ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين(ع) في برج البراجنة، استهلها بالحديث عن معاني عاشوراء مؤكّداً “أننا من الإمام الحسين(ع) بمقدار تطبيق وتحقيق أهداف الإمام الحسين، من خلال أنفسنا ومن خلال بيئتنا ومن خلال السلطة التي نملكها، من خلال أسواقنا التي نعمل فيها، وأخلاقياتنا التي نتصرّف من خلالها، وقطاعاتنا الثقافية والتربوية والاجتماعية والمالية والاقتصادية والمهنية، وإلا كنّا مع الإمام الحسين بالإسم وضده بالفعل والسلوك والمعسكر والانتماء”.
واعتبر المفتي قبلان أن “الواقع مؤلم، والمعطيات لا تبشّر بحلول وانفراجات قريبة مالياً واقتصادياً، فالأجواء ملبّدة، والضغوطات كبيرة وكثيرة، والمعالجات دون المستوى، وثقة الناس بالدولة ومؤسساتها مفقودة، وبالخصوص في القوى السياسية وأهل السلطة، ولا يمكن أن تعود طالما الأوضاع باتجاه الأسوأ، والمسار السياسي إلى المزيد من التخبّط وانعدام الأهلية والوضوح، وكل ما يتخذّ من إجراءات غالباً ما يكون على حساب الفقراء، ولقمة عيشهم، سيما أننا في بداية عام دراسي، ولا قدرة للمواطن على تحمّل الأعباء والغلاء وفوضى الأقساط المدرسية، البلد كلّه في ورطة، وفي مواجهة مشاكل كبرى مالية وسياسية واقتصادية وحياتية، وما يُقرّ من موازنات لا يحقق ما هو مرتجى، ولا يمكن أن يكون له مردود إيجابي، وجدوى اقتصادية، ما لم توضع الأصابع على الجروح النازفة، في جسد الدولة التي أفرغوا خزينتها، وأهدروا المال العام بفعل الفساد والإفساد وسوء الإدارة الذي فدرل الدولة والمؤسسات والإدارات، وحوّلها إلى محميات سياسية، موزّعة على الطوائف والمذاهب، مما عطّل الدولة وشوّه دورها وجعلها بلا هيبة، وأدخلها في حال من الانفصام والتفكك، ويكاد أن يوصلها إلى الانهيار، إذا لم تدرك هذه الطبقة السياسية وهذه السلطة بالذات، أن الأمر بات خطيراً جداً، وأن الوقت قد حان لاتخاذ القرارات الوطنية الشجاعة، التي تحمي الأمن المجتمعي والاقتصادي والمالي ومصير البلد”.
وأكّد المفتي قبلان أننا “لسنا بحاجة إلى من ينظّر ويحدثنا في الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا العجز في الميزانية، وهذا الخلل في ميزان المدفوعات، وهذا الرقم المخيف في المديونية العامة، ويجتهد في التوصيفات والتعليلات، بل نحن بحاجة إلى من يضع الحلول، ويعمل على المعالجة، ويعرف كيف يتحمّل المسؤولية في فرض الضرائب على من يجب أن تفرض عليهم، أمثال أولئك الذين نهبوا الدولة ولا زالوا، وعلى الذين يديرون الشبكات المالية، وعلى الذين يضعون الأيدي على الأملاك البحرية والنهرية، وعلى كل الذين تسببوا بهذا الدين العام، الذي لم يعد بالإمكان السيطرة عليه أو الحد من نموّه ما لم يطبق القانون، ويوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، بعيداً عن الحسابات الطائفية والاستتباعات السياسية، ومحاولات وضع اليد على هذه المؤسسة أو تلك، فالدولة للجميع، ولخدمة الجميع، ولا يجوز مصادرتها من أحد”…
داعياً إلى إعلان النفير العام سياسياً واقتصادياً ومالياً وإنمائياً وبيئياً والعمل معاً ليس على إنقاذ بلدنا وحمايته من السقوط والانهيار، بل على استنهاضه والانطلاق به مجدداً نحو الاستقرار والأمن والأمان”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام