ الرئيس سعد الحريري لا يزال عند مطلب السقف العالي وشرطه بتشكيل حكومة اختصاصية لا سياسية. مدعوماً من الحراك الشعبي ومن قوى سياسية أخرى يتقدّمها «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية»، ولم يبدِ اي ليونة حتى الآن، مع المطالبات لتخفيض هذا السقف.
العقدة الثالثة، الثنائي الشيعي، لا يمشي بحكومة خلافية، او بمعنى ادقّ صدامية، وما زال يحاول مع الحريري ان يقبل بحكومة تكنوسياسية برئاسته، وإن أصرّ على رفضه تشكيل الحكومة، فمع حكومة تكنوسياسية تترأسها شخصية سنيّة يقبل بها الحريري ويمنحها الغطاء السياسي والغطاء السنّي في آن معاً.
وبحسب مصادر وزارية مشاركة بفعالية بحركة الاتصالات، فإنّ «المشكلة الاساس تكمن في انّ هناك من يقول الشيء وعكسه، فيصرّح علناً بأنّ الف باء المعالجة للأزمة الراهنة تبدأ مع تشكيل حكومة، الّا انّ اداءه ومواقفه وشروطه تسير في الاتجاه العكس. وفي المقابل، يبدو بوضوح انّ كل طرف يلعب اوراقه، ويلوّح بأوراق لم تُلعَب بعد، وهذا يُنذر بأنّ الجبهات السياسية المفتوحة على الملف الحكومي الى مزيد من التشنج والصدام مع ما يترتب على ذلك من ارتدادات وتداعيات على المشهد الداخلي».
الحريري
على انّ السائد في اجواء الرئيس الحريري، هو استغراب القريبين منه من محاولة مكشوفة لدى بعض الجهات السياسية التنصّل من كل العِقد التي يفتعلونها، والمناورات المعطّلة للملف الحكومي، وإلقاء المسؤولية على الرئيس الحريري، بهدف إخراجه من قناعاته التي عبّر عنها بشكل واضح في بيانه الاخير، الذي لا يقبل اي تأويل ولا يحتاج الى اي ترجمة او تفسير او اجتهاد.
وبحسب هؤلاء القريبين، فإنّ الكرة ليست في ملعب الحريري، بل في ملعب الآخرين للذهاب الى حكومة بحجم الأزمة، تعمل بفريق اختصاصيين، وهدفها وضع البلاد على سكة الإنقاذ، واستعادة ثقة اللبنانيين، وتراعي المطالب المحقّة للحراك الشعبي، وتعيد بالتالي ثقة المجتمع الدولي بلبنان.
وفيما تردّدت امس معلومات عن إعادة تعويم اسم المهندس سمير الخطيب لتشكيل الحكومة، فإنّ القريبين من الحريري لم يبدوا ما يوحي بسلبية او ايجابية حيال اسم الخطيب، بل القوا الكرة في ملعب رئيس الجمهورية لكي يبادر فوراً الى الدعوة الى الاستشارات الملزمة.
ورداً على سؤال، رفض القريبون من الحريري تأكيد ما اذا كان لا يزال مرشحاً لرئاسة الحكومة الجديدة، بل اكّدوا «انّ اسم مرشحنا نعلنه في الاستشارات الملزمة». الّا انّ مصادر في كتلة «المستقبل» اكّدت لـ«الجمهورية» انّ «الرئيس الحريري هو المرشح الوحيد للكتلة، ولا احد غيره».
حرق اسماء
في المقابل، كشفت مصادر مشاركة في اتصالات الايام الاخيرة على الخط الحكومي، وتحديداً مع الرئيس الحريري، معلومات خلاصتها كما يلي:
– انّ الثنائي الشيعي أبلغ الحريري قراراً من شقين، الاول انه لا يزال على موقفه لناحية ترؤسه حكومة تكنوسياسية. والثاني، انّه – في حال قرّر الحريري العزوف نهائياً عن تشكيل الحكومة الجديدة – لا يسير الثنائي الشيعي بأي حكومة تترأسها شخصية لا تحظى بدعم الحريري وتغطيته العلنية والاكيدة.
– حتى الآن لم يعلن الحريري موقفاً حاسماً ونهائياً حول عدم ترشحه لرئاسة الحكومة، وهذا ما أدّى الى لعبة حرق الأسماء البديلة التي جرى التداول بها في الفترة الاخيرة. وبعض هذه الاسماء قد حظيت خلال النقاش بينه وبين «الثنائي الشيعي» حولها بموافقته عليها، ولكن سرعان ما كانت هذه الموافقة تذوب ويُحرق الاسم فوراً.
– اعلان الحريري تصميمه على تشكيل حكومة اختصاصيين بلا سياسيين، هو شرط غير قابل للتطبيق نظراً لرفضه من قِبل رئيس الجمهورية ومعه «التيار الوطني الحر» وكذلك من قِبل الثنائي الشيعي. وقد تمّ ابلاغ هذا الرفض للحريري، الّا انّ ثمة ليونة قد تطرأ، وتعزّز امكان قبول الحريري بحكومة تكنوسياسية، إذا ما نُفّذ شرط آخر يُبعد عن الحكومة بعض الاسماء التي يعتبرها الحريري مستفزة، كإسم الوزير جبران باسيل. وتقول المصادر المشاركة بالاتصالات مع الحريري، انّ العقدة الاساس كامنة هنا، وليس في أي مكان آخر.
بيت الوسط
في المقابل، تتكتم مصادر بيت الوسط عمّا يجري داخله من لقاءات ومشاورات تتصل بالأزمة الحكومية، وسط استمرار الحديث عن الثوابت التي تتحكّم بمواقف الحريري، والتي لم تتبدّل الى اليوم. وقالت لـ«الجمهورية»: «من يعتقد أنّ التسريبات قد تُحدث اي تعديل في موقف الرئيس الحريري فهو مخطئ. فرغم كل ما يُقال ويُنسج من روايات فهي لا تعطيها اية أهمية، وخصوصاً تلك التي تُستخدم لتشويه المواقف والإيجاء بما ليس وارداً في حساباته».
مناورات!
الى ذلك، وفيما تردّدت معلومات امس، بأنّ رئيس الجمهورية يرى انّ الاسبوع المقبل حاسم على الصعيد الحكومي، وأنّ لا مجال بعد لتضييع الوقت، عكست اجواء عين التينة ترقباً حذراً لدى رئيس المجلس النيابي نبيه بري «لعلّ خرقاً ما يتبدّى في الحائط المسدود، الذي تتوالد في محاذاته ازمات متتالية على كل الصعد، وهو أمر يُنذر استمراره بضياع البلد، الوقت يداهمنا والمطلوب العلاج السريع».
وقال مرجع مسؤول لـ«الجمهورية»: «انّ سبب الأزمة الحكومية الراهنة، مردّه الى انّ هناك اطرافاً لم تشبع بعد من المناورة، تقبل شيئاً ثم ترفضه، وتطرح اشياء تعرف مسبقاً انّها مرفوضة، مع الاسف المناورات مستمرة، وتعكس انّ القائمين بها ليسوا جاهزين بعد – ربما جرّاء موانع معينة محلية او غير محلية – لأن يتحمّلوا المسؤولية، ربما فات هؤلاء ان استمرينا على هذا المنوال فقد نصل الى وقت لن يعود هناك بلد لكي نناور عليه».
اضاف المرجع: «آن أوان حسم الخيارات النهائية، فلا اجماع على حكومة تكنوقراط، كما لا اجماع على حكومة سياسية من لون واحد، وأسلم الحلول الوسط، اي ان نذهب الى حكومة تكنوسياسية مع تغليب الاختصاصيين على تشكيلتها، وعلى ان يكون التمثيل السياسي فيها مقتصراً على وزراء دولة من دون حقائب. وهذا ما سيحصل في نهاية المطاف، فلنعجّل ونستفد من الوقت بدل تضييعه».
واذ اكّد المرجع انّ تمثيل الحراك الشعبي امر لا بدّ منه في الحكومة الجديدة، الّا انّه سأل «ايّ حراك سيتمثل. فثمة حراكات متعددة، فكيف سيتم الاختيار منها، وهل ستتفق في ما بينها على من يمثلها؟». وكشف «انّ ما يمنع تشكيل الحكومة مردّه الى انّ اطرافاً لا تريد اطرافاً اخرى داخل الحكومة، علماً انّه من حيث المبدأ لا يستطيع اي طرف في لبنان مهما بلغت قوته ان يملي مواقفه او شروطه على الاطراف الاخرى ويخضعهم لها. وبالتالي انّ حكومة التكنوقراط، بالشكل الذي تُطرح فيه، يُراد لها ان تكون حكومة غالب ومغلوب، بمعنى انّ طرفاً وحيداً سيشعر انّه انتصر بإبعاد كل الآخرين، متجاوزاً حضورهم السياسي وتمثيلهم النيابي وامتداداتهم الشعبية. فمن حق اي طرف ان يقيم وزناً لجماعته وفريقه، وهذا امر طبيعي، ولكن يجب الّا ينسى انّه ليس وحده في البلد، وانّ لجماعة الآخرين اوزاناً ثقيلة ايضاً». وخلص المرجع الى القول: «انّ بقاء الامور على ما هي عليه حالياً، تعني مزيداً من الهريان في البلد، ولغة الشوارع ثبت انّها لغة صعبة جداً، واستمرارها قد يؤدي في اي لحظة الى وقائع دراماتيكية لن يكون بمقدور أحد ان يلحق بها».
الاحتجاجات
وكانت الاحتجاجات الشعبية قد استمرت لليوم الرابع والاربعين، وتركّزت في الساعات الاربع والعشرين الماضية امام مؤسسات ومرافق عامة في بيروت والمناطق، في وقت كان البلد يشهد غلياناً خطيراً جراء الارتفاع الجنوني في سعر الدولار، وشح السيولة في المصارف وأزمة المحروقات التي احدثت غضباً شعبياً عارماً.
المحروقات
ففي يومه الثاني، تفاعل اضراب محطات الوقود مع انتفاضة الشارع، وبدا المشهد وكأنّه يؤشّر الى تحلّل الدولة التي اصبحت في موقع المتفرّج، وتركت للناس مسألة معالجة الأزمات بنفسها. ومع استمرار الاضراب امس، لم تظهر مؤشرات توحي بحل وشيك. إذ أصرّ أصحاب المحطات على الاستمرار في الاقفال الى حين ايجاد حل لمشكلة تسديد جزء من سعر مشتريات المحروقات بالدولار (15%).
وفي اشارة الى عقم الرهان على بدء وزارة الطاقة استيراد البنزين، أوضح مصدر في قطاع المحروقات انّ هذا الامر لن يحلّ المشكلة. اولاً، لأنّ بدء الاستيراد الفعلي سيستغرق حوالى الشهر، ولا يمكن الصمود طوال هذه المدة في ظل استمرار الاضراب. وثانياً لأنّ الاستيراد لن يكفي لسدّ حاجات السوق. وسيصبح البنزين مثل المازوت يتمّ توزيع قسم منه من قِبل الدولة، في حين انّ بقية الكمية توزعها شركات النفط. واللافت، انّ توزيع المازوت يتمّ، كما يقول المصدر، على المحسوبين على الدولة. في حين يضطر اصحاب المحطات الى شراء المازوت من الشركات، ويدفعون 15% من ثمنه بالدولار. ويهدّد استمرار الاضراب بشلّ الحركة الاقتصادية شبه المتوقفة في الاساس، ويُنذر بتوقّف عدد كبير من المعامل والمؤسسات والشركات عن العمل، بما ينعكس سلباً على الانتاج، الذي بتراجعه ستزيد نسب البطالة بشكل ملحوظ وستتعطّل أشغال بسبب تعذّر وصول المواطنين الباحثين عن لقمة عيش الى أماكن عملهم.
وليلاً، أعلن رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان سامي البراكس تعليق الاضراب، بناء على توجيهات رئيس الجمهورية وتأكيده خلال الاجتماع المالي في قصر بعبدا على ضرورة السعي الى توفير الحل المناسب والمتاح، وإفساحاً في المجال لإنجاح المفاوضات، على أن تعقد النقابة اجتماعاً موسّعاً قبل ظهر يوم الإثنين المقبل لاتخاذ الموقف المناسب وفق المعطيات الجديدة.
اجتماع بعبدا المالي
في هذه الاجواء، عُقد امس، الاجتماع المالي برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القصر الجمهوري في بعبدا، وضمّ عدداً من الوزراء وشخصيات مالية واقتصادية، ولوحظ غياب الرئيس الحريري عنه، الّا انّه لم يخرج بمقررات واضحة. وذكرت المعلومات الرسمية حول الاجتماع، انّ الرئيس عون قدّم عدداً من الاقتراحات، «تكفل استمرار الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني، وتؤكّد على عدم المس بحقوق المودعين وعلى النظام الليبرالي الذي لطالما تميّز به لبنان».
وقد تلا مقررات الاجتماع رئيس جمعية المصارف سليم صفير، ومنها انّه «تمّ تكليف حاكم مصرف لبنان اتخاذ التدابير الموقتة اللازمة بالتنسيق مع جمعية المصارف لإصدار التعاميم التي اقترحها الحاكم، ورفع بعض الاقتراحات التي تحتاج الى نصوص قانونية او تنظيمية، وذلك في سبيل المحافظة على الاستقرار والثقة بالقطاع المصرفي والنقدي كما على سلامة القطاع وحقوق المودعين، دون اي انتقاص».
ورداً على سؤال حول اجراء الـCapital Control، قال: «سبق وقلنا اننا لن نعتمد هذا الاجراء».وقالت مصادر المجتمعين لـ»الجمهورية» انّ «الهدف الأساس من الدعوة الى هذا الاجتماع هو طمأنة المودعين وإعادة ثقتهم بالمصارف، بما يخفف من العبء المالي». وكشفت «انه وللمرة الأولى تطرح مخاوف على الطاولة بهذا الحجم، خصوصاً لجهة الشح في السيولة الذي يؤثر سلباً على كل القطاعات وحتى المواد الأساسية».
وأضافت المصادر: «اذا لم يتم وضع العلاجات الجذرية مع سرعة التنفيذ خلال أسابيع ستتفاقم الأزمة، وباب الحلول حكومة جديدة تعطي ثقة للناس وتضم فريقاً يؤمّن لها احتمالات النجاح، وتضع خطة متكاملة بعد تجميع الأفكار لتذهب بها إلى المجتمع الدولي وتطلب منه المساعدة من خلال ضَخ أموال في السوق اللبناني، قدّر المجتمعون حاجته ما بين 5 إلى 10 مليارات دولار fresh money، لأنّ كل الإجراءات التي يمكن أن تأخذها الحكومة، ولو أخذت صفة العجلة والجدية، لن تنقذ الوضع بعد الفشل الذريع في تحقيق الإصلاحات وتطيير «سيدر» والدخول في مرحلة جديدة لم يشهدها لبنان سابقاً في أوج أزماته».
وكشفت المصادر «أنّ كل الإجراءات التي تم الاتفاق عليها ليست سوى حبوب «بانادول». وعلمت «الجمهورية» انه تمّ البحث خلال الاجتماع في لعبة الدولار والتجارة بالعملة الصعبة، مع استبعاد إمكانية وضع حدود لها، علماً انّ إجراءات اتخذت لضبطها قدر المستطاع من بينها استبدال الأموال النقدية بالشيكات والبطاقات المصرفية، كذلك تم الاتفاق على اتخاذ كل ما يلزم لحماية أموال المودعين وعدم تعرضهم للـ haircut ولا للـcapital .control.
قائد الجيش
وامس، برزت زيارة قائد الجيش العماد جوزاف عون يرافقه مدير المخابرات العميد انطوان منصور الى الرئيسين بري والحريري، وايضاً الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وقالت مصادر واسعة لـ«الجمهورية»، انّ العماد عون قصد وضع الجميع في اوضاع المؤسسة العسكرية من جوانبها المختلفة، كما بالنسبة الى الوضع الأمني في البلاد والمستجدات في اكثر من منطقة، والاتهامات التي وُجهّت الى الجيش في بعض المحطات. كما بالنسبة الى التوقعات التي تحدثت عنها التقارير الإستخبارية المحلية والدولية، التي تتناول جوانب مما يجري على الساحة اللبنانية، والتي تحذّر من امكان احداث خروقات أمنية تتنبّه لها القوى المعنية استباقياً.
كما شرح للمسؤولين الأوضاع الميدانية التي ترافق انتشار الجيش على الأراضي اللبنانية وحجم المهام التي يقوم بها، رغم انّ الجيش ليس مجهّزاً لمثل هذه المهام التي تُعتبر الأكثر صعوبة من النواحي الأمنية والنفسية. فوضع الجيش في مواجهة ابناء شعبه من اقسى واصعب المهام التي تُكلّف بها المؤسسة العسكرية، المكلّفة اصلاً بالمهام القتالية الهادفة في مواجهة العدو وحماية الحدود ومواجهة الشبكات التخريبية والمنظمات الإرهابية.
المصدر: صحف